لندن وبروكسل تزفان «خبراً ساراً» عن اتفاق «عظيم» لبريكست

الوحدويون الآيرلنديون وحليفهم يرفضونه... وجونسون لا يملك أكثرية برلمانية لتمريره

جونسون الذي انفرجت أساريره بعد توقيع الاتفاق يُحيي ماكرون خلال القمة وتقف خلفه ميركل (أ.ب)
جونسون الذي انفرجت أساريره بعد توقيع الاتفاق يُحيي ماكرون خلال القمة وتقف خلفه ميركل (أ.ب)
TT

لندن وبروكسل تزفان «خبراً ساراً» عن اتفاق «عظيم» لبريكست

جونسون الذي انفرجت أساريره بعد توقيع الاتفاق يُحيي ماكرون خلال القمة وتقف خلفه ميركل (أ.ب)
جونسون الذي انفرجت أساريره بعد توقيع الاتفاق يُحيي ماكرون خلال القمة وتقف خلفه ميركل (أ.ب)

نقل رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في تصريحات سبقت انعقاد قمة بروكسل، التي انطلقت الخميس «خبراً ساراً»، وهو التوصل لاتفاق بين الجانبين حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) يحقق أهداف الجميع من حيث حفظ السلام في جزيرة آيرلندا وتحقيق مصالح شعوب الطرفين. وأجمعا على وصف الاتفاق بـ«العادل والمتوازن»؛ حيث أكدا على عدم الحاجة لتمديد أمد بريكست. وأشار يونكر إلى أهمية الدور الذي سيلعبه كل من البرلمانيين الأوروبي والبريطاني في عملية تمرير الاتفاق، فهما صاحبا الكلمة الأخيرة. وقال: «أنا سعيد بالتوصل إلى اتفاق، لكنني حزين بسبب بريكست».
وقال رئيس البرلمان الأوروبي دونالد توسك إن الاتحاد وبريطانيا «قريبان جداً من المرحلة الأخيرة» لانفصال بريطانيا عن التكتل، موضحاً أن الخطوتين الأخيرتين هما موافقة برلماني بريطانيا والاتحاد. وأدلى توسك بالتصريحات، بعدما وافق أعضاء التكتل على أن تترك بريطانيا بموجب الاتفاق التكتل، في 31 أكتوبر (تشرين الأول)، أي من دون تمديد.
وقال رئيس البرلمان الأوروبي، ديفيد ساسولي، إن المجلس مستعد لتقييم النص الجديد للاتفاق، وربما إقراره. وكتب على «تويتر»: «التوصل لاتفاق لخروج بريطانيا أمر إيجابي. علينا الآن النظر للنص بالتفصيل. البرلمان الأوروبي مستعد للعب هذا الدور».
ومن جانبه، ناشد جونسون برلمان بلاده تمرير الاتفاق؛ حيث «يتعين تحقيق بريكست من دون أي تأخير، ليتسنى لنا التصدي لأولويات الشعب البريطاني الأخرى، خاصة في مجال الصحة». ويأمل الطرفان، البدء بمفاوضات العلاقات المستقبلية في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي بعد مصادقة البرلمانيين الأوروبي والبريطاني على الاتفاق.
لكن سرعان ما أعلن الوحدويون الديمقراطيون الآيرلنديون الشماليون، وزعيم حزب العمال البريطاني، رفضهم له. وكتب يونكر على حسابه على «تويتر»: «حصلنا عليه»، في حين تحدث جونسون عن اتفاق جديد «عظيم». وعطى يونكر قادة الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين بإعطاء الضوء الأخضر له خلال قمتهم، التي بدأت في وقت لاحق، الخميس.
واستفاد الجنيه الإسترليني من الإعلان، وارتفع بنسبة 1 في المائة أمام الدولار، في حين كانت الأوساط الاقتصادية تخشى تبعات عدم التوصل إلى اتفاق في نهاية أكتوبر. ووصف كبير المفاوضين الأوروبيين، ميشال بارنييه، الاتفاق بأنه «عادل ومعقول» و«يتفق مع مبادئنا»، وقال إن جونسون بدا واثقاً خلال مكالمته مع يونكر من الحصول على تأييد البرلمان. وبدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه «واثق بدرجة معقولة» من موافقة النواب البريطانيين على الاتفاق. وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن رضاها عن التقدم الذي حدث في المفاوضات بين لندن وبروكسل. وقالت ميركل قبل القمة الأوروبية في بروكسل: «إنه نبأ سارّ»، لافتة إلى أن الاتفاقية التي تم التفاوض بشأنها تفتح إمكانية الحفاظ على سلامة السوق الأوروبية الموحدة، وكذلك على اتفاقية الجمعة العظيمة بشأن إنهاء النزاع المتعلق بآيرلندا الشمالية، لافتة إلى أن إعلان رئيس الوزراء الآيرلندي ليو فارادكار رضاه عن ذلك، يعد أيضاً «إشارة في غاية الأهمية».
وقال رئيس الوزراء الآيرلندي، ليو فارادكار، إن الاتفاق جيد بالنسبة لجمهورية آيرلندا وآيرلندا الشمالية. وغرد فارادكار على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «حظينا باتفاق بريكست يتيح خروج المملكة المتحدة بطريقة منظمة». وأضاف: «لدينا حل فريد من أجل آيرلندا الشمالية، يحترم تاريخها وجغرافيتها الفريدة». وأوضح: «الاتفاق جيد من أجل آيرلندا وآيرلندا الشمالية»، مشيراً إلى تجنب «الحدود المتشددة» وحماية مكانة آيرلندا في السوق الأوروبية الموحدة.
لكن زعيم حزب العمال المعارض في بريطانيا، جيريمي كوربن، دعا النواب إلى رفض الاتفاق. وقال كوربن، في بيان، إن الاتفاق «لن يجمع البلد معاً، ويجب رفضه». وأضاف أن «أفضل حل لبريكست هو إعطاء الشعب الكلمة الأخيرة في تصويت عام».
وعمل المفاوضون الأوروبيون والبريطانيون حتى وقت متأخر لليلة الثانية، للتوصل إلى اتفاق يمكن عرضه على القمة الأوروبية، مع عودة التفاؤل الأسبوع الماضي، بعد تقارب جديد بين دبلن ولندن. والاتفاق هو الثاني من نوعه لتنفيذ نتيجة استفتاء 2016، بعد أن رفض النواب البريطانيون الاتفاق الأول 3 مرات.
ودعا بوريس جونسون النواب إلى الموافقة على الاتفاق الجديد، خلال جلسة استثنائية تعقد السبت، بعد أن توعد مراراً بأنه سينفذ بريكست في نهاية الشهر، سواء باتفاق أم من دون اتفاق.
وستكون مهمته أمام البرلمان حساسة، بعد أن فقد غالبيته، ولم يعد بوسعه الاتكال على دعم الحزب الديمقراطي الوحدوي، الذي يشكل جزءاً من ائتلاف برلماني مع حزبه المحافظ.
ويتطلب تمرير الاتفاق في بريطانيا بشكل خاص أصوات الحزب الديمقراطي الوحدوي الصغير الآيرلندي الشمالي، الذي أعلن الخميس رفضه للاتفاق الجديد. ولقد قضى الحزب على أي تفاؤل بإصداره بياناً قال فيه: «لا يمكننا دعم ما هو مقترح حول قضيتي الجمارك وموافقة» سلطات آيرلندا الشمالية على مشروع بريكست، وهما نقطتان خلافيتان أساسيتان بين لندن والاتحاد الأوروبي. وتحدث الحزب كذلك عن «عدم وضوح بشأن رسم القيمة المضافة» الذي سيطبق في آيرلندا الشمالية. لكن الحزب الذي يمثله 10 نواب في مجلس العموم قال إنه «سيواصل العمل مع الحكومة للتوصل إلى اتفاق معقول لصالح آيرلندا الشمالية، ويحمي السلامة الاقتصادية والدستورية للمملكة».
وسوف تكون أصوات النواب الـ10 التابعين للحزب حاسمة، عندما يصوت البرلمان البريطاني على الاتفاق غداً (السبت). وأضاف الحزب: «موقفنا الثابت هو أننا سوف نوافق فقط على دعم الترتيبات التي تخدم الدستور والمصالح الاقتصادية على المدى الطويل لآيرلندا الشمالية، وتحمي تكامل الاتحاد». وأوضح الحزب: «هذه المقترحات، في رأينا، لا تعود بالمنفعة على الأوضاع الاقتصادية لآيرلندا الشمالية، وتقوض تكامل الاتحاد» في إشارة إلى خطط وضع ترتيبات جمركية بشأن آيرلندا الشمالية منفصلة عن بقية المملكة المتحدة. ولا يحظى جونسون بأغلبية في البرلمان، المؤلف من 650 مقعداً، وعملياً يحتاج إلى 320 صوتاً للتصديق على الاتفاق يوم السبت في جلسة استثنائية.
وقال نايجل فاراج، زعيم حزب «بريكست» والسياسي المخضرم المناهض للاتحاد الأوروبي، إن الاتفاق مع بروكسل «ليس خروجاً لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)». ويقول حزبه في تغريدة منفصلة: «لن نقبل بأي شيء أقل من (خروج كامل نظيف)، اتفاق بوريس الجديد ليس جديداً وليس خروجاً لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، قال فاراج إن الاتفاق سوف يؤدي إلى «سنوات أخرى من المفاوضات، بداية من جائزة اتفاقية التجارة الحرة، التي نعرف بالفعل أننا لن نحصل عليها». ويقول: «بصراحة أعتقد أنه يجب رفضه»، مضيفاً أنه سيكون «من الصعب للغاية» على جونسون إقناع الحزب الديمقراطي الوحدوي في آيرلندا الشمالية بدعم الاتفاق.
وينص الاتفاق على تطبيق عمليات المراقبة الجمركية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وليس بين شطري جزيرة آيرلندا، التي ستبقى بمجملها عضواً في الاتحاد الجمركي الأوروبي. ووجود هيئة مشتركة خاصة بالتعامل مع مشكلات الإجراءات، وإعطاء الجمعية العامة في آيرلندا الشمالية حق النظر في البروتوكول والتصويت بالأغلبية البسيطة، كما ينص على مرحلة انتقالية تستمر حتى عام 2020 قابلة للتمديد.
وركزت المحادثات بين لندن وبروكسل على عدد من القضايا الحساسة؛ كيفية تجنب عودة الحدود بين آيرلندا، عضو الاتحاد الأوروبي، ومقاطعة آيرلندا الشمالية، وهي جزء من المملكة المتحدة، من أجل الحفاظ على السلام في الجزيرة، مع السماح بوجود نقطة للتفتيش الجمركي، وحقّ سلطات آيرلندا الشمالية في أن تتفحص اتفاق الطلاق، أو العلاقة في المستقبل. وأدت التطورات المتصلة ببريكست إلى إرباك منظمي القمة، إذ لم ينشروا خلافاً للمعتاد جدول الأعمال سوى صباح الخميس. وبالإضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيناقش رؤساء الدول والحكومات الوضع في تركيا، والعودة بشكل خاص إلى الموقف الأوروبي من الهجوم التركي في شمال شرقي سوريا. وسيتطرقون إلى مسألة توسيع الاتحاد الأوروبي، ليشمل مقدونيا الشمالية، وألبانيا، قبل مناقشة ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة 2021 - 2027 الجمعة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».