محكمة مغربية ترفض الدفوع الشكلية في قضية الصحافية الريسوني

TT

محكمة مغربية ترفض الدفوع الشكلية في قضية الصحافية الريسوني

استأنفت المحكمة الابتدائية في الرباط، أمس، أطوار محاكمة الصحافية المغربية هاجر الريسوني، المتابعة في حالة اعتقال بتهم تتعلق بـ«الإجهاض وإقامة علاقة غير شرعية»، في جلسة ثالثة من المحاكمة التي يتابع فيها أيضاً طبيب نساء وممرض تخدير وخطيب المتهمة السوداني الجنسية.
وشهدت الجلسة تعقيب دفاع الصحافية على رد ممثل النيابة بشأن الدفوع الشكلية التي قدمها عدد من المحامين في الجلسة السابقة، حيث رفض عبد العزيز النويضي، أحد أعضاء دفاع هاجر الريسوني، رد ممثل النيابة العامة الذي جاء فيه أن المحكمة «ليست هي مكان تغيير النص القانوني».
وقال النويضي: «نحن لا نناضل داخل المحكمة لتغيير النص، بل من أجل فهم حقوقي للنص». وأضاف أن «ممثل النيابة العامة قال إن هذا ليس زمن النضال من أجل تغيير النص، وهذا يعني أننا ننازع في النص الذي من اختصاص المشرع». وأكد النويضي: «نحن لا نناضل في قاعة المحكمة من أجل تغيير النص، وسنترافع في مكان آخر أمام المشرع حول تغييره. نحن نترافع من أجل تفسير للنص يخدم حقوق الإنسان، لأن هناك تفسيراً محافظاً يخدم الدولة».
كما شدد المحامي ذاته على أن مبدأ الشرعية يجب أن «يفسر في مفهومه الواسع، ويتعلق بأن هذا القانون، يجب أن يراعي جملة من الشروط، ومنها أن يكون النص منسجما مع الدستور والمواثيق الدولية».
من جهتها، قدمت محامية الطبيب الموقوف على خلفية قضية الصحافية الريسوني، ملتمساً إلى رئيس الجلسة طلبت إعذار وكيل الملك حول ما إذا كان يتمسك بوثيقة الشهادة الطبية.
وقالت مريم جمال الإدريسي: «ألتمس من رئيس الجلسة أن يتوجه بالسؤال حول التمسك بالشهادة إلى وكيل الملك، على اعتبار أننا في دفاع الطبيب نعتزم التقدم بمذكرة الطعن بالزور في الوثيقة».
ورفض القاضي طلب محامية الطبيب، ورد عليها قائلا إن «الطعن بالزور في أي وثيقة له مسطرة خاصة يجب اتباعها».
وتوالت مداخلات محاميي الدفاع عن الصحافية الريسوني، وجددوا التأكيد على مطالبتهم بـ«بطلان المحاضر المنجزة من طرف الشرطة القضائية، وكل الإجراءات التي تم على أثرها اعتقال المتابعين في الملف». ورفض قاضي الجلسة الدفوعات الشكلية التي قدمها الدفاع في الجلسة السابقة، من دون أن يعلن الدخول في التأمل والمداولة، الأمر الذي خلّف احتجاجات في صفوف المحامين الذين يدافعون عن الصحافية وبقية المتهمين في الملف، حيث اعتبر النويضي أن القاضي أبدى «رأياً في القضية ولم يعطِ حكما، ويجب الفصل في الدفوع من خلال مقرر مكتوب».
وصرح القاضي المكلف البت في قضية برفض جميع الدفوع التي تقدم بها دفاعها ومنها انتفاء حالة التلبس، مؤكدا أن المحكمة ترى أن حالة التلبس «متوافرة» في القضية، كما صرح بقانونية محضر الانتقال والتفتيش، رافضاً ملتمس الدفاع المتعلق ببطلان محضر الانتقال والتفتيش.
كما اعتبر القاضي الخبرة الطبية وخبرة الشرطة العلمية «قانونية»، مبرزاً أن عرض الريسوني على الطبيب «من صميم بحث الضابط القضائي»، وأكد أن المتهمين أبلغوا بحقوقهم.
وشرعت المحكمة في الاستماع إلى المتهمين في الملف، حيث تشبث الطبيب الموقوف بأقواله، وأكد أنه لم يجر أي عملية إجهاض لهاجر الريسوني، وأضاف: «أجريت لها فحصاً بالصدى، وتبين لي أن عندها دماً ولم تكن حاملاً».
وشدد الطبيب جمال بلقزيز على أن تدخله «جاء بالنظر إلى أنه لو استمر النزيف، سيكون وضعها الصحي في خطر، ولم أجر لها إجهاضا بأي طريقة»، مبرزا أن العملية «كانت تستوجب التخدير».
وأفاد بأنه «لم يغادر العيادة إلا بعد أن استفاقت هاجر عقب تخديرها، واطمأننت عليها ثم خرجت، لأنه كانت عندي حالة مرض أخرى خارج العيادة».
واعتقلت الريسوني (28 عاماً) التي تعمل في صحيفة «أخبار اليوم» قبل ثلاثة أسابيع رفقة خطيبها، وطبيب متخصص في أمراض النساء، وممرض متخصص في التخدير. وجرى إيداع الجميع السجن على خلفية تهم تتعلق بـ«الفساد والإجهاض، والمشاركة في الإجهاض».
وأثارت قضية الريسوني ردود فعل واسعة وجدلاً كبيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الصحف والمواقع الإلكترونية بعد أن ربط البعض بين اعتقالها وكتاباتها الصحافية المنتقدة للسلطات لا سيما فيما يتعلق بـ«حراك الريف».
وأعلنت منظمات حقوقية مغربية ودولية وجمعيات نسائية تضامنها مع المتهمة وانتقدت «التشهير» الذي تعرضت له.
وأكدت النيابة العامة أن اعتقال الريسوني لا علاقة له بمهنتها الصحافية وأثبتت عن طريق الخبرة الطبية أنها قامت بعملية إجهاض. إلا أن دفاعها متشبث بنفي تهمة الإجهاض عنها، وأن قضيتها ذات طابع سياسي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.