مخاوف من تمدد «داعش» إلى جنوب شرقي آسيا

مخاوف من تمدد «داعش» إلى جنوب شرقي آسيا
TT

مخاوف من تمدد «داعش» إلى جنوب شرقي آسيا

مخاوف من تمدد «داعش» إلى جنوب شرقي آسيا

تثير دعوات تنظيم «داعش» لتوسيع نطاق الهجمات، مخاوف من تصاعد حركة المتطرفين ووقوع اعتداءات في دول جنوب شرقي آسيا، مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين التي سبق أن شهدت هجمات دموية، كما يرى خبراء.
وتراقب السلطات في إندونيسيا - أكبر بلد إسلامي في العالم من حيث عدد السكان - وماليزيا ذات الغالبية من المسلمين، بقلق متزايد، بينما عدد من شبانها يقدرون بالمئات يتوجهون إلى سوريا والعراق، للقتال إلى جانب متطرفين.
وتتزايد مخاوف المحللين من أن هؤلاء المقاتلين سيُدخلون العقيدة المتطرفة للتنظيم إلى البلاد عند عودتهم، أو سيوحون لمؤيدين في الداخل بشن هجمات.
وقال بانتارتو باندورو، في جامعة الدفاع بإندونيسيا: «لا تزال هناك بؤرات كثيرة للتجنيد في بعض المناطق، وإذا عاد مقاتلون بإمكانهم تعزيز المجموعات الموجودة أصلا، وهذه ستكون مشكلة كبيرة».
وكانت مجموعة أبو سياف الإسلامية في الفلبين، هددت بقطع رأس رهينة ألماني تحتجزه منذ وقت سابق هذا العام، مما يشكل تذكيرا مؤلما بإعدام 3 أجانب بأيدي تنظيم «داعش»، الذي أثار استنكارا شديدا في كل أنحاء العالم.
وطالبت «أبو سياف» الأسبوع الماضي بدفع فدية وبأن توقف ألمانيا دعمها للغارات الجوية على التنظيم المتطرف. إلا أن هذه المطالب رفضت من قبل مانيلا التي عدت المجموعة تستغل شهرة التنظيم لأغراض دعائية.
وتحمل أنشطة التنظيم في العراق وسوريا على المقارنة مع الاحتلال السوفياتي لأفغانستان بين 1979 و1989 عندما تطوع مقاتلون متطرفون من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك من جنوب شرقي آسيا.
وأسس المقاتلون عند عودتهم، لجيل من المتطرفين في جنوب شرقي آسيا، مما ساهم في صعود مجموعات مثل «الجماعة الإسلامية» التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات الدامية على بالي في 2002 التي راح ضحيتها 202 شخص غالبيتهم من السياح الأجانب.
إلا أن جهود مكافحة الإرهاب الصارمة في دول جنوب شرقي آسيا أضعفت الجماعات المتطرفة وغيرها من التنظيمات إلى حد كبير. لكنها لا تزال تشكل تهديدا.
ودعا تنظيم «داعش» الأسبوع الماضي المسلمين في كل أنحاء العالم إلى قتل رعايا من دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
كما أفشلت الشرطة الأسترالية قبل أسبوع مخططا لقتل رهائن وأوقفت 15 مشتبه فيهم.
وتتخذ مختلف الدول إجراءات متفاوتة بعضها يحظر تنظيم «داعش» ومنع السفر، بقصد القتال مع المتطرفين أو منع عودة المقاتلين.
ويقول جوزف شنيونغ ليو، خبير الحركات المتشددة الإسلامية في جنوب شرقي آسيا، إن تنظيم «داعش» ومؤيديه في جنوب شرقي آسيا يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي بشكل متطور من أجل بث رسائله وتجنيد مقاتلين من المدارس الإسلامية في ماليزيا وغيرها.
وأضاف الخبير: «من الواضح أن تنظيم (داعش) يعرف كيف يقوم بالدعاية للقتال من خلال مؤيدين منتشرين داخل مجموعات وشبكات إسلامية في المنطقة».
وحذر مركز تحليل النزاعات في جاكرتا الأسبوع الماضي، من هجمات يمكن أن تستهدف أجانب مجددا في إندونيسيا، حيث يدعم بعض المتطرفين الدعوات لقتل السياح.
وأضاف المعهد أن مقاتلين إندونيسيين وماليزيين في سوريا شكلوا مجموعة خاصة بهم، على ما يبدو، مما يمكن أن ينطوي على عواقب سيئة.
وشدد المعهد، في تقرير نشر الأسبوع الماضي، على أن «عناصر (من هذه المجموعة) يمكن أن يصبحوا رأس حربة مجموعة قتالية قادرة على تهديد إندونيسيا وماليزيا والفلبين».
وأضاف باندورو أن مقاتلي تنظيم «داعش»، «كسبوا تأييد» المتطرفين في جنوب شرقي آسيا. لهذا يتعين على سلطات دول المنطقة التباحث في «المشكلة الجديدة التي تهدد الأمن الإقليمي» قبل أن تتركز شبكات تنظيم «داعش» أكثر في المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».