المالكي: سنتوجه للتحكيم الدولي إذا منعتنا تل أبيب من الاستيراد

مع إصرار رئيس الحكومة الفلسطينية على مقاطعة العجول الإسرائيلية

طفلة تطالب بإطلاق والدها المعتقل في السجون الإسرائيلية خلال تظاهرة في غزة أمس (إ.ب.أ)
طفلة تطالب بإطلاق والدها المعتقل في السجون الإسرائيلية خلال تظاهرة في غزة أمس (إ.ب.أ)
TT

المالكي: سنتوجه للتحكيم الدولي إذا منعتنا تل أبيب من الاستيراد

طفلة تطالب بإطلاق والدها المعتقل في السجون الإسرائيلية خلال تظاهرة في غزة أمس (إ.ب.أ)
طفلة تطالب بإطلاق والدها المعتقل في السجون الإسرائيلية خلال تظاهرة في غزة أمس (إ.ب.أ)

قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن فلسطين ستتوجه إلى التحكيم الدولي إذا أقدمت إسرائيل على تنفيذ تهديداتها بمنع الاستيراد.
وأَضاف المالكي في حديث للإذاعة الفلسطينية الرسمية، أمس، أن «هناك خطوات سيتم اتخاذها في حال نفذت إسرائيل التهديدات الاقتصادية، أبرزها اللجوء إلى محكمة التحكيم الدولية التي أصبحت فلسطين عضواً فيها، كما سيتم التوجه إلى عدد من الدول، منها فرنسا ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية؛ ليتم فضح إسرائيل وإجبارها على التراجع عن مثل هذه الخطوات. ولوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته حيال مثل هذه القضية».
وأردف «إن برتوكول باريس الاقتصادي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، يسمح لنا بالتصدير، وهو حق حصلنا عليه من تلك الاتفاقية».
واتفاق باريس هو أحد ملاحق اتفاقية غزة - أريحا، ووقع في 1995، وينص فيما ينص على أن تجمع إسرائيل الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة الفلسطينية، ثم تحولها إلى السلطة، إضافة إلى أنه يحدد غلافاً جمركياً وكوتة للسلع المسموح باستيرادها من الخارج، إلى جانب أمور أخرى. وسعى الفلسطينيون خلال سنوات من أجل تعديل الاتفاق المضر بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية؛ لكن إسرائيل لم تتعاطَ مع ذلك.
وأعرب المالكي عن اعتقاده بأن هذه التهديدات واهية وتهدف إلى إجبار الفلسطينيين على التراجع عن خطوات الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال. وتابع: «لن نتراجع أو نتنازل، بل سنواجه بكل الإمكانات، وعلى جميع المستويات لحماية حقوقنا».
وتدرس إسرائيل اتخاذ سلسلة من الإجراءات ضد السلطة الفلسطينية بسبب استمرار مقاطعتها للأبقار الإسرائيلية. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية، أنه «سيتم اتخاذ سلسلة من الإجراءات للضغط على الحكومة الفلسطينية؛ لإجبارها على التراجع عن قرارها بمقاطعة استيراد الأبقار والمواشي الإسرائيلية». وبحسب ما تسرب، فإن السلطات الإسرائيلية تدرس وقف السماح للسلطة الفلسطينية بإدخال بضائع ومنتجات تتبرع بها دول أجنبية، ووقف تصدير زيت الزيتون ومحاصيل التمر من فلسطين إلى دول عربية.
وجاء التوجه الإسرائيلي بعدما تفاقمت «أزمة العجول» بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل مع إصرار رئيس الحكومة الفلسطينية محمد أشتية على مقاطعة العجول الإسرائيلية. وقرار مقاطعة العجول أخذ ضمن خطة للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، شملت كذلك وقف التحويلات الطبية إلى إسرائيل ومحاولة لاستيراد النفط من العراق عبر تكريره في الأردن.
وكانت السلطة تستورد من إسرائيل نحو 90 في المائة من احتياجات السوق من العجول والأبقار؛ ما خلف أزمة في إسرائيل نفسها.
وتظاهر مربو العجول والمواشي في إسرائيل وتوجهوا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل الضغط على الحكومة الفلسطينية للتراجع عن قرارها بمقاطعة العجول، ومحتجين على عدم وجود رد إسرائيلي على المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية على المنتوجات الإسرائيلية.
وقدرت وسائل إعلام إسرائيلية الخسائر بـ80 مليون شيقل شهرياً.
لكن مشكلات أخرى بدأت تظهر لدى الفلسطينيين أنفسهم.
ويوجد بين مربي العجول من يعارض قرار أشتية بسبب أن أسعار العجول ارتفعت مع عدم وجود بدائل وفي ظل العملية البطيئة في استيراد العجول من الخارج.
كما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، أنه يوجد ضغوط فلسطينية من مسؤولين على أشتية نفسه كي يتراجع عن قرار مقاطعة استيراد العجول من إسرائيل.
لكن أشتية أكد أن حكومته ماضية في الانفكاك التدريجي من العلاقة الكولونيالية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي مضيفا: «في الوقت الراهن لا يمكن الاستسلام للأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال، ويجب كسر هذا الأمر الواقع من خلال الانفكاك من الاحتلال».
وأوضح أشتية، أن للانفكاك مستندات عدة، أهمها: تعزيز المنتج الوطني، والانفتاح على العالم بحيث يتم الاستغناء عن المنتجات الإسرائيلية، ورفع الواردات مضيفاً: «ارتفعت الواردات من العالم بنسبة 16 في المائة خلال سبعة شهور فقط».
وكانت الحكومة الفلسطينية أطلقت خطة من أجل الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل عبر عقد اتفاقيات اقتصادية مع الدول العربية.
وزار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية مصر الأردن والعراق، ووقع اتفاقيات اقتصادية معها كبديل محتمل عن التعامل مع إسرائيل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.