تونس: زوجة القروي تخوض ماراثون حملته الانتخابية بالوكالة

تسابق الزمن لدعم المرشح الموقوف بتهمة غسل الأموال

سلوى السماوي زوجة المرشح التونسي المسجون نبيل القروي (رويترز)
سلوى السماوي زوجة المرشح التونسي المسجون نبيل القروي (رويترز)
TT

تونس: زوجة القروي تخوض ماراثون حملته الانتخابية بالوكالة

سلوى السماوي زوجة المرشح التونسي المسجون نبيل القروي (رويترز)
سلوى السماوي زوجة المرشح التونسي المسجون نبيل القروي (رويترز)

تكرر سلوى السماوي، زوجة المرشح إلى الانتخابات الرئاسية نبيل القروي، خلال لقائها مع مجموعة من الشباب في مقهى بتونس، أنها ليست سياسية، وتقول: «أنا هنا لأن رفيق دربي مسجون. أقف معه لأنني أثق فيه».
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية فإن هذه السيدة الخمسينية الممشوقة القامة، هي المديرة الإقليمية لشركة مايكروسوفت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنها حاليا تخصص معظم وقتها لخوض حملة انتخابية عن زوجها الموجود في السجن بتهمة غسل أموال والذي تأهل للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقررة في 13 أكتوبر (تشرين الأول).
وأوقف القروي في 23 أغسطس (آب) الماضي خلال الحملة التي سبقت الدورة الأولى، وكانت سلوى السماوي نجمة حملته أيضا.
ورفض القضاء التونسي أكثر من طلب للإفراج عن القروي. وتقول زوجته إن توقيفه «قرار سياسي».
وأثارت عملية توقيف القروي انتقادات كبيرة من قبل حقوقيين، خصوصا بعد أن حاصرت قوات الأمن سيارته حين كان عائدا من زيارة قام بها في إطار حملاته الخيرية قبيل انطلاق الحملات الترويجية للانتخابات الرئاسية.
ومن جهته، قال الرئيس التونسي المؤقت محمد الناصر يوم السبت الماضي إن عدم تمكن القروي من التواصل مع ناخبيه قبل أسبوع من جولة الإعادة، سيكون له تداعيات خطيرة على مصداقية الانتخابات وعلى صورة تونس أيضا، مؤكدا أنه سيواصل بذل جهود لإيجاد ما وصفه بأنه «حل مشرف» لضمان حق القروي في التواصل مع ناخبيه، معتبرا أن الوضع «غريب».
وفي المقهى الثقافي، تدون سلوى ملاحظات وتتحدث إلى شبان وشابات وتجيب عن أسئلتهم بخصوص برامج الحزب وتستعين في ذلك بأرقام وإحصاءات دقيقة.
وقد وصفها الكثير من مستمعيها بأنها «مثال للمرأة التونسية الشجاعة».
وتؤكد السماوي أنها ليست قيادية ولا تنتمي لحزب «قلب تونس» الذي يرأسه زوجها. وتضيف متوجهة إلى مجموعة الشباب «نبيل القروي لن يخرج من السجن إلا بتصويتكم، بثورة الصناديق».
وتقول بعينين صغيرتين ونظرة ثاقبة في ردّها على أسئلة الشباب منتقدة منافسي زوجها: «لا يريدون شخصا بأفكار جديدة للتغيير، يخافون ذلك».
وتمكنت سلوى السماوي من تحصيل خبرة في التواصل المباشر مع الناس انطلاقا من كونها كانت تدير اجتماعات مع شخصيات دولية في إطار عملها.
ويوضح الخبير في التواصل السياسي كريم بوزويتة لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «يجب أن ندرك أن هناك متابعة وتكوينا مستمرا للموظفين السامين بالشركات العالمية مثل مايكروسوفت. إذ هي معتادة ومتمكنة من طريقة إدارة الخطاب والإقناع».
وأصبحت السماوي في وقت وجيز حديث مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم باستمرار تداول مقاطع فيديو تظهر فيها خلال لقاءات ومقابلات تلفزيونية.
ويرى الباحث في علم الاجتماع محمد الجويلي أن ما قامت به السماوي «ينظر له بصفة إيجابية جدا من جانب العائلة التونسية، من منطلق أن المرأة لا تترك زوجها وحيدا في محنته».
وتتحدر السماوي من عائلة متواضعة من مدينة قفصة حيث كان والدها عاملا بشركة «فسفات قفصة»، مصدر العمل الوحيد تقريبا في المنطقة والتي لا تزال تعاني التهميش منذ عقود.
وقد كان أول اجتماعاتها في مسقط رأسها حيث ألقت كلمة مع انطلاق الحملة الانتخابية للدورة الرئاسية الأولى، وشدّت انتباه سكان المنطقة متحدثة بلكنتهم المتفردة ما زاد في تقربها منهم.
ويقول بوزويتة في مقارنته خطاباتها التي تعتمد سياسة القرب «غيرت تماما من لهجتها في اجتماع قفصة مقارنة بالحوارات التي قامت بها في قنوات تلفزيونية».
وجابت سلوى مناطق عدة خلال القيام بحملة زوجها. لم تواجه حرجا في النزول إلى الحقول والمزارع بمنطقة الشبيكة، حيث لاقت مجموعات من النساء العاملات وسألتهن عن أحوال العائلة وكيف أعدوا أبناءهن للعودة المدرسية. ولا تنسى أن تكرر «أنا هنا عوضا عن نبيل»، بينما تحتسي كأسا من الشاي أعدته العاملات في مكان العمل.
ولم تقتصر حملتها على زيارات ميدانية بل حرصت على تقديم مداخلات في محطات تلفزيونية عربية ودولية عدة، مستعينة بقدرتها على الحديث باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة.
ويوضح بوزويتة «إجاباتها عن أسئلة الصحافيين ذكية وعلى المقاس، لا تتجاوز الدقيقتين من الزمن وتجعل منها رسائل انتخابية للناخبين».
غير أن زوجة القروي تتعرض لانتقادات منذ سنوات قبل أن يفكر زوجها حتى دخول عالم السياسة.
ونشر موقع «نواة» في تونس المتخصص في الصحافة الاستقصائية منذ أيام تقريرا حولها يستند إلى وثيقة مسربة من موقع «ويكيليكس» تحمل تاريخ السادس من سبتمبر (أيلول) 2006 وفيها أن السماوي، وفي إطار عملها مع شركة «مايكروسوفت»، تمكنت من توقيع عقد مع الحكومة التونسية يخوّل لنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن على الاستفادة من خدمات الشركة لمزيد من إحكام الرقابة والسيطرة على الإنترنت ومراقبة المعارضين لنظامه آنذاك.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.