أنقرة: جهود المنطقة الآمنة مع واشنطن لا تحقق النتائج المرجوة

شددت التدابير على الحدود لمنع وصول أي نازحين

مدرعات تركية وأميركية بعد الإنتهاء من دوريات مشتركة شمال سوريا بين قوات البلدين (إ.ب.أ)
مدرعات تركية وأميركية بعد الإنتهاء من دوريات مشتركة شمال سوريا بين قوات البلدين (إ.ب.أ)
TT

أنقرة: جهود المنطقة الآمنة مع واشنطن لا تحقق النتائج المرجوة

مدرعات تركية وأميركية بعد الإنتهاء من دوريات مشتركة شمال سوريا بين قوات البلدين (إ.ب.أ)
مدرعات تركية وأميركية بعد الإنتهاء من دوريات مشتركة شمال سوريا بين قوات البلدين (إ.ب.أ)

عبرت أنقرة عن اعتقادها بأن جهودها مع الولايات المتحدة لإقامة منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا لا تحقق النتائج المرجوة، مؤكدة استعدادها لجميع الاحتمالات وفي مقدمتها شن عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في شرق الفرات.
وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس إن بلاده لم تر جدية من جانب الولايات المتحدة.. نعتقد أن هذه العملية الجارية مع الولايات المتحدة لن تأخذنا إلى النقطة التي نريد الوصول إليها. المعلومات الواردة من الميدان تثبت ذلك».
وفي الوقت ذاته، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن جهود إقامة المنطقة الآمنة مع تركيا حال حدوث أي مماطلة، مشددا على استعداد بلاده لجميع الاحتمالات.
واتفقت أنقرة وواشنطن، في أغسطس (آب) الماضي، على إقامة المنطقة الآمنة على الحدود السورية مع التركية والتي ترغب أنقرة في أن تصل إلى عمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية وأن يخرج منها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها» منظمة إرهابية».
وأعلنت تركيا أن بإمكانها توطين ما بين مليونين وثلاثة ملايين لاجئ سوري في المنطقة. لكنها لوحت مرارا بعمل عسكري من جانب واحد إذا لم تصل الجهود مع الولايات المتحدة إلى مستوى توقعاتها أو إذا تعثرت.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الثلاثاء، إن تركيا ليس أمامها خيار سوى العمل منفردة نظرا لعدم إحراز تقدم مع الولايات المتحدة، وذلك بعد يومين فقط من تصريحه بأن البرنامج الزمني لإقامة المنطقة الآمنة مع الولايات المتحدة يسير كما هو محدد له.
ونفذت القوات الأميركية والتركية حتى الآن 6 طلعات جوية مشتركة فوق شمال شرق سوريا ودوريتين بريتين. وحذرت واشنطن تركيا من أن أي عمل أحادي واحد لن يصب في مصلحة أي دولة أو أمنها.
وأكد جاويش أوغلو مجددا تحذير تركيا من أنها مستعدة لشن هجوم. وقال: ”يتعين علينا اتخاذ خطوات لطرد «المنظمات الإرهابية» من على حدودنا وإعادة النازحين إلى هناك“.
في السياق ذاته، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن جهود تأسيس المنطقة الأمنة في سوريا المتواصلة مع الولايات المتحدة ستنتهي في حال حدوث مماطلة.
وأضاف أكار أن تركيا ترى أن إنشاء ممر سلام، ومنطقة آمنة خالية من الأسلحة الثقيلة والإرهابيين على طول الحدود بعمق مابين 30 و40 كيلومتر شرقي الفرات بسوريا، ضرورة.
وأشار، في تصريحات أمس، إلى أن بلاده بدأت مع الولايات المتحدة بتسيير دوريات برية وطلعات جوية في المنطقة، وأن الجانبين يعملان من أجل تأسيس قواعد، وتركيا ستواصل المفاوضات والجهود المشتركة لتأسيس المنطقة الأمنة طالما أنها متناسبة مع أهدافها وغاياتها.. «تنتهي هذه الجهود في حال حدوث مماطلة، ونحن عازمون للغاية بهذا الصدد».
ولفت أكار إلى أن بلاده أجرت استعداداتها حول المنطقة الآمنة، وستقوم بذلك بمفردها إذا لزم الأمر، موضحا أن لديها خططا بديلة بهذا الخصوص.
وقال إن الهدف النهائي للمنطقة الآمنة يتمثل في إنهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا، وتأسيس ممر سلام، وتأمين عودة السوريين في تركيا إلى منازلهم وديارهم.
في سياق متصل، عززت القوات التركية تدابيرها الأمنية على الحدود الفاصلة مع سوريا من جهة محافظة إدلب، في خطوة لمنع تدفق اللاجئين إلى أراضيها، وقامت بتزويد الجدار الأسمنتي الحدودي الفاصل بكتل إسمنتية جديدة وأسلاك شائكة، لمنع تدفق اللاجئين.
وعززت الجدار العازل بطول 21 كيلومترا على طول الحدود مع إدلب، مع إجراءات مراقبة مشددة على طول الجدار.
ويبلغ ارتفاع الجدار مترًا واحدًا بعرض 2.5 متر، ووزن الكتل الإسمنتية الجديدة طنان و300 كيلوجرام للكتلة الواحدة، مع سياج حماية عال ومدعوم بأعمدة بارتفاع مترين، وأسلاك شائكة أعلى السياج.
وبدأت القوات التركية عملية تعزيز الجدار قبل 6 أشهر، ومن المتوقع أن تنتهي خلال الأشهر الأربعة المقبلة، في خطوة لمنع تدفق أي لاجئين محتملين من سوريا إلى الأراضي التركية.
وتشدد السلطات التركية من رقابتها على الحدود التي تشهد عمليات تهريب متكررة من قبل السوريين الباحثين عن الملجأ الآمن وعن فرص للعمل.
وتشهد الحدود السورية التركية عمليات تهريب مستمرة لنازحين فارين من العمليات العسكرية المتواصلة في محافظة إدلب، وزادت المخاوف من زيادة أعداد اللاجئين مع تصاعد العنف، منذ فبراير (شباط) الماضي، على خلفية العملية العسكرية التي شنها النظام السوري بدعم من روسيا.
ويبلغ طول الحدود بين تركيا وسوريا من جهة محافظة إدلب، 130 كيلومترًا، وتعمل أنقرة على تأمين حدودها منذ عام 2015 ببناء جدار عازل على طول تلك الحدود، إلى جانب إجراءات أمنية مشددة من قوات الدرك وكاميرات المراقبة الحرارية المضافة إلى ذلك الجدار.
في الوقت ذاته، أرسلت تركيا 21 شاحنة محملة بالكتل الخرسانية إلى القوات المتمركزة في حدود منطقة عفرين السورية، بولاية هطاي (جنوب)، جرى تصميمها من أجل القوات التركية المتمركزة في حدود عفرين.
من جهة أخرى، شرعت السلطات التركية في أعمال لتجديد الأسلاك الشائكة في الشريط الحدودي مع سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».