استعدادات لبدء المفاوضات المباشرة في جوبا بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة

«قوى الحرية والتغيير» تشرع في اختيار مرشحيها لولاة الولايات

TT

استعدادات لبدء المفاوضات المباشرة في جوبا بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة

تبدأ في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، المفاوضات المباشرة بين الحكومة الانتقالية السودانية و«الجبهة الثورية» و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو، في وقت طلب فيه مجلس الوزراء من «قوى إعلان الحرية والتغيير» تقديم ترشيحاتها لولاة الولايات.
وأعلن عضو مجلس السيادة الانتقالي السوداني، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تصريحات للصحافيين في الخرطوم، أن الاستعدادات قد اكتملت لبدء المفاوضات مع الحركات المتمردة، في جوبا، الأسبوع المقبل. وأكد «حميدتي»، لدى لقائه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان، نيكولاس هايسوم، في الخرطوم، استعداد السلطة الانتقالية لتوفير كل ما يساعد في إنجاح عملية السلام من خلال تحديد مهام مفوضية السلام ونطاق عملها.
من جهته، أبدى هايسوم تفهمه لمسار عملية السلام الجارية في السودان، والتحديات التي تواجهها، مؤكداً دعم الأمم المتحدة ومساندتها لمفوضية السلام بهدف إنجاح مهامها.
في غضون ذلك، تواصلت المشاورات غير الرسمية في أديس أبابا بين مجلس السيادة والحركات المسلحة المنضوية في تحالف «الجبهة الثورية»، وهي مشاورات يفترض أن تنتهي غداً الأربعاء. ومن المنتظر أن يتوجه وفد من الحكومة الانتقالية نهاية الأسبوع الحالي إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، للتحضير لجدول التفاوض.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاورات غير الرسمية التي تجري في أديس أبابا يقودها عضوا مجلس السيادة محمد الفكي سليمان ومحمد التعايشي اللذان يتحاوران مع قيادات بارزة في «الجبهة الثورية» بشأن مسائل عدة، بينها المنبر التفاوضي، ومساهمة المجتمع الدولي في إحلال السلام بالبلاد. ونص إعلان المبادئ وحسن النوايا الموقع بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في جوبا، الشهر الماضي، على إرجاء تعيين ولاة الولايات والمجلس التشريعي إلى حين الانتهاء من عملية التفاوض لإتاحة الفرصة لمشاركة الحركات في أجهزة السلطة الانتقالية.
في سياق آخر، قال قيادي في لجنة الترشيحات بـ«قوى إعلان الحرية والتغيير»، لــ«الشرق الأوسط»، إنهم طلبوا «من الكتل المكونة لـ(قوى التغيير) تقديم مرشحيها لمناصب ولاة الولايات». وأضاف القيادي، الذي فضّل حجب اسمه، أن «قوى إعلان الحرية والتغيير» ستشرع مباشرة في عملية الترشيحات خلال الأيام المقبلة، وحال اكتمالها ستُرفع الأسماء المرشحة إلى المجلس المركزي لـ«قوى التغيير» لإجازتها والدفع بها إلى رئيس الحكومة.
وأشار إلى «توافق تام» بين قوى «إعلان الحرية والتغيير» على أن يكون الوالي من الولاية المعنية.
وأرجع المصدر ذاته تأخير تعيين وزيري الثروة الحيوانية والبنى التحتية، رغم الدفع بهما إلى رئيس الوزراء، إلى خضوع الأسماء المرشحة للفحص الأمني من قبل السلطات المختصة.
إلى ذلك، دعا حزب «الأمة القومي»، في بيان، رئيس الوزراء، إلى عدم اعتماد أي ترشيحات للوظائف القيادية في الحكومة، إلا بعد إجازتها من المجلس المركزي لـ«قوى التغيير»، وفق معايير الكفاءة وعدالة الفرص، مشدداً على ضرورة ألا تخضع تلك المواقع في المؤسسات والمصالح الحكومية في العهد الجديد للمحاصصات والاستحقاقات الخاصة والتمكين الحزبي.
كما حض حزب «الأمة»، شركاءه في «قوى إعلان الحرية والتغيير»، على ضرورة ضبط التصرفات والتجاوزات الداخلية بـ«الحزم اللازم» حتى لا تؤدي إلى اختراق وحدة صف وإجماع مكونات «قوى إعلان الحرية والتغيير».
من جهة ثانية، وصف تيار «نصرة الشريعة ودولة القانون»، الذي يضم جماعات إسلامية متشددة، اتهامات الشيخ عبد الحي يوسف لوزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي، بـ«الردة»، بأنه «عمل مشكور ومؤيد يؤجر عليه»، ودعا العلماء وأهل العلم إلى الدفاع عبر المنابر عن «ثوابت الدين». واعتبر التيار، في بيان، أن رعاية الوزيرة لدوري كرة القدم للسيدات «يخالف» الشريعة والأخلاق.
كانت الوزيرة البوشي دوّنت بلاغاً جنائياً السبت الماضي في مواجهة إمام مسجد «خاتم المرسلين» بحي جبرة جنوب الخرطوم، عبد الحي يوسف، الذي تم استدعاؤه من قبل النيابة للتحقيق معه. وهاجم يوسف، في خطبة الجمعة، وزيرة الشباب والرياضة، معتبراً أنها تنتمي إلى «الحزب الجمهوري» الذي أعدم زعيمه محمود محمد طه في عام 1985، إبان عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري، بعد فتوى من بعض العلماء بردته. وقال يوسف في خطبته: «هي امرأة جمهورية تتبع ذلك المرتد المقبور... لا تؤمن بما نؤمن به».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.