مدارس ومنازل مهجورة ومحال تجارية لإيواء نازحين من المعارك التركية

تخوف من اقتراب الشتاء... وإدارة مخيم «المحمودلي» تناشد العالم المساعدة

مخيم المحمودلي في الطبقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم المحمودلي في الطبقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

مدارس ومنازل مهجورة ومحال تجارية لإيواء نازحين من المعارك التركية

مخيم المحمودلي في الطبقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم المحمودلي في الطبقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

كانت دموعها أسرع من كلماتها الممزوجة بالحزن والقهر، قالت بحسرة، شاهيناز البالغة من العمر أربعين عاماً «عشرين سنة أنا وزوجي كنا نبني مستقبلاً لأولادي، في لحظة تركنا كل شيء ونجونا بأرواحنا» هكذا اشتكت السيدة المتحدرة من مدينة رأس العين أو «سري كانيه» بحسب تسميتها الكردية، عن أحوال أسرتها النازحة إلى مدرسة تعليمية في بلدة تل تمر المجاورة، وكان يجلس زوجها بجانبها وقد فضل عدم الحديث، أما أطفالها الثلاثة الذين تراوحت أعمارهم بين 5 و15 سنة، فكانوا يلهون في بهو المدرسة التي اكتظت بنازحي المدينة بعد فرارهم قبل أسبوعين على وقع الهجمات التركية.
تتقاسم عائلة شاهيناز وأكثر من عشرين أسرة قاعات المدرسة التي باتت غرفاً ومكاناً يؤوي هؤلاء القاطنين، وفي بعض الأحيان تضم القاعة أكثر من عائلة بينما لا يتوقف صراخ الأطفال وأحاديث النساء اللواتي لا يعلمن متى العودة إلى مسقط الرأس. تقول شاهيناز التي كانت جالسة على مقعد دراسي: «نتذوق مرارة النزوح للمرة الثانية، ففي نهاية 2012 تعرضنا لهجوم عسكري خرجنا منها لكننا عدنا إليها سريعاً، أما اليوم فأخشى أن نبقى هنا والشتاء على الأبواب».
أما عبلة (32 سنة) والتي كانت جالسة بجانب جارتها في السكن شاهيناز ونساء أخريات يمضين الوقت بتبادل الأخبار والمعلومات القادمة عن الانتهاكات التي تقوم بها الفصائل المدعومة من تركيا، فقد قالت بنبرة صوت غاضبة ومرتفعة: «لا أعتقد أن هذه الحرب قصيرة الأمد، ولا نأمل عودة قريبة إلى ديارنا، أعلم تماماً أننا سنمر بأيام صعبة». وعن المشاكل التي تعاني منها في هذا المكان، تابعت قائلة: «لا خصوصية هنا للنساء والأطفال وهم الأكثر تضرراً، لا مكان يأويهم ولا يوجد أكل مناسب، ينقصنا الكثير، حتى المراحيض خدمتها سيئة وأحياناً نضطر للوقوف لكثرة الأعداد القاطنة هنا». وبحسب الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية، دفعت الأعمال العسكرية التي شنتها تركيا في 13 من الشهر الجاري في مدينتي رأس العين وتل أبيض في شمال شرقي سوريا، أكثر من 300 ألف شخص للنزوح من المناطق الحدودية في وقت تبدو عودة المدنيين صعبة في المدى القريب.
وتوجه قسم من النازحين إلى بلدة تل تمر في شمال شرقي سوريا، الواقعة على بعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة رأس العين الحدودية، وفتح سكانها الجوامع وصالات الأفراح والمنازل المهجورة والمحال التجارية المغلقة، بالإضافة إلى المستودعات، لتؤوي الأعداد الكبيرة من النازحين، من بين هؤلاء عبد الجليل وهو رجل يبلغ من العمر خمسين عاماً الشيب غزا شعره وشاربه. قال بأنه وأسرته لم يحملوا أثناء فرارهم من رأس العين سوى بعض الملابس وأمتعة خفيفة بسبب شدة القصف والهجمات العنيفة، وقصدوا تل تمر وانتهى بهم المطاف الإقامة في قاعة مدرسة. وحمل تركيا ما آلت إليه أمور سكان المناطق المحاذية للشريط الحدودي، وقال: «عندما قررنا الهروب كنت أظن أنها مجرد ساعات أو أيام وسنعود، لكن يوماً بعد يوم أشعر بأن الحروب التركية على الأرض السورية ستدوم وتطول بحسب أجنداتها ومصالحها». وتابع كلامه بشق الأنفس والكلمات متقطعة وصوته بالكاد يسمع: «لا يمكنني حتى الذهاب إلى منزلنا أو دخول المدينة لإحضار بعض أمتعتنا، الشتاء قادم والبرد ينخر عظامنا».
ويمتد الشريط الحدودي الذي سيطرت عليه القوات التركية وفصائل سورية موالية من مدينة رأس العين شرقاً، إلى تل أبيض غرباً بطول 120 كيلومتراً وبعمق يصل في بعض الأماكن إلى 30 كيلومتراً، الأمر الذي دفع الإدارة الذاتية بشمال شرقي سوريا إلى نقل قاطني مخيم الطوحينية وقسم من مخيم عين عيسى، إلى مخيم جديد أنشأته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويقع مخيم «المحمودلي» على بعد نحو 13 كيلومتراً شمالي مدينة الطبقة التابعة إدارياً لمحافظة الرقة شمال سوريا.
مدير مخيم «المحمودلي» حسين شحاذة قال لـ«الشرق الأوسط»، بأن المخيم ضم سابقا، قرابة 5500 نازح من مناطق سورية مجاورة للطبقة بعد اشتداد المعارك الدائرة في مدنهم، لكنه استقبل ما يزيد على 1300 نازح من مدينة تل أبيض وريفها بعد الهجوم التركي الأخير. وأضاف: «يوجد أكثر من 300 عائلة تفترش أرض المخيم دون أي غطاء في ظل ظروف معيشية صعبة، فلا منظمات محلية أو جهات دولية تساعدهم، وإمكانيات إدارة المخيم ضعيفة جداً». وأوضح الإداري بأن القدرة الاستيعابية للمخيم لا تكفي لاحتواء كل هذه الأعداد، ونظراً لعدم توفير خيم وأماكن تستوعب الوافدين؛ قررت إدارة المخيم توزيعهم على الجوامع والمدارس والمحال التجارية في الطبقة، وأضاف حسين شحاذة: «فصل الشتاء على الأبواب وسيزيد من التحديات، وسيهدد حياة هؤلاء النازحين إذا لم تتحرك المنظمات المعنية وأمنت احتياجاتهم على وجه السرعة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.