استمرار معارك طرابلس والجيش الوطني يتعهد بالقضاء على «الإرهابيين»

بيان من 7 دول يدعم وحدة «مؤسسة النفط» في ليبيا

TT

استمرار معارك طرابلس والجيش الوطني يتعهد بالقضاء على «الإرهابيين»

أكد الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، أنه «يجب تأجيل الحديث عن الحل السياسي للأزمة الراهنة في البلاد، حتى يتم تحرير العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات» الموالية لـ«حكومة الوفاق» التي يترأسها فائز السراج، فيما استبقت سبع دول، من بينها الولايات المتحدة، اجتماعاً سيعقد حول ليبيا في الأمم المتحدة، الخميس المقبل، بتأكيد دعمها لمؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج.
وأعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم قوات الجيش الوطني، أن الحل السياسي للأزمة الليبية عليه أن يؤجل حتى القضاء على «الميليشيات الإرهابية» التي قال «إنها تعيق أي عملية سياسية»، مؤكداً أن «قوات الجيش لا ترغب في قتال المغرر بهم والأطفال؛ لكنها ستلاحق (الإرهابيين) وستقطع دابرهم من ليبيا».
كان المسماري قد أعلن في السابع من الشهر الحالي، رفض الجيش الوطني دعوة وجهها غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، للعودة إلى طاولة الحوار، مؤكداً أن الحل العسكري للنزاع هو الطريق الأمثل.
وبعدما أكد في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، أن قوات الجيش تقدمت إلى أماكن جديدة في طرابلس تحت غطاء مكثف من الطيران، ووسط انهيار في صفوف عناصر القوات الموالية لحكومة الوفاق، رأى المسماري أن «القضاء على (الإرهابيين) خارج العاصمة، سيتيح لعناصر الجيش الدخول إلى طرابلس فاتحين وليس مقاتلين». ولفت إلى هروب عدد كبير من قادة الميليشيات الإرهابية من طرابلس بعد تحويلهم مبالغ ضخمة لخارج البلاد.
واتهم المسماري، حكومة السراج، بتبديد ثروة الليبيين من خلال تبرعها لإقامة مشروعات في بعض الدول الأفريقية، موضحاً أنها «تحفر بئراً في دولة بنين، وسنطلب تفسيراً من حكومة بنين في هذا الشأن، وسنطلب كذلك التحقيق لاحتمال أن يكون حفر البئر مقابل استجلاب مقاتلين للقتال إلى جانب مجموعات السراج في طرابلس».
وقال المسماري إن مقاتلين من دولة جنوب السودان يقاتلون في صفوف القوات الموالية لحكومة السراج في طرابلس، مؤكداً أن «قوات الجيش تتحفظ على جثث لقتلى الميليشيات في العزيزية (جنوب طرابلس) هم جنود مرتزقة من تشاد والسودان وبنين».
وقال إن الغارة التي نفذها الجيش الأميركي عبر قواته العاملة في أفريقيا، قبل أيام، «استهدفت مجموعة إرهابية مكونة من 10 (إرهابيين) منتسبين لـ(داعش) بمدينة مرزق بجنوب البلاد، وليس ثمانية».
ميدانياً، قالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني، أمس، إن مقاتلاته استهدفت موقعاً لمجموعات من الميليشيات بمحور الهيرة جنوب طرابلس، ما أسفر عن مقتل 20 مسلحاً.
كذلك، قال المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابع للجيش الوطني إن ما تبقى من قوات إيطالية في مدينة مصراتة (بغرب البلاد) يستعد لمغادرتها «خلال الـ48 ساعة المقبلة». ولم يقدم المركز، في بيان مقتضب، أي تفاصيل إضافية، لكنه قال إن هذه المعلومات وردت إليه من مصادره «بداخل المدينة».
وتحتفظ إيطاليا بقوة من جنودها ضمن قاعدة عسكرية محدودة، تشرف على تأمين مستشفى عسكري إيطالي في مدينة مصراتة، وسبق أن طالب الجيش الوطني بإغلاقه، لكن وزيرة الدفاع في الحكومة الإيطالية السابقة، إليزابيتا ترينتا، رفضت الطلب، قائلة إن المستشفى العسكري يقوم بأنشطة لصالح الشعب الليبي.
إلى ذلك، أعلن بيان مشترك أصدرته حكومة الإمارات، وسفراء فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وانضمت إليه تركيا لاحقاً، الدعم «الكامل» للمؤسسة الوطنية للنفط، ومقرها طرابلس، بصفتها «مؤسسة النفط الوحيدة المستقلة والشرعية وغير الحزبية» في ليبيا.
وقال بيان وزعته السفارة الأميركية بطرابلس، إنه «حان الوقت لتوحيد المؤسسات الاقتصادية الوطنية بدلاً من تفكيكها، من أجل الاستقرار السياسي والاقتصادي في ليبيا، ورفاهية جميع مواطنيها».
كانت المؤسسة قد حذرت الأسبوع الماضي من تداعيات تقسيم قطاع النفط في البلاد بعد إنشاء الحكومة الموازية في شرق البلاد، لشركة «البريقة» لتسويق مشتقات النفط وتوزيعه داخل ليبيا، على خلفية خفض المؤسسة إمدادات الكيروسين (وقود الطيران) في مناطق خاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني لمنعه من استخدام الإمدادات في المعارك الدائرة جنوب طرابلس.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أنه سيترأس مع نظيره الإيطالي اجتماعاً مخصصاً لليبيا سيعقد (الخميس) المقبل بمقر منظمة الأمم المتحدة في نيويورك بحضور الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، بالإضافة إلى الاتحادين الأوروبي والأفريقي، والجامعة العربية، بهدف الدفع نحو تنظيم مؤتمر دولي لإخراج ليبيا من النزاع الدموي.
وقال لودريان، في مؤتمر صحافي عشيّة انعقاد الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، «الهدف هو الانخراط في عمليّة سياسيّة، ولن يكون هناك حلّ عسكري في ليبيا».
وأعلن غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس، أنه بحث مع الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، آخر تطورات الملف الليبي والجهود المبذولة للبحث عن حلول للأزمة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».