المغرب: وزير حقوق الإنسان يأمل الإفراج عن معتقلي «حراك الريف»

TT

المغرب: وزير حقوق الإنسان يأمل الإفراج عن معتقلي «حراك الريف»

عبر وزير الدولة المغربي المكلّف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، عن أمله في الإفراج عن معتقلي حراك الريف، وأكد أن المطالبة بالعفو الملكي تحتاج إلى «نضوج الشروط» التي قال إنها «مسؤولية الجميع».
وأضاف الرميد، الذي كان يتحدث، مساء أول من أمس، في برنامج «شباب VOX» لقناة «ميدي 1 تيفي»، أن العفو «لا يأتي من فراغ، ولا بالأماني، ولكن من خلال معطيات يجب الاشتغال عليها». وتابع أن «العفو هو قرار جلالة الملك، يصدر عن مؤسسة جلالة الملك، والحكومة لا تملك بيدها العفو؛ سواء الخاص أو العام»، معتبراً أن هناك جهات في الخارج «ليس في صالحها أن تجد حلاً للملف، وأن يبقى متوتراً».
وأوضح الرميد أن الدولة والحكومة والمعتقلين في السجون «ينبغي عليهم القيام بالنقد الذاتي الذي يتجسد في الواقع، ويجب أن يحصل انفراج في هذا الملف في أقرب الأوقات، ليخرج الجميع من السجن، ونتخلص من هذه الشوكة التي تؤذي الجسد الحقوقي المغربي». وأكد الوزير أن الجميع «معني بالوساطة من أجل حل ملف معتقلي الريف، بداية من الفاعل الحزبي، والفاعل الصحافي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأيضاً يمكن أن أتحمل جزءاً من المسؤولية للخروج من هذا الوضع الذي يسيء للمغرب من الناحية الحقوقية»، وذلك في إشارة إلى استعداده للقيام بدور في تحقيق الانفراج المطلوب في الملف.
وبخصوص حظوظ حزب «العدالة والتنمية» في تصدر الانتخابات التشريعية لسنة 2021. قال الرميد: «لا أشك في ذلك باعتبار أنه الحزب الذي ينجز والذي يتواصل، واسترجعت صفوفه عافيتها»، مجدداً التأكيد على أنه لا يرى في نفسه أميناً عاماً للحزب، وسيعتذر إذا رشحه إخوانه لهذه المهمة. وعبر عضو الأمانة العامة لـ«حزب العدالة والتنمية» عن موقفه المعارض لقبول عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة السابق للتقاعد الذي خصه به الملك محمد السادس، قائلاً: «لو استشارني لكان لي رأي آخر».
كما اعتبر الرميد أن هذا التقاعد «لم يُنهِ صفحة بن كيران، والدليل هو أنه يحظى بشعبية محترمة، وما زالوا ينظرون إليه باعتباره ذلك الزعيم الذي يحترمونه ويقدرون ما قام به في المرحلة السابقة، وما يمكن أن يقوم به في أي مرحلة».
وأضاف الرميد: «صفحة ابن كيران لم تُطوَ، ولا يمكن طيها، لأنه قيادي قام بإنجازات لفائدة الحزب والشعب والدولة، فصفحته ستبقى حاضرة»، وذلك في إشارة واضحة منه إلى إمكانية عودة الرجل للواجهة السياسية في المرحلة المقبلة.
واستدرك الوزير قائلاً: «لكن هل الحزب بقي في مرحلة (البلوكاج)؟ وتلك الحالة النفسية التي أدت إلى نوع من الارتباك والاضطراب في صفوف الحزب؟ أقول لا»، مشيراً إلى أن «حزب (العدالة والتنمية) تجاوز هذه المرحلة وأصبح حزباً متماسكاً، واسترجع نَفَسه الجماعي من أجل أن يخدم الأهداف التي سطّرها».
وقال الرميد إن المغرب يعرف «بعض النقط السوداء، لكن ليست بالمشاكل التي تربك المسيرة الحقوقية والسياسية، بل فقط تؤثر عليها قليلاً. وهناك فضاءات خاصة يمكن أن تمارس فيها كل الحريات التي يريدها الناس، شريطة ألا تثير الانتباه». وشدد الرميد على أن الحريات الفردية في المغرب «مضمونة، لكن السؤال: ما هذه الحريات التي نريد أن نضيفها إلى المجال المضمون؟»، مشيراً إلى أن العلاقات الرضائية والإجهاض والمثلية وغيرها «لا تلعثم فيها، هذا بلد إسلامي بمقتضى الدستور والواقع، وعلى رأسه أمير المؤمنين، الذي قال: (أنا أمير المؤمنين لا يمكن أن أحلل حراماً أو أحرم حلالاً)».
وأضاف الرميد مدافعاً عن رفضه لرفع التجريم عن العلاقات الرضائية: «هل تريدون أن تكون الدولة المغربية اليوم على خلاف جميع الدول العربية الإسلامية؟ أن تقوم، وعلى رأسها أمير المؤمنين، بإباحة ما يُسمى العلاقات المثلية أو الشذوذ؟»، مضيفاً أن هناك فضاءات خاصة يمكن أن «تُمارَس فيها الحريات الفردية دون إثارة الانتباه». وتابع قوله إن «مَن يطالبون اليوم بالحريات الفردية بمعنى خاص مختلف حولها وتناقض ثوابت المملكة، فهؤلاء لا يريدون في نظري حريات فردية، بل يريدون حريات استعراضية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.