أنصار «حزب الله» بالقمصان السود ينزلون إلى ساحة الاعتصام... وقوى الأمن تبعدهم

هتفوا ضد جعجع ورفعوا شعارات مؤيدة لنصر الله... ولندن تدعو إلى الاستماع لمطالب المحتجين

الشرطة اللبنانية تحاول الفصل بين أنصار حزب الله والمحتجين في بيروت أمس (إ.ب.أ)
الشرطة اللبنانية تحاول الفصل بين أنصار حزب الله والمحتجين في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

أنصار «حزب الله» بالقمصان السود ينزلون إلى ساحة الاعتصام... وقوى الأمن تبعدهم

الشرطة اللبنانية تحاول الفصل بين أنصار حزب الله والمحتجين في بيروت أمس (إ.ب.أ)
الشرطة اللبنانية تحاول الفصل بين أنصار حزب الله والمحتجين في بيروت أمس (إ.ب.أ)

أبعدت عناصر قوى الأمن الداخلي أمس مجموعة من أنصار «حزب الله» تسللت إلى موقع الاعتصام في وسط بيروت، وكانوا يهتفون تأييداً لأمين عام الحزب حسن نصر الله، وضد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في وقت تواصلت الاحتجاجات في عدة مناطق لبنانية، فيما واصل بعض المحتجين إغلاق طرق رئيسية باتجاه المدن الرئيسية في لبنان.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن قوى الأمن الداخلي دفعت بتعزيزات إلى ساحة رياض الصلح لإبعاد مناصرين لـ«حزب الله» عن مكان الاعتصام، مؤكدة التزامها بحماية المعتصمين. واعتبر كثير من المعتصمين أن الهتافات التي أطلقها مناصرو الحزب «استفزازية»، حيث ظهروا بالقمصان السود، ورأى آخرون أن هذا النزول «ترهيبي للمتظاهرين بهدف إبعادهم عن مكان المظاهرات».
ورفض مناصرو الحزب الاتهامات الموجهة لنصر الله بالفساد، وأنهم موجوعون مثل بقية اللبنانيين لكن نصر الله ليس فاسداً، كما أن الحزب لم يشارك بالفساد. ورددوا هتافات تأييداً لنصر الله وللضاحية، ما دفع كثيرا من المحتجين للخوف والانسحاب إلى مواقع مجاورة. وشاركت القوى الأمنية أمس بحماية المتظاهرين الذين تدفقوا بكثافة إلى وسط بيروت بعد خطاب الرئيس اللبناني ميشال عون، رغم الطقس الماطر، للتعبير عن عدم ثقتهم بالسلطة وأركانها. وترددت هتافات تطالب برحيل الطبقة السياسية تحت شعار: «كلن يعني كلن» مطالبين بأن يسقط النظام.
وحوّلت المسيرة التي كانت مقررة نحو وزارة الداخلية تضامنا مع النبطية، مسارها إلى ساحة رياض الصلح، وأوضح منظمو التحرك أن ذلك أتى «في ظل محاولات لتحوير شعارات وأهداف التحرك من قبل جهات منظمة».
من جهتها، دعت السفارة البريطانية في بيروت إلى الاستماع إلى مطالب الشعب اللبناني الذي أعرب عن شعوره المشروع بالإحباط. وقالت على حسابها على موقع «تويتر»: «بعد أسبوع على بدء الاحتجاجات، أعرب الشعب اللبناني عن شعوره المشروع بالإحباط، الذي يجب الاستماع إليه. هذه لحظة مهمة للبنان: يجب تنفيذ الإصلاحات الضرورية بشكل عاجل».
وأكدت: «ستواصل المملكة المتحدة دعم أمن لبنان واستقراره وسيادته وازدهاره، بما في ذلك اقتصاد أقوى وأكثر إنصافا، وفرص تعليم نوعية للجميع، وتحسين الخدمات وتعزيز الأمن».
وتواصلت الاحتجاجات في المناطق، ففي المتن في جبل لبنان، وغداة انتشار الجيش بكثافة على مسلكي الأوتوستراد في جل الديب، سجل توافد عدد كبير من المتظاهرين للتعبير عن الإصرار على المضي في التحرك، علما بأن ساحة جل الديب كانت جهزت بشاشة عملاقة لمتابعة كلمة عون. أما في جونية، فعلت هتافات المعتصمين المنددة بالسلطة وأركانها على أوتوستراد زوق مصبح - جونية، لدى سماعهم الكلمة، حيث جددوا الدعوات إلى استمرار الثورة.
وفي الشمال، أعلن المحتجون في البترون المضي في تحركهم، وفي طرابلس، قطع محتجون الطريق الدولية بين طرابلس بيروت بعد جسر البالما، وحضرت دورية من الجيش في محاولة لفتحها.
جنوباً، انطلقت مسيرة للمحتجين في صيدا من أمام ساحة تقاطع إيليا، مكان الاعتصام المركزي للمتظاهرين، في اتجاه مصرف لبنان، حمل خلالها المشاركون الأعلام اللبنانية ورددوا هتافات النواب والمسؤولين، داعين إلى إسقاط الحكومة. ولدى وصولهم أمام بوابة المصرف، أدوا النشيد الوطني اللبناني وعمدوا إلى كتابة شعارات على جدران المصرف الخارجية.
من جهة ثانية، أعلن المحتجون في ساحة تقاطع إيليا في مدينة صيدا، بعد سماعهم خطاب رئيس الجمهورية «فقدان الثقة بهذه السلطة»، ودعوها إلى «إثبات صدقيتها من خلال انتخابات مبكرة والذهاب إلى تأليف حكومة جديدة». وفي صور، جدد المعتصمون في صور تأكيدهم مواصلة التحرك، ودعوا الجميع للخروج من السلطة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».