إيطاليا تعتقل ألمانياً تركياً وعائلته تخشى ترحيله إلى أنقرة

TT

إيطاليا تعتقل ألمانياً تركياً وعائلته تخشى ترحيله إلى أنقرة

مرة جديدة تتكرر قصة اعتقال معارضين أتراك في أوروبا، لترحيلهم إلى تركيا. فبعد أقل من شهر على عرض قناة «في دي آر» الرسمية الألمانية لتقرير يظهر اعتقال السلطات اليونانية للاجئين أتراك وترحيلهم إلى بلدهم، كشفت صحيفة ألمانية اعتقال السلطات الإيطالية لمواطن ألماني من أصول تركية، بناءً على مذكرة توقيف دولية صادرة عن أنقرة، من فندقه في مدينة بولزانو الإيطالية، حيث كان يقضي إجازة. ونقلت الصحيفة عن عائلة الرجل البالغ من العمر 45 عاماً، وهو موظف في بلدية هانوفر، أن الدوافع على الأرجح سياسية، وأن الأسباب ليست واضحة. وعبرت العائلة عن مخاوفها من احتمال إرسال الرجل المعتقل إلى تركيا. والرجل المعتقل هو كردي تركي، هرب من تركيا عام 1996، وحصل على اللجوء في ألمانيا. وحسب الصحيفة، فإن الرجل شارك في مظاهرات قبل مغادرته تركيا عندما كان لا يزال طالباً. وبعد حصوله على اللجوء في ألمانيا حصل على الجنسية الألمانية، ولكنه احتفظ بجوازه التركي. وقالت القنصلية الألمانية في ميلانو إنها على علم بالموضوع، وإنها اتصلت بالرجل المعتقل، وقدمت له المساعدة القنصلية. وحسب التقارير الألمانية، فإن شقيق المعتقل لجأ إلى عمدة هانوفر السابق هيربرت شمالشتايغ طلباً للمساعدة، والعمدة نفسه اتصل بوزير الدولة للشؤون الخارجية نيلز أنين.
وقبل شهر، نشرت قناة «في دي آر» ضمن برنامج «بانوراما» تحقيقاً يظهر اعتقال اليونان للاجئين أتراك، وإعادتهم إلى تركيا، من دون السماح لهم بتقديم طلب لجوء. ونقل التقرير عن شهود أن بعض الذين تم ترحيلهم انتهى الأمر بهم في السجون بتركيا. ونقل عن محامٍ يوناني، يمثل بعض المرحلين، قوله إن هناك حالات كثيرة للاجئين أتراك يتم ترحيلهم، يختفون ثم يظهرون في السجون بتركيا. وذكر التقرير كذلك أن الشرطة اليونانية تتعامل مع عصابات تركية تسلمها اللاجئين الواصلين إلى الجزر اليونانية. وغالباً ما تعتقل أنقرة مواطنين ألماناً من أصول تركية، من بينهم صحافيين، خلال زيارتهم لتركيا، وتتهمهم بدعم الإرهاب أو الانتماء لجماعة الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بالتدبير لمحاولة الانقلاب الفاشلة ضده عام 2016. وفي أبريل (نيسان) الماضي مثلاً، اعتقل ألماني من أصول تركية خلال زيارته أنقرة بتهمة إهانته إردوغان قبل سنوات بعد نشره تعليقاً على «فيسبوك». وخلال زيارته الرسمية الأخيرة لبرلين في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، اتهم إردوغان، برلين، بـ«إيواء» من سماهم بـ«إرهابيين» من مؤيدي غولن من حزب «العمال الكردستاني»، المصنف إرهابياً في تركيا. وطالب ألمانيا بتسليم لائحة مطلوبين طويلة كانت بحوزته. وتنشر الخارجية الألمانية تحذير سفر لتركيا وتقول: «منذ بداية عام 2017 يواجه المواطنون الألمان اعتقالات عشوائية متزايدة في تركيا، أو يمنعون من المغادرة أو من الدخول». ويضيف التحذير أن هذه الخطوات تتخذها السلطات التركية بناءً على «شكها بعلاقة الأشخاص بمنظمات تصنف إرهابية في تركيا، مثل حركة غولن». ويضيف التحذير أن الملاحقات في تركيا قد تطال أيضاً مواطنين ألماناً «وجهوا انتقادات للحكومة التركية على وسائل التواصل الاجتماعي». وتحذر الخارجية من أن من يعتقل بناءً على هذه التهم قد «يواجه أحكاماً بالسجن لسنوات». وتضيف الخارجية، في تحذيرها، أن السلطات التركية رفضت أيضاً منح تصاريح عمل لصحافيين ألمان من دون إعطاء تفسير، وهو ما يتعارض مع توجيهات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».