ترمب يعلن رفع العقوبات عن تركيا بعد وقف إطلاق النار شمال سوريا

TT

ترمب يعلن رفع العقوبات عن تركيا بعد وقف إطلاق النار شمال سوريا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، صباح أمس، استمرار هدنة وقف إطلاق النار بشكل دائم ورفع العقوبات التي يوقّعها على تركيا منتصف الشهر الجاري، محتفظاً بحق إعادة تفعيل العقوبات ما لم تنفذ أنقرة التزاماتها.
وقال ترمب، أمس، في الغرفة الدبلوماسية بالبيت الأبيض: «اليوم أعلن عن مستقبل أفضل لسوريا والشرق الأوسط، فقد صمد اتفاق وقف إطلاق النار بشكل جيد فاق التوقعات. واليوم أعلنت تركيا وقف العمليات العسكرية وجعلت هدنة وقف إطلاق النار دائمة، وأنا أعتقد أنها ستكون بالفعل دائمة». وأوضح ترمب أنه أعطى أوامره لوزير الخزانة برفع كل العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري ضد تركيا، وحذرها من التهاون في حماية الحياة الدينية والأقليات العرقية، «وإلا فسوف يكون لدينا الحق في إعادة فرض العقوبات إذا حدث شيء لم نكن سعداء به».
وأضاف الرئيس الأميركي: «حققنا السلام بإنشاء المنطقة الآمنة على عمق 20 ميلاً بين الأكراد وتركيا، فقد قُتل الآلاف في هذه المنطقة على مدى عقود، وقد قمنا بعمل جيد وقاد كل من نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، الفريق الأميركي لتركيا قبل عدة أيام، ونجح في التوصل لهدنة وقف إطلاق النار لخمسة أيام، بما مكّن الأكراد من التحرك لبضعة أميال، وبذلك تم الحفاظ على حياة الناس دون سفك نقطة دم واحدة أميركية».
ووجّه ترمب الشكر إلى قوات سوريا الديمقراطية على التضحيات التي قدموها، مطالباً كلاً من سوريا وتركيا بضمان عدم عودة «داعش» للظهور مرة أخرى. وتهكم ترمب على الداعين لتدخل أميركي آخر في منطقة الشرق الأوسط، وسخر من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وخطه الأحمر حول استخدام الكيماوي في سوريا والمطالبة برحيل الأسد دون أن يلتزم بكلمته. وانتقد ترمب دون أن يسمّي أوباما «الذين أقحمونا في حروب في الشرق الأوسط وفي صراعات طائفية أدت إلى سفك دماء أميركية في صحراء الشرق الأوسط»، مضيفاً أنه ملتزم بمسار «يقود أميركا إلى النصر». وأضاف: «لقد قالوا إنه يجب على الأسد أن يرحل ورسموا خطاً أحمر على الرمال، ثم لم يلتزموا بكلمتهم ومات آلاف الأطفال والنساء، بينما أنا التزمت بتعهداتي وألقيت 800 صاروخ توما هوك، ولا تزال القوات الأميركية على الأرض في سوريا».
ولفت الرئيس الأميركي إلى أن بلاده أنفقت 8 تريليونات دولار في الشرق الأوسط ولم يؤدِّ ذلك إلى شرق أوسط أكثر سلاماً وأمناً. وأضاف: «أوضحت أننا نحتاج إلى مسار جديد للسياسة الخارجية يعتمد على واقعية فهم العالم ولن يتم استغلالنا مرة أخرى وسنقوم بإنزال قوات أميركية فقط حينما تكون هناك دواعٍ أمنية قومية أميركية تكون دليلنا للانتصار، وسننتصر لأنه لا أحد يمكنه هزيمتنا».
وتفاخر الرئيس ترمب بحديثه مع الجنرال مظلوم، رئيس قوات سوريا الديمقراطية، مشيراً إلى أن الأخير يقدّر الجهود الأميركية، وأكد قوة تأمين المعسكرات التي تحتجز سجناء «داعش». وأضاف: «أكراد كثيرون يتفهمون أن الحرب ستكون وحشية وقد تحدثت مع الجنرال مظلوم وأكد لي أنه تم تأمين المعسكرات التي تحتجز سجناء (داعش) بشكل جيد، وقد هرب عدد قليل لكن تمت إعادة القبض عليهم». وطالب ترمب الدول الأوروبية بتحمل مسؤوليتها في استعادة سجناء «داعش» الذين يحملون جنسيات أوروبية ومحاكمتهم في بلادهم، وقال إن أوروبا لم تستجب وحان الوقت الآن للتحرك. وأكد ترمب أن القوات الأميركية «ليس من مهمتها أن تكون شرطة العالم»، وأنه على الدول الأخرى تحمل المسؤولية.
كان الرئيس ترمب قد غرّد قبل خطابه بساعتين عبر حسابه على «تويتر» متفائلاً بما سمّاه «انتصاراً كبيراً عند الحدود السورية التركية وإنشاء المنطقة الآمنة في أعقاب سحب القوات الأميركية». لافتاً إلى «صمود اتفاق وقف إطلاق النار وانتهاء العمليات العسكرية، وأن الأكراد الآن آمنون، وعملوا معنا بطريقة جيدة وتم تأمين سجناء (داعش)».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».