خرائط لتحركات المخلوقات الكبيرة والصغيرة في المحيطات

رسمها 58 باحثاً من جامعة «كاوست» ومن عشرات المؤسسات البحثية حول العالم

الحيوانات البحرية الكبيرة تتحرك عبر مياه السواحل والمحيطات بأشكال مختلفة... لكنها ثابتة
الحيوانات البحرية الكبيرة تتحرك عبر مياه السواحل والمحيطات بأشكال مختلفة... لكنها ثابتة
TT

خرائط لتحركات المخلوقات الكبيرة والصغيرة في المحيطات

الحيوانات البحرية الكبيرة تتحرك عبر مياه السواحل والمحيطات بأشكال مختلفة... لكنها ثابتة
الحيوانات البحرية الكبيرة تتحرك عبر مياه السواحل والمحيطات بأشكال مختلفة... لكنها ثابتة

يختلف الحوت والسلحفاة في الحجم والشكل ونمط الحياة، ولكن أنماط حركتهما متشابهة على نحو مدهش، وفق ما تكشف عنه أكبر مجموعة من بيانات الحركة لمجموعة متنوعة من الفقاريات البحرية الكبيرة.
وقد جمع فريق دولي يتكون من 58 باحثاً من 9 دول، و45 مؤسسة بحثية، مجموعة بيانات مأخوذة عن بُعد بواسطة الأقمار الصناعية، لمجموعة متنوعة من الحيوانات البحرية الضخمة، تتضمن أكثر من 2.8 مليون موقع لأكثر من 2600 حيوان متعقَّب منفرداً. وبالنسبة لبعض الأنواع تشمل بيانات مُسجلة منذ وقت بعيد يعود إلى عام 1985.
إن معرفة كيف تتحرك الحيوانات الضخمة خلال البيئات الساحلية والمحيطية سوف تساعد مديري الحياة البحرية على التوصل إلى فهم أفضل لتأثير الأنشطة البشرية على هذه الحيوانات، وتحديد مواطنها من أجل الحفاظ عليها، وفقاً للبروفسور كارلوس دوارتي، أستاذ علوم البحار والمؤلف المشارك في الدراسة من «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)»، وأحد مؤسسي الجهد التعاوني الدولي المسمى «البرنامج التحليلي لحركة الحيوانات البحرية الضخمة».
تضمنت الحيوانات المتعقَّبة 50 نوعاً من الحيوانات البحرية الضخمة التي يَفصِل بينها ملايين السنين من ناحية التطور وتستخدم طرقاً مختلفة للتَنَقُّل؛ فهي إما تطير أو تسبح أو تمشي أو تُجَدِّف.
وراقب الفريق سرعة وحركة أنواعٍ من: السلاحف، والقروش، والدلافين، وسباع البحر، والحيتان، وطيور بحرية، كالبطاريق والنوارس وجَلَم الماء.
مثل تلك المجموعة الهائلة والمتنوعة من البيانات تُمكِّن العلماءَ من استخلاص نتائج لا يمكن استخلاصها من بيانات حركة نوعٍ واحدٍ من الحيوانات. ويوضح دوراتي أن التطور الأهم الذي تقدمه النتائج التي أورِدَت، لا ينبع فقط من إمكانية مقارنة أنواع متعددة من الحيوانات البحرية التي تمتلك طرقاً مختلفة للتَّنَقّل، بل أيضاً من استكشاف التباين بين أفراد النوع الواحد.
ويضيف: «أكد ذلك أن أنماط الحركة الثابتة ثباتاً ملحوظاً، ومرونتها مع موطن المعيشة، تنطبق عند المقارنة بين أنواع مختلفة اختلافاً شاسعاً مثل السلاحف والحيتان، وكذلك عند المقارنة بين أفرادٍ من نوعٍ واحد تعيش في مواطن مختلفة».
كما توصلت الدراسة إلى أن أنماط الحركة تتحدد بدرجة كبيرة وفق الأنواع، ولكنها تتأثر أيضاً بالموطن الذي تتنقل عبره. ويبين البروفسور دوراتي أنه، وفي المحيط المفتوح، تميل الحيوانات إلى التحرك في مسارات أكثر استقامة، وهو ما يعكس الحركة نحو موقع محدد. أما على الساحل فتتحرك على نحو أكثر تقلباً، بما يتفق مع سلوك البحث، وهو ما يعكس أن الحيوان يكون في طور البحث عن طعام يقظاً تجاه الحيوانات المفترسة.
كما يوضح أستاذ علوم البحار من «كاوست»؛ البروفسور مايكل بيرومن - وهو مؤلف آخر مشارك في الدراسة من «كاوست» - كيفية تسخير هذه المعلومات في تحقيق فائدة محتملة فيما يتعلق بحفظ الأنواع، فيقول: «بينما أظهرت حركة الحيوانات في المحيط المفتوح اتساقاً مُدهشاً في أنماط حركتها، فإن الحيوانات في المواطن الساحلية تمتلك مرونة أكبر بكثير، وبالتالي ربما تكون لديها مقدرة أكبر على التكيف مع التعديلات التي يُدخلها البشر على الأنظمة البيئية الساحلية».



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً