الجدل يتجدد حول «تجريم الإجهاض» في المغرب

بعد إدانة صحافية بسببه

صحافيون على مدخل المحكمة التي أدانت الصحافية هاجر الريسوني بتهمة الإجهاض في الرباط يوم الاثنين (أ.ف.ب)
صحافيون على مدخل المحكمة التي أدانت الصحافية هاجر الريسوني بتهمة الإجهاض في الرباط يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الجدل يتجدد حول «تجريم الإجهاض» في المغرب

صحافيون على مدخل المحكمة التي أدانت الصحافية هاجر الريسوني بتهمة الإجهاض في الرباط يوم الاثنين (أ.ف.ب)
صحافيون على مدخل المحكمة التي أدانت الصحافية هاجر الريسوني بتهمة الإجهاض في الرباط يوم الاثنين (أ.ف.ب)

عاد مطلب إلغاء قانون تجريم الإجهاض في المغرب إلى الواجهة مجدداً، بعدما أدانت المحكمة الابتدائية بالرباط الصحافية هاجر الريسوني بالسجن النافذ مدة سنة، بالتهمة التي ظلت تتمسك بنفي ارتكابها، حيث تعالت الأصوات في وسائل التواصل الاجتماعي مطالبةً بإلغاء القانون الذي يرى بعض المغاربة أنه أضحى «متجاوزاً».
وبدأت تلوح في الأفق بوادر معركة حامية الوطيس تحت قبة البرلمان بين المعسكرين المختلفين حول الموضوع، في إعادة لمشهد الانقسام الذي عرفته الساحة السياسية سنة 2015 حول الإجهاض، بين إسلاميي «العدالة والتنمية» والهيئات القريبة منهم الرافضين لتحريره من جهة، و«التيار الحداثي» بمختلف مكوناته الذي يصر على رفع تجريم الإجهاض بشكل نهائي من جهة أخرى، ما استدعى تدخل المؤسسة الملكية لحسم الخلاف.
وأمر العاهل المغربي الملك محمد السادس في مارس (آذار) 2015، بتشكيل لجنة ضمت وزير العدل والحريات آنذاك مصطفى الرميد، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، بالإضافة إلى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان آنذاك إدريس اليزمي، بالانكباب على درس موضوع الإجهاض، بالتنسيق والتعاون مع المجلس العلمي الأعلى. واشتغلت اللجنة لمدة شهرين وخلصت إلى السماح بالإجهاض في حالات ثلاث هي: «عندما يشكّل الحمل خطراً على حياة الأم أو على صحتها، والحمل الناتج عن اغتصاب أو زنى المحارم، وفي حال التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين».
وصادقت الحكومة السابقة برئاسة عبد الإله ابن كيران، في مايو (أيار) 2016، على مشروع قانون حول تقنين ظاهرة الإجهاض بالمغرب، وأحالته إلى البرلمان، وما زال ينتظر المناقشة في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب وإدخال التعديلات عليه، تمهيداً لعرضه للتصويت أمام البرلمان قبل اعتماده النهائي.
وقال النائب عبد اللطيف وهبي، المنتمي لحزب «الأصالة والمعاصرة» (المعارض) إن فريق حزبه بمجلس النواب لديه تعديل سيطالب بإدخاله على قانون الإجهاض. وأضاف: «لدينا تعديل في القانون لإلغاء جريمة الإجهاض من القانون». وأكد وهبي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن الوضع الذي يعيشه المغرب اليوم «يفرض أن نلغي قانون تجريم الإجهاض»، معتبراً أن الحكم الصادر في حق الصحافية هاجر الريسوني «غير مقبول».
رأي القيادي في حزب «الأصالة والمعاصرة»، يختلف معه بشكل جذري، عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» متزعم التحالف الحكومي بالبلاد، الذي يرى أن قضية الصحافية الريسوني لا علاقة لها بالإجهاض وما يثار حوله في الآونة الأخيرة، مؤكداً أنها «تعرضت لاعتداء سافر ومؤلم يستوجب الإنصاف». وشدد أفتاتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا يمكن أن نسمح بمزيد من استغلال الفتيات المستضعفات اللائي ينتمين إلى الفئات الهشة والمهمشة في المجتمع المغربي»، مشيراً إلى أن هذه الفئة هي التي ستؤدي «ثمن رفع تجريم الإجهاض وسيزيد استغلالهن أكثر وأكثر».
وزاد أفتاتي بنبرة لا تخلو من التحدي: «المشكل ليس فقط في القانون، بل مرتبط بالقانون والثقافة والأوضاع الاجتماعية، وعلى المطالبين بإلغاء تجريم الإجهاض أن يذهبوا لإقناع المغاربة البسطاء به، وإذا غيّر المجتمع قناعاته وبنيته نتبعه».
وأفاد أفتاتي بأن حزب «العدالة والتنمية» لا يمكنه أن «يشرعن لاستغلال المستضعفين. نحن لم نأتِ من المريخ، ونعرف ماذا يعتمل في المجتمع، ونعرف الطبقات المستغِلة والطبقات المستغَلة». وأبرز أن حزبه جاء لمواجهة «المترَفين لا ليسهّل لهم استغلال المستضعفين من الفئات الهشة».
من جهته، يرى المحلل السياسي المغربي محمد شقير، أن الحكم الصادر في حق الصحافية الريسوني أعاد تكريس الجدل حول الإجهاض وأكد أن هناك مطالب بضرورة إعادة النظر في القانون المؤطِّر له. وأوضح شقير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن سياق الدفاع عن حرية المرأة بالمغرب عاش مراحل مختلفة، مبرزاً أن المرحلة الراهنة «تجعلنا أمام محطة يمكن أن يتم فيها البحث عن قانون جديد». وأفاد شقير بأن المغرب يعيش «مخاضاً سياسياً وفكرياً وثقافياً حول مسألة الإجهاض يمكن أن تكون له تبعات في المستقبل القريب من خلال عرض قانونه في البرلمان للمناقشة والجدل الدائر حوله والنتائج التي يمكن أن تترتب عليه»، موضحاً أن التوافق بين القوى السياسية بشأنه «من الصعب جداً أن يحصل، لأن هذه القضايا غالباً ما يتم تسييسها».
وزاد: «هناك وضع داخل المغرب يحتّم الحسم في هذه المسألة، لأن مسألة التطور الذي عرفته التركيبة الاجتماعية وتأخر سن الزواج عند المرأة يؤكد بالفعل أن القضية مطروحة على صانع القرار السياسي الذي من الضروري أن يحسمها من الناحية القانونية والاجتماعية»، لافتاً إلى أن «الجدل سيبقى مستمراً والقضية مطروحة بإلحاح ويتطلب الحسم فيها»، حسب رأيه.
أما الدكتور شفيق الشرايبي، رئيس جمعية «محاربة الإجهاض السري» فيقول: «شخصياً أرى أن الحكم الذي صدر في حق الصحافية والطبيب ومساعديه قاسٍ جداً. كما أنني لاحظت في الفترة الأخيرة تعامل السلطات بشيء من الصرامة غير المعهودة مع حالات الإجهاض، إذ بلغ عدد المتابَعين قضائياً بسبب ممارسة الإجهاض خلال السنة الماضية 73 شخصاً بينهم أطباء ومرضى». وحول مشروع القانون الموضوع لدى البرلمان يقول الشرايبي: «لو طُبق هذا القانون في المفهوم الضيّق للحالات التي حددها فإنه سيحل ما بين 10 و15% من حالات الإجهاض. لكن في رأيي يمكن أن تجد هذه المشكلة حلاً في القانون الجنائي المغربي الحالي الذي ينص في الفصل 453 منه على السماح بالإجهاض عندما تكون صحة الأم في خطر، وذلك شريطة أخذ مفهوم الصحة بمعناه الواسع الذي حددته المنظمة العالمية للصحة، والذي يشمل الصحة العقلية والبدنية والاجتماعية للمرأة».
من جانبه، أكد عبد الرزاق بوغنبور، رئيس «العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان»، أهمية تقنين الحق في الإجهاض، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تجريم الإجهاض وتجريم الممارسين له ولو كانوا أطباء مختصين لن يؤدي إلا إلى ارتفاع حالات الإجهاض السري بكل مخاطره، ناهيك بارتفاع عدد الرضع والأطفال المتخلَّى عنهم، حيث يشير بعض الإحصائيات إلى أن نحو 30 رضيعاً يتم التخلي عنهم يومياً. وأضاف بوغنبور أن «النساء يلجأن في حالة حمل غير مرغوب فيه إلى الإجهاض السري الذي يحصد أرواح عدد مهم منهن، حيث تشير الإحصائيات المقدَّمة من طرف الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري إلى أن العدد يتراوح بين 800 و1000 حالة يومياً مما يسهم بنسبة 4.2% في وفيات الأمهات، الأمر الذي يجعل تجريم الإجهاض وما يترتب عليه من مضاعفات إشكالاً صحياً كبيراً لدى النساء».
ودعا بوغنبور إلى فتح نقاش جديد حول هذه الظاهرة على مستويات عدة، مشيراً إلى ضرورة سد الفراغ القانوني، وإخضاع ممارسة الإجهاض للتأطير الطبي تحت سلطة القانون. وقال: «في غياب القانون يسود الإجهاض السري خارج مراقبة الطبيب المختص مع كل ما يمثله ذلك من مخاطر». كما دعا بوغنبور أيضاً إلى بحث الجوانب الأخرى المتعلقة بالأوضاع الاجتماعية للنساء عموماً والفتيات على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن تحسين ظروف وجودة تعليم الفتيات وسكنهن من شأنه أن يسهم في الحد من ممارسة الإجهاض خارج الإشراف الطبي.
على صعيد آخر، قررت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في مدينة فاس (وسط المغرب)، أمس، رفض البت في الدفوع الشكلية التي قدمها دفاع عبد العلي حامي الدين، القيادي في حزب «العدالة والتنمية»، متزعم التحالف الحكومي، الذي يواجه تهمة المساهمة في القتل العمد للطالب اليساري محمد آيت الجيد بنعيسى في تسعينات القرن الماضي. وأعلن رئيس المحكمة القرار بعد أسبوع من دخول القضية مرحلة التداول بشأن الدفوع الشكلية التي طالبت فيها هيئة دفاع حامي الدين ببطلان الدعوى العمومية لقاضي التحقيق، وأكد ضم هذه الدفوع إلى جوهر الملف، في رسالة مخيّبة للمتهم ودفاعه.
وحددت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في مدينة فاس 3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، موعداً لبدء النظر في مضمون الملف، الذي عدّ دفاع حامي الدين إعادة فتحه «خطوة سياسية وسابقة تمس استقلالية السلطة القضائية بالبلاد».
ويأتي القرار بعد إصدار غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في فاس، قبل أسبوعين، حكماً بالسجن النافذ بحق 4 أعضاء من «العدالة والتنمية» على خلفية قضية مقتل آيت الجيد، في تسعينات القرن الماضي، إثر مواجهات دامية بين طلبة يساريين وإسلاميين بجامعة «سيدي محمد بن عبد الله» في فاس.
وقضت المحكمة بالسجن 3 سنوات بحق كل من توفيق كادي وعبد الواحد كريول، و3 أشهر بحق كلٍّ من عجيل عبد الكبير وقاسم عبد الكبير، بعدما كانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت حكماً بالبراءة، قبل أن تتم إعادة فتح الملف.
وسبق لهيئة الإنصاف والمصالحة أن أقرت بتعويض مالي لفائدة حامي الدين بعد أن ثبت لها تعرضه لاعتقال تعسفي من المستشفى الذي كان يرقد فيه بفاس بسبب إصابته بجروح في الرأس خلال الأحداث التي أدت إلى مقتل آيت الجيد.
وتعود وقائع القضية إلى سنة 1993 حينما تعرض الطالب اليساري للقتل قرب كلية العلوم القانونية والاقتصادية بفاس، إبان الصراع الآيديولوجي الدامي الذي كانت تعرفه الجامعة المغربية بين الحركات اليسارية والإسلامية.
وأُدين حامي الدين بالمشاركة في المشاجرة التي أدت إلى مقتل آيت الجيد، رغم أن حامي الدين ينفي ذلك، ويرى نفسه «ضحية». ووُجِّهت تهمة المشاركة في القتل إلى طالب من «جماعة العدل والإحسان» الإسلامية شبه المحظورة، يدعى عمر محب، اعتُقل عام 2006 وحُكم عليه بـ10 سنوات سجناً نافذاً، فيما تقول جماعته إنه «بريء ومحاكمته سياسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».