«الخبز والوقود»... إرث صعب للحكومة السودانية الوليدة

ضعف الرقابة متهم رئيسي... والأمر لا يخلو من «نظرية مؤامرة»

ورثت الحكومة السودانية الجديدة أزمات اقتصادية صعبة على رأسها توفير الخبز والوقود (رويترز)
ورثت الحكومة السودانية الجديدة أزمات اقتصادية صعبة على رأسها توفير الخبز والوقود (رويترز)
TT

«الخبز والوقود»... إرث صعب للحكومة السودانية الوليدة

ورثت الحكومة السودانية الجديدة أزمات اقتصادية صعبة على رأسها توفير الخبز والوقود (رويترز)
ورثت الحكومة السودانية الجديدة أزمات اقتصادية صعبة على رأسها توفير الخبز والوقود (رويترز)

رغم البرامج وخطط الإصلاح الاقتصادي في السودان التي أعلنتها حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، خلال أول أسبوعين بعد توليها مهامها، بداية الشهر الحالي، فإن الأزمات القديمة للخبز والوقود ما زالت تلاحق الحكومة الجديدة. وباتت صفوف الخبز والوقود منظراً مألوفاً في شوارع العاصمة الخرطوم منذ قرابة العام، وهو المظهر المستمر حتى الآن.
وخصص مجلس الوزراء السوداني حيزاً كبيراً من الوقت في اجتماعه الدوري، نهاية الأسبوع الماضي، بالخرطوم، لبحث أزمات الخبز والوقود، إضافة إلى المواصلات التي تم تأمينها مبكراً.
ووجه مجلس الوزراء، على لسان الأمين العام للمجلس، في تصريحات صحافية، الجهات المختصة، بمعالجة الاختلالات الحاصلة في التوزيع والرقابة، ومحاصرة التهريب لسلعتي الخبز والوقود الأساسيتين.
ووفقاً لأصحاب مخابز في الخرطوم، فقد تعرضت بعضها لحملات تفتيش واسعة خلال اليومين الماضيين، للتأكد من الالتزام بوزن الرغيف المحدد بـ70 غراماً، وتم اعتقال عدد من العاملين المخالفين بالقطاع، حيث تسود عشوائية كبيرة في أوزان ونوعيات الرغيف.
وقال اتحاد المخابز في بيان مؤخراً إن الغرض من حملات التفتيش إثارة حفيظة قواعد الاتحاد عبر القوانين القديمة التي كانت سائدة إبان فترة النظام السابق، وتم القضاء عليها، مؤكداً أن عمليات انسياب دقيق الخبز المدعوم من الدولة للمطاحن والمخابز تمضي بصورة طيبة، لافتاً إلى أن استهلاك ولاية الخرطوم من دقيق الخبز يتراوح بين 40 إلى 45 ألف جوال يومياً.
وفيما يعتقد عاملون في صناعة الخبز والوقود أن هناك أياديَ خفيةً من النظام السابق تقف وراء افتعال الأزمات، وأن هناك خللاً إداريّاً ورقابياً في توزيع السلعتين، أكدت جولة لـ«الشرق الأوسط» على مخابز ومحطات وقود في عدد من الأحياء بالخرطوم، تراصّ صفوف من العربات أمام المحطات، وطوابير مواطنين أمام المخابز.
وكشفت الجولة أن هناك نقصاً كبيراً في الدقيق الذي يُوزّع للمخابز، المقدَّر بنحو 100 ألف جوال دقيق مدعوم في اليوم، كما أن هناك نقصاً في غاز المخابز المدعوم أيضاً، ولا تكفي حصة المخبز لتغطية طاقته الإنتاجية اليومية.
وقال بدر الدين أحمد الجلال، مستشار اتحاد المخابز وأمينه العام الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك نقصاً في الدقيق حالياً، ومشكلات في نقل القمح من ميناء بورتسودان إلى بقية أنحاء السودان، وذلك رغم توافر كميات كبيرة منه في الميناء، كذلك هناك نقص في غاز المخابز، الذي أصبح يُستورد من الخارج بعد توقف محطة الجيلي عن الإمداد لأغراض الصيانة، ويورد للشركات والمخابز بسعر أعلى من السعر المعروف.
وأضاف الجلال أن الشركات المنوط بها نقل الدقيق إلى المخابز لا تأتي في المواعيد المناسب، وتخل دائماً بالعقود دون رقيب وحسيب، ما يشير إلى خلل إداري وفني في الجهات المعنية بالحكومة. واستشهد بحالات اعتقالات تمت خلال الأيام الماضية لأصحاب مخابز في حملات تفتيش للتأكد من أوزان الخبز، التي تتفاوت بين مخبز وآخر، لكنها تُباع جميعها بسعر جنيه واحد لقطعة الخبز الواحدة.
وبين الجلال أنهم تقدموا بشكاوى للسلطات في ولايات الخرطوم، بعد أن رفض أصحاب المخابز حملات التفتيش والاعتقالات، إلا أنهم فوجئوا بعدم صدور القرار من جهة رسمية، حيث أصدرته مجموعة من الموظفين بهيئة المواصفات والمقاييس وحماية المستهلك وولاية الخرطوم.
وحول جهودهم لمعالجة قضايا أزمات الخبز التي ظلّت تلاحق الحكومة قبل قيامها، ومنها على سبيل المثال رفع يد الدولة عن الخبز وتحرير سعر الدقيق، قال الجلال إن «الحكومة لم تدعنا بعد لمناقشة هذا الأمر، لكن لدينا موعد اجتماع مع وزارة الصناعة الأسبوع الحالي، لمناقشة تكلفة ومشاكل صناعة الخبز في البلاد». ويطالب اتحادي أصحاب المطاحن والمخابز، برفع يد الدولة عن تجارة الدقيق وتحرير سعره، باعتباره الحل الجذري والأمثل لمشكلة الخبز التي عانى منها المواطن السوداني طيلة الأعوام الماضية، وما زالت تتواصل.
وتقدِّم الحكومة السودانية دعماً بمبلغ 680 جنيهاً لكل جوال دقيق يُسلَّم للمطاحن التي تفوق طاقتها الكميات التي تطحنها، بينما يُباع جوال الدقيق إلى المخبز بـ560، ما يشير إلى أن سعره الحقيقي هو 1240 جنيهاً.
وتبلغ إنتاجية المطاحن السودانية 100 ألف جوال في اليوم، أي أن السودان يصرف في اليوم على الخبز 68 مليون جنيه سوداني (نحو مليون ونصف المليون دولار). ويبلغ سعر جوال الدقيق داخل السودان نحو 9 دولارات، فيما يبلغ سعره في الدول المجاورة 30 دولاراً، ما يشير إلى تجارة تهريب واسعة للخبز السوداني المدعوم. وفيما تتكدس العربات الخاصة والنقل أمام المحطات البترولية بشقيها البنزين والجازولين بشكل يومي، تكتظ شوارع الخرطوم بالسيارات مسببة زحاماً كبيراً تعاني منه جميع شوارع العاصمة الخرطوم، ما يعني أن هناك وفرة لكن بطرق غير رسمية.
ويرى مصدر مطلع بوزارة النفط والغاز في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن مشكلة إمداد البلاد بالبترول قد تم حلها قبل شهور، وتنتظم الآن حركة وصول بواخر النفط، حيث وصلت آخر ثلاث شحنات من البترول إلى ميناء بورتسودان الأسبوع الماضي، تلتها باخرة محملة بالغاز، ما يعني أن هناك وفرة.
وكشف المصدر أن المشكلة الأساسية هي في نقل البترول من الميناء إلى الخرطوم وبقية أنحاء السودان، رغم تعاقد الوزارة مع نحو 30 شركة نقل، التي تلتزم الدولة بتوفير مستحقاتها المالية والبترولية صباح كل يوم.
وأضاف أن هناك خللاً كبيراً في عمليات النقل المسؤولة عنه شركات توزيع البترول، حيث تغيب بعض الشركات في عدد من الأقاليم لمدة طويلة، ومنها من لا يلتزم بمواعيد ترحيل حصص الولايات، ما يشير إلى حدوث عمليات تهريب وبيع سوق سوداء لمنتجات النفط والبترول.
وبين المصدر أن مشكلة عربات النقل وشركات الترحيل بدأت تطلّ برأسها قبل وقت قريب، حيث كانت الحكومة توفر نحو 90 مقطورة في حالة تعثر الشركات، كما كانت الحكومة تدفع لتلك الشركات هامش ربح، وتوفر لها حصصاً مقدَّرة من الوقود، إلا أن غياب الرقابة والمحاسبة قد أعاق هذه الجهود.
وبين أن هناك مشكلة أخرى برزت في الآونة الأخيرة في مراقبة حركة نقل البترول من المستودعات في بورتسودان والجيلي إلى محطات البنزين، حيث أوكل الأمر للقوات النظامية، لمنع تسرب المحروقات، وبيعها خارج الأطر أو في السوق السوداء، إلا أن هذه القوات بدأت تنسحب تدريجيّاً متعللة بعدم حصولها على عائدات من هذا العمل.
واعتبر المصدر أن معالجة القضية تحتاج لسياسات وقوانين وإجراءات عاجلة ونافذة، حيث هناك كثير من الظواهر حول تفشي تهريب الغاز والمواد البترولية الأخرى، أو دخولها السوق السوداء، وكذلك هناك تفاوت أسعار بين المحروقات المستخدمة للخدمات أو المستخدمة للصناعة.



في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
TT

في خطوة قد تثير غضب واشنطن... الاتحاد الأوروبي يغرم «إكس» 140 مليون دولار

نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
نموذج مصغر مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد لإيلون ماسك وشعار «إكس» يظهر في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، غرامة قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، المملوكة لإيلون ماسك، لخرقها قواعد المحتوى الرقمي، في أول تطبيق لعقوبة بموجب تشريع رقمي تاريخي قد يثير غضب الحكومة الأميركية.

وتجنبت شركة «تيك توك» العقوبة نفسها من خلال تقديم تنازلات لتعزيز الشفافية، وفق «رويترز».

واعتبرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن حملة أوروبا الصارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى تميّز الشركات الأميركية وتستهدف الأميركيين، بينما أكدت المفوضية الأوروبية أن قوانينها لا تميّز على أساس الجنسية، وتهدف فقط لحماية المعايير الرقمية والديمقراطية التي غالباً ما تُصبح معياراً عالمياً.

وأشار رئيس قسم التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي إلى أن الغرامة متناسبة مع المخالفات، ولا تمثل شكلاً من أشكال الرقابة، لافتاً إلى أن العقوبة جاءت بعد تحقيق استمر عامين بموجب قانون الخدمات الرقمية، الذي يُلزم المنصات بتحمل مسؤولية أكبر في معالجة المحتوى غير القانوني والضار.

وأوضح تحقيق الاتحاد الأوروبي في منصة «تيك توك»، التابعة لشركة «بايت دانس»، أن الشركة انتهكت شروط القانون من خلال مستودع الإعلانات الذي يسمح للباحثين والمستخدمين باكتشاف الإعلانات الاحتيالية. وقالت هينا فيركونين، رئيسة قسم التكنولوجيا في المفوضية الأوروبية، إن الغرامة المفروضة على «إكس» محسوبة بعناية وفق طبيعة المخالفات وعدد المستخدمين المتأثرين ومدتها، مؤكدةً أن الهدف هو إنفاذ التشريعات الرقمية وليس فرض أعلى الغرامات.

وأضافت فيركونين أن القرارات المستقبلية بشأن الشركات المتهمة بانتهاكات قانون الخدمات الرقمية ستصدر في وقت أقصر مقارنة بالعامين اللذين استغرقتهما قضية «إكس». من جهته، أكد نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، أن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يهاجم الشركات الأميركية، محذراً من أن الغرامة لا ينبغي أن تُستخدم أداةً للرقابة على المحتوى.

وحثّت «تيك توك»، التي تعهدت بإصلاح مكتبة إعلاناتها لزيادة الشفافية، الجهات التنظيمية على تطبيق القانون بشكل متساوٍ على جميع المنصات. وأوضحت الهيئات الأوروبية أن انتهاكات «إكس» شملت التصميم المُضلّل للعلامة الزرقاء للحسابات الموثقة، وانعدام الشفافية في مستودع الإعلانات، وعدم تمكين الباحثين من الوصول إلى البيانات العامة.

وأكدت المفوضية استمرار التحقيق في محتوى غير قانوني على «إكس»، والإجراءات المتخذة لمكافحة التلاعب بالمعلومات، بالإضافة إلى تحقيق منفصل في نظام «تيك توك» الخوارزمي والتزامه بحماية الأطفال. وتصل الغرامات المقررة بموجب قانون الخدمات الرقمية إلى 6 في المائة من الإيرادات العالمية السنوية للشركة.


دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.