من يستمع إلى مكالمات الرئيس الأميركي؟

بعد أزمة الاتصال الهاتفي بين ترمب والرئيس الأوكراني

الرئيس الأميركي دونالد ترمب - أرشيف (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - أرشيف (أ.ب)
TT

من يستمع إلى مكالمات الرئيس الأميركي؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب - أرشيف (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - أرشيف (أ.ب)

أثارت المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وجرى تسريب تفاصيلها، التساؤلات حول من له الحق في أن يستمع إلى مكالمات الرئيس الأميركي داخل البيت الأبيض.
ويواجه ترمب أزمة خطيرة بسبب مكالمة هاتفية أجراها خلال الصيف مع زيلينسكي، حيث أظهر نص المكالمة الذي نشره البيت الأبيض أن ترمب طلب بشكل متكرر من الرئيس الأوكراني المساعدة في تحقيق يتعلق بالمرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن، وابنه هانتر بايدن. وفتح مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون تحقيقاً بهدف عزل الرئيس «لإساءته استخدامه منصبه»، في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى أن نائب الرئيس السابق هو المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً لمواجهة ترمب في انتخابات 2020، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وكانت المكالمة بين الرئيس الأميركي ونظيره الأوكراني قد أثارت جدلاً كبيراً خلال الأيام الماضية، وتفاقمت الأزمة بالنسبة لترمب بعدما نشر البيت الأبيض، الأربعاء، محضر المكالمة. وكشفت الوثيقة المنشورة من البيت الأبيض أن ترمب طلب فعلاً من نظيره الأوكراني أن يتواصل مع وزير العدل الأميركي ويليام بار، ومحاميه رودولف جولياني. وقال ترمب: «ثمة كثير مما يقال حول نجل بايدن... بايدن أوقف المحاكمة، والكثيرون يرغبون في كشف هذا الأمر».
وصنفت المكالمة بين ترمب وزيلينسكي على أنها «مكالمة سرية»، وفي وقت لاحق أنها «سرية للغاية»، حسب ما ذكرته «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، وهذا التصنيف الأخير يعني أن الأشخاص الذين لديهم أعلى التصاريح الأمنية هم وحدهم الذين يمكنهم قراءة مضمون المكالمة.
ويعتقد أن المكالمة بين ترمب وزيلينسكي كانت في مكان سري، وذلك ليس لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ولكن لـ«أغراض سياسية».
* من يستمع إلى المكالمات؟
تشير التقاليد داخل البيت الأبيض إلى أنه قبل إجراء أي مكالمة من قبل الرئيس الأميركي مع زعيم أجنبي، يتم الترتيب لجلسة إحاطة، يشارك فيها مسؤولون في مناصب مختلفة، وذلك من أجل إطلاع الرئيس على كل التفاصيل التي تخص موضوع المكالمة قبل إجرائها. و«عادة ما يحضر عضوان على الأقل من مجلس الأمن القومي خلال المكالمة»، بحسب موقع «يو إس إيه توداي» الأميركي.
ويذكر الموقع أنه يوجد مسؤولون آخرون في غرفة آمنة بقطاع آخر في البيت الأبيض يستمعون إلى مكالمة الرئيس، ويدونون الملاحظات. وتُعرف ملاحظاتهم باسم «مذكرة المحادثة الهاتفية»، أو اختصاراً «memcon».
وتجرى المكالمات الهاتفية عادة في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، لكن في بعض الأحيان يمكن للرئيس أن يجري مكالمات هاتفية من داخل سيارة الرئيس الأميركي الآمنة، المعروفة باسم «الوحش»، وأحياناً تجرى مكالمات من على الطائرة الرئاسية «إير فورس وان». وفي كل الحالات، يكون مستشار الأمن القومي حاضراً خلال المكالمة الهاتفية للرئيس الأميركي.
ويتم تحويل مكالمات الرئيس الأميركي مع القادة الأجانب بواسطة أجهزة الكومبيوتر لاحقاً إلى «نسخة مكتوبة»، كما يوضح مسؤولون سابقون في البيت الأبيض، ثم تتم مقارنة الملاحظات التي كتبها المسؤولون من الأمن القومي الذين استمعوا للمكالمة مع النسخة المكتوبة لها، ثم يتم دمج الملاحظات من المسؤولين مع النسخ المكتوبة في نسخة واحدة.
وفي حالة المكالمة الهاتفية مع زيلينسكي، تقول شكوى المبلِّغ بها إن 10 أشخاص كانوا يستمعون لهذا الاتصال.
ومنذ وصوله إلى منصبه، يستعين ترمب بمسؤولين من مناصب مختلفة، وبخبرات متفاوتة، لإحاطته بآخر المستجدات، وحتى قبل فترة قصيرة من إجراء المكالمة، وفقاً لما ذكره مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي لموقع «يو إس إيه توداي».
ويشمل النص المكتوب للمكالمات معلومات مثل السيرة الذاتية للزعيم الذي يهاتفه الرئيس الأميركي، ونقاط الحوار التي يتم الحديث حولها.
* كيف يتم تصنيف المكالمة؟
بعد المكالمة، يقرر المسؤولون الذين يعملون في مكتب السكرتير التنفيذي لمجلس الأمن القومي مستوى تصنيف النسخة المكتوبة من المكالمة. ففي حالة كان النص يحتوي معلومات يمكن أن تعرض الأمن القومي أو حياة الأفراد للخطر، يتم تصنيف النسخة المكتوبة للمكالمة على أنها «سرية للغاية»، ليجري بعد ذلك حفظها في مكان آمن.
ويعني تصنيف وثيقة المكالمة بـ«سرية للغاية» أن الأفراد الذين يتمتعون بأعلى مستوى من التصريح الأمني فقط هم من يحق لهم الاطلاع على وثيقة نص المكالمة، ومنهم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وفي كثير من الأحيان، يتم تخزين النصوص الخاصة بالمكالمات في أماكن سرية، لكنها غير محمية بمستوى غير مسبوق من الأمان، حسب «بي بي سي».
ويعني التصنيف «وثيقة سرية» - أي ليست سرية للغاية - أنه يمكن للمسؤولين مناقشة محتوياتها بشكل أكثر سهولة مع أفراد آخرين يعملون في الحكومة.
وفي سياق متصل، يشير تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن القانون الأميركي يحمي العاملين في الاستخبارات الذين يبلغون عن عمل يعد غير قانوني في الإدارات الحكومية، لكن الطريق ضيق جداً أمامهم، والتدابير صارمة إزاء هؤلاء المخبرين، وذلك بعد أن أرسل أحد العاملين في الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بلاغاً متعلقاً بالمكالمة الهاتفية بين ترمب وزيلينسكي في 25 يوليو (تموز) الماضي. واتبع هذا المخبر الإجراءات الضرورية، مبلغاً المفتشية العامة لأجهزة الاستخبارات بـ«مشكلة طارئة». وحسب قوله، فإن ترمب استغل منصبه لـ«طلب تدخل بلد أجنبي بانتخابات عام 2020 في الولايات المتحدة».
وبموجب القانون، يمكن للمخبر أن يحيل الملف مباشرة إلى لجنتي الاستخبارات في الكونغرس، لكن عليه إبلاغ المفتش العام، و«طلب استشارة» مدير الاستخبارات الوطنية، بهدف أن «يتواصل بشكل آمن» مع اللجنتين. لكن في هذه الحالة، قرر المفتش العام مايكل أتكينسون إبلاغ الكونغرس مباشرة عما أبلغه به هذا المخبر، دون أن يكشف عن فحواه. وهذا سيناريو غير مسبوق، بالنظر لأن القانون لا يشير إلى ماهية الإجراء الذي يتبع، في حال أغلق مدير الاستخبارات الوطنية الملف.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، شن ضربات استباقية على المنشآت النووية الإيرانية من بين الخيارات لردع قدرة إيران على تطوير أسلحة الدمار الشامل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان عام 2019 (رويترز)

موسكو: بوتين لم يتلقَّ دعوة لحضور حفل تنصيب ترمب

كشفت موسكو عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتلقَّ دعوة لحضور حفل تنصيب دونالد ترمب الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ احتفل ترمب باختياره «شخصية العام» من قِبل مجلة «تايم» بقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك يوم 12 ديسمبر الحالي (أ.ب)

ترمب «شخصية العام» لمجلة «تايم»: 72 يوماً من الغضب

احتفى ترمب باختياره «شخصية العام» من مجلة «تايم»، وقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك على بُعد بضعة مبانٍ من المحكمة التي أدانته قبل 6 أشهر فقط.

علي بردى (واشنطن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.