تركيا تبقي قواتها «في حال تأهب» شمال شرقي سوريا

مباحثات مع موسكو لتسليم جنود النظام

TT

تركيا تبقي قواتها «في حال تأهب» شمال شرقي سوريا

دعت تركيا قواتها في شمال شرقي سوريا إلى البقاء في حال تأهب وجاهزية تامة لأن الأوضاع هناك لم تستتب بعد.
وطالب وزير الدفاع التركي خلوصي أكار القوات التركية الموجودة في مدينة تل أبيض بالبقاء في حالة التأهب والجاهزية التامة والاستعداد لمواجهة أي احتمالات.
ووجه أكار خطابا إلى القوات الموجودة في تل أبيض، أثناء زيارته ليل الأربعاء - الخميس، إلى الحدود التركية - السورية رفقة رئيس أركان الجيش يشار غولر وقائد القوات البرية أوميت دوندار، حيث التقى قادة الوحدات العسكرية المشاركة في عملية «نبع السلام» العسكرية، أكد فيه أنه «لم تستتب الأمور بعد هنا، ويمكن أن يحدث أي شيء في أي لحظة، وعليه يجب أن يكون الجميع على أهبة الاستعداد».
وشدد أكار على حساسية المرحلة الراهنة، قائلا إن القوات المسلحة تقوم بواجبها في حماية أمن الحدود والمواطنين على أكمل وجه، وإن الغاية الأساسية من وجود القوات التركية في سوريا، هي توفير أمن الحدود وسلامة المواطنين الأتراك القاطنين في المناطق الحدودية وعدم السماح بتأسيس «ممر إرهابي» في الشمال السوري.
وأضاف أن تركيا تسعى أيضا إلى توفير الأمن للسوريين وإتاحة فرصة العودة الطوعية لهم إلى ديارهم، وجدد تأكيده أن القوات التركية تستهدف «الإرهابيين» فقط، وأن تركيا ليست لديها أي مشاكل مع شرائح المجتمع السوري. وتابع: «عدم رؤية كفاح تركيا ضد (تنظيم داعش) الإرهابي هو جهل وعمى بصيرة بكل معنى الكلمة».
وتطرق أكار إلى مزاعم الإعلام الغربي حول استخدام القوات التركية لأسلحة كيماوية في سوريا، فقال: «خزائننا خالية تماما من هذه الأسلحة، ولا نمتلك منصات لإطلاقها... لكن بعض الجبناء من الإرهابيين يطلقون مثل هذه الأكاذيب بهدف تشويه صورة الجيش التركي».
وأشار إلى الأخبار الكاذبة التي تستهدف الجيش الوطني السوري، موضحا أن تلك الأخبار تحاول إظهار عناصر هذا الجيش على أنهم إرهابيون وخونة.
من ناحية أخرى، قال أكار إن مباحثات تجرى مع الجانب الروسي حاليا من أجل تسليمه 18 شخصاً تبين أنهم من عناصر جيش النظام السوري. وأشار خلال جولة تفقدية للوحدات العسكرية التركية قرب الحدود السورية أمس إلى أنه عرض على الرئيس رجب طيب إردوغان المستجدات المتعلقة بتسليم جنود النظام السوري وتلقى تعليماته في هذا الشأن.
وأضاف أن القوات المشاركة في عملية نبع السلام كانت ضبطت تلك العناصر في جنوب شرقي مدينة رأس العين خلال عملية «نبع السلام».
وذكر أكار أن قوات «نبع السلام» مستمرة في فعاليات تفكيك المتفجرات التي خلفها الإرهابيون، ونشر الأمن وإيصال المساعدات الإنسانية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكد أن عملية «نبع السلام» العسكرية التي تنفذها تركيا في شمال شرقي سوريا تهدف إلى تدمير «ممرات الإرهاب» على طول الحدود ووقف إنشاء ما سماه «دولة إرهابية» من جانب وحدات حماية الشعب الكردية التي وصفها بذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا.
وقال إردوغان، خلال اجتماع مع رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة مساء أول من أمس إن العمل في الداخل والخارج لم ينته بعد، وإن السبب الوحيد الذي أطلقنا من أجله عملية «نبع السلام» هو عزمنا على تدمير الممرات الإرهابية، وأولئك الذين يريدون إقامة تلك الدولة الإرهابية.
وأضاف «سنواصل ملاحقتنا حتى يختفي آخر إرهابي. لا تهديدات ولا ابتزاز ولا ألعاب خبيثة ستكون قادرة على كبح جماحنا... والعملية العسكرية ستظهر للعالم أجمع إرادة تركيا وإمكاناتها وعزمها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».