أكراد سوريا يدعون للتفاوض مع النظام برعاية روسية

صور ومقاطع تُظهر اعتراض أفراد المركبات الأميركية عند انسحابها

أكراد سوريا يدعون للتفاوض مع النظام برعاية روسية
TT

أكراد سوريا يدعون للتفاوض مع النظام برعاية روسية

أكراد سوريا يدعون للتفاوض مع النظام برعاية روسية

أفرزت العملية العسكرية التركية التي بدأت في 9 من الشهر الحالي واقعاً عسكرياً جديداً وحدود تماس مختلفة في منطقة شرق الفرات، إذ باتت تنتشر في شمال شرقي سوريا ثلاثة جيوش دولية على النقيض في الحرب الدائرة في سوريا؛ وأربع جهات عسكرية متحاربة. غير أن العملية غيرت خريطة الخصوم والحلفاء في هذه البقعة الجغرافية من بلد مزقته نيران الحروب، ما دفع بأكراد الشمال إلى فتح خط للحوار مع النظام.
وبسط الجيش التركي وفصائل سورية موالية عاملة في «الجيش الوطني»، سيطرته على مدينتي رأس العين (سري كاني)، حسب تسميتها الكردية والتابعة لمحافظة الحسكة، وعلى تل أبيض وتتبع مدينة الرقة، والأراضي الممتدة بينهما بطول 120 كيلومتراً وبعمق يصل في بعض المناطق إلى 30 كيلومتراً يصل إلى الطريق الدولية (M4)، وبات هذا الجيب المحاذي لتركيا معزولاً عن عمقه السوري. هذا فيما بدأت الشرطة العسكرية الروسية والقوات الموالية للأسد التي وصلت إلى مطار القامشلي، قبل يومين، وباتفاق مع «قوات سوريا الديمقراطية»، الانتشار على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، وتسيير دوريات بدءاً من مدينة ديريك الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، إلى مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، واستكمال انتشارها في مدينة منبج غرب الفرات، لإحباط محاولات الرئيس التركي إردوغان فرض منطقة آمنة على طول الحدود.
وبقي عدد قليل مع الجنود الأميركيين في شرق الفرات لحماية حقول النفط في مدينة دير الزور، ولدعم الجهود العسكرية والأمنية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية في محاربة الخلايا النائمة لتنظيم «داعش» الإرهابي، وحراسة عناصره المحتجزين في سجون الإدارة الكردية.
وعمت المدن والبلدات الحدودية احتجاجات غاضبة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سحب المزيد من الجنود الأميركيين، ونشر نشطاء وإعلاميون صوراً ومقاطع تظهر اعتراض مواطنين، المركبات الأميركية، عند انسحابها إلى قاعدتها في العراق، وأظهر مقطع فيديو كيف أن رجلاً استلقى أمام مدرعة أميركية ما أجبر سائقها على التوقف، حتى قام آخرون بسحبه، وأكملت طريقها، في رسالة على خيانة الحلفاء للأكراد الذين ساعدوا الولايات المتحدة لسنوات بالقضاء على خطر تنظيم «داعش».
ويرى الدكتور شوقي محمد الخبير في اقتصادات الطاقة والنفط، أنه «يمكن القول بأن التفوق النوعي يجعل من الإدارة الأميركية الأكثر قدرة على التحكم في سير الأحداث والضغط على باقي الأطراف، وتعد صمام الأمان لهذه المنطقة، فمن جهة رسالة قوية للحكومة السورية وحلفائها إيران وروسيا، بأن انسحابها سمح للقوات التركية وفصائل موالية من (الجيش الحر) بدخول المنطقة، وفي الوقت نفسه رسالة للجانب التركي بأن وجودها يعني عدم قدرة الجيش السوري على السيطرة على المنطقة التي انسحب منها أواخر 2012، وهو يعود اليوم باتفاق مع الأكراد».
وأوضح الأكاديمي أنّ الحل الأمثل هو الاستمرار بالتفاوض بين الأحزاب الكردية والحكومة السورية، برعاية دولية، خصوصاً روسيا، لعلاقاتها المتميزة مع دمشق، وبناء أرضية سليمة للتفاوض «عبر رسائل ثقة والتعامل بمبدأ الوطنية لا العقلية الأمنية أو العروبية»، مشيراً إلى أنّ وثائق وأدبيات حزب «الاتحاد الديمقراطي» والإدارة الذاتية لم تشر إلى الانفصال. فلطالما كرَّر مسؤولوها حرصهم على وحدة الأراضي السورية، والتمسك بالحوار السوري - السوري، «فضلاً عن أن الأكراد لا يجدون أنفسهم خارج حدود الوطن»، واعتبر أن أي اتفاق بين الإدارة الكردية والحكومة السورية سيخدم الطرفين «لحماية (قسد) من الهجوم التركي بعد اجتياح المنطقة واستعادة المناطق التي خسرتها، كما سيخدم الحكومة السورية من خلال عودتها للمنطقة الثرية والغنية بالموارد، وبسط سيطرتها على الثروات المائية والحقول النفطية».
وكشفت مصادر مطلعة عن جهود لتشكيل وفد يضم جميع الأحزاب الكردية السورية في القامشلي، بغية التوجه إلى دمشق بهدف إجراء مفاوضات شاملة، ورجحت تلك المصادر عدم مشاركة أحزاب «المجلس الوطني الكردي» المعارض.
وكشف العضو البارز في المكتب السياسي لـ«الحزب الديمقراطي التقدمي» الكردي أحمد سليمان، أن قادة حزبه أجروا لقاءات مع القيادات السورية بعد الهجوم التركي بهدف التوصل إلى تفاهم «للحد من الاحتلال التركي، وعدم اتساع نطاقه، ولوقف عمليات نزوح المدنيين، والمساهمة بشكل إيجابي في الدفع نحو تفاهمات تضمن حقوق الأكراد»، منوهاً بأن أي اتفاق سيكون برعاية روسية «فالاتفاق على انتشار الجيش، وعودة مؤسسات الدولة، والحلول السياسية، كلها قضايا ترعاها موسكو، وتلعب دور الضامن، وتعمل على توفير أجواء إيجابية بين المفاوضين الكرد والحكومة السورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».