رهان على تدخل عون لتأجيل خلاف محاصصة الوظائف

TT

رهان على تدخل عون لتأجيل خلاف محاصصة الوظائف

قالت مصادر نيابية لبنانية بارزة إن «الرهان لا يزال معقوداً» على تجاوب رئيس الجمهورية ميشال عون مع الدعوات التي تناشده بأخذ المبادرة وطلب تأجيل دعوة البرلمان لعقد جلسة لمناقشة الرسالة التي وجهها إليه وفيها تفسير المادة 95 من الدستور. وأكدت أن تجاوبه سيدفع حتماً باتجاه تأجيل الجلسة المقررة في 17 الجاري للنظر في مضامين رسالته.
وكشفت المصادر لــ«الشرق الأوسط» أن مكتب المجلس النيابي في اجتماعه الأخير برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري «رأى أمام الظروف السياسية الراهنة المحيطة بالبلد أنه لا بد من التمني على الرئيس عون بتأجيل مناقشة رسالته حول تفسير المادة 95» التي تنص على مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في وظائف الدولة من الفئة الأولى من دون الفئات الوظيفية الأخرى.
وأشارت إلى أن اجتماع هيئة مكتب المجلس شهد مطالبة النائب عن «التيار الوطني الحر» آلان عون بأن يبادر شخصياً إلى التواصل مع رئيس الجمهورية ناقلاً إليه الرغبة بتأجيل طلب مناقشة البرلمان لرسالته الموجهة إليه حول تفسير المادة 95، لكنه أحال الطلب على نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي الذي لم يتردد في تولي هذه المهمة، خصوصاً أنه العضو الأبرز في «تكتل لبنان القوي» برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل.
وأكدت المصادر أن الفرزلي التقى لهذه الغاية رئيس الجمهورية وطرح عليه وجهة نظره «انطلاقاً من أن الأولوية يجب أن تكون محصورة بالالتفات إلى الأزمة الاقتصادية والمالية بغية توفير الحلول لها من دون أن يسقط حقه في طلبه عقد جلسة نيابية لتفسير المادة 95 من الدستور». ولفتت إلى أن عون «أصغى ملياً إلى وجهة نظر الفرزلي، ولم يبد رأيه في تأجيل هذه الجلسة لقطع الطريق من وجهة نظر نائب رئيس البرلمان على إقحام البلد في نقاشات قد تترتب عليها انقسامات هو في غنى عنها الآن».
وقالت إن الفرزلي «شدّد من وجهة نظره على أهمية تضافر الجهود، إن على صعيد الرئاسات الثلاث أو من خلال العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل احتضان المرحلة الدقيقة التي يمر فيها البلد بدلاً من الانجرار إلى مشكلة جديدة على خلفية التباين في داخل البرلمان حول تفسير المادة».
ورأت أن لا مانع من تأجيل النقاش حول هذه المادة «إلى ما بعد تهيئة الظروف السياسية لتجاوز العاصفة التي تضرب بالبلد والتي لا يمكن استيعابها إلا بابتداع الحلول للأزمة الاقتصادية والمالية»، مشيرة إلى أن «هناك ضرورة لتجنيب البرلمان الانجرار إلى انقسام سيؤدي حتماً إلى رفع الجلسة».
ومع أن المصادر النيابية تتريث في تحديد مصير الجلسة النيابية إلى حين تبيان الموقف النهائي لرئيس الجمهورية، فإنها تعتقد أن لا مشكلة في تأجيلها بإجماع الكتل النيابية، وهذا لن يحصل إلا بمبادرة من الرئاسة الأولى، وإلا فإن مجرد انعقادها سيُقحم البرلمان ومن خلاله البلد في حروب سياسية متعددة بسبب التباين حول تفسير المادة ومدى ارتباطها المباشر باتفاق الطائف.
فانقسام البرلمان في حال انعقاد الجلسة سيؤدي إلى فتح نقاش يصعب السيطرة عليه ويدفع باتجاه تجدد الاشتباك السياسي، إنما هذه المرة على خلفية وجود إحساس لدى الأكثرية النيابية بأنها تخشى على مصير «الطائف» في ظل محاولة البعض للالتفاف عليه وصولاً إلى فرض أعراف يُراد منها تعديل الطائف بالممارسة هذه المرة وليس في النص.
وفي ضوء ارتفاع منسوب المخاوف من تحوّل البرلمان مجدداً إلى ساحة للاشتباك السياسي، اعتبرت المصادر النيابية أن هناك ضرورة لترحيل مناقشة المادة 95 إلى حين تسمح الظروف السياسية بإيجاد تفسير لها، رغم أن هناك أكثرية نيابية تعتبر أن الاحتكام إلى الدستور يجب أن يكون الكلمة الفصل لحسم الخلاف حول تعدّد التفسيرات لهذه المادة.
وبكلام آخر، رأت المصادر نفسها أن إخراج محاولة إيجاد تفسير جديد لهذه المادة من المزايدات الشعبوية يقود بلا أي تردد إلى وقوف الغالبية النيابية إلى جانب النص الوارد لهذه المادة في الدستور، خصوصا أن قوى مسيحية في البرلمان لا تشارك الرئيس عون ومن خلاله «التيار الوطني الحر» في إيجاد تفسير آخر، وترى أن معالجة الخلل في القطاع الوظيفي إذا وجد لا يعالج في الإعلام إنما من خلال التواصل، خصوصاً أن اللقاءات المباشرة أدت في السابق إلى تدارك هذا الخلل والإسراع في تصحيحه.
لذلك، فإن تفادي الانقسام يتوقف على القرار النهائي لرئيس الجمهورية، ويبقى السؤال: ما المصلحة من انعقاد الجلسة مع أن ميزان القوى في البرلمان في مكان آخر؟ وهل يصار إلى تجنُّب الانقسام؟ أم أن هناك من ينفخ لعقد الجلسة وهو يعرف سلفاً بأن المداخلات لن تخدم من يحاول التعامل مع حق الرئيس في طلبه بتفسير هذه المادة وكأنه محاولة للالتفاف على «الطائف»، مع أنه يدرك بأن «حزب الله» الحليف لـ«التيار الوطني» لن يتناغم مع أي تفسير يؤدي إلى انزلاق البلد في اشتباك سياسي.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.