عملت الميليشيات الحوثية وعلى مدى أربعة أعوام من انقلابها، على تغذية الصراعات وإشعال نيران الفتنة والاقتتال والتناحر بين القبائل اليمنية وزرع بذور الانقسامات الاجتماعية والمذهبية في الوقت نفسه بين فئات الشعب اليمني.
وسعت الميليشيات الحوثية من وراء تلك السياسة الخبيثة إلى إضعاف القبائل اليمنية وضربها ببعضها من خلال استحضار خلافات قديمة من جهة، وخلق عداوات جديدة بين تلك القبائل من ناحية أخرى.
وعلى مدى سنوات ماضية شهدت مناطق سيطرة الانقلابيين حروبا وصراعات وتناحرات عدة بين قبائل وأسر يمنية راح ضحيتها العشرات من اليمنيين ما بين قتيل وجريح، كان الأخير منها وليس آخرها، وفق ما ذكرته مصادر محلية في إب، الصراع الذي يدور حاليا بين قبيلتين في منطقة العدين بمحافظة إب (وسط اليمن) والذي أشعلت فتيل نيرانه قيادات الميليشيات الحوثية.
وأكدت المصادر المحلية في إب، لـ«الشرق الأوسط»، ارتفاع وتيرة الصراع بين قبيلتين في منطقة «رماضة» بمديرية العدين الواقعة غرب محافظة إب، وسط تغذية قيادات حوثية لهذا الصراع الذي اندلع مطلع الأسبوع الحالي، وما زالت رحاه مستمرة حتى اليوم.
وتحدثت المصادر عن أن الاشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة ما تزال مستمرة بين قبيلتي «بيت الحماتي» و(آل الحذيفي» في إب، وانحياز ميليشيات الحوثي لصف قبيلة الحاتمي على حساب آل الحذيفي.
وبحسب المصادر، فقد أدت الاشتباكات إلى مقتل المواطن طه محمد قاسم الحذيفي بمنطقة رماضة بمديرية العدين بكمين مسلح، في حين تتهم أسرته أسرة الحاتمي بقتله، إلا أن الأخيرة تنفي تلك التهمة.
المصادر المحلية أفادت أيضا لـ«الشرق الأوسط»، بأن قيادات حوثية في إب أفرجت قبل فترة عن سجناء متهمين بالقتل من أسرة بيت الحاتمي وأبقت على سجناء بيت الحذيفي دون الاستجابة لمطالب بيت الحذيفي.
وتطرقت المصادر المحلية في إب إلى أن المواجهات المسلحة خلال الفترة القليلة الماضية بين آل الحذيفي والحاتمي خلفت أكثر من 20 قتيلاً وعشرات الجرحى من الطرفين وتضرراً ودماراً في منازل المواطنين وممتلكاتهم.
من جانبهم، أكد مراقبون محليون أن الميليشيات الحوثية تغذي سلسلة من الصراعات التي أشعلت فتيل نيرانها في البداية، بين قبائل عدة في محافظة إب ومناطق يمنية أخرى خاضعة لسيطرتها وتدعم البعض منها ضد أخرى بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وقال المراقبون إن الميليشيات الطائفية لم تجد أفضل من خطط الاستعمار القائمة على شعار «فرق تسد»، كسياسة خبيثة، في إطار مساعيها لإحكام قبضتها على القبائل والمناطق اليمنية وتطويعها من أجل تنفيذ أجندتها ومشاريعها وأهدافها الطائفية.
وأشار المراقبون إلى أن الميليشيات تسعى من خلال سياسة «فرق تسد» إلى ضرب اليمنيين ببعضهم تحت أسماء عدة مذهبية وسلالية وطائفية ومناطقية.
وحذروا في الوقت ذاته جميع اليمنيين من مغبة الانجرار وراء مخططات الميليشيات الخبيثة الرامية لإشعال فتيل الاقتتال والتناحر بين أبناء الوطن الواحد.
وبدورهم، اعتبر مواطنون يمنيون أن ميليشيات الحوثي استخدمت قاعدة «فرق تسد» بامتياز واستطاعت من خلالها أن تتغلغل داخل جميع القوى السياسية والقبلية والاجتماعية بعناصرها التي تعمل على إنعاش التفرقة والشتات والتناحر والاقتتال بين جميع اليمنيين.
وأكدت عينة من المواطنين من صنعاء وعمران، التقت بهم «الشرق الأوسط»، أن المستفيد الوحيد من تلك الصراعات هي الميليشيات الحوثية ومشروعها السلالي الطائفي الذي تسعى جاهدة وبكل السبل لتحقيقه في اليمن.
وبالعودة إلى مخططات الميليشيات الحوثية السابقة والرامية لزرع الفتنة والتناحر في صفوف اليمنيين، شهدت مناطق يمنية عدة واقعة تحت قبضة الميليشيات وعلى مدى أربع سنوات من الانقلاب معارك طاحنة بين أسر وقبائل يمنية، أشعلت الميليشيات الانقلابية أولى شراراتها.
وفي مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء، وسط اليمن، كانت مسرحا لأحدث شرارات تلك السياسة الخبيثة للحوثيين. إذ اندلعت في منتصف يوليو (تموز) الماضي، اشتباكات عنيفة بين قبيلة «عباس» وقبيلة «ريام» الموالية للميليشيات الحوثية، سقط على إثرها 11 قتيلا و15 جريحا وفق إحصائيات نشرتها مصادر محلية.
وبحسب تأكيدات المصادر قبلية، فإن سبب الاشتباكات يعود لخلاف قديم بين القبيلتين لكنه عاد وتجدد حاليا بعد اعتداءات متكررة يقوم بها بعض أبناء قبيلة «ريام» الموالية للميليشيات وبدعم ومساندة مباشرة من قبل بعض القادة الحوثيين.
وفي إطار تلك المساعي الحوثية الخبيثة، تعيش محافظة عمران هي الأخرى أحداثا مشابهة منذ شهور عدة، من بينها المواجهات المسلحة التي اندلعت قبل أشهر بين قبيلتي «العصيمات»، و«حرف سفيان» والتي كان قادة حوثيون سببا في إشعال فتيل الحرب بينهما.
ووفق مصادر قبلية، فإن ميليشيا الحوثي عملت على استغلال خلافات قديمة بين القبيلتين تعود لعشرات السنين، على أحد الأودية الذي تدعي كل قبيلة امتلاكها له، من أجل تأجيج الفتنة وإشعال نيران الاقتتال.
وطبقا للمصادر فإن الميليشيات عملت منذ اجتياحها المسلح للمحافظة منتصف 2014، على إثارة هذا الخلاف بين الحين والآخر، ثم ما تلبث أن تتقمص دور المصلح وتقوم باستدعاء المشايخ وأخذهم رهائن لديها.
وتؤكد المصادر أن الجماعة الحوثية استطاعت وعبر تغذية الصراعات والتناحر، جعل كثير من شيوخ وزعماء القبائل والمناطق اليمنية الخاضعة لقبضتها يتهافتون على الارتماء في أحضانها لتعزيز مكانتهم ونفوذهم القبلي والاستقواء بها على الآخرين، في حين تقوم ميليشيات الحوثي بالضغط عليهم في عمليات الحشد لحربها على اليمنيين وتعزيز جبهاتها المنهارة بمقاتلين ودماء جديدة.
صراعات قبلية يؤججها الحوثيون خدمة لأجندة الجماعة
صراعات قبلية يؤججها الحوثيون خدمة لأجندة الجماعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة