الجراد يغزو غرب السعودية بعد مصر والسودان

منظمة الأغذية والزراعة توصي بتوخي الحذر.. والرياض تجهز خطة لمواجهته

الجراد يغزو غرب السعودية بعد مصر والسودان
TT

الجراد يغزو غرب السعودية بعد مصر والسودان

الجراد يغزو غرب السعودية بعد مصر والسودان

جدة: أسماء الغابري
حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من هجوم أسراب كبيرة الحجم من الجراد على الأراضي السعودية قادمة من شرق السودان وجنوب شرق مصر، وأوصت المنظمة بضرورة توخي الحذر وتكثيف أعمال المكافحة على المناطق التي ظهرت بها إصابات خفيفة، والمتوقع أن يستمر وصول أسراب إليها حتى نهاية شهر مارس (آذار).

وأبلغ «الشرق الأوسط» المهندس حسن سنقوف مدير عام الزراعة في منطقة مكة المكرمة أن وزارة الزراعة في السعودية على تواصل مستمر لتبادل المعلومات لحظة بلحظة مع الهيئة الإقليمية للجراد الصحراوي التي مقرها مصر والتي تضم في عضويتها إلى جانب مصر ودول الخليج كلا من إثيوبيا والسودان واريتريا.

وأوضح أن وجود الجراد في مصر أمر طبيعي على اعتبار أنها إحدى الدول التي يتكاثر بها الجراد، موضحا أن تكاثره لأكثر من جيل وغزو الأسراب الكبيرة الحجم القادمة من السودان لجنوب شرق مصر أدت إلى انتشار الإصابة في مصر حتى وصلت إلى القاهرة وشرقا إلى سيناء، وعبور أحد الأسراب ووصوله إلى الأراضي المحتلة.

وبين أن ما حدث في مصر يشكل خطورة على مناطق التكاثر الربيعي في السعودية حيث تتجه هذه الأسراب في العادة إلى تلك المواقع في شهر مارس، مشيرا إلى ازدياد الخطورة هذا العام نتيجة لهطول الأمطار الغزيرة على مناطق التكاثر الربيعي في تبوك والجوف ومنطقة الحدود الشمالية كالقصيم وحائل.

من جهته أوضح لـ«الشرق الأوسط» المهندس عدنان خان مدير عام مركز مكافحة وأبحاث الجراد أن وزارة الزراعة تعمل على مكافحة الجراد طبقا لخطة استراتيجية توضع قبل بداية الموسم، وتستخدم في أعمال مكافحة الجراد الأرضية سيارات مزودة بأحدث أجهزة الرش بطريقة الرذاذ المتناهي الصغر، وقد تستخدم الطائرات عند الحاجة، في المناطق الوعرة والمساحات الشاسعة من الإصابة.

وأوضح أن الوزارة تستأجر خمس طائرات رش جوي أربعة منها مجنحة وأخرى هليكوبتر لمكافحة الجراد وبعض الآفات الأخرى من خلال عقود مستمرة مع الشركات والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال.

ويرى أن المكافحة الكيميائية هي الوسيلة المثلى لمواجهة ومكافحة أسراب الجراد للحد من مخاطرها ولحماية المحاصيل الزراعية، مؤكدا أن المبيدات المختارة من قبل الوزارة تتميز بقلة ضررها على البيئة والإنسان والحيوان حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.

ولفت إلى أن كلفة المكافحة بالنسبة للجراد الصحراوي تختلف حسب حجم وانتشار الإصابة في مواسم التكاثر، موضحا أنه ومن واقع السنوات الماضية تراوحت التكلفة بين عشرة ملايين وعشرين مليون ريال.

واعتبر الجراد الصحراوي من الآفات الخطيرة نظرا لأنه واسع النطاق بالنسبة لخيارات التغذية، فهو يمكن أن يهاجم أنواعا مختلفة من المحاصيل الزراعية وأشجار الفواكه والنخيل، ويتغذى على محاصيل الدخن والذرة والقمح والشعير والبرسيم وأشجار الحمضيات والعنب والبطيخ ومعظم الخضراوات وسعف النخيل.

وأكد مدير مركز مكافحة وأبحاث الجراد أن تهافت هواة الصيد على جمع كميات من الجراد للاستفادة من وجود سوق رائجة لبيعه، من شأنه تقليص المساحات التي يتحرك فيها الجراد.

واعتبر صيد الجراد يمكن أن يسهل مكافحة الأسراب بالتقليل من المساحات التي يغطيها الجراد وبالتالي حصر المساحات التي يجب أن تتم تغطيتها في أعمال المكافحة. وقال إن الطريقة التي يقوم بها المواطنون هي إحدى طرق المكافحة للجراد ميكانيكية، إلا أن هذه العملية تصعب معرفة حجم ومساحة مواقع وضع البيض والذي يؤدي إلى عدم معرفة الواقع التي مر بها هذه الأسراب ونفاجأ بظهور بقع الدبأ في مواقع لم يكافح فيها جراد.

وقدمت السعودية مساعدات لعدد من الدول لمكافحة الجراد. منها 3 ملايين ريال (800 ألف دولار لدول شرق أفريقيا عام 2013 الحالي، وسيارات وأجهزة مكافحة لإريتريا بقيمة 1.2 مليون ريال (300 ألف دولار) في 2007، ومليون دولار لتأمين متطلبات الجزائر في أعمال استكشاف ومكافحة الجراد عام 2005.

3.75 مليون ريال (مليون دولار) لتأمين متطلبات السنغال في أعمال استكشاف ومكافحة الجراد عام 2005. وسيارات وأجهزة مكافحة لليمن بقيمة بقيمة 1.2 مليون ريال (300 ألف دولار) عام 2005.

سيارات وأجهزة مكافحة ومصاريف تشغيلية بقيمة مليوني دولار للسودان عام 2005.



هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

تعددت التساؤلات حول طبيعة التحركات المصرية المستقبلية في الأزمة السودانية، واحتمالات اللجوء إلى الخيارات العسكرية، بعد الموقف اللافت بتحديد «خطوط حمراء» للحفاظ على «وحدة السودان»، وكذلك التلويح بـ«اتفاقية الدفاع المشترك»، وذلك في ظل وضع ميداني معقد جراء الحرب المستمرة منذ ما يزيد على 3 سنوات.

وتمثلت المحددات المصرية للخطوط الحمراء في «الحفاظ على وحدة السودان، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان». وجاءت الخطوط الحمراء مقترنة بالتأكيد على «الحق الكامل في اتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين»، وفق بيان صادر عن الرئاسة المصرية، الخميس.

الخيار العسكري مستبعد

واتفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الخيار العسكري يبقى مستبعداً في حال لم يتم تجاوز الخطوط الحمراء»، وأن «لغة البيان المصري دفاعية بالأساس، وإن كانت تحمل لغة مغايرة عن الخطابات الدبلوماسية التي حرصت مصر عليها منذ اندلاع الحرب، وتبقى تقديرات استخدام الأساليب الخشنة متروكة وفقاً لحسابات عديدة يصُعب تقديرها الآن». وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، في تصريحات إعلامية، مساء الخميس، إن «من المهم عدم تجاوز الخطوط الحمراء لمصر في السودان»، مؤكداً موقف القاهرة الثابت تجاه دعم استقرار ووحدة الدولة السودانية.

ولفت إلى أن «اتفاق الدفاع المشترك بين مصر والسودان قائم، ويشمل مواجهة أي أخطار أو تهديدات تمس أمن البلدين»، موضحاً أن «مصر ترفض أي تهديد لوحدة السودان من أي طرف كان، بما في ذلك محاولات فرض حكومة موازية»، مؤكداً «التزام القاهرة بالحفاظ على سيادة السودان ووحدة أراضيه».

وفي مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري» مع السودان، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976، في مواجهة «التهديدات الخارجية».

الهدف وقف النار

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أكد أن «مصر لديها هدف رئيسي يتمثل في وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات والحفاظ على وحدة السودان، وأن الخطوط الحمراء تؤكد أن السودان امتداد استراتيجي للأمن القومي المصري ولن تسمح مصر بأن ينقسم إلى دويلات، وبالتالي فإن الهدف دفاعي في المقام الأول».

محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

وجاء البيان المصري الذي أكد «الرفض القاطع لإنشاء أي كيانات موازية، أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه»، بالتزامن مع زيارة قام بها الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة، التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وعقب عودته إلى السودان، وجه البرهان رسالة إلى الرئيس المصري في تغريدة له على منصة «إكس»، مساء الخميس، قائلاً: «شكراً مصر... شكراً الرئيس عبد الفتاح السيسي».

واعتبر الخبير في شؤون الأمن القومي، اللواء محمد عبد الواحد، أن «جميع السيناريوهات مطروحة طالما أن الموقف المصري ربط بين وحدة السودان واستقراره وحماية الأمن القومي المصري، ويبقى الخيار العسكري بيد السلطة السياسية والقائد الأعلى للقوات المسلحة (رئيس الجمهورية) وفقاً لحسابات عديدة ومعقدة». وأضاف أن «مصر هدفت لإحداث توازن بين لغة التصعيد للدفاع عن مصالحها، والإشارة إلى المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار ودعم المسارات السياسية، ما يشير إلى أن القاهرة غير مندفعة نحو الخيار العسكري، وتنتظر تراجعاً من الأطراف التي تعمل على تقويض استقرار السودان وتقسيم أراضيه بما يشكل تهديداً للأمن القومي المصري».

خطاب ردع

وتضمن بيان «الخطوط الحمراء» تأكيداً على «حرص مصر الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية». لكن عبد الواحد في الوقت ذاته، شدد على أن «الخطوط الحمراء» تمثل نقطة تحول استراتيجي في الخطاب السياسي من التهدئة الدبلوماسية إلى التهديد، أو ما يمكن وصفه بـ«التصعيد الدفاعي» في ظل تطورات ميدانية تشير إلى تقدم «قوات الدعم السريع»، وبالتالي فإن الموقف الأخير هو «خطاب ردع».

متحدث الرئاسة المصرية ينشر تغريدة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عقب زيارته القاهرة الخميس (المتحدث)

ومن وجهة نظر عبد الواحد، فإن «استدعاء القانون الدولي يشير إلى أن القاهرة تُذكر بـ(المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح للدول الدفاع عن نفسها إذا تعرضت للمخاطر)، كما أن تفعيل (اتفاقية الدفاع المشترك) يؤشر على تنسيق في مجالات التبادل المعلوماتي والتدريبات المشتركة، وغيرها من مجالات التعاون التي تدعم حماية الأمن القومي».

ووسعت «قوات الدعم السريع» عملياتها باستخدام الطائرات المُسيرة، وأطلقت، الخميس، هجوماً واسعاً على مدن عطبرة والدامر وبربر في شرق السودان باستخدام 35 طائرة مسيرة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

الكرة في ملعب «الدعم»

مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشؤون السودان، السفير حسام عيسى، أكد أن «الحديث عن الخيارات العسكرية سابق لأوانه، فلكل حادث حديث في حال جرى تجاوز الخطوط الحمراء، والكرة الآن في ملعب (قوات الدعم السريع) بإعادة النظر في خططها الساعية لتقسيم السودان بما يضمن وحدة البلاد والحفاظ على مؤسسات الدولة مع التدمير الواسع الذي تقوم به على مستوى البنية التحتية، وبما يمنع من تكرار جرائم الحرب الشنيعة التي وقعت في دارفور». وأشار إلى أن الموقف المصري الأخير جاء مع تنامي الأخطار المحيطة بالدولة المصرية مع تدفق أعداد هائلة من اللاجئين، وتهديد أمن الحدود والوضع العملياتي على الأرض الذي يحمل خطورة كبيرة على الأمن القومي المصري.

وحذر وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الشهر الماضي، من «رد فعل قوي لبلاده، حال تهديد أمنها القومي المباشر»، مشيراً في تصريحات متلفزة عقب زيارته بورتسودان، إلى أنه «لا يمكن السماح لأي طرف تحت أي ظرف المساس بحدود بلاده».

وتتحكم «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ أكثر من عامين ونصف عام في «إقليم دارفور بالكامل»، بعد سيطرتها على مدينة الفاشر (شمال دارفور) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما أعلنت في يونيو (حزيران) الماضي سيطرتها على «منطقة المثلث الحدودي» التي تجمع مصر، وليبيا، والسودان.


روبيو: لا سلام في غزة من دون نزع سلاح «حماس»

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)
TT

روبيو: لا سلام في غزة من دون نزع سلاح «حماس»

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث في مؤتمر صحافي بواشنطن (رويترز)

أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة، أنّه «لن يكون هناك سلام» ممكن في قطاع غزة من دون نزع سلاح حركة «حماس».

وقال للصحافيين؛ إذا كانت «(حماس) قادرة في المستقبل على تهديد إسرائيل أو مهاجمتها، فلن يكون هناك سلام، ولن يكون بالإمكان إقناع أحد باستثمار المال في غزة إذا اعتقدوا أنّ حرباً جديدة ستندلع في غضون عامين أو 3 أعوام... لهذا السبب، يعدّ نزع السلاح أمراً بالغ الأهمية».

وأعرب عن ثقته بأن دولاً سترسل قوات للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية، المزمع تشكيلها في قطاع غزة الذي دمرته الحرب بين إسرائيل و«حماس». وقال: «لديّ ثقة كبيرة بأن لدينا عدداً من الدول المقبولة لدى جميع الأطراف في هذا الأمر، وهي مستعدة للمشاركة في قوة الاستقرار».

من ناحية أخرى، عبّر روبيو ‌عن أمل ‌واشنطن ‌في ⁠أن ​تؤدي ‌المحادثات بين السلطات اللبنانية وإسرائيل إلى تشكيل حكومة لبنانية ⁠قوية ونزع ‌سلاح ‍«حزب الله».

وقال: «نأمل أن تفضي ​المحادثات بين السلطات اللبنانية والإسرائيليين إلى ⁠وضع خطوط عريضة وطريقة للمضي قدماً تحول دون تفاقم الصراع».


أزمة شرق الكونغو... تصاعد المعارك يهدد «اتفاقات السلام»

جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)
جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)
TT

أزمة شرق الكونغو... تصاعد المعارك يهدد «اتفاقات السلام»

جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)
جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)

رغم «خطوات السلام» في شرق الكونغو الديمقراطية، لإنهاء صراع مسلح منذ ثلاثة عقود، فإن استمرار المعارك يهدد «اتفاقيات السلام» التي تهدف إلى إنهاء التوتر القائم بالمنطقة.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين في الإقليم.

وحذرت منظمات دولية من مخاطر تزايد العنف في «شرق الكونغو»، وقال مسؤولون بـ«الصليب الأحمر»، الخميس، إن «شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي هو الأكثر حدة في النزاع». وقال خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن «اتفاقيات السلام تظل محاولة غير مؤكدة النجاح؛ ذلك أنها لم تعالج كل جذور الصراع في المنطقة».

وأسفرت سلسلة التفاهمات بين أطراف النزاع، عن توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسَي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع ديسمبر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود. ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويظل المشهد في شرق الكونغو هشّاً، وسط تصعيد مستمر للهجمات المسلحة التي تعرقل أي خطوات حقيقية نحو الاستقرار، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن مسؤولة من «الصليب الأحمر»، بإقليم ساوث كيفو في الكونغو، الخميس، أن «تواصل الاشتباكات المسلحة في مناطق متعددة بالإقليم، تسبب في وقوع قتلى وإجبار الآلاف من الأسر على النزوح».

وأشار «الصليب الأحمر» إلى أن «أكثر من 100 مدني مصابون بطلقات نارية تلقوا العلاج في المستشفيات التي تدعمها المنظمة منذ بداية ديسمبر الحالي»، وقالت المنظمة: «شهد هذا الشهر القتال الأكثر حدة». فيما نقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية، سيلفان إيكينجي، الأربعاء، أن «القتال مستمر يومياً في جميع أنحاء شرق البلاد المنكوب بالصراع»، وأضاف: «لا يمر يوم دون قتال في شمال كيفو وجنوب كيفو»، في إشارة إلى المنطقتين اللتين حققت فيهما حركة «23 مارس» تقدماً خاطفاً هذا العام. وقال سكان محليون لـ«رويترز»، الأربعاء، إن متمردي حركة «23 مارس» المدعومين من رواندا لم ينسحبوا من بلدة أوفيرا شرق الكونغو رغم إعلانهم في وقت سابق من هذا الأسبوع أنهم سينسحبون منها. ومطلع الشهر الحالي، سيطرت «23 مارس» على بوكافو وجوما، عاصمة إقليم نورث كيفو.

جانب من الأحداث في شرق الكونغو (رويترز)

وفي وقت سابق، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم الذي شنته «23 مارس» في عدة مواقع بمقاطعة جنوب كيفو، وأسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، ودعا في إفادة له الشهر الجاري إلى «وقف فوري وغير مشروط للأعمال العدائية، تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2773»، عاداً التصعيد «يُهدد جهود الوصول إلى حل مستدام للأزمة، ويزيد من خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، تبنى مجلس الأمن بالإجماع القرار 2773، الذي دعا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، قوات الدفاع الرواندية إلى وقف دعم حركة «23 مارس»، والانسحاب الفوري من أراضي الكونغو الديمقراطية دون شروط مسبقة.

الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، يعتقد أن «اتفاقيات السلام في شرق الكونغو، تظل محاولة غير مؤكدة النجاح، لعدم معالجتها جذور الصراع الممتد منذ أكثر من 30 عاماً»، وقال إن «حجم المشكلة أعمق من صيغة اتفاقيات السلام، التي لم تراعِ وجود أطراف أخرى في الصراع، ودول إقليمية تتداخل في الأزمة حماية لمصالحها». ويرى زهدي أن «شرق الكونغو ما زالت تشهد معارك متقطعة ومناوشات في بعض المناطق المحلية»، عاداً هذه النزاعات «تقوّض فرص نجاح اتفاق السلام»، وأشار إلى أن تسوية النزاع «تحتاج إلى جهود مشددة من المراقبة، من خلال تخصيص بعثة أممية تضم قوات متعددة الجنسيات، تتولى إنهاء الصراع ومراقبة تنفيذ بنود اتفاق السلام».

ومن الإشكاليات التي تواجهها منطقة شرق الكونغو «تعدد أطراف الصراع من حركات مسلحة تقوم بالحرب لصالح أطراف من الخارج»، وفق الباحث في الشؤون الأفريقية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، صلاح خليل، وقال إن «المنطقة تشهد تحالفات مسلحة من حركات تجمعها أهداف اقتصادية، رغم اختلاف آيديولوجيتها». ويعتقد خليل أن استمرار المعارك والنزاع المسلح يعني «تهديد اتفاق واشنطن للسلام»، ورجح إمكانية «عودة التصعيد والصراع مرة أخرى بالمنطقة، مع ظهور مصالح اقتصادية من حركات مسلحة للاستفادة من ثروات المنطقة، في ظل حالة الهشاشة الناتجة عن الصراع».