«الوطني الحر» ممتعض ويدرس خياراته

باسيل لأنصاره: نحن أقوياء... لا تخافوا ولا تهتزوا

TT

«الوطني الحر» ممتعض ويدرس خياراته

يُعرب أحد نواب تكتل «لبنان القوي» عن امتعاضه الشديد مما آلت إليه الأمور في الشارع، وبالتحديد مما يقول إنه «ضياع بوصلة» الحراك الشعبي الذي بات يستهدف وبشكل أساسي «التيار الوطني الحر» ورئيسه، كما رئيس الجمهورية. ويستغرب النائب العوني اضطراره مع زملائه لملازمة منازلهم خوفاً من التعرُّض لهم، واصفاً «الزمن الحالي الذي بات فيه الآدمي مستهدفاً، والأزعر يتحكم بمصيرنا» بـ«الرديء».
وكان العونيون التزموا الصمت إزاء الحراك الشعبي في أيامه الأولى، حتى خروج رئيس «الوطني الحر» جبران باسيل من قصر بعبدا ليتحدث عن «الانهيار الكبير أو الإنقاذ الجريء»، منبهاً إلى «الفوضى في الشارع وصولاً إلى الفتنة».
ويوم أمس، انتشر مقطع فيديو لباسيل في المكتب المركزي لـ«الوطني الحر»، حيث تجمهر بعض أنصاره، فتوجه إليهم بالقول: «نحن أقوياء، لا تخافوا ولا تهتزوا».
ونفذ العشرات من العونيين وقفة رمزية أمام قصر العدل في بعبدا، بالتزامن مع الكلمة التي توجَّه بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمس، للبنانيين، رفعوا خلالها الأعلام اللبنانية حصراً، وشعارات «كلن يعني كل الفاسدين»، و«كلن يعني كلن أمام القضاء»، ردّاً على الشعار الموحد «كلن يعني كلن»، الذي يرفعه المتظاهرون في الساحات منذ أكثر من 8 أيام.
وأعلن المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» في بيان صدر بعد اجتمع ترأسه باسيل، يوم أمس، أن «القضية التي يحملها المتظاهرون هي قضية التيار الذي يعتبر نفسه جزءاً لا يتجزأ من هذه الحالة الشعبية»، منبهاً إلى أن «قوى داخلية وخارجية تقاطعت مصالحها فاستغلَّت نقمة الناس المحقة لضرب الاستقرار ونشر الفوضى وإضعاف الحكم، وهذا ما لن نقبل به»، مضيفاً أنه «بقدر تأييدنا للمطالب الشعبية المحقة، سنكون صارمين في مواجهة المخربين». وأكد المجلس إصراره على «إصدار قوانين رفع الحصانة ورفع السرية المصرفية واسترداد الأموال المنهوبة وتحريك القضاء ليكون هو المرجع الفاصل بين البريء والمتهم»، مشيراً إلى أن «المجتمعين أكدوا التزامهم برفع السرية المصرفية عن حساباتهم».
ويقول قيادي عوني لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على المسار الذي يسلكه الحراك الشعبي، لا سيما بعد قرار الجيش فتح الطرقات: «نحن مع التظاهر ومع الناس لكن ضد إقفال الطرقات». واستفزت الطرقات المقطوعة الجمهور العوني، الذي رحب بخطوة الجيش اللبناني، بعدما كان يتم التداول بأخبار عن نية شبان من «التيار» النزول إلى الشوارع لفتح الطرقات بالقوة.
وتثير الشعارات واللافتات التي يتم رفعها في الساحات، والتي تتوجه بكلمات نابية إلى رئيس الجمهورية ورئيس «الوطني الحر» استياءً عارماً وسط الجمهور العوني الذي يلتزم، وبحسب المصدر القيادي «أقصى درجات ضبط النفس، وإلا كنا على موعد مع مشهد مختلف كلياً... فلكل منا شارعه، ولكن آخر ما نريده هو الصدام والمواجهة المباشرة مع أي كان، لأن ذلك سيؤدي إلى الفتنة التي نبه إليها الوزير باسيل مع انطلاق هذا الحراك». وتتكتم قيادة «الوطني الحر» على السيناريوهات التي تتداول بها للخروج من الأزمة الراهنة. ويقول المصدر القيادي إن القرار بشأن مصير الحكومة، لجهة التعديل أو التغيير، بين يدي رئيس الجمهورية.
وفي موقف يؤكد خروجه عن الموقف الرسمي لتكتل «لبنان القوي» توجه عضو التكتل النائب شامل روكز إلى السياسيين بالقول: «اسمعوا صوت الشعب، أنصتوا لمطالبه، احترموا غضبه المقدس، ولا تتجاهلوا أصل المشكلة، لا ثقة بمن في السلطة اليوم، فلترحل هذه الحكومة فوراً، ومحاولات الترقيع وإنعاشها لن تنفع، ونحتاج إلى حكومة موثوقين أخصائيين أخلاقيين». وقد تزامن موقف روكز مع موقف لافت لزوجته ابنة عون، كلودين عون روكز التي دعت لانتخابات نيابية مبكرة، ترفضها قيادة «الوطني الحر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».