معرض «وغداً من أنا؟» يبحث عن مصير الهوية اللبنانية

فادي الشمعة يستخدم الفن التشكيلي من أجل التشبث بالجذور

زوار معرض «وغداً من أنا؟» تفاعلوا مباشرة مع اللوحات وعلقوها بأنفسهم
زوار معرض «وغداً من أنا؟» تفاعلوا مباشرة مع اللوحات وعلقوها بأنفسهم
TT

معرض «وغداً من أنا؟» يبحث عن مصير الهوية اللبنانية

زوار معرض «وغداً من أنا؟» تفاعلوا مباشرة مع اللوحات وعلقوها بأنفسهم
زوار معرض «وغداً من أنا؟» تفاعلوا مباشرة مع اللوحات وعلقوها بأنفسهم

ضياع الهوية اللبنانية الأصيلة، وعدم الاهتمام بمكوناتها، من تراث وتقاليد وجذور تربطنا بها، يتناولها الفنان التشكيلي فادي الشمعة، في معرضه «وغداً من أنا؟». يتضمن هذا المعرض الذي يقام في غاليري «آرت لاب» في منطقة مار مخايل البيروتية، نحو 200 لوحة فنية رسمت بتقنية الـ«ميكس ميديا» لوجوه وشخصيات يلفها الغموض. فتظهر أحياناً بعين واحدة، وأحياناً أخرى على شكل نبتة، ومرات تبيّن الرأس مقسماً إلى أكثر من جزء، مترجمة السؤال الذي يطرحه الفنان على نفسه، وعلى الآخرين، حول مصير الهوية اللبنانية.
«هذا السؤال (وغداً من أنا) يقلقني منذ وقت طويل، بعدما لاحظت أنّ اللبناني، لا سيما جيل الشباب منه، يضيع في ثقافات وحضارات لا تمت له بصلة. فهو يتشربها بصورة تلقائية من وسائل التواصل الاجتماعي التي تضخ في ذهنه معتقدات وآراء وتقاليد تختلف اختلافاً كبيراً عنا. فجذورنا بخطر، وعلينا أن ننقذها قبل أن تندثر، ونصبح من دون هوية حقيقية، وهو أمر بدأنا نلمسه حالياً على أرض الواقع».
ولأنّ الفنان فادي الشمعة أراد مشاركة فعلية من قبل زوار معرضه فهو طلب منهم أن يعلّقوا بأنفسهم لوحاته على الجدران، ويخبرونه بانطباعاتهم الشخصية حولها.
«هي وسيلة حديثة للوقوف على كيفية تفاعل زوار المعرض مع لوحاتي. ومن خلال أحاديث ونقاشات تدور فيما بينهم وبيني، أصوّر فيلماً يوثّقها ويكون شاهداً على الرسالة التي رغبت في إيصالها من خلال لوحاتي هذه».
جميع لوحات فادي الشمعة، المدموغة بالسريالية، وبغموض معالمها، تفسح أمام ناظرها أن يفسرها على طريقته. وهي تصور وجوهاً وأشخاصاً استوحاهم الفنان شمعة ممن يحيطون به من أصدقاء ومقربين وجيران من باعة ومشردين، وكذلك من ملامحه الشخصية. فلم يحددها بعمر معين كي تشمل أكبر شريحة ممكنة من الناس على مختلف أطيافهم. «أشك في أن نشهد قريباً عودة إلى الجذور وإلى هويتنا اللبنانية الأصيلة في ظل كل هذه الفوضى التي تعم حياتنا اليومية. فانتماؤنا لوطننا يضمحل، وكذلك الأمر بالنسبة لأرضنا وجذورنا التي توقفت عن ربطنا ببعضنا كشعب واحد تشرذم بفعل فقدانه لهويته»، يوضح فادي الشمعة في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط».
ويحاول الرسام اللبناني أن يضع جميع تساؤلاته منذ عام 1983 حتى اليوم في لوحاته، ويقول: «التنوع الذي يشهده لبنان من شعوب مختلفة تقيم فيه ومن رجال سلطة سياسة ودين، وحتى من عصابات ومافيا فساد وغيرها من الموضوعات التي تؤلف الصحن اليومي في حياتنا تناولتها في لوحاتي اليوم».
ومن العناوين التي تحملها لوحات فادي شمعة: «المرأة بالأسود» و«الجاهل» و«ولد العين الحمراء» و«بلو فلامنغو» و«على الورق» وغيرها. ويأخذ فيها ريشته إلى مساحات واسعة من الألوان تتنوع ما بين الأبيض والأسود والأحمر والأخضر والزهري كي تشكل أرضية متنوعة تحاكي ضياع الهوية والانتماء. ويعلق في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «في معرض (وغداً من أنا) مجموعات للوحات تنبثق من عنوان واحد كـ(سوتان) و(العري) و(فتالوبلو)، وغيرها مركّزاً فيها على وجه واحد يعيش مراحل وأوقاتاً مختلفة».



السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
TT

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية»، التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بتونس، إذ حصل الفيلم المصري القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري على جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير، وحاز مدير التصوير مصطفى الكاشف على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، فيما فاز المؤلف الموسيقي هاني عادل بجائزة أفضل موسيقى تصويرية عن الفيلم اللبناني «أرزة»، ومنحت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة التي ترأسها المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد تنويهاً خاصاً لفيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» من إخراج خالد منصور.

يتناول الفيلم القصير «أحلى من الأرض» عالم الفتيات المغتربات من خلال قصة طالبة جامعية تقيم بدار للمغتربات بالقاهرة، وفي أحد الأيام تقدم شكوى ضد زميلتها المقيمة معها بالغرفة، ما يؤدي إلى تصاعد الأحداث على نحو غير متوقع؛ والفيلم من بطولة سارة شديد، وحنين سعيد، ونسمة البهي، وأحمد إسماعيل.

وحاز مدير التصوير الشاب مصطفى الكاشف - نجل المخرج الراحل رضوان الكاشف - على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، وكان الفيلم قد شهد عرضه الأول بقسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» خلال دورته الـ77، وهو من إخراج الصومالي محمد الهراوي.

وكان مصطفى الكاشف قد وصف العمل في هذا الفيلم بأنه من أكثر الأفلام صعوبة في تصويرها، وذكر في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أنه قضى 4 أشهر بالصومال، وكانت معظم المشاهد تصور خارجياً في درجات حرارة مرتفعة للغاية، كما اخترقت الرمال الكثيفة معدات التصوير، وتم إصلاحها عدة مرات، مؤكداً أنه تحمس للفيلم لشغفه بالتجارب الفنية المختلفة.

وتُعد جائزة «أفضل موسيقى» التي حازها الفنان والمؤلف الموسيقي هاني عادل عن الفيلم اللبناني «أرزة» هي ثالث جائزة يحصل عليها الفيلم، بعد أن فاز بجائزتي «أفضل ممثلة» و«أفضل سيناريو» في مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45.

دياموند بو عبود تحمل جائزة زوجها المؤلف الموسيقي هاني عادل (إدارة المهرجان)

وصعدت بطلته الفنانة اللبنانية «دياموند بو عبود» على المسرح لتسلم جائزة زوجها الفنان هاني عادل، معبرة عن سعادتها بها لأنه بذل جهداً كبيراً بالفيلم، وسعادتها بالنجاح الذي حققه الفيلم في المهرجانات التي شارك بها.

وبعد مشاركته بمسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال دورته الرابعة وفوزه بجائزة لجنة التحكيم، حصل فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» على تنويه خاص من لجنة تحكيم قرطاج، وكان الفيلم قد حظي بإقبال كبير عند عرضه بكل من «البحر الأحمر» وقرطاج، ونفدت تذاكره بمجرد طرحها، وهو من بطولة عصام عمر، وركين سعد، وأحمد بهاء، وسماء إبراهيم.

المخرج خالد منصور يتسلم التنويه الخاص (إدارة المهرجان)

ويُعد «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» أول الأفلام الطويلة لمخرجه خالد منصور، الذي شارك في كتابته مع السيناريست محمد الحسيني، ومن إنتاج محمد حفظي، والناقدة رشا حسني في أول أعمالها بصفتها منتجة، وكان قد شهد عرضه الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي، وتدور أحداث الفيلم من خلال حسن، الشاب الثلاثيني الذي يخوض رحلة لإنقاذ كلبه بعدما تورط في حادث خطير، ويواجه تهديدات تمس حياة الكلب صديقه الوحيد.

وعَدّ الناقد طارق الشناوي ما حققته الأفلام المصرية في «أيام قرطاج السينمائية» بأنها جوائز مستحقة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن موسيقى فيلم «أرزة» التي قدمها هاني عادل تستحق الجائزة لبراعتها في التعبير عن المواقف الدرامية بالفيلم، كما رأى أن مدير التصوير مصطفى الكاشف بات مطلوباً في أفلام عالمية، لافتاً إلى أنه يستحق تكريماً؛ كونه مدير تصوير شاباً لكننا لم نمنحه ما يستحق في ظل تحقيقه نجاحاً عالمياً.

ويلفت الناقد المصري، الذي حضر «أيام قرطاج»، إلى أن الفيلم الروائي القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري الذي فاز بجائزة «التانيت الفضي» قد رفضت الرقابة في مصر التصريح بعرضه في الدورة الماضية من مهرجان «الجونة»، ويصف ذلك بـ«(الأمر الغريب)؛ إذ يُفترض أن يكون هامش الحرية في الأفلام القصيرة أكبر».

لقطة من الفيلم القصير «أحلى من الأرض» المُتوج بـ«التانيت الفضي» (إدارة المهرجان)

ويشير الشناوي إلى ملمح رصده بالمهرجانات الدولية يتمثل في تطابق جوائز الأفلام الطويلة بنسبة 90 في المائة بين مهرجاني «البحر الأحمر» وقرطاج؛ فقد تطابقت جائزتا «التانيت الذهبي» مع «اليسر الذهبي» وحصل عليها الفيلم «الذراري الحُمر» نفسه، كما حاز الفيلم الفلسطيني «إلى أرض مجهولة» على جائزتي «اليسر الفضي» و«التانيت الفضي»، وفاز فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان البحر الأحمر قبل حصوله على «تنويه في قرطاج»، مؤكداً أن ذلك يُعد شهادة للمهرجانين معاً، فهي تؤكد مصداقية جوائز البحر الأحمر، وانحياز لجنة تحكيم قرطاج برئاسة هاني أبو أسعد للأفضل حتى لو تطابقت نتائجه مع نتائج «البحر الأحمر».