مصر تعيد «دعم التموين» لنحو مليوني مواطن

TT

مصر تعيد «دعم التموين» لنحو مليوني مواطن

تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، أمس، عودة البطاقات التموينية لمليون و800 ألف مواطن، مع استمرار مكاتب التموين في تلقي التظلمات من المواطنين، الذين تم استبعادهم من بطاقات صرف السلع التموينية المدعمة، حتى نهاية الشهر الحالي. وتقول الوزارة إن قرارها السابق لإصلاح نظام بطاقات التموين، البالغة تكلفته 86 مليار جنيه سنوياً، لم يمس الخبز، الذي يعد أهم سلعة غذائية في مصر.
ويأتي الإعلان بعد يومين من نشر الرئيس السيسي تغريدة على حسابه الرسمي على «تويتر» طمأن فيها «المحذوفين» من بطاقات التموين، وقال: «في إطار متابعتي لكل الإجراءات الخاصة بدعم محدودي الدخل فإنني أتفهم موقف المواطنين الذين تأثروا سلباً ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية وحذف بعض المستحقين منها، وأقول لهم اطمئنوا لأنني أتابع بنفسي هذه الإجراءات، وأؤكد لكم أن الحكومة ملتزمة تماماً باتخاذ ما يلزم للحفاظ على حقوق المواطنين البسطاء، في إطار الحرص على تحقيق مصلحة المواطن والدولة».
من جانبه، أكد أحمد كمال، المتحدث باسم وزارة التموين، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم يتم تعديل ضوابط وشروط تنقية البطاقات التموينية، لكن ما حدث هو تغيير طرق التظلم فقط»، موضحاً أن «باب التظلم مفتوح الآن حتى نهاية الشهر الحالي، في مكاتب التموين بالمحافظات، بدلاً من التظلم الإلكتروني حتى يتمكن المتظلم من تقديم الأوراق اللازمة لدعم تظلمه».
وأضاف أن «الوزارة ستتولى فحص التظلم خلال 15 يوماً، بدلاً من 21 يوماً كما كان يحدث سابقاً، ولن يتم إيقاف صرف السلع التموينية حتى يتم البتّ في التظلم».
وأثار حذف عدد من المواطنين من بطاقات التموين الجدل في مصر خلال الشهور الماضية، ما دفع كثيرين للتقدم بتظلمات استجابت الوزارة لعدد كبير منها، وكان يتم إيقاف صرف السلع التموينية قبل البتّ في تظلمه الذي كان يقدم إلكترونياً.
وقال كمال إن «صرف السلع التموينية كان يتوقف فوراً، لكن لم يتم إيقاف صرف الخبز المدعم لمن تم استبعادهم»، مطالباً «كل من لديه تظلم من سبب استبعاده من بطاقات التموين بتقديم التظلم مدعماً بالمستندات اللازمة».
وأكد وزير التموين أن «جميع المديريات ومكاتب التموين ستعمل على تيسير إجراءات التظلم، وستتم إعادة أي شخص تثبت صحة تظلمه»، موجهاً «باستمرار تنفيذ القرار الوزاري الاستثنائي الخاص باستخراج بطاقات تموينية جديدة لمن ليست له بطاقات من الفئات الأولى بالرعاية والأسر الأكثر احتياجاً، مثل أصحاب الدخل أو المعاش المنخفض والأرامل والمطلقات وأصحاب الأمراض المزمنة ومستفيدي (تكافل وكرامة) و(المعاش الاجتماعي)، وضم الزوجة غير المقيدة على بطاقة تموين الأسرة إلى بطاقة تموين الزوج، في إطار التوسع في منظومة الحماية الاجتماعية لهذه الفئات».
ووضعت وزارة التموين ضوابط ومحددات لتنقية البطاقات التموينية، تم تنفيذها على 4 مراحل منذ بداية العام الحالي. في المرحلة الأولى تم تنقية البطاقات ممن لديهم سيارات فارهة، أو يتجاوز استهلاك الكهرباء لديهم 1000 كيلووات، أو يدفع رسوماً دراسية للطفل الواحد تصل إلى 30 ألف جنيه، وفي المرحلة الثانية تم حذف من يتجاوز استهلاك الكهرباء 650 كيلووات، أو تبلغ فاتورة هاتفه المحمول 800 جنيه فأكثر، إضافة إلى أصحاب الوظائف العليا، مشيراً إلى أن «المحددات شملت في المرحلة الحالية حذف أعضاء مجلس النواب، وأصحاب الحيازات الزراعية التي تتجاوز 10 أفدنة، ومن يملك سيارتين موديل 2011 وما بعدها، أو سيارة موديل 2015 وما بعدها».
ووفقاً لآليات التظلمات التي وضعتها الوزارة، فعلى المواطن أن يقدم المستندات اللازمة التي تنفي عنه المحدد. الذي تم بسببه حذفه من بطاقة التموين، كمستندات ملكية السيارة، أو فواتير الكهرباء والهاتف، أو مفردات مرتبه، أو إيصالات الرسوم الدراسية.
ويقدم نظام البطاقات دعماً على السلع التموينية لأكثر من 60 مليون شخص، من بين إجمالي عدد السكان البالغ نحو 100 مليون.
بدوره، قال علي عبد العال رئيس مجلس النواب المصري، أمس، خلال جلسة بالبرلمان: «إن إجراءات الحماية الاجتماعية تم تنفيذها خلال الفترة الانتقالية، وحدث خلل في بطاقات التموين، وتم تداركه من قبل رئيس الجمهورية»، مؤكداً أن الحكومة تسير على قدم واحدة، وأن المحليات غائبة، رغم أنها «مصنع الديمقراطية» و«البوتقة» لحل مشكلات المجتمع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.