تركيا تؤكد أنها ستواصل «تطهير» شمال شرقي سوريا من «الوحدات» الكردية

مقاتلون سوريون تدعمهم تركيا قرب رأس العين شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون تدعمهم تركيا قرب رأس العين شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تؤكد أنها ستواصل «تطهير» شمال شرقي سوريا من «الوحدات» الكردية

مقاتلون سوريون تدعمهم تركيا قرب رأس العين شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون تدعمهم تركيا قرب رأس العين شرق الفرات أمس (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده ستواصل «تطهير» منطقة شمال شرقي سوريا من «وحدات حماية الشعب» الكردية المكون الأكبر لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في حال عدم انسحابهم، وأن تعليق عملية «نبع السلام» لا يعني عدم القيام بأي خطوة حيال «الإرهابيين» المتبقين في المنطقة.
وتنتهي مساء اليوم (الثلاثاء) مهلة الـ150 ساعة المحددة في الاتفاق التركي - الروسي الموقع في سوتشي الثلاثاء الماضي بشأن انسحاب الوحدات الكردية من المناطق الحدودية مع تركيا.
وكانت «قسد» أعلنت أنها انتهت من سحب جميع عناصرها من جميع المناطق الحدودية مع تركيا، وأكد ذلك النظام السوري الذي بدأ نشر نقاط مراقبته في المناطق التي نفذ فيها الانسحاب.
وقال جاويش أوغلو إن وفداً روسياً سيزور أنقرة لبحث آخر المستجدات في الشمال السوري ومناقشة آلية عمل الدوريات المشتركة في شمال شرقي سوريا.
وذكر جاويش أوغلو أن تركيا ساهمت في مكافحة جميع المنظمات الإرهابية، وتمكنت من تحييد أكثر من 4 آلاف عنصر من «داعش» حتى اليوم في عملياتها في شمال سوريا، مؤكداً أنها ستواصل كفاحها.
ولفت الوزير التركي، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الشؤون الخارجية والجاليات لجمهورية غينيا بيساو، سوزي كارلا باربوسا في أنقرة أمس (الاثنين)، إلى أن بلاده تعاملت مع العملية الأميركية في منطقة إدلب السورية التي تم خلالها تحييد زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي ما يتوافق مع روح التحالف والتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وتقدم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالشكر لبلاده لمساهمتها في مكافحة الإرهاب.
وذكر جاويش أوغلو أن هناك معلومات تفيد بقيام الوحدات الكردية بإطلاق سراح عناصر «داعش» من السجون مقابل مبالغ مالية متذرعة بعملية «نبع السلام»، مضيفاً: «على أي حال، لا يمكن توقع ممارسات تختلف عن هذا السياق من منظمة إرهابية (في إشارة إلى الوحدات الكردية)». في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده لا يمكن أن تقبل محاولات تلميع صورة الوحدات الكردية. وأضاف في تصريحات أمس أن «مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي أمر مهم، ونحذر من محاولات منح دور للوحدات الكردية في هذه العملية». وأشار إلى أن مقتل البغدادي يعد مكسبا كبيرا في مجال مكافحة الإرهاب، وأن تركيا كافحت ضد «داعش» في جبهات عدة، ففي عملية درع الفرات تم تحييد أكثر من 3 آلاف عنصر من «داعش»، وقامت تركيا بترحيل آلاف الأشخاص الذين لديهم صلة بـ«داعش».
وأكد أن أساليب وآيديولوجية «داعش» لا تتوافقان مع التركيبة الاجتماعية للمنطقة، وأن تركيا هي أكثر دولة تسعى للقضاء على هذه الآيديولوجيا.
وتابع: «كفاحنا ضد (داعش) سيستمر، ونواصل العمل من أجل منع ظهور عناصر التنظيم الإرهابي مجددا في المناطق السورية التي طهرناها من الإرهابيين».
وعن كيفية التنسيق بين أنقرة وواشنطن في العملية التي أسفرت عن مقتل البغدادي، قال كالين إن الأجهزة العسكرية والاستخباراتية لكلا البلدين، كانت على تواصل حول هذه العملية، وخاصة ليلة تنفيذها كان هناك تواصل دبلوماسي مكثف بين الأجهزة العسكرية، ونحن ممتنون من نتيجتها. وانتقد مواقف بعض الدول الأوروبية الرافضة لاستقبال مواطنيها المنتسبين إلى صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي.
وتطرق كالين إلى الزيارة المرتقبة لرئيس وزراء إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني إلى تركيا، قائلاً إنه يتم الإعداد لهذه الزيارة.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، مقتل جندي تركي في هجوم بقذائف الهاون نفذته في مدينة رأس العين شمال شرقي سوريا. وقالت الوزارة، في بيان، إن الوحدات الكردية نفذت هجوماً بقذائف الهاون، أول من أمس، على وحدات متمركزة في رأس العين الواقعة ضمن نطاق عملية «نبع السلام»، وإن القوات التركية ردت على الهجوم في إطار حق الدفاع عن النفس، ودمرت الأماكن التي شنت منها الوحدات الكردية هجومها.
في الوقت ذاته، دمرت القوات المشاركة في عملية «نبع السلام» سيارة مفخخة، تعود للوحدات الكردية في منطقة تل أبيض السورية. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إنه تم تدمير سيارة مفخخة في تل أبيض، من قبل فرق الكشف عن المتفجرات والألغام وتدميرها.
ومن ناحية أخرى، أصيب مدني جراء استهداف الوحدات الكردية منطقة أعزاز بقذائف الهاون من نقاطها بمنطقة تل رفعت رغم الاتفاق التركي الروسي القاضي بانسحابها من هذه المنطقة التي تسيطر عليها تركيا وفصائل المعارضة الموالية لها.
والأربعاء الماضي، قتل 4 جنود وأصيب 7 من الوطني السوري خلال اشتباكات مع عناصر بالوحدات الكردية حاولوا التسلسل إلى خطوط الجبهة في قريتي «كفر كلبين» و«كفر خاشير» بالريف الجنوبي لأعزاز.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.