قتلى ومئات الجرحى مع تجدد احتجاجات العراق... وحرق مقار حكومية و«حشدية» وحزبية

صد محاولة لاقتحام «المنطقة الخضراء» في بغداد... ومقتل 3 برصاص فصيل مسلح في الناصرية

جدار أمني أمام متظاهرين حاولوا عبور جسر الجمهورية إلى المنطقة الخضراء في بغداد أمس (إ.ب.أ)
جدار أمني أمام متظاهرين حاولوا عبور جسر الجمهورية إلى المنطقة الخضراء في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

قتلى ومئات الجرحى مع تجدد احتجاجات العراق... وحرق مقار حكومية و«حشدية» وحزبية

جدار أمني أمام متظاهرين حاولوا عبور جسر الجمهورية إلى المنطقة الخضراء في بغداد أمس (إ.ب.أ)
جدار أمني أمام متظاهرين حاولوا عبور جسر الجمهورية إلى المنطقة الخضراء في بغداد أمس (إ.ب.أ)

شهدت بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، أمس، موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت مطلع الشهر الحالي ويتوقع استمرارها وتحولها إلى احتجاجات مفتوحة لحين الاستجابة لمطالب المحتجين المتمثلة في إسقاط حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وتشكيل حكومة انتقالية تمهيدا لإجراء انتخابات عادلة برعاية المجتمع الدولي، كما يؤكد ذلك طيف واسع من المتظاهرين.
واللائحة الجديدة من المطالبات، التي أضيف لها مطلب آخر يتعلق بتحقيق «كرامة البلاد الوطنية ورفض التدخلات الخارجية»، سبقتها مجموعة من المطالب المتعلقة بمحاكمة الفاسدين وتوفير الخدمات وفرص العمل للعاطلين.
ولم تنفع الخطبة الطويلة التي ألقاها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ليل أمس، وقدم فيها حزمة جديدة من الإصلاحات، في إقناع المواطنين الغاضبين في عدم المشاركة في المظاهرات بكثافة، مثلما لم ينفع خطاب مرجعية النجف القصير في ذلك. كذلك لم تحل الأمطار الغزيرة التي سقطت، أمس، في بغداد وبقية المحافظات دون خروج المتظاهرين.
ومثلما حدث في مظاهرات مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، من عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن ومكافحة الشغب التي استخدمت الرصاص المطاطي والحي والقنابل المسيلة للدموع، حدث أمر مماثل في مظاهرات أمس وراح ضحيته من جديد عشرات القتلى والجرحى رغم البيانات الحكومة التي تعهدت بعدم الاستخدام المفرط للقوة من قبل قواتها الأمنية.
ومنعت السلطات المحطات والقنوات الفضائية من البث المباشر في ساحات المظاهرات ومناطق تجمعات المحتجين في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، وسجلت ثلاثة اعتداءات دامية بحق صحافيين، بينهم مراسل تلفزيون «السومرية» الذي تعرض لإصابة مباشرة في الوجه من قنبلة مسيلة للدموع وحالته حرجة.
وتوافد المتظاهرون في ساعة متأخرة من مساء أمس، إلى ساحة التحرير وسط بغداد، وتمكنوا من العبور إلى المنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة فجر أمس، بعد اجتيازهم للحاجز الإسمنتي الذي وضعته قوات الأمن على جسر الجمهورية، ثم تمكنت قوات الأمن بعد ذلك من إعادتهم إلى ساحة التحرير، وتكرر الأمر بعد ذلك أكثر من مرة، لكن كثيرين من الناشطين حثوا المتظاهرين على عدم المجازفة والعبور إلى المنطقة الخضراء التي خلت من غالبية المسؤولين الحكوميين في اليومين الأخيرين. وقدرت أعداد المتظاهرين بعد ظهر أمس بعشرات الآلاف في بغداد وحدها.
وبينما أعلنت وزارة الصحة أنها غير مخولة من قبل الجهات الأمنية بالإعلان عن أعداد القتلى والجرحى، قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في بيان إن فرقة الجوالة وثقت وفاة متظاهرين اثنين في بغداد جراء استخدام الشرطة قنابل الغاز، فيما أفادت تقارير أعضاء في مفوضية حقوق الإنسان وناشطين ومراقبين للأوضاع بسقوط ما لا يقل عن ألف شخص بين جريح وقتيل.
وأكد بيان المفوضية «امتناع دوائر وزارة الصحة عن تسهيل مهام فرق المفوضية الرصدية وتزويدهم بالإحصائيات الرسمية» وأعلنت عن «تسلم فرق الرصد والشكاوى التابعة للمفوضية الموجودة في ساحات الاحتجاج والتظاهر وفي مستشفيات ومراكز الصحة شكاوى بالانتهاكات والتعرض إلى الاعتداء».
ووقعت أكبر حوادث الحرق ضد المقار الحزبية والفصائل المسلحة في محافظة المثنى (280 كم جنوب غربي بغداد)، حيث عمد المتظاهرون إلى حرق مقرات، «تيار الحكمة» المعارض و«عصائب أهل الحق» و«حركة البشائر» التابعة للنائب ياسر عبد صخيل، صهر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ومقر حزب «الفضيلة» الإسلامي، ومنظمة «بدر». كذلك أحرق متظاهرون مقر «سرايا الخرساني» وائتلاف «دولة القانون» في محافظة واسط الجنوبية.
وأيضا، أحرق متظاهرون في ذي قار مبنى حركة «عصائب أهل الحق» التي يقودها قيس الخزعلي. إلى ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية وطبية أن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا عندما أطلق مسلحو «عصائب أهل الحق» النار على مجموعة من المحتجين حاولوا اقتحام مقر الجماعة في مدينة الناصرية. وأصيب أكثر من 40 في الحادث، فيما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بسقوط 4 قتلى.
وفي حادث منفصل، قالت مصادر الشرطة إن 18 شخصا على الأقل أصيبوا في العمارة، مركز محافظة ميسان، عندما حاول محتجون اقتحام مقر «عصائب أهل الحق» هناك. وتجمع آلاف المتظاهرين في الساحات العامة ومقرات الإدارات الحكومية والحزبية في محافظات بابل وذي قار والنجف والمثنى وميسان والبصرة وواسط وكربلاء، مرددين شعارات الإصلاح وإسقاط النظام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.