حفتر يتجاهل «مبادرة» محلية لوقف الحرب في طرابلس

TT

حفتر يتجاهل «مبادرة» محلية لوقف الحرب في طرابلس

تجاهل المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، مبادرة سياسية جديدة طرحها خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة غير المعترف به دولياً، في محاولة لحل الأزمة الراهنة في البلاد، بينما سعت حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، التي أعلنت عن افتتاح جزئي لمطار معيتيقة الدولي المغلق منذ أسابيع، إلى احتواء أزمة احتجاج آلاف المعلمين، بعدما قرر وزير التعليم بشكل مفاجئ وقف مرتباتهم.
وطرح المشري، الذي يعد أحد أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين، مساء أول من أمس، مبادرة لحل الأزمة الليبية، تقوم على خمسة محاور، دعا خلالها إلى وقف فوري لإطلاق النار، وانسحاب قوات «الجيش الوطني» من الحدود الإدارية لمدينة طرابلس الكبرى، ومدينة ترهونة إلى أماكنها قبل إطلاق حفتر عمليته العسكرية لتحرير العاصمة من قبضة الميليشيات الموالية لحكومة السراج في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي.
كما طالب المشري بفرض حظر للطيران الحربي بأنواعه كافة بمساعدة الأمم المتحدة، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، والإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية وتسهيل إجراءاتها.
لكن مصادر مقربة من المشير حفتر، قللت في المقابل من أهمية هذه المبادرة، واعتبرتها «مجرد محاولة أخرى فاشلة لبقاء المشري، الموالي لحكومة السراج في السلطة»، على اعتبار أن مبادرته تضمنت بقاء الأجسام السياسية الحالية، بما في ذلك مجلس الدولة لمدة عامين إضافيين.
ميدانيا، انخفضت حدة الاشتباكات بين قوات الجيش وقوات السراج، أمس، خاصة في الضواحي الجنوبية من العاصمة، بينما اتهم «الجيش الوطني» في بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابعة له، ميليشيات مصراتة الموجودة في عين زارة بإطلاق صواريخ مساء أول من أمس على أحياء مدنية من منطقة السدرة. لكنه نفى حدوث أضرار بشرية.
إلى ذلك، أعلن أمس ميلاد معتوق، وزير المواصلات بحكومة السراج، بدء عودة مطار معيتيقة الدولي المغلق للعمل مجددا. لكن بشكل تدريجي، وذلك بعدما تفقد وفد مشترك، ضم وزراء من حكومة السراج وغسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة، المطار الذي أغلق قبل بضعة أسابيع، بعد تعرضه للقصف خلال معارك طرابلس.
وقال معتوق في مؤتمر صحافي مشترك، عقده مع الوفد الزائر بالمطار أمس، إن حركة الملاحة الجوية عادت إلى عملها الطبيعي، بينما تتوقف عودة الرحلات على جدولة شركات الطيران، لافتا إلى أن «المطار سيعمل تدريجياً، وقد تم تخصيص صالة لبعثة الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية».
في السياق ذاته، قال المبعوث الأممي غسان سلامة في بيان أمس إن البعثة تعمل على إعادة استئناف الرحلات من مطار معيتيقة، وتحرص على عدم تكرار استهدافه، وأضاف موضحا: «حددنا حدود المطار المدني في معيتيقة، ولا حجة بعد اليوم لاستهدافه».
وبينما كشف سلامة النقاب عن أنه بصدد تقديم إحاطة لمجلس الأمن حول ليبيا منتصف الشهر المقبل، أعلنت مصلحة الطيران المدني في ليبيا تعليق الملاحة الجوية في المقام داخل قاعدة طرابلس الجوية، والتي تعد المنفذ الجوي الوحيد في غرب ليبيا والعاصمة طرابلس منذ تدمير مطار طرابلس الدولي، «لأسباب أمنية». ونقلت جميع الشركات الجوية رحلاتها إلى مطار مصراتة الدولي، الواقع على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس.
من جهة أخرى، وفي محاولة لتدارك أزمة إعلان وزارة التعليم بحكومة السراج وقف مرتبات أكثر من 150 ألف معلم وموظف في الوزارة، ناقش السراج مساء أول من أمس سلسلة اجتماعات مع ممثلين عن نقابات المعلمين، ورئيس ديوان المحاسبة ووزير التعليم، مطالب المعلمين بتحسين رواتبهم، والإمكانات المالية المتاحة لتحقيق هذه المطالب.
وأكد السراج بحسب بيان وزعه مكتبه تضامنه مع المعلمين في المطالبة بحقوقهم المشروعة، وأصدر تعليماته بوضع خطة عاجلة لتحسين رواتبهم، بما يتناسب مع إمكانيات الدولة المتاحة، لافتا إلى ما وصفه بالأسلوب الحضاري، الذي اتبعه المعلمون في وقفتهم الاحتجاجية أمام مقر الحكومة.
لكن خالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة، قرر في المقابل، وقف قرارات وزير التعليم عثمان عبد الجليل بشأن إيقاف مرتبات العاملين بقطاع التعليم إلى حين انتهاء الديوان من البحث والتحقق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.