مرصد مصري يُحمّل «الإخوان» مسؤولية إقدام بعض شبابه على «الانتحار»

أرجع الظاهرة لأسباب اقتصادية ونفسية عقب تخلي القيادات في تركيا

TT

مرصد مصري يُحمّل «الإخوان» مسؤولية إقدام بعض شبابه على «الانتحار»

كشف مرصد مصري عن «إقدام بعض شباب تنظيم (الإخوان) الهاربين من مصر إلى تركيا على الانتحار، بسبب الأوضاع الاقتصادية والظروف النفسية الصعبة التي يمرون بها». وحمل المرصد في تقرير حديث له «(الإخوان) المسؤولية عن انتحار الشباب بعدما وعدتهم قيادات التنظيم بتوفير موارد مالية لهم من خلال صناديق الدعم التي تقوم القيادات بتوفيرها من التبرعات».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الجماعات الأصولية بمصر، أن «الأوضاع المادية للشباب في تركيا سيئة جداً، وجوازات سفرهم منتهية، وليس أمامهم طريق إلا تسليم أنفسهم لمصر، لكنهم يجدون معارضة شديدة عندما يفكرون في ذلك»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القيادات تخلت عن الشباب، وما زالت تردد أن التنظيم لم يضغط على أحد، لكي يركب (مركب الإخوان) في الداخل أو الخارج»، لافتاً إلى أن «شاباً من (الإخوان) في تركيا شرع بالفعل في الانتحار، وهناك ما يقرب من 8 أوضاعهم المعيشية لا يرثى لها، ويهددون بالانتحار».
التقرير الذي أعدته «وحدة الرصد والمتابعة» بمرصد «الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة» بدار الإفتاء المصرية، أرجع أسباب الانتحار إلى «حالة الشباب النفسية السيئة، نتيجة حالة اليأس التي وصلوا إليها جراء صدمتهم في قيادات (الإخوان)، الذين استخدموهم دروعاً بشرية يحتمون بها لتحصيل مكاسب سياسية، وعندما فشلوا في ذلك، تاجروا بالشباب لتحصيل منافع مالية، ولم ينفقوا من هذه الأموال على رعاية الشباب الذين خدعوهم بمعاداة وطنهم مصر والإقامة في تركيا»، على حد وصف التقرير، مضيفاً: «تأكد لشباب التنظيم من ممارسة قياداتهم الكذب عليهم بأنهم سيجدون مناخاً جيداً في تركيا، يُمكنهم فيه بدء حياة جيدة، لكن الشباب اصطدموا بـ(عنصرية تركية) تمارس منهج قادة التنظيم نفسه في المتاجرة بقضيتهم، لتحقيق مكاسب سياسية على المستوى القاري أو الشرق أوسطي، وقد أسهمت تلك الأسباب في دخول الشباب في حالة يأس متأزم، أسهمت في فقدانهم الرغبة في الحياة».
وأكد عبد المنعم، أن «(الإخوان) في تركيا 3 مجموعات؛ الأولى: جيل القيادات أو رعاة التنظيم والعاملون به... والثانية: أقارب وأشقاء من هم محكوم عليهم في قضايا عنف بمصر، فضلاً عن المؤيدين والمحبين... والثالثة: المنشقون من المجموعتين الأولى والثانية، وهذه المجموعة تحاول الحياة عبر الحصول على منح دراسية، أو إقامة مستمرة في تركيا».
وأشار المرصد المصري إلى أن «هناك حالة اغتراب يعيشها الشباب في تركيا، بعد انكشاف الحقائق عن زيف ادعاءات التنظيم؛ الأمر الذي يدفعهم نحو الانتحار عندما لا يجدون قوت يومهم؛ بينما تنفق قيادات التنظيم الأموال على إحياء ذكرى تأسيس التنظيم».
وفي مارس (آذار) الماضي، تردد اعتزام تركيا ترحيل 12 من شباب «الإخوان» إلى القاهرة، بعد شهر من ترحيلها للشاب محمد عبد الحفيظ، الصادر ضده حكم «أول درجة» بالإعدام في قضية استهداف النائب العام المصري الأسبق هشام بركات... وهي «الأحداث التي فجرت مشاكل جمة بين الشباب والقيادات في تركيا»، بحسب مراقبين.
تقرير مرصد الإفتاء ذكر أن «شروع شباب (الإخوان) في الانتحار، يؤكد التصريحات التي أدلى بها الإخواني أمير بسام (هارب) في يوليو (تموز) الماضي، بأن القيادات أنفقت أموالاً باهظة على عائلاتهم، في الوقت الذي يعاني فيه الشباب من (الشُح المالي)، وهو الأمر الذي نتج عنه صدامات بين قيادات التنظيم والشباب في تركيا».
وأوضح المرصد أن «هناك تهديدات من عناصر التنظيم بنشر كثير عن وقائع الفساد داخل (الإخوان)، وهو ما يمثل دليلاً قاطعاً على كثير من أوجه التلاعب المالي والإداري داخل التنظيم، حيث سبق أن أكد الشباب أن لديهم كثيراً من التسريبات والتسجيلات لاعترافات القيادات بأن الأموال التي بحوزتهم تنفق لأغراض شخصية».
وأفاد المرصد بأن «هناك كثيراً من الغموض حول أوجه إنفاق الأموال داخل (الإخوان)، فقد كشفت أحداث سابقة أن هناك تلاعباً في أموال التبرعات والتمويلات - بحسب وصف المرصد، هذا في الوقت الذي يحرض فيه قادة التنظيم الهاربون إلى الخارج الشباب على حمل السلاح ونشر العنف»، مشيراً إلى أن «هذه الخلافات بين قيادات (الإخوان) والشباب تعكس حجم المعاناة التي يعاني منها الشباب في الخارج، وأن كثيراً منهم يريد التخلص من الانتماء الفكري لهذه (العقيدة المشوشة)، خصوصاً مع تصاعد حدة الاستهانة بظروفهم».
من جهته، قدر عمرو عبد المنعم، عدد «الإخوان» في تركيا «بنحو يقترب من 20 ألف شخص غادروا مصر بعد ثورة (30 يونيو/ حزيران) عام 2013»، لافتاً إلى أن «هذا العدد يضم الأسر بالزوجات والأبناء... وأعداداً من هذا الرقم تركت التنظيم أخيراً»، داعياً «لإيجاد حلول للتعامل مع الشباب الهارب في تركيا، لأنهم مع ظروفهم السيئة، قد يكونون أدوات استخباراتية لدول أخرى، تحاول إلحاق الضرر بمصر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.