من الغرب إلى الجنوب... نقاط انتشار فلول «داعش» في ليبيا

بعد تصفية 8 قيادات من التنظيم بضربة جوية أميركية

محمود البرعصي المكنى  بــ {أبو مصعب الليبي» (صفحة مرتبطة  بـ {داعش})
محمود البرعصي المكنى بــ {أبو مصعب الليبي» (صفحة مرتبطة بـ {داعش})
TT

من الغرب إلى الجنوب... نقاط انتشار فلول «داعش» في ليبيا

محمود البرعصي المكنى  بــ {أبو مصعب الليبي» (صفحة مرتبطة  بـ {داعش})
محمود البرعصي المكنى بــ {أبو مصعب الليبي» (صفحة مرتبطة بـ {داعش})

سمحت الأوضاع المتوترة في ليبيا بعودة فلول تنظيم داعش وتمدّده ثانية في أكثر من مدينة بغرب وجنوب البلاد، في وقت قالت قيادة أمنية بشرق البلاد لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «هناك تربصاً واسعاً بليبيا من الداخل والخارج بعد نجاح (الجيش الوطني) في كسر شوكة الإرهابيين».
وكان الجنرال ستيفن توومسيند قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» أعلن مطلع الأسبوع الماضي، أن طائرات تتبع القيادة العسكرية، شنت غارة جوية للقضاء على قيادات إرهابية في ضواحي مدينة مرزق جنوب البلاد، وقتلت 8 منهم، في عملية قال المجلس الرئاسي في طرابلس، إنها «تمت في إطار التنسيق مع حكومته (الوفاق) والتعاون المشترك بين ليبيا والولايات المتحدة».
ومنذ أن نجحت قوات عملية «البنيان المرصوص» التابعة للمجلس الرئاسي، في طرد تنظيم داعش من مدينة سرت، نهاية عام 2016، وفلوله لا يزالون يناورون بالظهور ليلاً من وقت إلى آخر على أطراف المدينة، لكن مع انشغال القوات في معركة طرابلس، تمركزت عناصره بشكل ملحوظ بالقرب من بعض مدن الجنوب، وفقاً لشهادات مواطنين، ومسؤولين محليين، بالإضافة إلى تواجده في الدروب الجبلية المحيطة بمدينة درنة، (شمال شرقي ليبيا، على ساحل البحر المتوسط) التي سبق وأعلن «الجيش الوطني» عن «تطهيرها».
وهذه الشهادات تلت تقريراً أصدره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مطلع الشهر الجاري، تحدث فيه عن أن عدد المقاتلين في صفوف تنظيم داعش في ليبيا، يتراوح بين 500 و700 مقاتل، منهم ليبيون ورعايا أجانب، لكن هناك من يتحدث عن أن أعدادهم أكثر من ذلك.
وقال العقيد محمد عبد السلام المصينعي في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الدول تحارب الإرهاب تتلقى دعماً من دول أخرى، لكن ليبيا تواجه بمفردها هؤلاء الإرهابيين»، لافتاً إلى اتساع المساحة الجغرافية لحدود بلاده.
واستكمل: «العدو يتربص بليبيا من كل الاتجاهات، لكن انتصارات الجيش حيرت الأصدقاء والأعداء رغم قلة الإمكانيات». والتقارير المحلية التي رصدت تحركات لفلول التنظيم، لم تنفصل عن المعلومات التي كشف عنها اللواء أحمد المسماري الناطق باسم «الجيش الوطني»، عندما قال إن بقايا تنظيم داعش المتواجد في مرزق كونت ما أطلقت عليه «جيش الصحراء»، وذهب إلى «وجود تحالف بين (داعش) والعصابات التشادية».
ورأى المصينعي أن عناصر «داعش» يتوزعون بين طرابلس وجبال درنة، بالإضافة إلى الحدود الغربية الجنوبية، لكن الأخيرة تظل هي الأكثر جذباً لفلول التنظيم، خاصة بعد مبايعتهم العلنية الأخيرة لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وكان عشرات المسلحين الملثمين ظهروا في فيديو مصور بثته وسائل إعلام محسوبة على التنظيم وهم يجددون البيعة للبغدادي، ويتوعدون «الجيش الوطني» بعمليات انتقامية. وعقب الضربة الأميركية قال الكولونيل كريس كارنس الناطق باسم «أفريكوم»، إن علامات التجنيد والتدريب النشطين دفعت قواته إلى تنفيذ غارة جوية في محيط مدينة مرزق، وأضاف في تصريحات إعلامية، أن «التنظيمات المتشددة العنيفة في ليبيا ستؤثر سلباً على استقرار المنطقة إذا لم تتم معالجة تهديداتها». وتداولت وسائل إعلام محلية، هوية أحد قتلى الضربة الأميركية التي وقعت بضواحي مدينة مرزق، وقال موقع «المرصد» إنه حصل على معلومات استخباراتية تؤكد أن من بينهم علي التباوي، المكنى بعدة كنيات، من بينها «أبو حمزة التباوي»، و«علي الدرناوي»، نسبة إلى إقامته في مدينة درنة مع عناصر «داعش» قبل أن يغادرها إلى سرت بعد نشوب قتال في المدينة بينهم وبين تنظيم القاعدة حول الزعامة والنفوذ.
ونقل المرصد أن إحدى الغارات الأربعة التي استهدفت حي القلعة في مرزق كانت على منزل يضم مجموعة قيادات من «داعش» بينهم «أبو حمزة التباوي» الذي دخل المدينة مؤخراً مع مجموعة من المقاتلين قادمين من صحاري منطقتي زويلة وتجرهي، جنوب البلاد وانضموا لما يسمى قوة حماية مرزق التي يقودها حسن موسى سوقي التباوي.
وتبنى التنظيم في مايو (أيار) الماضي، هجوماً استهدف الحقل النفطي ببلدة زلة التابعة لبلدية الجفرة على بعد 650 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس، في تصعيد لهجمات التنظيم ضد مواقع يسيطر عليها الجيش الوطني جنوب البلاد منذ مطلع العام الحالي، بعدما أطلق عملية عسكرية شاملة لتطهيره من «الجريمة والإرهاب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.