مصر تشيع ضحايا هجوم «إرهابي» في سيناء... والسيسي يدعو إلى تكاتف شعبي

الرئيس أكد أن الجيش ما زال «عقبة أمام المطامع»

انتشار أمني من قبل الشرطة المصرية في ميدان رمسيس بوسط القاهرة أمس (رويترز)
انتشار أمني من قبل الشرطة المصرية في ميدان رمسيس بوسط القاهرة أمس (رويترز)
TT

مصر تشيع ضحايا هجوم «إرهابي» في سيناء... والسيسي يدعو إلى تكاتف شعبي

انتشار أمني من قبل الشرطة المصرية في ميدان رمسيس بوسط القاهرة أمس (رويترز)
انتشار أمني من قبل الشرطة المصرية في ميدان رمسيس بوسط القاهرة أمس (رويترز)

فيما شيعت مصر، أمس، جثامين ضابط و4 جنود راحوا ضحايا هجوم «إرهابي» استهدف كميناً بمنطقة «تفاحة» في مدينة بئر العبد بشمال سيناء، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي مواطنيه إلى التكاتف، مؤكداً أن «المعركة مع الإرهاب لم ولن تنتهي من دون إرادة شعبية عازمة على القضاء عليه بشتى أنواعه».
وفي حين نقلت وسائل إعلام محلية مصرية بينها صحف مملوكة للدولة، مراسم تشييع الضحايا للهجوم الذين ينتمون لمحافظات «الدقهلية، والشرقية، والغربية، والمنوفية، وأسيوط» ونشرت أسماءهم ورتبهم؛ زعمت «وكالة أعماق» التابعة لتنظيم «داعش» الذي تبنى الهجوم أن «المسلحين قتلوا 15 شخصاً من قوة الارتكاز».
ووفق وسائل الإعلام المحلية المصرية، فإن قائمة الضحايا ضمت أسماء المجندين، بسام زيدان، وأحمد أيوب، ومحمد زين، ومحمود خليل، فضلاً عن الملازم محمود مغربي.
ونشر المتحدث العسكري للجيش المصري، العقيد تامر الرفاعي، مساء أول من أمس، بياناً قال فيه إن «القوات المسلحة والشرطة تمكنت من تحقيق كثير من النجاحات خلال الفترة الماضية، وحتى اليوم (الجمعة الماضي)»، مضيفاً أنه «تم تنفيذ عمليات نوعية أسفرت عن القضاء على 118 تكفيرياً عثر بحوزتهم على عدد من البنادق مختلفة الأعيرة وعبوات ناسفة معدة للتفجير بشمال ووسط سيناء».
بدوره، نعى الرئيس المصري ضحايا الهجوم. وقال، مساء أول من أمس، إنهم «رووا بدمائهم الزكية تراب هذا الوطن العظيم»، مضيفاً أن «سرطان الإرهاب ما زال يحاول خطف هذا الوطن ولكننا صامدون، نحاربه بكل ما أوتينا من قوة وإيمان، وإنا لمنتصرون بإذن الله ثم بفضل جيش مصر القوي... جيش مصر الذي كان وما زال العقبة التي تتحطم عليها مطامع وأفكار أصحاب النفوس الخبيثة».
واستكمل السيسي مخاطباً مواطنيه: «شعب مصر العظيم، أود أن أؤكد أن معركتنا مع الإرهاب لم ولن تنتهي من دون إرادة شعبية عازمة على القضاء عليه بشتى أنواعه، سواء كان إرهاب العقول أو الأنفس، ولذلك أود أن تكون غاية أمتنا هي القضاء على هذا الإرهاب وإعلاء مصلحة الوطن».
وعبّر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن تأييد السعودية للجهود التي تبذلها مصر في سبيل مكافحة الإرهاب، وكان آخرها الإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة والشرطة المصرية شمالي سيناء.
وأكد المصدر تضامن المملكة التام ومؤازرتها لمصر في حربها على الإرهاب والتطرف.
إلى ذلك قال البيان العسكري المصري إن «القوات الجوية قامت باستهداف وتدمير 33 مخبأ وملجأ تستخدمها العناصر الإرهابية، بالإضافة إلى تدمير 7 عربات دفع رباعي على الاتجاه الشمالي الشرقي، و83 عربة على الاتجاه الاستراتيجي الغربي، و25 على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي»، موضحاً أن «عناصر المهندسين العسكريين اكتشفوا وفجروا 273 عبوة ناسفة تمت زراعتها لاستهداف القوات على طرق التحرك بمناطق العمليات واكتشاف وتدمير 11 فتحة نفق بالتعاون مع قوات حرس الحدود».
وكانت مدينة بئر العبد شهدت إحباط قوات الجيش هجوماً لعناصر إرهابية استهدفوا حاجزاً عسكرياً بمنطقة تفاحة جنوب بئر العبد، وأسفر الهجوم بخلاف الضحايا من العسكريين المصريين، عن مقتل شاب يبلغ من العمر 16 سنة بطلق ناري، وإصابة طفل 6 سنوات.
وقال سالم حسين والد الشاب المصاب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إنه كان في طريقه لحصاد ثمار الزيتون بمزرعته الكائنة بقرية تفاحة جنوب مدينة بئر العبد، قرابة الساعة الثانية عشرة (ظهر الجمعة الماضي)، وخلال توقفه بسيارته أمام حاجز عسكري لإجراء عملية تفتيش السيارة الخاصة به فوجئ بوصول سيارة ربع نقل خضراء اللون من الاتجاه المعاكس وترجل منها عدد كبير من المسلحين».
وأضاف أن «المسلحين كانوا ملثمين وفتحوا نيران أسلحتهم بصورة فورية على قوات الجيش الموجودة على الحاجز وتبادلوا معهم إطلاق النيران بضراوة».
وأكد المواطن محمد مرزوقة، وهو مزارع لـ«الشرق الأوسط»، أنه «كان يوجد بمزرعته حينما سمع إطلاق نار بصورة مكثفة، واتجه صوب مصدر إطلاق النيران، حيث شاهد عدداً من الملثمين يتبادلون النيران مع قوة الحاجز الأمني، فيما وصل خلال الاشتباكات عدد من الملثمين يستقلون 3 دراجات نارية، وآخرون يستقلون سيارة من طراز (لاند كروز) إلى منطقة الحاجز وقاموا بإطلاق النار على القوات المتمركزة بالأبراج المحيطة بالحاجز العسكري». وأشار المزارع إلى أن «قوات الجيش تصدت للهجوم المسلح ببسالة وأسقطت عدداً كبيراً من صفوف المهاجمين المسلحين»، لكن موقعه لم يمكنه من إحصائهم (المهاجمين).
ويقع الحاجز العسكري بمنطقة تفاحة وهي قرية تشتهر بزراعة الزيتون والنخيل والموالح وتقع بمنطقة جنوب بئر العبد، وعلى مقربة من الطريق الدولية العريش - القنطرة شرق قرابة 3 كم إلى جهة الجنوب.
وقال مصدر أمني رفيع بقسم شرطة بئر العبد، إنه «تم تحليق طائرة عسكرية في أجواء مدينة بئر العبد لتعقب الجناة، ونشر عدد كبير من القوات بمدخل المدينة الغربي والشرقي في أعقاب الحادث».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.