بدء العام الدراسي الجديد في العراق وسط استمرار أزمة حقيبة «التربية»

الخلافات السياسية عرقلت تمرير 4 مرشحات

TT

بدء العام الدراسي الجديد في العراق وسط استمرار أزمة حقيبة «التربية»

بدأ أمس العام الدراسي الجديد في العراق للمدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية. ملايين جديدة من الطلبة انخرطوا في مقاعد الدراسة في عموم العراق دون أفق واضح ينتظرهم. فالاقتصاد الريعي الذي يعتمد عليه العراق عبر مبيعات النفط فقط لا يتيح توفير فرص عمل، بينما تحولت الدولة إلى جهاز وظيفي ضخم ومترهل بسبب وجود أكثر من 6 ملايين موظف ومتقاعد ومتعاقد لبلد لا يزيد عدد سكانه على 38 مليون نسمة بينما لا يزيد عدد الموظفين الفيدراليين في الولايات المتحدة على 3 ملايين لبلد عدد سكانه أكثر من 350 مليون نسمة.
لم يطلق وزير التربية الغائب حتى الآن بسبب التجاذبات والخلافات السياسية الجرس إيذاناً ببدء العام الدراسي. لكن الطلبة دخلوا مدارسهم بانتظار فرج مجهول في وقت شتت قبل أيام قوات الشغب اعتصاماً مفتوحاً منذ أكثر من 100 يوم نفذه أصحاب الشهادات العليا من حملة الماجستير والدكتوراه أمام مبنى مجلس الوزراء احتجاجاً على عدم تنفيذ الحكومة مطالبهم، التي تتلخص بتوفير فرص عمل لهم. حتى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي حين سألته «الشرق الأوسط» خلال لقائه عدداً محدوداً من الصحافيين أول من أمس بشأن بقاء حقيبة التربية شاغرة في حكومته، علماً بأن والده (عبد المهدي المنتفكي) كان أحد وزراء التربية (المعارف) في العهد الملكي، ارتسمت ابتسامة على وجهه ليكتفي بالعبارة التالية: «السياسيون كالتجار يتنافسون فيما بينهم» التي ربما عدّها كافية للإجابة عن هذا السؤال الذي لم يتمكن أحد من الإجابة عنه طوال عام كامل مضى من عمر الحكومة الحالية.
لكن النائب عن تحالف «سائرون» برهان المعموري يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الملف قارب على الانتهاء». وأضاف المعموري إن «اتفاقاً حصل مؤخراً يقضي بطرح اسم من لجنة التربية البرلمانية بناءً على طلب رئيس الحكومة لغرض الاستئناس برأيهم، فضلاً عن المرشحين الآخرين»، مشيراً إلى أن «البرلمان مصرّ على حسم هذا الملف بأسرع وقت».
ورداً على سؤال حول أسباب التأخير، يقول المعموري، إن «قناعة مجلس النواب لم تحصل بشأن من جرى تقديمهم للترشيح لهذا المنصب المهم لأسباب مختلفة، حيث إن وجود مؤشرات عليهم حالت دون أن يوفقوا في تصويت المجلس عليهم يضاف إلى ذلك التقاطعات السياسية المعروفة بين الكتل البرلمانية».
يذكر أن أربع مرشحات لحقيبة التربية من محافظة نينوى فشلن في الحصول على ثقة البرلمان لأسباب مختلفة. ففي حين تم سحب الثقة عن المرشحة الأولى للتربية الدكتورة شيماء الحيالي التي نالت ثقة البرلمان نتيجة لتسريب فيديو يظهر أحد أشقائها قيادياً في تنظيم «داعش»، فإن المرشحات الثلاث المتبقيات لم يتمكنّ من نيل الثقة أو حتى طرح أسمائهن لأسباب مختلفة، منها السيرة الذاتية أو الصراعات داخل الكتل السنية؛ كون التربية هي من حصة العرب السنة.
من جهته، فإن لعضو لجنة التخطيط الاستراتيجي في البرلمان آراس حبيب كريم رؤية أخرى في هذا الملف الذي لم تتمكن المشكلات السياسية في البلاد من حسمه رغم أهمية حقيبة التربية على حاضر ومستقبل البلاد. يقول حبيب، إن «انخراط ملايين جديدة من الطلبة في مختلف المراحل الدراسية يعني إضافة ملايين الطاقات العلمية لهذا البلد الذي يحتاج منا إلى الكثير للنهوض بواقعه»، مشيراً إلى أنه «في الوقت الذي علينا حسم الوزارة الغائبة والتي تمثل أهمية كبيرة في متابعة ملف التربية الأكثر أهمية بين باقي الملفات في البلد، فإن علينا التفكير في كيفية إيجاد فرص عمل لمخرجات التربية والتعليم ليس عبر الوظيفة العمومية التي اختنقت تماماً، بل عبر الاستثمار والتنمية، وهو ما نعمل عليه بكل قوة في لجنة التخطيط الاستراتيجي داخل البرلمان».
إلى ذلك، عد رئيس تيار الحكمة المعارض عمار الحكيم في بيان له أمس، أن «البهجة والفرحة بلهفة الموج الطلابي الأبيض لا ينغصّها إلا بقاء منصب وزير التربية شاغراً نتيجة مناكفات سياسية ضيقة، وأيضاً هواجس ألا يكون العام الدراسي الحالي عرضة لانتكاسة كبيرة في مستوى النجاح كما حصل في الموسم المنصرم». ودعا الحكيم «السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى تبني استراتيجية وطنية شاملة في مجال التعليم تأخذ بنظر الاعتبار التجارب المتقدمة وتعالج الإخفاقات المتكررة على صعد المناهج والابنية المدرسية ومتطلبات جيل ناهض وواعد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».