الجزائر: المحامون يصعّدون لهجتهم ضد السلطات احتجاجاً على سجن «نشطاء الحراك»

أعلنوا عن تنظيم مظاهرة كبيرة رفضاً لقانون المحروقات الجديد

TT

الجزائر: المحامون يصعّدون لهجتهم ضد السلطات احتجاجاً على سجن «نشطاء الحراك»

أغلق مئات المتظاهرين بمدينة شرق الجزائر، أمس، مكتب الانتخابات بمنطقتهم إيذانا بالتصعيد ضد مسعى السلطات تنظيم الرئاسية المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وفي غضون ذلك أعلن «اتحاد المحامين الجزائريين» عن تنظيم مظاهرة كبيرة بالعاصمة في 24 من الشهر الجاري، احتجاجا على سجن العشرات من معتقلي الحراك، ورفضا لقانون المحروقات الجديد، الذي يمنح امتيازات وتسهيلات هامة لشركات النفط العالمية في مجال إنتاج النفط واستغلاله.
وشهدت مدينة خرَاطة (250 كلم شرق العاصمة) مظاهرة حاشدة، شارك فيها قطاع واسع من سكان المنطقة، حيث دخلوا إلى مقر بلديتهم، وأغلقوا «مكتب الانتخاب» بألواح من الخشب، ودقوا عليه المسامير. وهو تصرف يعكس رفضا حادا من جانبهم لمراجعة لائحة الناخبين، وهي عملية تجري عشية كل اقتراع، ويعني أيضا أنهم لا يريدون أن يتم الانتخاب المرتقب نهاية العام الجاري.
وجابت المظاهرات الشوارع الرئيسية لخرَاطة، التي لها رمزية خاصة لدى الجزائريين، حيث عاشت في الثامن من مايو (أيار) 1945 مجزرة رهيبة، ارتكبها البوليس الاستعماري ضد آلاف المتظاهرين، بعد أن طالبوا الحلفاء بالوفاء بوعودهم بخصوص منح الاستقلال لمستعمراتهم في أفريقيا، في حال هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية.
وندد الغاضبون باعتقال العشرات من نشطاء الحراك وسجنهم، وطالبوا بالإفراج عنهم. كما هاجموا المترشحين للانتخابات، وهددوهم بالطرد إن جاءوا إلى مدينتهم خلال الحملة الانتخابية.
واللافت أنه لا أحد ممن سحبوا أوراق الترشح (فاق عددهم 130) من «سلطة الانتخاب»، نزل إلى الحراك لمحاولة إقناع المتظاهرين، يوم الثلاثاء (مظاهرات طلبة الجامعات) والجمعة، بتغيير موقفهم السلبي من الانتخاب. وهو ما يعكس خوفا من تعرض محتمل لاعتداء، لأن كل المحتجين ناقمون على الاستحقاق.
من جهته، أعلن «الاتحاد الوطني للمحامين» (يضم 5 آلاف محام)، عن تنظيم مظاهرات بالعاصمة في 24 من الشهر الجاري. وقال رئيسه أحمد ساعي في ختام اجتماع لقيادته، أمس، بأنه يندد بـ«كل أشكال التعدي على حرية التعبير والتضييق عليها، وعلى حرية التظاهر السياسي وحرية التنقل». مستنكرا الاعتقالات «التي طالت المتظاهرين السلميين»، وعدها «خرقا للحقوق والحريات الدستورية والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر». كما دان «أشكال العنف والتعدي الممارسة ضد المسيرة السلمية للطلبة». في إشارة إلى مظاهرات الثلاثاء الماضي.
وطالب اتحاد المحامين بـ«الإفراج عن جميع معتقلي الرأي فورا»، منددا بـ«العراقيل التي يواجهها المحامون أثناء أداء مهامهم للدفاع عن المعتقلين». كما ناشد القضاة «باعتبارهم سلطة مستقلة ألا يخضعوا إلا للقانون وضمائرهم عند معالجتهم القضايا المعروضة عليهم».
كما طالب المحامون بسحب قانون المحروقات المثير للجدل، وتأجيل الفصل فيه، «ريثما يتم تشكيل حكومة شرعية، بدل الحكومة الحالية المكلفة تصريف الأعمال فقط».
وتضمنت مراجعة قانون المحروقات، الذي سيعرض اليوم على مجلس الوزراء للمصادقة، تسهيلات للشركات النفطية العالمية، تتمثل في تقاسم الإنتاج أساسا. ويهدف هذا المسعى إلى استقطاب الاستثمارات في ميدان المحروقات، بالنظر لتراجع الإنتاج في المدة الأخيرة. علما بأن تصدير الغاز والبترول ويمثل 98 في المائة من مداخيل البلاد من العملة الصعبة.
وأكد الناشط السياسي محمد أرزقي فراد، بهذا الخصوص، أن الجزائريين يرفضون هذا القانون، «لأسباب موضوعية وقانونية لأن مهام الحكومة الحالية تنحصر في تصريف الأعمال الجارية ليس إلاّ، ولا يسمح لها الدستور باتخاذ قرارات خطيرة ترهن مستقبل الجزائر».
وقال أرزقي إن «إصرار السلطة الفعلية على تمرير هذا القانون بطريقة خارقة للدستور، مؤشر قوي على سوء نيتها، التي لا تحمل إلاّ تفسيرا واحدا، وهو الرغبة في تقديم هذا القانون كرشوة للشركات الأجنبية، حتى تزكي الدول الكبرى السياسة الخرقاء، التي يمارسها كبراء السلطة ضد شعبهم، ومن ثم السكوت عن مهزلة الانتخابات المقررة ليوم 12 ديسمبر (كانون الأول)، دون حوار، ودون توافق مع نخب المجتمع وجماهيره».
وأضاف أرزقي موضحا: «لقد دعا المواطنون بعضهم البعض إلى المشاركة في وقفة سلمية أمام البرلمان يوم الأحد (اليوم)، للتعبير عن رفضهم لهذا القانون، الذي سيجعل خزينة الجزائر تخسر أموالا طائلة كعائدات للرسوم الضرائب. فضلا عن كون المشروع إسفينا موجعا في قلب السيادة الجزائرية، التي استرجعها الشعب بالنفس والنفيس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».