إسرائيل وواشنطن تهاجمان عباس بسبب خطابه أمام الأمم المتحدة

ليبرمان: تصريحات الرئيس الفلسطيني أثبتت أنه لا يمكن أن يكون شريكا في السلام

إسرائيل وواشنطن تهاجمان عباس بسبب خطابه أمام الأمم المتحدة
TT

إسرائيل وواشنطن تهاجمان عباس بسبب خطابه أمام الأمم المتحدة

إسرائيل وواشنطن تهاجمان عباس بسبب خطابه أمام الأمم المتحدة

قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن القيادة الفلسطينية ستواصل الحوار مع واشنطن خلال الأسابيع الـ3 المقبلة، قبل تصويت مفترض على مشروع قرار في مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال 3 سنوات، وذلك رغم الخلافات التي تعمقت بشكل كبير بسبب مشروع القرار، وخطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أول من أمس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة.
وأكدت المصادر أن فرص الاتفاق مع واشنطن أصحبت ضعيفة للغاية بسبب إصرارها على استئناف المفاوضات بين طرفي النزاع من دون إدخال مجلس الأمن في الأمر. وبحسب المصادر ذاتها، فإن واشنطن تريد من الفلسطينيين الانتظار، فيما لم تستطع أن تقنع إسرائيل باستئناف مفاوضات تبدأ بترسيم الحدود مع وقف للاستيطان، وتنتهي خلال عام بالوصول إلى اتفاق حول جميع القضايا. كما توقع مصدر مطلع أن تستخدم الولايات المتحدة الفيتو ضد مشروع القرار الفلسطيني، الذي يفترض أنه قدم أول من أمس إلى مجلس الأمن، قائلا إن ذلك (استخدام الفيتو) يعني التوجه فورا إلى الجنايات الدولية لمحاكمة إسرائيل.
ويدعو مشروع القرار الفلسطيني إلى تحديد سقف زمني «لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي 1967 خلال 3 سنوات، مع وجود طرف ثالث في الأراضي الفلسطينية، على أن تبدأ مفاوضات فورية لترسيم الحدود يتلوها الاتفاق على قضايا الوضع النهائي».
وقد بدا الخلاف الفلسطيني - الأميركي واضحا بعد الانتقادات العلنية الأميركية للخطاب الذي ألقاه عباس، إذ قالت جنيفر بساكي، المتحدثة باسم وزارة الخارجية: «كانت في خطاب الرئيس عباس توصيفات مهينة، وهي في العمق مخيبة للآمال، ونحن نرفضها». ونددت أيضا في بيان مقتضب بما وصفته بأنه «تصريحات استفزازية» من جانب الرئيس عباس، وقالت إنها ترفض «التصريحات غير البناءة التي من شأنها أن تجهض الجهود الهادفة إلى خلق مناخ إيجابي وإلى إعادة بناء الثقة بين الأطراف».
وحسب مراقبين، يفترض أن تكون عملية السلام في صلب مباحثات يجريها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى اجتماعهما في البيت الأبيض الأربعاء المقبل، إلى جانب قضية التسلح النووي الإيراني والحرب ضد تنظيم داعش.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد طالب من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، أول من أمس، الدول الأعضاء بإصدار قرار أممي يضع سقفا زمنيا لإنهاء الاحتلال، وإلزام إسرائيل بالعودة لطاولة المفاوضات لترسيم الحدود بينهما، وأكد أنه «لا يمكن العودة إلى دوامة مفاوضات تعجز عن التعامل مع جوهر القضية والسؤال الأساس، وأنه لا معنى ولا فائدة ترتجى من مفاوضات لا يكون هدفها المتفق عليه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس على كامل الأراضي الفلسطينية، التي جرى احتلالها في حرب 1967، ولا قيمة لمفاوضات لا ترتبط بجدول زمني صارم لتنفيذ هذا الهدف».
وأضاف عباس أن «فلسطين ترفض أن يكون حق شعبها في الحرية رهينا باشتراطات عن أمن إسرائيل»، مؤكدا أن «شعب فلسطين هو من يحتاج في الحقيقة إلى الحماية الدولية الفورية، وهو ما سنسعى إليه من خلال المنظمات الدولية، وهو من يحتاج إلى الأمن وإلى السلام قبل أي أحد آخر، وأكثر من أي أحد آخر».
إلا أن خطاب عباس لاقى ردود فعل غاضبة في إسرائيل، حيث عد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابه «تحريضيا ومليئا بالأكاذيب». وجاء في بيان مقتضب: «إن هذه الأقوال لا تليق بمن يسعى للسلام». كما هاجم أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي، الرئيس عباس، وقال إن خطابه يؤكد مرة أخرى «بشكل لا لبس فيه أنه لا يريد ولا يمكنه أن يكون شريكا في اتفاق سلام سياسي ومنطقي».
مضيفا أن «رئيس السلطة يمارس الإرهاب السياسي ويروّج للافتراءات الكاذبة حول إسرائيل». ورأى أنه «طالما استمر عباس على رأس السلطة الفلسطينية، فإن الصراع سيستمر»، مشيرا إلى أن عباس أثبت مرة أخرى أنه «ليس رجل السلام». وتابع ليبرمان موضحا أنه «لم ينضم لحكومة حماس من فراغ، إنه يشكل امتدادا لحماس باستعماله الإرهاب السياسي، ويكمل طريق (ياسر) عرفات بأشكال مختلفة وهدف واحد، وهو تعميق الصراع».
وأكثر ما أثار غضب إسرائيل هو اتهامها من قبل عباس بتنفيذ نكبة جديدة بحق الشعب الفلسطيني، وارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة في بث حي ومباشر، وتعهده بأنه لن يسمح لإسرائيل بالإفلات من المحاكمة.
وعقب إيتان كابل، رئيس كتلة العمل البرلمانية وعضو الكنيست، على مضمون كلمة عباس قائلا: «إنها مثيرة للاستياء ومخيبة للآمال، ومن شأنها أن تؤدي إلى تقوية المعسكر الذي يرفض العملية السلمية»، مضيفا أن «تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية مليئة بالأكاذيب، وكان من الأفضل لو أنه لم يطلقها».
كما انتقد عضو الكنيست نحمان شاي، من حزب العمل، الخطاب بقوله: «إنه بمثابة احتفال لمعارضي التسوية السياسية في الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، ويوم حزين بالنسبة لمن ما زال يؤمن بحل الدولتين».
ولكن النائبة زهافا غلؤون، رئيسة حزب ميرتس، أعلنت أن حزبها يؤيد الجهود التي يبذلها عباس على الصعيد الدولي من أجل إنهاء الاحتلال، والحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة بوصفها إحدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وقالت تعقيبا على الخطاب الذي ألقاه عباس: «إن أقواله تعكس فقدان ثقة الفلسطينيين التام برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوصفه شريكا للمفاوضات السلمية»، مضيفة أنها لا تستغرب لذلك. كما رأت غلؤون أن «نتنياهو اتبع أسلوب التعنت السياسي على مدى السنوات الـ5 الأخيرة»، وقالت إن «المفاوضات التي أجراها مع الفلسطينيين لم تحرز أي تقدم، في حين استمرت أعمال البناء في المستوطنات بكل شراسة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.