قيادي في المعارضة السودانية: قد نقبل البشير رئيسا بصلاحيات محدودة

إبراهيم الشيخ عقب إطلاق سراحه: سأترشح للرئاسة إذا قدمني الشعب

إبراهيم الشيخ («الشرق الأوسط»)
إبراهيم الشيخ («الشرق الأوسط»)
TT

قيادي في المعارضة السودانية: قد نقبل البشير رئيسا بصلاحيات محدودة

إبراهيم الشيخ («الشرق الأوسط»)
إبراهيم الشيخ («الشرق الأوسط»)

كشف رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض، إبراهيم الشيخ، الذي أفرج عنه بعد اعتقال دام 100 يوم، أن زعيم الإسلاميين السودانيين، حسن الترابي، سيقوم بإدارة ملف الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس عمر البشير منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأبدى استعداده للترشح لرئاسة البلاد في الانتخابات المقبلة حال التوصل لتسوية مقبولة من كل الأطراف، بيد أنه اشترط ما أسماه «اجتماع إرادة أهل السودان»، وتقديمه لتمثيلهم، وقال في حديث مع «الشرق الأوسط»: «لو اجتمعت إرادة أهل السودان فاختاروني وقدموني صفوفهم، فليس هناك ما يحول بيني والترشح، لكن لن أطلب الأمر لنفسي أبدا».
ويعد حزب المؤتمر السوداني الذي يترأسه الشيخ، أحد أهم الأحزاب المكونة لـ«تحالف قوى الإجماع الوطني» المعارض لحكومة الرئيس عمر البشير، ويحظى الحزب بشعبية واسعة بين شرائح الخريجين والمثقفين والطلاب، كما يحظى بتأييد قوي في مناطق بغرب السودان.
واعتقل «إبراهيم الشيخ» في الثامن من يونيو (حزيران) الماضي بمدينة النهود – بولاية كردفان غربي البلاد – لـ100 يوم، على خلفية اتهامه بانتقاد «قوات الدعم السريع» التابعة لجهاز الأمن الوطني، واتهامها بممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان.
وأكسبه رفضه للاعتذار عن انتقاداته لتلك القوات المثيرة للجدل مقابل إطلاق سراحه، تأييدا واسعا من قبل قطاعات شعبية ومعارضة كبيرة؛ مما أدى إلى طول فترة اعتقاله لأكثر من 3 أشهر، استجابة لطلب من الوسيط الأفريقي رئيس جنوب أفريقيا السابق، ثابو مبيكي، الذي تولى إدارة الحوار السوداني. وقال الشيخ إن «الترابي من خلال وجوده في المعارضة لمدة 15 سنة يدرك تماما احتياجات الشارع السوداني، وأن الثورة قادمة، وتبعا لهذا فهو يسوق المؤتمر الوطني للحوار لإخراجه من أزمته»، وأضاف: «الترابي عرف هذا بذكائه، فقدم فكرة الحوار الوطني، ولا أظنه يريد الهلاك مع المؤتمر الوطني».
وأشار إلى ما أسماه: «حماس» الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر، للحوار، وإلى أحاديث الترابي، وقال: «التقيته كثيرا عندما كانوا معنا في المعارضة؛ مما يجعلني أوقن بإدراكه لما هو مطلوب لفك الخناق عن عنق النظام، فيحافظ على مشروعه الذي وهبه كل عمره الذي لن يفرط فيه ليذهب مع الريح»، ولم يرفض الشيخ بقاء الرئيس عمر البشير رئيسا للحكومة الانتقالية، لكنه اشترط إعطاءه صلاحيات محدودة، واستحداث منصب رئيس وزراء تنقل إليه صلاحيات الرئيس وفقا لما ينص عليه برنامج «البديل الديمقراطي».
وأقر الشيخ بعدم وجود جهة غالبة أو منتصرة بين الفرقاء السودانيين بمقدورها إملاء شروطها على المهزوم، وأن الحل لمشكلات البلاد يستلزم ما أسماه «تسوية تاريخية»، تقدم في التنازلات الضرورية. ووصف رفض إقامة حكومة انتقالية بأنها «مناورة لن تصمد كثيرا، وأن عراب الحوار (حسن الترابي) يعي مطلوبات المرحلة الممثلة في الحكومة الانتقالية، وتأجيل الانتخابات، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة».
ونفى الشيخ أن يكون اعتقاله كان «تلميعا» له ليلعب دورا في قيادة البلاد في المرحلة المقبلة، وقال: «أقرأ وأسمع أحيانا مثل هذه الأحاديث، لكن تاريخي يقول بعدم وجود علاقة تربطني بتنظيم الإخوان المسلمين، وأرى أنها حركة تفتقر لقيم الوطنية، وتأتمر بأمر الخارج، وأمر التنظيم الدولي للإخوان، وليس لديها مصلحة في تلميعي، بل على العكس، فإن مصلحتها تدميري».
وأضاف أن مواقف حزبه تناقض الحزب الحاكم، بقوله: «لا نرى أي مساحات للتلاقي معه، إلا في إطار تسوية باعتباره قوة اجتماعية موجودة لا نستطيع إنكارها، لكن أن نعمل معهم أو أن تربطنا بهم مصالح، فهذا غير وارد والأيام ستثبت موقفنا»، وأضاف: «لن نخون الشعب، ولن نهادن ونساوم في قضاياه، ولا نخشى النظام».
ونفى أي «صفقة» لإطلاق سراحه، وقال: «لو كنت أريد الصفقات لتعاطيتها من أول أسبوع، فلا صفقات بيني وبينهم، لقد جرب النظام الأمر عبر محاولات كثيرة ومارس ضغوطات وترغيب وترهيب، لكني لم أستجب لرغباته وغطرسته وتعاليه الدائم». ووسم الشيخ نظام الحكم بأنه «متغطرس ومتعال»، وأنه يظن أن لكل شخص قيمة وثمنا يدفع ليتحول بموجبه من قائد سياسي إلى تابع لحزبه (المؤتمر الوطني)، وقال: «نحن لسنا معروضين للبيع والشراء في الأسواق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.