60 تشكيلياً مصرياً «يعزفون» سيمفونية إبداعية بتناغم «الأسود والأبيض»

لوحات توظف مجموعة من الأساليب والمدارس الفنية المتنوعة

عمل للفنانة الدكتورة منى زيدان  -  أحد أعمال الفنان أحمد وهبة
عمل للفنانة الدكتورة منى زيدان - أحد أعمال الفنان أحمد وهبة
TT

60 تشكيلياً مصرياً «يعزفون» سيمفونية إبداعية بتناغم «الأسود والأبيض»

عمل للفنانة الدكتورة منى زيدان  -  أحد أعمال الفنان أحمد وهبة
عمل للفنانة الدكتورة منى زيدان - أحد أعمال الفنان أحمد وهبة

في إبحار عكس تيار المألوف في المعارض الفنية، عبر مجدافَي اللونين الأسود والأبيض، يتواصل سريان نهر الإبداع في القاهرة، لتفيض منه جماليات الفنون التشكيلية، فتنساب معه الانفعالات والمشاعر والذائقة الفنية.
ففي هوية بصرية مختلفة، يستعرض 60 فناناً من الفنانين التشكيليين المصريين جماليات الأسود والأبيض، عبر مجموعة من الأساليب والمدارس الفنية المتنوعة، بما يمثل تجديداً وابتكاراً في استخدام اللونين، فلا تقتصر دلالات اللون الأبيض على الصفاء والنقاء والعفة والنظافة والبراءة، كذلك لا تقتصر رمزية اللون الأسود على الوقار والقوة والهيبة والحزن والتشاؤم، بل يتداخل اللونان لعزف سيمفونية تشكيلية إبداعية.
«الأبيض والأسود بُنِيَت عليهما الحياة»، هكذا تلخص الفنانة التشكيلية نيها حتة، مُنظِّمة معرض «أبيض وأسود»، فكرة معرضها، الذي يستضيفه «غاليري لمسات للفنون»، بوسط القاهرة، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «الفكرة قائمة بأكملها على التشكيل بالأبيض والأسود، بما يعكس قدرات الفنانين المشاركين في توصيل المعنى، وهي (ثيمة) غير مألوفة في المعارض الفنية، ورغم ذلك خرج علينا الفنانون المشاركون بمجموعة من اللوحات الراقية واللقطات الفريدة سعوا للابتكار فيها، بما يؤكد غنى ونجاح هذه (الثيمة) الفنية».
وتلفت التشكيلية المصرية إلى أن المعرض يضم مجموعة من البورتريهات التي أبدع الفنانون في إظهار ملامح الوجوه وتعبيراتها بالأبيض والأسود، إلى جانب أعمال بألوان الزيت وأحبار الإيكولين، والغرافيك، والحفر، والنحت، إلى جانب مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تنقل معالم أثرية في القاهرة.
رغم الاقتصار على الأبيض والأسود، فإن هناك تكوينات بخامات متعددة تمكّن منها الفنانون، إلى جانب التنوع في التعبير بالأفكار، بالتجول عبر الأساليب الواقعية والتجريدية والسريالية، التي تعكس المستوى الفني لأصحابها.
فعمل الفنانة الشابة علياء أيمن، يضم خامات الموزاييك والسيراميك والخزف والزجاج الملوّن والشفاف، التي اجتمعت في لوحتها لتعبر عن فكرة «القيود»، التي تشرحها قائلة: «اللوحة في الأصل مشروع تخرجي في كلية الفنون الجميلة، أعبّر فيها عن أي قيود يواجهها الإنسان في حياته، سواء أكانت قيوداً اجتماعية أو نفسية يعايشها الفرد من الطفولة حتى الكبر، أو قيود الحبس داخل فكرة أو معتَقَد ما، ومع ذلك فهاك محاولة لفك هذه القيود والتغلب عليها والتعايش معها، وعبرت عن ذلك بأكثر من خامة، فلجات إلى تجسيد يد آدمية تمسك أحد الأشخاص بخيوط، فاليد هنا للتعبير عن القيود، ووضعت أسلاكاً شائكة في جوانب اللوحة لتدل على أن بطل اللوحة (الإنسان) يحاول التحرر من قيوده، بل إنه يتعايش معها بالرقص».
وتبيّن أنها لجأت للأبيض والأسود للتركيز على المعنى المستهدَف، فالفكرة هي التي تتحدث دائماً في العمل الفني المقدّم بالأبيض والأسود، أما الألوان فقد تشتت المتلقي عن الفكرة، لافتة إلى أنها لجأت فقط، وبشكل مبسط، لتدعيم اللونين بلون ثالث، هو الأحمر، للدلالة على عنف القيود.
فكرة أخرى جسّدها الفنان أحمد وهبة في لوحته، تدور حول ظاهرة الاستعباد والسخرة في إريتريا، التي دفعت الأمم المتحدة إلى وصفها بـ«جرائم ضد الإنسانية». ففي اللوحة تظهر إحدى الإريتريات كرمز يعبّر من خلاله الفنان عن هذه الانتهاكات، يقول: «تأثرتُ بقصة هذه الفتاة التي فرَّت إلى السودان، ومنها إلى مصر، بعد أن سمعت عنها، ورغم أنني لم أرَها، فإنني قررتُ التعبير عنها، وأطلقت لخيالي العنان لأعبر عن مأساتها».
ويشير وهبة إلى أنه لجأ للأبيض والأسود للتعبير عن فكرته، فتطل الفتاة ببشرتها السمراء، ومن حولها هالة من النور تعبّر عن فكرة القديسين، كما تعمّد أن تظهر العين بالأبيض، بما يرمز إلى أنها لا ترى حريتها، كذلك فالتضاد بين الأسود والأبيض جاء ليعبر بشكل عام عن ظلام الاستعباد ونور الحرية.
بدورها، تشارك الفنانة الدكتورة منى زيدان بلوحه بورتريه، تعكس جمال المرأة، تقول: «هي التجربة الأولي لي بالأبيض والأسود، بعد أعمال وتجارب كثيرة بالألوان، حيث حاولت إبراز جمال المرأة باللعب باللونين بين الظل والنور، والتدرج فيما بينهما بالدرجات المختلفة، وهنا تكمن الصعوبة في إيصال الفكرة، مقارنة باستخدام الألوان»، لافتة إلى أن هذه التجربة تشجعها مستقبلاً لإنتاج مجموعة متسلسلة من البورتريهات تعبر عن المرأة.



المنزل «الأكثر حزناً» عصيٌّ على البيع رغم خفض سعره

منزل الأحلام الباهظة (الوكيل العقاري نايت فرانك)
منزل الأحلام الباهظة (الوكيل العقاري نايت فرانك)
TT

المنزل «الأكثر حزناً» عصيٌّ على البيع رغم خفض سعره

منزل الأحلام الباهظة (الوكيل العقاري نايت فرانك)
منزل الأحلام الباهظة (الوكيل العقاري نايت فرانك)

عُرِض المنزل الذي ظهر في برنامج «غراند ديزاينز» التلفزيوني مجدّداً في سوق العقارات بعدما طرحه محصِّلو الديون للبيع مقابل سعر منخفض جداً، مقداره 5.5 مليون جنيه إسترليني. فمنزل «تشيزيل كليف هاوس» الواقع في شمال ديفون بجنوب غربي إنجلترا، كلَّف مالكه إدوارد شورت كل شيء، متسبِّباً في فشل زواجه، وتراكم ديون تُقدَّر بـ7 ملايين جنيه إسترليني.

ووفق صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، عُرض المنزل للبيع في سوق العقارات للمرّة الأولى خلال فبراير (شباط) الماضي، بسعر 10 ملايين جنيه إسترليني. لكن رغم جذبه اهتمام بعض أصحاب الثروات، من بينهم هاري ستايلز، ظلَّ عصياً على البيع؛ فالسعر المطلوب وُصِف بالمرتفع جداً.

بدأ المنزل ذو الفنار مشروعاً طموحاً لإدوارد وهيزل، زوجته آنذاك، منذ 12 عاماً. كانا يأملان في بناء منزل الأحلام لأسرتهما للاستمتاع بإيقاع حياة أبطأ من إيقاع حياتهما في لندن. خصَّصا كل مدخراتهما البالغة 1.8 مليون جنيه إسترليني، للمشروع، واعتقدا أنهما قد يتمكّنان من إتمامه خلال 18 شهراً، رغم موقعه الصخري المعقَّد على الساحل.

«تشيزيل كليف هاوس» (الوكيل العقاري نايت فرانك)

مع ذلك، عندما ظهرت عملية بنائه للمرة الأولى في برنامج «غراند ديزاينز» عام 2019، وصفه المشاهدون بأنه «الأكثر حزناً على الإطلاق». حينها أشار المقدّم كيفين ماكلاود إلى أنه من العجيب والمدهش أن يخطّط الزوجان لإتمام «عمل فذّ من الهندسة المعقَّدة» في فترة زمنية قصيرة. وبسبب تعقيد عملية البناء، تضخّمت التكاليف، وازداد الوقت المطلوب بالنسبة إلى الأسرة التي اضطرت إلى اقتراض 2.5 مليون جنيه إسترليني من مستثمرين في القطاع الخاص، و500 ألف جنيه إسترليني من مصدر آخر.

حاولت ابنتا الزوجين المساعدة في تمويل المشروع الطَموح بإقامة معرض لبيع ممتلكات لم يعد أصحابها يريدون الاحتفاظ بها. وبعد 7 سنوات من بدء عملية البناء، التي شهدت هدم المنزل الأصلي الذي كان موجوداً في تلك البقعة والعائد تاريخه إلى الخمسينات، لم يتم الانتهاء من منزل الفنار العصري المشيَّد على طراز «آرت ديكو» الزخرفي. وذكر إدوارد لاحقاً أنّ ما جعل زوجته تمرُّ به خلال تلك الفترة كان «رهيباً».

عاد برنامج «غراند ديزاينز» لزيارة المشروع عام 2022. وجد أنّ عملية البناء كلّفت إدوارد كل شيء في حياته. خسر ماله، وزواجه، وحتى معاملة جيرانه الطيّبة. لقد جعل المنزل المقدِّم ماكلاود منبهراً بالمناظر الطبيعية التي يطلّ عليها، وبالتصميم الداخلي الذي بدا شبيهاً بالخارج بفضل النوافذ الكبيرة، كذلك إطلالته على 360 منظراً طبيعياً، بالإضافة إلى وجود مسبح لا متناهٍ (يتدفّق الماء فيه على حافة أو أكثر لينتج تأثيراً مرئياً للمياه بلا حدود)، وعزمه الحصول على تصريح لإنشاء مهبط مروحية.

وإذ اعترف إدوارد أنّ النهاية قد تكون «الإفلاس»، كشف ماكلاود أنه رغم تمكُّن صاحبه من «تمويله ليُبنى بالكامل»، ربما «لن يتمكن أبداً من الإقامة في منزل الفنار الأثير المحبَّب إلى نفسه» بسبب طريقة التمويل نفسها. وختم إدوارد: «الأمر يستحق العناء بعد الانتهاء من بنائه. لم يكن ليصبح مُجدياً لو أنّ عملية البناء لم تنتهِ، بل لكان الوضع مؤلماً جداً».


مشاهير تعرّضوا للعنف صغاراً وانتصروا على صدمات الطفولة

نجوم عالميون قاسوا طفولة عنيفة - درو باريمور- أوبرا وينفري- ويل سميث- إمينيم (إكس)
نجوم عالميون قاسوا طفولة عنيفة - درو باريمور- أوبرا وينفري- ويل سميث- إمينيم (إكس)
TT

مشاهير تعرّضوا للعنف صغاراً وانتصروا على صدمات الطفولة

نجوم عالميون قاسوا طفولة عنيفة - درو باريمور- أوبرا وينفري- ويل سميث- إمينيم (إكس)
نجوم عالميون قاسوا طفولة عنيفة - درو باريمور- أوبرا وينفري- ويل سميث- إمينيم (إكس)

مَن حصدوا النجوميّة والثراء والسلطة كباراً، ليسوا طالعين جميعاً من ماضٍ محفّز على النجاح. فمن بين المشاهير مَن اختبر طفولةً معذّبة، تنوّعت المعاناة فيها بين تعنيف جسديّ ومعنويّ، واعتداءات جنسية، وفقر، وإدمان، وسواها من العذابات التي لا تمتّ إلى الطفولة بصِلة. لكن لعلّ تلك الندوب العميقة هي التي ألهمت قصص نجاحهم، وجعلتهم مميّزين، كل واحد منهم في مجاله.

أمّها قتلت أباها أمامها...

هي بالنسبة إلى المتابعين ممثلة فائقة الجمال والبراعة، وحاصلة على جوائز عالمية. لكنّ قلّةً من الناس تعرف أنّ تشارليز ثيرون شاهدت أمّها وهي تقتل أباها. كانت في الـ15 من عمرها يومذاك. دخل الوالد إلى البيت مخموراً، وباشر بضربها، ووالدتها، مهدّداً بسلاحه. فما كان من الأم سوى أن ترفع مسدّساً في وجهه وترديَه قتيلاً.

لم يُحكم على والدة ثيرون، لأنّ تصرّفها اعتُبر دفاعاً عن النفس. أما النجمة الجنوب أفريقية فحاولت ألّا تعيش تحت وزر المشهد الصادم. وقالت في إحدى مقابلاتها التلفزيونية إن ذلك الحادث، ورغم الألم الذي تسبّب لها به، علّمها ألّا تجعل من نفسها ضحيّة.

قتلت والدة تشارليز ثيرون زوجها أمام ابنتها دفاعاً عن النفس (إنستغرام)

وجه كريستينا الدامي

أثقل العنف الأبويّ طفولة المغنية الأميركية كريستينا أغيليرا. تذكر والدتها مشهداً تظهر فيه كريستينا، البالغة 4 أعوام، بوجهٍ دامٍ أمامها. وعندما سألتها عن السبب أجابت: «أراد أبي أن يأخذ قيلولة وأنا كنت أُحدث ضجّة».

لطالما وصفت أغيليرا والدها بالعنيف جسدياً ومعنويا معها، ومع والدتها، التي انفصلت عنه يوم كانت ابنتها في السادسة من العمر.

كريستينا أغيليرا ووالدها فاوستو الذي تعرّض لها بالتعنيف خلال الطفولة (إكس)

سرق أثاث البيت لشراء مخدّرات...

«ظننتُ أننا سنكون سعداء، لكن مع والدٍ مدمنٍ على المخدرات، لا توجد سعادة». بهذه الكلمات تختصر مغنية الراب نيكي ميناج ذكرياتها إلى جانب أبيها روبرت. لم تتردّد النجمة التي يتابعها عشرات الملايين في الإفصاح عن عذابات الطفولة، فقالت: «عندما يسرق والدك أثاث المنزل ليشتري مخدّرات بثمنها، تكون المعاناة كبيرة. كنت أعود من المدرسة لأجد أن الأريكة قد اختفت».

عاشت ميناج تحت وطأة الخوف من أن يقتل أبوها أمّها، إذ إنّ إدمانه جعل منه رجلاً عنيفاً عرّض زوجته وابنته للإهمال، وتعمّد إحراق المنزل مراراً.

والدا مغنية الراب نيكي ميناج وصورة تجمعها بوالدتها (إنستغرام/ فيسبوك)

فكّر بقتل والده...

في مذكّراته التي نشرها منذ سنتين، كشف الممثل ويل سميث أنّ والده كان مدمناً على الكحول، كما أنه كان يرعب عائلته، ويعتدي بالضرب على والدة سميث. صدمة تلك التجربة، التي سيطرت على طفولة الفنان الأميركي، دفعت به إلى التخطيط جدياً لإيذاء والده، أو حتى قتله، وفق ما يخبر في سيرته الذاتية.

رغم النجاحات التي حصدها في عالم التمثيل والموسيقى، فإنه كان من الصعب على سميث تجاوز ذلك الماضي. يبوح في الكتاب بأنه وقف في سن الـ9 عاجزاً أمام أمّه وهي تُضرب على يد أبيه. يقول: «لم أتمكن من تخطّي فكرة أنني خيّبت والدتي، وكنت جباناً تجاهها».

ويل سميث في صورتَين تجمعانه بوالدته ووالده (فيسبوك)

ديمي مور... ذكريات مُرّة

أمضت الممثلة الأميركية ديمي مور طفولتها إلى جانب والدتها وزوجها المدمنَين على الكحول. لم تعرف الاستقرار يوماً، وفي سن الـ14 كانت قد تنقّلت بين 30 منزلاً. أما في الـ15 من عمرها، فتعرّضت لاعتداءٍ جنسي من قبل أحد أصدقاء والدتها. توثّق مور لمرارة طفولتها ومراهقتها في مذكّراتها الصادرة عام 2019، حيث تكشف أنّها انغمست في تعاطي المخدّرات هرباً من الواقع الذي فرضته البيئة التي عاشت فيها.

تتحدّث ديمي مور في مذكّراتها عن طفولة صعبة إلى جانب والدتها وزوجها (إنستغرام)

طفولة وسط الجريمة

صحيح أنه يتربّع اليوم على عرش إمبراطوريّة موسيقية ومالية، إلّا أن طفولة «جاي زي» بدأت في غرفة داخل مجمّع سكني شعبي. أما مراهقة المنتج الموسيقي ومغنّي الراب الأميركي، فقد أمضاها في الشارع حيث احترف العنف، وتجارة المخدّرات، والجريمة.

عاش «جاي زي» مع والدته بعد أن هجرهما والده الذي كان مدمناً على المخدّرات، فاضطرّ صغيراً إلى إعالة أمّه، حتى وإن اقتضى الأمر السرقة، والتعرّض لإطلاق النار.

جاي زي ووالدته غلوريا كارتر (إكس)

جِراح أوبرا الكثيرة

من بين المشاهير الذين عانوا كثيراً في سنّ صغيرة، الإعلاميّة الأميركية أوبرا وينفري التي لا يمكن القول إنها اختبرت معاني الطفولة. فهي كانت في التاسعة من عمرها يوم بدأ أحد أقاربها، البالغ 19 عاماً، الاعتداء عليها جنسياً بشكلٍ متكرّر. تزامنَ ذلك مع تعرّضها للضرب المبرّح، وللتحرّش من قِبَل مجموعة من أقربائها، ما دفع بها إلى إدمان المخدّرات. ولم تتوقف المصائب عند هذا الحدّ، فهي وجدت نفسها حاملاً في سن 14 عاماً، وقد توفّي طفلها بعد ولادته المبكرة بأسبوعَين.

لم تختبئ وينفري يوماً في ظلّ هذه التراجيديا، بل جاهرت بها من أجل أن تُشفى، وكي تساعد الآخرين على البوح والشفاء.

تعرّضت أوبرا وينفري خلال طفولتها لكل أنواع العنف الجسدي والجنسي (إنستغرام)

إمينيم... فقر وتنمّر وتعنيف

لم يبصر «إمينيم» وجه أبيه يوماً، فالأخير غادر البيت ولم يعد عندما كان ابنه في شهره السادس. أمضى مغنّي الراب الأميركي سنواته الأولى وسط فقر مدقع، مع أمّه التي كانت تعاني من الإدمان، ومن اضطرابات نفسية. كما تعرّض للتنمّر في المدرسة، وللاعتداءات الجسدية خلال الطفولة، والمراهقة.

ويوم انقلب الدهر وصار إمينيم نجماً عالمياً، لم يتأخر في مشاركة تجاربه المؤلمة مع جمهوره من خلال كلمات أغانيه، وكتاب المذكرات الذي نشره عام 2008.

مغنّي الراب إمينيم ووالدته ديبي ماثرز (فيسبوك)

«فتاة صغيرة تائهة»

عرفت درو باريمور النجوميّة في سنّ صغيرة، ما انعكس سلباً على استقرارها النفسي. خرجت عن وصاية ذويها في الـ14 من عمرها، وباتت تمضي لياليها في نوادي السهر، كما بدأت تتعاطى المخدّرات في سنّ مبكّرة. أمضت الممثلة الأميركية شهوراً في مراكز علاج الإدمان، والمصحّات العقليّة.

وثّقت باريمور لتلك الحقبة الصعبة من حياتها في مذكّرتها، لا سيّما في أوّل كتابٍ صدر لها عام 1990 بعنوان «فتاة صغيرة تائهة».

دخلت درو باريمور عالم هوليوود في سن مبكرة (أ.ب)

جيم كاري والنوم في الخيمة

جيم كاري، الذي عرفه الجمهور ممثلاً يوزّع الضحكات على وجوه الناس، اختبر مراهقة متعبة بعد أن واجه والده مشكلاتٍ ماليّة. اضطرّت العائلة حينها إلى العيش في شاحنة صغيرة، كما استعانت أحياناً بالخيَم لإمضاء الليالي. أما كاري الصغير، فقد اضطرّ إلى العمل ليلاً في تنظيف المراحيض، لكنه لم ينقطع عن الدراسة، بل كان من بين الأوائل في صفّه.


رحيل الأمير بدر بن عبد المحسن... «مهندس الكلمة» وأيقونة الشعر السعودي

الأمير بدر بن عبد المحسن (حسابه الرسمي على «إكس»)
الأمير بدر بن عبد المحسن (حسابه الرسمي على «إكس»)
TT

رحيل الأمير بدر بن عبد المحسن... «مهندس الكلمة» وأيقونة الشعر السعودي

الأمير بدر بن عبد المحسن (حسابه الرسمي على «إكس»)
الأمير بدر بن عبد المحسن (حسابه الرسمي على «إكس»)

توفي، اليوم السبت، الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن، عن عمر ناهز 75 عاماً.

ونعى مسؤولون ومشاهير سعوديون وعرب الأمير بدر بن عبد المحسن الملقب بـ«مهندس الكلمة».

وكتب رئيس الهيئة العامة للترفيه، المستشار تركي آل الشيخ، في تغريدة عبر حسابه بمنصة «إكس»: «رحم الله الأمير الشاعر صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد المحسن وغفرله وأسكنه فسيح جناته، عزائي لأسرته الكريمة وأبنائه ولآل سعود الكرام والشعب السعودي، خبر حزين وأحس فقدت أب لي ولكن لا أقول إلا الحمدلله على كل حال».

ولد الأمير بدر بن عبد المحسن في الثاني من أبريل (نيسان) 1949، وكان من أبرز الشعراء في الجزيرة العربية، وساعد على انتشار قصائده تقديمها في أغنيات لحنها أبرز ملحني الخليج من أمثال طلال مداح وعبد الرب إدريس وسامي إحسان.

وهو الملقب بـ«مهندس الكلمة»، وأيقونة الشعر السعودي، والفنان والفيلسوف الذي لا يكل ولا يمل من إبهار جمهوره المتعطش له دائماً، ليبقى البدر مضيئاً منذ نحو نصف قرن.

وعُرف على الساحة السعودية والعربية بأنه أحد أبرز روّاد الحداثة الشعرية في الجزيرة العربية وله مجهودات كبيرة في وضع نصوص أدبية تجمع بين الغزل والفخر والرثاء والواقع الاجتماعي والسياسي للسعودية خصوصاً والعالم العربي عموماً.

وتغنى بقصائده بها بعض من أبرز المطربين مثل طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر وعبد المجيد عبد الله وخالد عبد الرحمن وعبد الله الرويشد وكاظم الساهر وصابر الرباعي وراشد الماجد.

نال الأمير الراحل عدة تكريمات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بمنحه وشاح الملك عبد العزيز عام 2019. كما كرمته الهيئة العامة للترفيه عام 2019 في ليلة كان عنوانها (ليلة الأمير بدر بن عبد المحسن: نصف قرن والبدر مكتمل). وقد أعلن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ تسمية المسرح المبنيّ خصيصا لهذه المناسبة بمسرح الأمير بدر بن عبد المحسن.

خادم الحرمين خلال تكريمه الأمير بدر بن عبد المحسن إلى جانب الأمير خالد الفيصل (واس)

وفي مارس (آذار) 2021 أعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة عزمها على جمع وطباعة الأعمال الأدبية الكاملة للأمير بدر تقديرا لإسهاماته في الحراك الإبداعي السعودي خلال خمسة عقود من الزمن. كما كُرّم في مارس آذار 2023 في ختام مهرجان القرين الثقافي في دولة الكويت في دورته الثامنة والعشرين باختياره شخصية المهرجان.

درس الأمير بدر بين السعودية ومصر، حيث التحق بمدرسة الملكة فيكتوريا في الإسكندرية، كما درس في بريطانيا وفي الولايات المتحدة.

وتولى سنة 1973 رئاسة الجمعية السعودية للثقافة والفنون، وعُين رئيسا لتنظيم الشعر بالسعودية، وتم تكليفه لعدة سنوات بكتابة الأوبريتات الافتتاحية لعدة مهرجانات محلية أبرزها مهرجان الجنادرية. وضمت خمسة دواوين هي: هام السحب، وشهد الحروف، ورسالة من بدوي، وما ينقش العصفور في تمرة العذق، ولوحة.. ربما قصيدة.

وبعد ركض في ميدان الشعر لامس نصف قرن، صدرت أعماله الشعرية الكاملة تزامنا مع معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2022، وهي «هام السحب، شهد الحروف، ما ينقش العصفور في تمرة العذق، لوحة ربما قصيدة، رسالة من بدوي»، بإشراف مؤسسة بدر بن عبد المحسن الحضارية، وبمبادرة من وزارة الثقافة، ممثلة في هيئة الأدب والنشر والترجمة، وتنفيذ شركة «المحترف السعودي»، التي تسهم بإشراف الهيئة، على ترجمة هذه الأعمال الشعرية إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، من خلال لجان متخصصة، لنقل تجربة الأمير بدر بن عبد المحسن الشعرية إلى العالمية.

ونعى العديد من الفنانين والشعراء والأمراء، الأمير الراحل، وقال الأمير عبد الرحمن بن مساعد: «فراقك أدمى قلبي يابدر».

وقال الفنان عبادي الجوهر: «رحم الله الأمير الشاعر صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن وغفرله واسكنه فسيح جناته».

ونعت الفنانة نوال الكويتية الأمير الشاعر، قائلة: «رحل الأمير الشاعر الكبير، الصديق والأب والقريب ستبقى دائما في قلوبنا وقلوب كل اللي يحبونك».

وخيم الحزن على منصات التواصل الرقمية بنعي الراحل البدر، متداولين مقتطفات من أشعاره أبرزها: «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضي الحروف، ما نشدت الشمس عن حزن الغياب، علّمتنا الشمس نرضى بالرحيل».

وكانت هذه ‏آخر أبيات غرد فيها الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن قبل وفاته على منصة «إكس».

وخلال أزمته الصحية الأخيرة، قال أبيات شعرية مخاطباً فيها أخاه الأمير سعود:

كن السنين استكثرت طول عرسي... ‏سبعين، غيري ما حصله بعضها

‏ولابدها يا سعود بتغيب شمسي‏... ذي سنةٍ رب الخلايق فرضها

‏ولعلها حريتي بعد حبسي‏... ولعلّي ألقى عند ربي عوضها


حمار وحشي هارب يُشغل الشبكات الاجتماعية في أميركا

الحمار الوحشي يخطف الضوء (أ.ف.ب)
الحمار الوحشي يخطف الضوء (أ.ف.ب)
TT

حمار وحشي هارب يُشغل الشبكات الاجتماعية في أميركا

الحمار الوحشي يخطف الضوء (أ.ف.ب)
الحمار الوحشي يخطف الضوء (أ.ف.ب)

انشغل مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة بقضية حمار وحشي لا يزال البحث جارياً عنه في غرب البلاد، بعدما هرب الأحد الماضي خلال نقله إلى حديقة حيوانات أليفة.

وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ الحمار الوحشي الذي يحمل اسم «زي» كان واحداً من 4 حيوانات ثديية هربت من مقطورة على جانب أوتوستراد في ولاية واشنطن.

وكانت المالكة كريستين كيلتغن تأخذ الحيوانات إلى مونتانا عندما توقّفت لتصليح سجادة أرضية.

وفي اللحظة التي فتحت فيها المقطورة، هربت الحمير الوحشية الـ4، وكلّها إناث.

ونقلت وسائل إعلام أميركية عن كيلتغن قولها: «أول ما فكّرت فيه هو إبعاد الحيوانات عن الطريق. ثم تبيّن لي أنني أحتاج إلى مساعدة».

وتلقّت كيلتغن مساعدة من مصارع ثيران ومدرّبي خيول.

لكنّ هؤلاء لم يتمكّنوا من استعادة سوى 3 حيوانات، فيما هرب «زي» وقفز فوق السياج متّجهاً إلى بعض الغابات قرب نورث بيند.

وأشار أفراد مراقبة الحيوانات المحلّيون إلى أنّ عدداً من السكان رأوا الحمار الوحشي، والتقطت كاميرات المراقبة صوراً له وهو يبدو بصحّة جيدة.

وطلبوا من أي شخص يرصده أن يتواصل معهم. وقالوا: «يُطلب من السكان عدم الاقتراب من الحمار الوحشي، أو محاولة الإمساك به».

وأُغلِق، الجمعة، مسار للمشي الطويل في الطبيعة بالمنطقة، نظراً إلى كونه «منطقة يرتادها الحمار الوحشي»، وفق ما أوضحت السلطات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.


«أفلام السعودية»... افتتاح مبهر لدورة استثنائية

مقدّما حفل الافتتاح محمد الشهري وسمية رضا (صور المهرجان)
مقدّما حفل الافتتاح محمد الشهري وسمية رضا (صور المهرجان)
TT

«أفلام السعودية»... افتتاح مبهر لدورة استثنائية

مقدّما حفل الافتتاح محمد الشهري وسمية رضا (صور المهرجان)
مقدّما حفل الافتتاح محمد الشهري وسمية رضا (صور المهرجان)

عاش عشّاق الفن السابع ليلة استثنائية مع حفل إطلاق الدورة العاشرة من مهرجان «أفلام السعودية»، في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي»، (إثراء)، بالظهران.

بدأ الحفل بعرض فني مبهر، تخلّله وثائقي يسبق تكريم الفنان السعودي عبد المحسن النمر، لتُعلن هناء العمير، رئيسة مجلس إدارة «جمعية السينما»، إطلاق مشروع الموسوعة السينمائية السعودية، إلى جانب برنامج رئيسي جديد للتجربة السينمائية الدولية، مشيرةً إلى تأسيس «سينماتيك الخُبر»، بوصفه مركزاً سينمائياً ثقافياً يوفّر مزايا وخدمات وفعاليات عدّة لصنّاع الأفلام.

وبلغ عدد المشاركات المسجَّلة 826؛ ويقدّم المهرجان 35 جائزة سينمائية، يُتوَّج بها الفائزون خلال حفل الختام مساء الخميس المقبل، 9 مايو (أيار) الحالي.

ومرّ مهرجان «أفلام السعودية» بمرحلة حافلة بالتحدّيات والإنجازات منذ انطلاقه كمسابقة للأفلام عام 2008، ليكبُر ويتحوَّل مهرجاناً سينمائياً عريقاً.

(تفاصيل ص22)


دراسة: مواقع التواصل لا تؤثر على تفاعل المراهقين مع عائلاتهم

وسائل التواصل قد تعزّز المهارات الاجتماعية (الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا)
وسائل التواصل قد تعزّز المهارات الاجتماعية (الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا)
TT

دراسة: مواقع التواصل لا تؤثر على تفاعل المراهقين مع عائلاتهم

وسائل التواصل قد تعزّز المهارات الاجتماعية (الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا)
وسائل التواصل قد تعزّز المهارات الاجتماعية (الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا)

سلطت دراسة نرويجية الضوء على مدى تأثير النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي على علاقة الأطفال والشباب بالعائلة والأصدقاء.

فغالباً ما يشعر الآباء بالقلق بشأن تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين الأطفال والمراهقين، على علاقاتهم الاجتماعية خارج الإنترنت.

إلا أن الدراسة النرويجية، التي نُشرت نتائجها، الخميس، بدورية «Computers in Human Behavior» انتهت إلى أن قضاء المراهقين وقتاً على وسائل التواصل الاجتماعي لا يؤثر على تفاعلهم مع العائلة والأصدقاء خارج الإنترنت.

وجمع الفريق البحثي، خلال الدراسة، بيانات من نحو 800 طفل ومراهق، عندما كانت أعمارهم 10 و12 و14 و16 و18 عاماً.

وكان السؤال الأساسي للدراسة: «إذا قضى الأطفال وقتاً أطول في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فهل ستتحسن مهاراتهم الاجتماعية أم تسوء؟ وهل سيقضون وقتاً أقل أو أكثر مع العائلة والأصدقاء خارج الإنترنت؟»

ولم يجد الباحثون دليلاً على أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر سلباً على المهارات الاجتماعية، لكنهم وجدوا أن الأطفال المصابين باضطراب القلق الاجتماعي قد يكونون أكثر عرضة للخطر.

واضطراب القلق الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى الانعزال نتيجة الخوف من المراقبة أو الحكم السلبي، ممّا يؤثر سلباً على العلاقات والأنشطة اليومية والعمل.

وكانت أبحاث سابقة قد أظهرت أن الأفراد الذين يعانون اضطراب القلق الاجتماعي، قد يجدون التواصل عبر الإنترنت أقل ترويعاً، ما يفيدهم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لكن دراسات أخرى أشارت إلى أن هؤلاء الأفراد أكثر عرضة للاستخدام المفرط لهذه الوسائل، مما يزيد خطر الإدمان.

وأظهرت النتائج الجديدة أيضاً أن الأطفال، الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، غالباً ما يقضون عدة أمسيات أسبوعياً مع أصدقائهم خارج الإنترنت.

وبيّنت دراسات أخرى أن استخدام هذه الوسائل يمكن أن يزيد التقارب بين الأصدقاء، ويُسهل تكوين صداقات جديدة وتعزيز الصداقات القديمة، مما قد يفسر النتائج التي توصلت إليها الدراسة.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة بالجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، الدكتورة سيلجي شتاينسبيك: «تُعد وسائل التواصل الاجتماعي ساحة جديدة للتفاعل الاجتماعي، حيث يعتقد البعض أن استخدامها يحول دون تطور المهارات الاجتماعية، بينما يرى آخرون أنها تعزز هذه المهارات».

وأضافت، عبر موقع الجامعة: «وجدت دراستنا أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تعزّز المهارات الاجتماعية، لكن الأطفال الذين يعانون القلق الاجتماعي ويستخدمونها بشكل مكثف قد يكونون أكثر عرضة لتطوير مهارات اجتماعية أقل».

وأشارت إلى «أهمية تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر، مع التحقق من تأثير عوامل مثل العمر، والجنس، ونوعية الصداقات، وأعراض القلق الاجتماعي».

وتأمل شتاينسبيك أن تخفف النتائج مخاوف الآباء، مع تأكيد سرعة التطورات التكنولوجية والتحديات المتعلقة بدراسة تأثيرات وسائل التواصل على البشر في المدى الطويل.


هل تستعيد مصر زخم موسم «حفلات الربيع»؟

حفلات أعياد الربيع  في مسارح الأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
حفلات أعياد الربيع في مسارح الأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
TT

هل تستعيد مصر زخم موسم «حفلات الربيع»؟

حفلات أعياد الربيع  في مسارح الأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
حفلات أعياد الربيع في مسارح الأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

كانت حفلات الربيع الغنائية من أهم المواسم الفنية التي ينتظرها الجمهور قديماً، ويتسابق إليها المطربون من كل أنحاء الوطن العربي. وأشهر من غنى في هذه الحفلات في الستينات والسبعينات كان، فريد الأطرش بأغنيته الشهيرة «آدي الربيع»، كما غنى عبد الحليم حافظ في هذه المناسبة «قارئة الفنجان» عام 1976.

ولطالما شهدت هذه الحفلات زخماً في الفقرات المنوّعة التي يقدّمها كبار النجوم، وها هي مصر تعود لتحتفل بتلك المناسبة عبر حفلات كبرى بدار الأوبرا، فهل تنجح في استعادة هذا الزخم لموسم حفلات الربيع؟

الفنان هاني شاكر يحيي حفل أعياد الربيع (دار الأوبرا المصرية)

أعدت الأوبرا المصرية برنامجاً ثرياً ومتنوعاً احتفالا بأعياد الربيع، يتضمن تقديم ألوان فنية متنوعة، ومن أبرز الحفلات التي شهدها الموسم حفل للمطرب المصري هاني شاكر في المسرح الكبير، قدّم من خلاله عدداً من أغانيه الشهيرة مثل «لو رحت بعيد»، و«ما تهدديش»، و«أصاحب مين»، و«يا ريتني»، و«نسيانك صعب أكيد»، و«علّي الضحكاية»، بالإضافة إلى أغاني قدّمها من التراث الغنائي وسط حضور جماهيري رفع لافتة «كامل العدد».

ووصف أحمد سعد الدين، الناقد الفني المصري حفلات الربيع في السبعينات والثمانينات بأنها كانت «شعبية أكثر مما نراه الآن»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في الحفلات القديمة كان عبد الحليم وفريد وأم كلثوم يجهّزون دائماً أغنية جديدة لحفلة الربيع، وكانوا يقدمونها في سينما قصر النيل، وسينما ريفولي، وأحيانا في النوادي الرياضية مثل الجزيرة والترسانة وغيرها». وأضاف: «بعد ذلك بدأت الحفلات تأخذ شكلاً آخر، بحيث تنحصر في الحفلات التلفزيونية».

وضمن حفلات الربيع قدّمت فرقة «أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربي» بقيادة المايسترو علاء عبد السلام، حفلاً غنائياً على المسرح الكبير تضمّن مختارات من أعمال بليغ حمدي، والمطربة وردة الجزائرية، قدّمها المطربون مروة ناجي، وأمير الرفاعي، وولاء طلبه، ومحمد الخولي، وياسر سعيد. ومن الأغاني التي شهدها الحفل «أكدب عليك»، و«العيون السود» ، و«حكايتي مع الزمان»، و«بتونس بيك»، و«لولا الملامة»، بالإضافة إلى مجموعة من مؤلفات بليغ حمدي من بينها «عدوية»، و«كان يا مكان»، و«تخونوه».

أكثر من فنان وفنانة شاركوا في احتفالات الأوبرا بأعياد الربيع (دار الأوبرا المصرية)

وفي حين أشار سعد الدين إلى أن «الأوبرا هي أكثر الأماكن المنوط بها تقديم الحفلات»، فإنه رأى أيضاً أنّ «لها جمهوراً خاصاً، هو جمهور (السميعة)، ولها تقاليدها حتى في ارتداء الملابس لحضور الحفلات، وهي تأخذ شكلاً من أشكال استعادة حفلات الربيع، لكنها ليست في حد ذاتها روح حفلات الربيع الأساسية»، موضحاً أن «الحفلات الأساسية كانت تخرج للحدائق والنوادي والمسارح وكان يحضرها الجميع من كل أفراد الأسرة، من دون شروط أو قيود».

إحدى فقرات حفل عيد الربيع من أعمال بليغ حمدي (دار الأوبرا المصرية)

وضمن الاحتفالات بأعياد الربيع أيضاً، تُنظم دار الأوبرا حفلاً لأعمال الموسيقار محمد الموجي تقدّمه «الفرقة القومية العربية للموسيقى» بقيادة المايسترو مصطفى حلمي، مساء السبت، على مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية»، ويتضمن الحفل أغاني «تمر حنة»، و«ليه يا قلبى ليه»، و«شباكنا ستايره حرير»، و«يا دلالي»، و«الحلوة داير شباكها»، وغيرها من الأغنيات التي يقدّمها المطربون أحمد عفت، وهند النحاس، ونهى حافظ، ونهاد فتحي.


«هل هالشي طبيعي؟»... جردة حساب مسرحية في لبنان بمواجهات ساخرة

«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)
«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)
TT

«هل هالشي طبيعي؟»... جردة حساب مسرحية في لبنان بمواجهات ساخرة

«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)
«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)

يكاد السؤال الذي تطرحه مسرحية «هل هالشي طبيعي؟»، يواكب يوميات اللبناني باستمرار، ويراوده في كل مرة يواجه غرابة موقف معين يتعرض له.

ينقسم اللبنانيون إلى فئتين: واحدة ثائرة على واقع تعيشه، وأخرى تتقبله من دون اعتراض. و«هل هالشي طبيعي؟» تُشرّح هذا الواقع في مواجهة بسيطة وحقيقية، تضع النقاط على الحروف، وتقدّم نموذجاً حيّاً عن الحياة في لبنان. وفي خلطة تجمع بين المواطن المثقف والبسيط تجري أحداث المسرحية. وتحت عنوان «من حواراتهم تعرفونهم» يتابع مشاهد العمل اشتباكات مستمرة بين نمطين اجتماعيين مختلفين، فيتعاتبان ويتصارحان ويتذكّران شريط حياتهما في بلدٍ مرّ بحقبات حرب وأزمات اقتصادية وصار على حافة الانهيار.

كتب نص العمل خالد صبيح وأخرجه رياض شيرازي، ويشارك في تمثيله نيكول معتوق ومحمد شمص وإلياس الهبر. تدور القصة في عيادة طبيب نفسي في العاصمة بيروت. وخلال ممارسته عمله اليومي يستقبل الدكتور طلال (طلال الجردي)، مريضاً غير اعتيادي زياد (زياد عيتاني). وتتكثف لقاءاتهما لتولد علاقة غير عادية أيضاً، فتصير كناية عن جلسات علاج متبادل، يبوح خلالها كل منهما بما يسكنه من أفكار وعُقد ومبادئ.

يؤلف الممثلان ثنائية ناجحة تتناغم، بأداء طبيعي، تثير عفويتهما ضحكاً متواصلاً في صالة العرض (مسرح مترو المدينة).

الثنائي الجردي وعيتاني... الأداء الممتع (الشرق الأوسط)

يجسّد طلال الجردي شخصية الطبيب المثقف الرافض لواقع مجنون يعيشه اللبنانيون. في حين يتقمّص زياد عيتاني شخصية اللبناني «الكول»، الذي يحمي نفسه ماشياً بموازاة الحائط، فيتفادى إمكانية حصول أي مشكلة معه بأقل خسائر ممكنة، آخذاً الأمور ببساطة ومن دون التفكير فيها بشكل عميق يستفز «زياد»، طبيبه النفسي.

ويأخذ «طلال»، «الطبيب زياد»، ضمن نَصٍّ متشعّب الموضوعات، ويلفت نظره إلى أمور كثيرة يغضّ الطرف عنها. فالحياة الحلوة في لبنان التي يحاول توهمها على طريقته، تدفع الطبيب لطرح هذا السؤال باستمرار «هل هالشي طبيعي؟».

تمر المسرحية بالجملة، على موضوعات لبنانية بحتة، من بينها دينية وسياسية واجتماعية وافتراضية واقتصادية وغيرها. وتستعير لحظات من الماضي على وقع موسيقى «مكتب التحرير في خبر جديد»، عبارة استُهلكت خلال الحرب عبر الأثير؛ ويستعملها زياد «رينغ تون» لتطبيق الـ«واتساب» في جهازه المحمول، فتشير إلى تأثّر اللبناني برواسب ماضيه، تطلّ على مواقف وتصريحات لسياسيين وأصحاب الشأن في لبنان بأصواتهم الشخصية. لحظات حقيقية تُعيد اللبناني إلى مراحل كان يجب أن يتوقف عندها، ولكنّها مرّت مرور الكرام من دون حتى أن يتعلّم منها العِبر والدروس. وفي كل مرة يكرّر الطبيب سؤاله الشهير: هل هالشي طبيعي؟ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ فمريضه ببساطته واستسهاله لاستيعاب الأمور، يقدّم له علاجاً من نوع آخر يلفته، فينتج عنها مواقف ساخرة وكوميدية، يجد المواطن العادي الحل لكلّ مشكلة تعترضه، ويجيد العمل في أكثر من مصلحة ومهنة، متمتعاً بخلفية تفكيرٍ ترتكز على تجاربه الخاصة التي تمكّنه من إيجاد الحلول. يتهم الطبيب مريضه بأنه شخص عادي وسطحي وجاهل، ويعيش على هامش الفهم. وفي لحظة ينفجر غضباً ويصرخ: لماذا نعتب وعلى مَن؟ فالوزير كالمسؤول والمواطن يغطّون أغلاطهم بالقشور. إننا نعيش في بلد مجنون... ويأتيه الجواب مباشرةً من تصفيق حار يطلقه الحضور. فالمشهد لامسهم عن قرب وترجم أفكارهم.

أمّا المواطن العادي فينتقد عمق تفكير المثقفين الذي لم يوصِّل لبنان بدوره إلى شاطئ الأمان.

حتى الهزة الأرضية لم تهز اللبنانيين (الشرق الأوسط)

يوجّه النّص انتقادات واضحة وصريحة إلى مجال الإعلام والـ«ترند»، ويولي الاستخفاف الذي يمارسه اللبناني حتى تجاه سلامة صحته، أهمية.

ولا ينسى خالد صبيح تناول تفاصيل حياتية أخرى، فحضرت «عتمة لبنان»، وتفشي مافيات المولدات الكهربائية. وكذلك انهيار الليرة اللبنانية، وثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، وصولاً إلى غياب الاستشفاء، وتبرز موضوعات اجتماعية كالخيانة الزوجية، والعلاقة بالأهل وموروثهم السياسي.

نجح صبيح في جذب الحضور بحبكة مسرحية من نوع السهل الممتنع، وتماهى معها الثنائي الجردي وعيتاني بأدائهما الممتع.

أزمات متراكمة لا تقابلها أي ردود فعل تُذكر من اللبنانيين، كان يلزمها هزّة أرضية لتوقظهم ويعوا بالتالي حاضرهم. بالفعل تهتز الخشبة ويصبح المواطنون تحت الأنقاض. ولكن «البلد ماشي»رغم كل شيء. ومواجهات المواطنين بقيت على حالها من كرّ وفرّ. وعندما يسأل الطبيب مريضه: كيف لبلدٍ أن يصبح ركاماً رغم تاريخه الحافل بالبطولات؟ يرد زياد: «يبدو أن الفينيقيين بنوه بالحرام»؛ فترتفع في الصالة نوبة من الضحك والتصفيق المتواصل لمشهدية كوميدية ساخرة اعتمدها الكاتب. حالة من الانصهار تحدث بين المواطنين يستشفّها مشاهد العمل في خواتيمه، فيستعين المؤديان بأفكارهما من علمٍ وتجارب ويصلان إلى تحليلات مفيدة.

يترك الثنائي الجردي وعيتاني، الجرعة الكبرى من الضحك لنهاية العمل. ويغادر الحضور الصالة منشرحاً بعد استمتاعه بمتابعة عمل ينبع من واقع لبناني غير طبيعي.


طريقة جديدة للإقلاع عن التدخين

تغيير نظام العلاج قد يساعد في نجاح الإقلاع عن التدخين (رويترز)
تغيير نظام العلاج قد يساعد في نجاح الإقلاع عن التدخين (رويترز)
TT

طريقة جديدة للإقلاع عن التدخين

تغيير نظام العلاج قد يساعد في نجاح الإقلاع عن التدخين (رويترز)
تغيير نظام العلاج قد يساعد في نجاح الإقلاع عن التدخين (رويترز)

كشفت دراسة أميركية طريقة جديدة تساعد في الإقلاع عن التدخين، بعد فشل المحاولة الأولى. وأوضح الباحثون في جامعة تكساس أن تغيير نظام العلاج وزيادة الجرعات كانت طريقة ذات فاعلية في الإقلاع عن التدخين، وفق نتائج الدراسة التي نُشرت، الخميس، في دورية «غاما».

ويظل تعاطي التبغ السببَ الرئيسي للوفاة والأمراض التي يُمكن الوقاية منها في الولايات المتحدة؛ ففي كلّ عامٍ يموت نحو 480 ألف أميركي بسبب أمراض مرتبطة بالتدخين.

وفي الوقت الحالي، يعاني أكثر من 16 مليون أميركي من مرض واحدٍ على الأقل ناجمٍ عن التدخين، بما في ذلك السرطان.

ويمكن للإقلاع عن التدخين أن يحسِّن فُرص البقاء على قيد الحياة بنسبة 30 إلى 40 في المائة لمرضى السّرطان الذين يدخنون.

وفقاً للباحثين، غالباً ما تكون المحاولة الأولى للإقلاع عن التدخين فاشلة لدى كثير من المدخنين.

وخلال الدراسة، قيّم الفريق البحثي فاعلية استخدام بدائل النيكوتين والدّواء المعروف باسم «فارينيكلين»، الذي يُساعد المدخنين على التوقف عن التدخين.

وأوضحت الدراسة أن بدائل النيكوتين تساعد في الإقلاع عن التدخين، ممّا يخفّف من أعراض الانسحاب ويقلّل الرغبة في التدخين.

وتشمل أشكال بدائل النيكوتين، مواد لاصقة توضع على الجلد وتُطلق النيكوتين ببطء، وعلكة النيكوتين التي تُمضغ لإطلاقه في الفم، وأقراص الاستحلاب التي تُذاب تحت اللسان لإطلاق النيكوتين بسرعة؛ كما تتضمن أيضاً بخاخات النيكوتين التي تُرش في الأنف.

وخلال الدراسة، تابع الباحثون 490 مدخناً اختيروا عشوائياً، وخضعوا لـ6 أسابيع من العلاج الأولي، إما بـ«الفارينكلين» أو بدائل النيكوتين.

بعد ذلك، أُعيد توزيع الذين لم يتمكنوا من الإقلاع عن التدخين بشكل عشوائي لمواصلة العلاج لمدة 6 أسابيع إضافية؛ إذ قُدم لهم إمّا العلاج نفسه وإما تبديله وإما زيادة جرعته.

ووجد الباحثون أن «الفارينكلين»، كان أكثر فاعلية من بدائل النيكوتين. كما وجدوا المدخنين الذين فشلوا في الإقلاع عن التدخين باستخدام «الفارينكلين» في المرحلة الأولى من التجربة، كانوا أكثر نجاحاً بـ7 أضعاف، في الإقلاع عن التدخين بحلول نهاية المرحلة الثانية إذا تمت زيادة جرعات «الفارينكلين»، مقارنة مع من واصلوا جرعة العلاج نفسها أو تم تبديله.

وقال الدكتور بول سينسيريبيني، الباحث الرئيسي للدراسة، في جامعة تكساس: «تشير هذه النتائج إلى أن الالتزام بالدواء نفسه ليس فعالاً بالنسبة للمدخنين غير القادرين على الإقلاع عن التدخين في الأسابيع الستة الأولى من العلاج». وأضاف عبر موقع الجامعة: «يجب أن تشجع دراستنا الأطباء على فحص المرضى في وقت مبكر من رحلة الإقلاع عن التدخين، وإذا لم ينجح المرضى، يمكن تجربة نهجٍ جديدٍ، مثل زيادة جرعة الدواء».


السرطان لا يعرف طريقاً نحو الإرادات الصلبة

ترفض تيريز أبو ديوان أن يُقال «يا حرام» (حسابها الشخصي)
ترفض تيريز أبو ديوان أن يُقال «يا حرام» (حسابها الشخصي)
TT

السرطان لا يعرف طريقاً نحو الإرادات الصلبة

ترفض تيريز أبو ديوان أن يُقال «يا حرام» (حسابها الشخصي)
ترفض تيريز أبو ديوان أن يُقال «يا حرام» (حسابها الشخصي)

هذه القصة ليخجل المرء من انهياره أمام الهبّة الأولى. ليست الشابة اللبنانية تيريز أبو ديوان شخصية تحت الضوء، لكن شجاعتها تُروى. ثمة حكايات يعيشها «عاديون» تُلهم وتؤثّر. ضحكتها هي الحكاية، وإن تدخَّل المرض. لم تلتفت إلى إيقاع الحياة ليقينها أنّ الله يُدبّره، قبل أن يطرأ تبدُّل الحال وتتأكد من ذلك.

مرَّ أكتوبر (تشرين الأول)، شهر سرطان الثدي، كما لم يمرَّ شهرٌ آخر. تسير تيريز أبو ديوان، المُترجِمة المتخصّصة بالأدب الفرنسي، في الحياة، بقناعة مفادها أنّ شيئاً لا يحدُث قبل أوانه. «حتى المرض، حلو بوقته»، تقول لـ«الشرق الأوسط». إلى أن بدأ الجسد يُصدر إشارات إنذار. فالشابة رياضيّة، تجد في التمارين والرقص مساحة تنفُّس. راح القلب يتخبّط كأنه يفرُّ، بلا جدوى، من سجنه. في النادي الرياضي، ملاذها اليومي لساعتين على الأقل، لمست التغيُّرات الأولى. تساءلت إن كان ما يطرأ مجرّد نقص في المكمّلات الغذائية أو اضطراب أصاب الرئتين. لم يخطر في بالها ما يستحقّ القلق.

ما هوَّن هو استعدادها لحَمْل ما تخشى أن يحمله أحبّتها (صور تيريز أبو ديوان)

تأزّم الخفقان والإحساس بالإرهاق المفاجئ. تيريز أبو ديوان رياضيّة ماهرة، تقارع أوزان الحديد، وتتمرّن بلا توقُّف. مؤلماً كان خذلان البدن. وقاسٍ أن يشعر الرياضي بقواه الخائرة. وُلدت على الفور هذه المناجاة: «يا رب، لستُ جاهزةً بعد لمغادرة الأرض. لديّ ما أُنجزه».

ما هوَّن هو استعدادها لحَمْل ما تخشى أن يحمله أحبّتها. فالشابة ابنة جنازتين متتاليتين في عائلة خطف الموت الأب والأخ فيها، لتبقى وحيدةً بجوار أمّ متقدّمة في السنّ بعد سفر الأخ المتبقّي نحو الغربة. «أريد المرض هديةً لي، فلا تحمله أمي أو أخي». تُصوّره على شكل «هدية»، فالهدايا تُبهج. وبهجتها في طرد احتمال أن تفقد مَن تحبّ.

صلابة الإرادة وحب الحياة (صور تيريز أبو ديوان)

لم يُخفها اتصالٌ تذكُر توقيته: «السابعة مساء وأنا في النادي». على الخطّ، طبيب الأورام السرطانية، يُخبرها أن ترحِّب بمرحلة العلاج، والبداية بجراحة. شعرت بعبور الصدمة فيها. شيءٌ يسمّونه «النقزة»، مدّته ثوانٍ، لكنه مسألة مزعجة. فضَّلت التكتُّم، تفادياً لمشهدية الوجوه الباكية. احتفظت لنفسها بالتشخيص: «سرطان الثدي في بداياته ولا تزال ممكنة السيطرة عليه». تقبّلت المنعطف ووثقت بالمسيرة.

كان 5 ديسمبر (كانون الأول) موعد الجراحة. الاستحقاق الأصعب: «أن أُخبر والدتي عشية التحضيرات لعيد الميلاد. سألتُها تقبُّل ما سأقوله، وأطلعتُها على ورم الثدي المُتطلِّب استئصالاً. رجوتها ألا تبكي فلا أحتمل انهمار دموع الأمهات. تماسكتْ وشكرت الله على امتحانه».

قرّرت ألا تغادرها الضحكة في يومها المُنتَظر. بنفسها، قادت سيارتها إلى المستشفى في بيروت، وصمّمت على جذب مواقف تُهوِّن. الضحكة في مواجهة الاحتمالات الأخرى. الـ«إنرجي» لقهر الخوف. رفضت تيريز أبو ديوان أن يُقال «يا حرام». عضّت على الوجع لتُسكِت أنينه فلا يبلغ المتربّصين بشؤون الآخرين. نوعُها يضحك مهما توغّل الخراب في النفس. تُخبّئ ما يُشعل الشماتة أو الشفقة أو البكائيات وراء ابتسامة جبّارة.

مع مدرّبها الراقص أسادور أورجيان (صور تيريز أبو ديوان)

طلب الطبيب 6 جلسات كيميائية، فابتسمت أيضاً. لم تدرك تماماً ما يعنيه هذا المسار، لكنها استعدّت: «علينا أولاً تحصين الداخل. هو الوحيد الذي ينبغي ألا يمرض». حلَّ التقيؤ قاسياً، والتعب مُنهِكاً، أسوةً بحالات الدوار والإحساس بفقدان الوعي. قالت للطبيب: «أشاء التوقُّف عن هذا كلّه»، فطمأنها إلى أنّ الأصعب مرَّ. اليوم تؤكد أنها ما كانت لتتوقّف قط. «هذه رحلة ولا مهرب من مساراتها».

تُجهّز غرفة العلاج الكيميائي بما يجعلها تستكين: «أتوق للسلام، فأُحضر شموعاً وأصلّي». تساقط قليل من شَعرها فقط، فتيريز أبو ديوان تستعدّ لتحمُّل أوجاع قلنسوة الحديد البالغة حرارتها نحو 6 درجات تحت الصفر، الموضوعة على رأسها، لتُجنّبه مزيداً من التساقُط. تحضُر إلى العلاج متبرّجةً، مُعطَّرة، مرتديةً أجمل ثيابها. تقول إنها لا تخشى الصلع، لكنها ترفض نظرات الشفقة: «تؤلمني أكثر من المرض».

ترى العلاج الكيميائي «معركة روحية بين الإنسان وذاته، ولقاء بينه وبين الله». تتحضّر قبل موعد الجلسات لتتشبّع بالسلام النفسي. تزور أديرة وتضيء شموعاً، وتواصل المناجاة. «عليَّ تقبُّل ما أمرُّ به. أحبّ تعدُّد مراحلي». في الغرفة، تضيء الشموع على نية شفاء جميع المرضى. ترفض بقاء الأحبّة إلى جانبها في يوم العلاج المُرهِق، وتفضّل رفع الصلاة لها من المنازل أو الأشغال. وذات نهار، سألت والدتها المغادَرة. لمحت عذاباً في عينيها ودموعاً على خدّيها، فاستأذنتها في الانصراف لقسوة المشهد. «في تلك اللحظات أعود إلى ذاتي. إلى علاقتي بالله. إلى أخطائي. العلاج الكيميائي امتحان ضمير. لا يهمّ إنْ تألّم الجسد. على الإنسان أن يُشارك في آلام العالم. المعركة هنا نفسية. قدرُ الأجساد التألُّم، لكن على النفس الصمود. لا أخفي بكائي أحياناً، لكن بصمت. أذرف بعض الدموع ثم أختار الضحكة. الوجع يُبكي، وثمة آلام تفوق القدرة على تحمُّلها. هنا تتدخّل الإرادة الصلبة».

تجد في الرياضة مساحة تنفُّس (صور تيريز أبو ديوان)

كما تهوى تجربة آلة جديدة يضيفها النادي إلى مجموعة آلاته، ترى تجربة المرض: «من الجيّد أن تتنوّع التجارب، وأن تشمل سرطان الثدي أيضاً! فإن لم نختبر الألم، فلن ندرك قيمة الحياة». تواصل تمارينها كلما استطاعت، وتُعزّي النفس بشُكر الله على أنها اختيرت لهذا الامتحان بدلاً من والدتها أو أخيها. تُبسّط المرض لتُهوِّنه على آخرين قد يصيبهم: «لا أخجل من مشاركة قصتي. السرطان دوّار، ولا نجاة من احتمال أن يصيب أياً منا. علينا التحكّم بمخاوفنا».

بعض الأشياء يمكن السيطرة عليها، وبعضها خارج سُلطة الإنسان، لا ينفع معه الخوف. ترى أنّ مسائل مثل الكرامة تفوق أهميةً أمراض الجسد، وعلى العقل التصدّي لعجزه وإمكان أن ينطفئ: «الحياة أقوى من الموت، والمرض لا يحدُث إلا حين يصيب الداخل».