شرطة الاحتلال تضع خطة طوارئ لمكافحة العنف في المجتمع العربي

جانب من احتجاج عرب إسرائيل على انتشار العنف في مجتمعاتهم بمجد الكروم أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاج عرب إسرائيل على انتشار العنف في مجتمعاتهم بمجد الكروم أمس (أ.ف.ب)
TT

شرطة الاحتلال تضع خطة طوارئ لمكافحة العنف في المجتمع العربي

جانب من احتجاج عرب إسرائيل على انتشار العنف في مجتمعاتهم بمجد الكروم أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاج عرب إسرائيل على انتشار العنف في مجتمعاتهم بمجد الكروم أمس (أ.ف.ب)

بعد الإضراب العام في البلدات العربية وانضمام شاب آخر إلى قافلة القتلى من ضحايا العنف والجريمة، أعلنت قيادة الشرطة الإسرائيلية عن حالة طوارئ لمكافحة عصابات الإجرام. وأعلن وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، عن «تغيير جوهري في معالجة الظاهرة الخطيرة»، وقال إن الشرطة ستتعامل مع ممارسي العنف في صفوف العرب بإسرائيل (فلسطينيو 48)، كما تتعامل مع تنظيمات الإرهاب. وبعد أن كان أردان قد هاجم القيادات السياسية العربية وحملها المسؤولية عن هذا العنف، زاعماً أنهم «مشغولون بزيارة الأسرى في السجون، وبالقضية الفلسطينية، ويهملون قضايا مجتمعهم»، ورفض في حينه السماح لقادة جهاز الشرطة بلقاء أعضاء الكنيست العرب للتباحث في سبل مكافحة العنف، أعلن في مؤتمر صحافي أمس، أنه وافق على لقاء كهذا سيجري ترتيبه في القريب.
وتبين أن أردان أراد عقد مثل هذا اللقاء، أمس، إلا إن قادة الأحزاب العربية رفضوا لقاءه. وقال النائب منصور عباس، رئيس لجنة مكافحة العنف في «القائمة المشتركة»، إن أردان يحاول تنفيس غضب الشارع. وأضاف أن النواب العرب مستعدون للقائه ولقاء قيادة الشرطة للبحث في خطة تفصيلية مهنية؛ «وسنعمل على ترتيب لقاء كهذا في الأسبوع المقبل»، على حد قوله.
وكانت البلدات العربية في إسرائيل قد شهدت إضراباً عاماً عن العمل والتعليم والحياة التجارية، أمس الخميس، وخرج عشرات الآلاف منهم إلى الشوارع في مسيرات ومظاهرات شعبية رافعين شعارات الاحتجاج على الجريمة وعلى تقاعس الشرطة الإسرائيلية في معالجتها. وفي خضم هذه المظاهرات، توفي أحد جرحى الاعتداء بالرصاص على أفراد عائلة واحدة من بلدة مجد الكروم؛ محمد يونس سبع (26 عاما). وارتفع بذلك عدد القتلى في حادثة واحدة إلى 3؛ اثنان منهم شقيقان، أحمد وخليل سامي مناع (30 و23 عاماً). وبذلك، يكون عدد ضحايا جرائم القتل والعنف الداخلي في المجتمع العربي بإسرائيل 72؛ بينهم 11 امرأة منذ مطلع العام الحالي 2019 حتى اليوم، علما بأن عدد القتلى في سنة 2018 بلغ 76 ضحية عربية؛ بينهم 14 امرأة.
ومع أن العرب في إسرائيل يشكلون نسبة 18 في المائة من السكان، فإن عدد ضحايا جرائم القتل عندهم يصل إلى 60 في المائة من عدد ضحايا القتل عموماً. ومن سنة 2000 حتى اليوم، وصل عدد القتلى إلى 1355 قتيلاً. وفي ثلثي هذه الحوادث، لم تفك الشرطة رموز الجرائم وما زال القتلة أحراراً. وتفيد تقديرات الشرطة بأن هناك أكثر من 100 ألف قطعة سلاح غير مرخصة بين أيدي مواطنين عرب، ومصدر هذه الأسلحة الأساسي هو المسروقات من الجيش الإسرائيلي.
وقد اعترف اللواء جمال حكروش، عضو رئاسة أركان الشرطة الإسرائيلية، الذي عين مؤخراً رئيساً لدائرة مكافحة العنف في المجتمع العربي، بتقصير الشرطة في هذا المجال. وقال أمس: «أنا لا أريد أن أتهرب من المسؤولية. لدينا تقصير كبير. ونتحمل مسؤولية عنه. ولكننا نتجه الآن لمكافحة الجريمة، ولكي يحدث ذلك ينبغي على قيادة جمهورنا العربي أن تعترف مثلنا بمسؤوليتها، وعلينا جميعاً أن نتعاون لوضع حد لهذه الجرائم».
وقال حكروش، الذي يعدّ أول ضابط شرطة مسلم يصل إلى درجة لواء في الشرطة الإسرائيلية، إن «خطة الطوارئ التي أقرت (أمس) لمواجهة العنف في المجتمع العربي، تشتمل على 10 بنود أساسية؛ بينها: تجفيف مصدر الأسلحة، حيث يوجد تعاون مع الجيش الإسرائيلي الآن لمنع سرقة الأسلحة وتشديد العقوبات على الجنود اللصوص وزبائنهم، ومحاربة ظاهرة (الأتاوى) والخاوة في المجتمع العربي، ومحاربة عصابات الإجرام العاملة في البلدات العربية، وزيادة طواقم التحقيق لرفع نسبة فكّ رموز الجرائم، وتخفيض عدد القتلة الذين يتجولون أحراراً».
وقال النائب منصور عباس إن ظاهرة العنف باتت تهدد السلام الداخلي لـ«فلسطينيي 48»؛ «وعلى جميع القوى المجتمعية عندنا أن تتجند لمكافحتها. ولكن إهمال الشرطة الإسرائيلية لم يعد يحتمل. وفي عهد الوزير أردان بالذات هناك قفزة هائلة في عدد الجرائم والضحايا، وهذا دليل فشل كبير؛ عليه أن يدفع ثمنه السياسي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.