«مسك للإعلام» ناقش استقطاب الخبرات الدولية وتمكين شباب الصناعة

الاندماجات والشركات... فرص الصحافة الورقية لمواجهة تحديات التكنولوجيا

الشركات الناشئة ومستقبل الشراكات مع الصحافة الورقية في مسك للإعلام بالقاهرة
الشركات الناشئة ومستقبل الشراكات مع الصحافة الورقية في مسك للإعلام بالقاهرة
TT

«مسك للإعلام» ناقش استقطاب الخبرات الدولية وتمكين شباب الصناعة

الشركات الناشئة ومستقبل الشراكات مع الصحافة الورقية في مسك للإعلام بالقاهرة
الشركات الناشئة ومستقبل الشراكات مع الصحافة الورقية في مسك للإعلام بالقاهرة

في ظل مشهد متغير تحكمه التكنولوجيا وثورة تقنية يعيشها العالم، لا تزال الصحافة الورقية تحافظ على موقعها إلى جانب أنواع الصحافة الأخرى الإلكترونية والمطورة آلياً بواسطة الذكاء الصّناعي.
وخلال منتدى «مسك للإعلام» الذي أقيم أول من أمس، في القاهرة، تحت عنوان «التحولات الذكية في صناعة الإعلام العربي»، تناول المشاركون فيه تأثيرات شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الحديثة على الصحافة الورقية ووسائل الإعلام التقليدية من قنوات تلفزيونية والراديو وغيرها.
«الشرق الأوسط» استطلعت آراء الخبراء والإعلاميين في مستقبل الصحافة الورقية في ظل وجود أخبار يتم توليدها آلياً وتباين القيم الإعلامية التي سيكون «التغيير» عنصراً أساسياً فيها، فهل المستقبل في الاندماجات ما بين الإعلام الورقي والتطبيقات والشبكات الاجتماعية؟
يقول يوسف الحمادي، مدير عام الإعلام والعلاقات العامة في مؤسسة «مسك الخيرية»، لـ«الشرق الأوسط»: «استطعنا خلال منتدى (مسك للإعلام) إثارة نقاشات في الذكاء الصّناعي وكيف يمكن الاستفادة منه مستقبلاً، اليوم المشهد الصحافي يمكنه توظيف كاميرات (الدرون) لالتقاط الصور وبتكاليف قليلة، بجانب الصحافة الآلية لترجمة وتحليل وإنتاج المحتوى، والوصول بشكل أسرع للجمهور، بل وتوجيهه وفقاً لخطط إعلامية وهو مسلك تتبعه ليس فقط المؤسسات الإعلامية بل كافة المؤسسات الاقتصادية وغيرها». وأضاف: «الذكاء الصناعي فرض نفسه بقوة، فمثلا (سي إن إن) استخدمت الدردشات الآلية لإيصال العناوين الرئيسية للجمهور وفقاً لميوله؛ رياضية أو فنية أو اقتصادية، عبر وسائل الـ(سوشيال ميديا)، أيضاً استخدمت وكالة (أسوشييتد برس) تقنيات توليد النصوص اللغوية لإنتاج أربعة آلاف قصة في عام 2017. كما أنّ (واشنطن بوست) أنتجت القصص عام 2014 بواسطة الذكاء الصناعي».
وعن النسخة الثانية من منتدى «مسك للإعلام»، قال الحمادي: إنّ «المنتدى فتح المجال لكل الاحتمالات لتطوير المشهد الإعلامي خلال الفترة المقبلة، مقدماً الفرصة للشركات التقنية الناشئة في تقديم حلول لصناعة المحتوى العربي بمستوى تقني عالمي».
من جانبه، رأى عمر الشدي، رئيس تحرير صحيفة اليوم السعودية أنّه «لا بد من مواكبة العصر ومستجداته، فالصحف الورقية أصبحت ملزمة بالتجديد والتطوير وتحديث مواقعها على الإنترنت؛ لأن الـ(سوشيال ميديا) لها تأثير كبير على الصحافة الورقية والإلكترونية»، مضيفاً: «لا بد أن يكون المتلقي والمؤسسات الصحافية أكثر وعياً ويقظة تجاه ما يبث من معلومات مغلوطة، فاليوم مهمتنا أكثر صعوبة لأنّ كل مواطن وكل عضو على هذه الشبكات بات يعتبر ذاته منبراً إعلامياً ينشر ما يحلو له دون أي مسؤولية تجاه العواقب، قد تكون له مصالح شخصية ولا يبالي بمصلحة المجتمع».
وتابع الشدي: «في سبيل الوصول لخطة التنمية 2030 تعيش السعودية عملية تسارع عالية جداً في كافة المجالات الاقتصادية والفكرية والإعلامية والمجتمعية حتى أن البعض لا يستطيع أن يواكبها أو يستوعبها، ولم تحدث في أي بلد بهذه السرعة؛ لذا ليس من الغريب أن نستقطب الخبرات العالمية في القطاع الإعلامي ونتعلم منها ونطورها». ورأى أنّ الشباب العربي يحتاج الفرصة والدعم والتوجيه الصحيح، وبالتالي علينا أن نمنحه الفرصة لإدارة المواقع الصحافية المؤثرة»، منوهاً إلى أنّ «(السوشيال ميديا) توجهها وتتحكم فيها قوة عالمية واحدة، وهي مشكلة كبيرة جداً، فإذا ما سقط الإعلام التقليدي وقعت الشعوب العربية في براثنها، وهذا ضد الأمن القومي، يجب أن يكون لدينا شبكات اجتماعية عربية نديرها وتحافظ على مصالحنا ومصالح شبابنا».
في حين ترى الإعلامية البريطانية إيدي لاش، أنّ العالم العربي يحقق التوازن بين الورقي والرقمي، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من الصحف الورقية في بريطانيا، في حين بالعالم العربي بات كل شيء رقمياً؛ مشيرة إلى أن الصحافة الرقمية حققت وجوداً وأثبتت نفسها بقوة في هذه البقعة من العالم»، وقالت إن «الإحصائيات حول المحتوى الخاص بالتدوين الصوتي (بودكاست) أبرزت أن 30 في المائة من الشباب يقدمون الكثير من المحتوى الرقمي في السعودية والإمارات ومصر ولبنان، لذا يمكن أن تتبنى المؤسسات الصحافية الكبرى هذا المحتوى لتقدم محتوى يعتمد على الأمل والنماذج الملهمة من دون مخاوف من الأخبار الكاذبة أو المحتوى المضلل للإنترنت المظلم».
من جانبه، ذهب مبارك الديجن، المدرب والباحث في مجال صحافة الموبايل أن «الصحافة الرقمية ترتبط بعلاقة تكاملية مع الصحافة التقليدية لتقديم خدمات إعلامية للجمهور، وقال إنّ صحافة الموبايل تتميز بخصائص هامة من بينها، المرونة، وتوافر الهواتف بتقنيات عالية، والجودة في الصورة والصوت، ووفرة التطبيقات الإلكترونية والأهم قلة التكاليف وسرعة الوصول للجمهور». وانتهى إلى أنّ «مهمة المؤسسات الصحافية التقليدية يجب أن تنمي مهارات الصحافيين في استخدام الموبايل بأفضل الطرق لإنتاج محتوى يرافق المحتوى المطبوع».
من ناحية أخرى، شهد منتدى «مسك للإعلام» وجوداً قوياً لـ8 شركات ناشئة في مجال صناعة المحتوى الرقمي العربي، وعن رؤيتهم وأهدافهم ومشروعات الاندماج مع الإعلام الورقي والتقليدي، يقول عبد الله الحسين من مشروع «تراتيق» السعودي، لـ«الشرق الأوسط» إنّ المشروع عبارة عن «منصة بدأت عام 2017، ويقدم خدمات فيديو وتصاميم بها غرافيكس، وربط بين المراسلين المحترفين والمؤسسات الإعلامية»، ورأى أن «المستقبل يميل للتخصص، وحينما تتعاون المؤسسات الإعلامية التقليدية مع شركات ناشئة تقدم خدمات تقنية مبتكرة تجد حلولاً للمحتوى وتقدمه للمتلقي بعدة صور بحيث يتاح لديه الورقي والمرئي والمسموع».
بينما يوضح عبد الرحمن جامي، أحد مؤسسي موقع «إكس عنبر» لـ«الشرق الأوسط»: «نوفر أدوات في التسويق الرقمي وتقديم خدمة الروابط القصيرة للمؤسسات الصحافية وغيرها لتسهيل التواصل مع الجمهور»، متابعاً: «نحوّل المحتوى لأشكال وصور رقمية لتتماشى مع السوق المعلوماتية الرقمية العالمية التي أصبح أهم مقوماتها الاندماجات. مع تقديم خدمات التحليل بعدد الزيارات ومن أي دولة أي متصفح ونوع جهاز المستخدم بدأنا منذ عام 2018 مع المهندس يحيي بطاش، ومن خلال خبراتنا في التسويق الرقمي حاولنا تأسيس موقع يدعم اللغة العربية والمحتوى العربي لتحويله إلى (كيو آر كود) أو روابط قصيرة».
وأكد جامي: «نركز على الهوية السعودية في العالم الرقمي، وبالتالي نسعى للانتشار دولياً بنفس امتداد الموقع (SA)، وقد أتاحت لنا المشاركة في منتدى مسك للإعلام عقد شراكات في مصر»، وقال: «لدينا حالياً أكثر من ألف مشترك وأحد أهم عملائنا وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، ونسعى لأن نعقد شراكات عالمية كبرى فقط نحاتج المزيد من التمويل والدعم». موضحاً أنّ «الاسم مستوحى من حجر العنبر لحفظ المحتوى الرقمي للأشخاص والمؤسسات أي نوع من أنواع المحتوى يمكننا أن نحفظه بداخل هذا الحجر الافتراضي إذا أمكن القول».
فيما ذهب الدكتور طارق ناصر، الباحث في مجال الصحافة الإلكترونية والأكاديمي في كلية الإعلام بجامعة اليرموك الأردنية، إلى «بقاء الصحافة الورقية هو جزء من الحفاظ على مؤسسية المهنة وتقاليدها خاصة، وأن القارئ وإن تحرك باتجاه الهواتف الذكية أو الحواسيب اللوحية فهو ما زال يمارس إلى حد كبير التعامل مع الكتاب الورقي في كثير من الأحيان خاصة في مجال الرواية والدراسات العلمية وربما ستكون الصحافة الورقية شريكة في ذلك إن أعيد بناء الشكل المؤسسي والخدمات المقدمة».
وفيما يتعلق ببناء كيانات صحافية كبيرة من خلال الاندماجات، رأى ناصر لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا توفرت حملات ترويجية حقيقية مع توسع في القاعدة الجماهيرية والمحتوى من حيث الوظيفة والشكل مع الاستفادة بحذر وذكاء من الثورة التكنولوجية الحاصلة؛ فإن الصحف ستعود للحضور من جديد»، منوهاً بأن «الصحف استمرت رغم وجود الإذاعة ثم التلفزيون وانتشارهما بشكل واسع، مما يعني أنها إن وجد التخطيط المهني والتمويل القوي والإدارة المميزة فسوف يسهم الاندماج ببقائها بل ستكون فرصة لعودة الصحف الورقية إلى الواجهة».

إعلام الأزمات المصلحة المجتمعية أولوية
> لم يغفل برنامج منتدى «مسك للإعلام» في القاهرة أهمية الرياضة كرافد من روافد الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، إذ قدم الإعلامي المصري، أسامة إسماعيل، المتحدث الرسمي لاتحاد كرة القدم المصرية، ورشة عمل بعنوان «إعلام الأزمات» تحدث خلالها عن «أهمية الإعلام في بناء وعي المجتمعات وتوجيه الرأي العام، وأن هذا الدور لن يتغير حتى مع وجود شبكات التواصل الاجتماعي». كما شدّد على أنّ «الصحافي يلعب دوراً كبيراً وليس مجرد ناقل للخبر، أو مقدم للمعلومة بل إن دوره يؤثر تأثيراً مباشراً في مجتمعه»، لافتاً إلى أنّ الصحافي ودوائر اتخاذ القرار عليهما العبء الأكبر في التعامل مع الأزمات من خلال التركيز على المصداقية، والموضوعية، والحرص على المصلحة المجتمعية وتجنيب المصالح الشخصية».
وبشكل خاص تحدث إسماعيل، عن الإعلام الرياضي الذي اعتبر أنّه «من أكثر الفئات التي تتعرض للكثير من الأزمات»،
ورأى إسماعيل، أنّ «الأزمة مثل الكائن الحي لها نفس مراحل تطوره، من الحمل والولادة فالنضوج والموت، ومرحلة ما بعد الموت»، ومعتبراً أنّه «في أوقات الأزمات دور الإعلام أن ينحاز للمجتمع وليس ضده، بل يحاول مخاطبته بلغة مبسطة وبدقة متناهية حتى لا تشتعل الأزمة من جديد».

«البودكاست العربي» آفاق لا محدودة للبث الصوتي
> دفع الاهتمام المتصاعد عربياً بتعزيز محتوى البث عبر الإنترنت «البودكاست» منتدى مسك للإعلام، للطرح ضمن ورش عمل دورته الثانية في القاهرة. وعقد حسام الجمل، نائب رئيس شركة أنغامي في منطقة شمال أفريقيا ورشة بعنوان: «الصوت يتصدر الشاشات»، أكد خلالها تشجيع تطبيق أنغامي للشباب على صناعة محتوى عبر البث الصوتي «البودكاست».
وعن أبرز ملامح المحتوى شرح الجمل أنه «لا بد أن يكون لدى صاحب البث ملامح خاصة، ولون إعلامي مميز، ولا بأس من شراكات إعلامية تدعم المحتوى». وتابع: «البودكاست مهم كنوع من الخدمات الإعلامية تحت الطلب، ولاحظنا نمواً وتزايداً بعدد المستمعين على البودكاست العربي، والفرصة سانحة الآن لزيادة المحتوى، وهناك تنوع كبير بها من محتوى علمي أو تعليمي إلى جانب أخرى تمس الجانب الإنساني أو الحياة اليومية ونحتاج لضخ المزيد». وكشف أن «السوق السعودية من أكثر الأسواق الصاعدة في مجال البودكاست».
وعن الجانب العملي للبث أفاد بأنّ «بداية المقطع، خاصة في أول 30 ثانية، هي التي تحدد ما إذا كان المحتوى سيجذب المتلقي أم لا؟ والتحكم في درجات الصوت بين العلو والانخفاض والمؤثرات الصوتية، وأقول للشباب لديكم موبايل ويمكنكم تسجيل مقطع صوتي في أي وقت ومكان... فلم لا تشاركون وتوجدون في العالم الرقمي؟»



المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)

«إحدى الوظائف الرئيسية لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل في القدرة على توحيد الناس وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات» اختتم المنتدى الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» أخيراً أعماله في موسكو، مطلِقاً آليات لتعزيز التواصل مع المؤسسات الثقافية والإبداعية في عشرات البلدان، بهدف تحويل المنتدى -كما قال منظموه- إلى «منصة فريدة لتبادل الخبرات وتطوير أساليب الابتكار والإبداع في عالم متعدد لا تهيمن عليه الثقافة الغربية وحدها بأساليبها القديمة».

جمع المنتدى، عبر النقاشات التي دارت خلال ورشات العمل «قادة الصناعات الإبداعية من روسيا ودول أخرى، لمناقشة آفاق تطوير الصناعة والمخاطر والفرص التي أحدثها التقدم السريع للتكنولوجيا الجديدة في حياة الناس وإبداعهم».

عاصمة عالمية للإعلام والثقافة

ووفقاً لحكومة العاصمة الروسية موسكو، التي رعت تنظيم المنتدى، فإن من بين أهداف إطلاقه «تحويله إلى فعالية تُنظّم بشكل دوري وتكريس رؤية جديدة للتعاون الثقافي والإعلامي والإبداعي تقودها موسكو». ومن جهتها، رأت رئاسة المنتدى أن موسكو «عزّزت عبره مكانتها بين عواصم الثقافة في العالم، وباتت تجذب انتباه الخبراء في الصناعات الإبداعية والمتخصصين المشهورين من مختلف أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا إلى الهند والصين». وبهذا المعنى فإن روسيا «ما زالت تحتفظ بهويتها الثقافية، على الرغم من العقوبات والتحديات المعاصرة، بل تمضي قدماً أيضاً نحو تطوير أشكال جديدة من التفاعل في مجالات السينما ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من الصناعات الإبداعية».

وحقاً، جمع منتدى «الثقافة والإعلام والرقمنة» في دورته الأولى متخصصين في مجالات السينما، والألعاب، والإعلام، والتكنولوجيا، والصناعات الإبداعية؛ للبحث عن توازن جديد بين الأهداف التجارية والمصالح العامة، وإمكانيات الآلات وقدرات البشر.

ولمدة يومين، تواصل المشاركون من مختلف دول العالم في ورشات عمل لبحث المواضيع الرئيسة المطروحة التي توزّعت على عدة محاور؛ بينها: اقتصاد وسائل الإعلام الجديدة، والتأثير المتبادل بين وسائل الإعلام الجديدة والسينما، والاتصالات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو، والمساحات الافتراضية، والرياضات الإلكترونية.

تقارب وأرضية مشتركة

رؤية المنتدى تقوم، بالدرجة الأولى، على محاولة تعزيز التقارب والتنسيق من أجل «إيجاد أرضية مشتركة وتطوير أساليب جديدة وفريدة للإبداع بين روسيا ودول مجموعة (بريكس+)» والدول العربية، لا سيما في مجال منصات الثقافات وتشابكها. وبذا لا يُخفي المنظمون الهدف الأساسي المتمثل في محاولة «كسر» الحصار الغربي، والعمل على تشكيل منصة فريدة تُسهم في تطوير حوار دولي بين روسيا وشركائها في الدول العربية والبلدان الأخرى التي تعمل مثل روسيا لإيجاد روابط جديدة للتعاون في ظل التغيّرات السريعة على بيئة المعلومات العالمية.

لذا، رأى المنتدى في جلسات الحوار أن إحدى الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل «في القدرة على توحيد الناس، وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات واللغات المختلفة عبر استخدام الشبكات الاجتماعية، والمدوّنات، ومحتوى الفيديو». وعدّ أن تأثير مساحة الإعلام الجديدة يتمثّل أيضاً في إمكانية إنشاء مبادرات مشتركة - مشاريع مشتركة، وأحداث ثقافية، وبرامج تعليمية تهدف إلى تعزيز الروابط وتوسيع آفاق التعاون المتبادل.

برنامج اليوم الأول تضمّن جلسة رئيسة بعنوان «مستقبل التواصل والتواصل من أجل المستقبل»، شاركت فيها نخبة من كبار المخرجين العالميين؛ مثل: أمير كوستوريكا، وأوليفر ستون، استعرضوا خلالها دور السينما في تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، شدّد كوستوريكا على أن «السينما لا تُقاس بقيمتها المالية بقدر ما تحمله من مضامين وأفكار عميقة»، مشيراً إلى تأثير أفلام المخرج أندريه تاركوفسكي التي على الرغم من محدودية مشاهدتها عند إصدارها، اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة على مر الزمن، بفضل طرحها أسئلة جوهرية عن الحياة.

أما ستون فأكد أن «السينما اليوم في مرحلة تطور مستمر، تتضمّن رؤى فنية جديدة وإمكانيات إبداعية متاحة حتى في المدن الصغيرة»، داعياً إلى احتضان هذا التغيير وتقدير الماضي في الوقت ذاته.

الحضور العربي

وفي الجلسات عن العالم العربي، شارك لوبو سيوس مقدم البرامج الحوارية في دبي، وعلي الزكري رئيس قسم التحرير الرقمي في صحيفة «البيان» في دبيّ، وعلا الشافعي رئيسة تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية، والصحافي اللبناني نبيل الجبيلي. وأكد المنتدى تعزيز الروابط بين الشعوب، كونها تُسهم في خلق أرضية مشتركة وتقديم طرق مبتكرة للإبداع. ورأى المشاركون أن العلاقات بين روسيا ودول «بريكس» لا سيما الدول العربية تستند إلى التفاعل الثقافي وتشابك الثقافات؛ مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والإبداع المشترك.

وعن دور السينما، بين وسائل هذا التعاون، فإنها عُدّت جسراً فعّالاً يربط بين العالمين الروسي والعربي. إذ إن الأفلام لا تكتفي بعرض جوانب من حياة شعوب معينة، بل تساعد أيضاً على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية؛ مما يخلق قصصاً عالمية قادرة على التأثير في قلوب المشاهدين في كل مكان.

ومن ثم، تناول المنتدى دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة واعدة في عملية التأليف والإنتاج السينمائي، بجانب بحث الفرص التي توفرها المنصات الرقمية لتمكين المواهب الشابة.

جانب من الحضور يسجلون اللحظة بهواتفهم الجوّالة (الشرق الأوسط)

منصة مهمة لتبادل الخبرات

مع مشاركة أكثر من 70 متحدثاً من 10 دول، شكّل المنتدى منصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التواصل الثقافي بين روسيا والعالم، بما يُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنوع في قطاعي الإعلام والسينما العالميين. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال جورجي بروكوبوف، رئيس شركة موسكينو - مركز موسكو السينمائي، إن المنتدى -الأول من نوعه- يُنظّم «في لحظة محورية؛ إذ تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية على إعادة تشكيل الصناعات الإبداعية بشكل أساسي». وأردف أن «الملعب العالمي بات أكثر توازناً... وظهرت مناطق جديدة، أو عزّزت مناطق، كانت موجودة أصلاً في هذه الصناعة، مكانتها لتتحول إلى مراكز لإنتاج الأفلام والتلفزيون».

وأوضح بروكوبوف أن موسكو استثمرت، بمبادرة من رئيس بلديتها سيرغي سوبيانين، بكثافة في «بناء مجموعات إبداعية عالمية المستوى» في المدينة وإنشاء شبكات تعاون مع مراكز إبداعية مماثلة في جميع أنحاء العالم. ولقد انصب أحد البرامج الأساسية على تطوير صناعة السينما. وتابع أن «مجموعة صناعة الأفلام الروسية وصلت إلى حجم مماثل (من حيث مرافق الإنتاج ومعداتها المتطورة) لتلك الموجودة في كاليفورنيا أو مومباي (...) تتغيّر صناعة الأفلام العالمية بسرعة، ولم يعد الأمر يقتصر على (هوليوود)، النموذج القديم؛ حيث تُملى ثقافة واحدة، والأذواق العالمية تتلاشى». ثم كشف عن أن عدد الأفلام الروائية المنتجة في دول «بريكس» تضاعف أكثر من ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، في حين ظل عدد الإنتاجات في الغرب ثابتاً إلى حد كبير.

داخل القاعة (الشرق الأوسط)

التطور في «بريكس» ودول الخليج العربي

ومن ثم، أفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسمح بتكييف المحتوى المتنوع مع السياقات المحلية بسلاسة. وبالنسبة إلى دول مجموعة «بريكس» فإنها، مثل روسيا، «تتطلّع إلى تعزيز التعاون مع القطاع الإبداعي المزدهر في الخليج العربي، بما يمثّل فرصة مثيرة لاستكشاف أسواق جديدة».

وزاد المسؤول أن الأوساط الروسية «تتابع باهتمام كبير ما يحدث في المملكة العربية السعودية. إن تفاني الحكومة في رعاية المواهب وجعل المملكة واحدة من المراكز الإبداعية الرائدة في العالم أمر رائع حقاً. ومن الملهم أن نرى كيف تتحوّل المملكة بسرعة إلى قوة إبداعية عالمية مع الحفاظ على تراثها الثقافي الغني».