في فترة ما من العام الماضي، وصل رجل كويتي - في أوائل الثلاثينات من عمره وقضى أكثر من عقد من الزمان يختبئ من الحكومة الأميركية - إلى شمال غربي سوريا؛ حيث التقى بأعضاء آخرين من تنظيم القاعدة، وبدأوا يغرسون جذورهم في بلد مزقه عامان من سفك الدماء والفوضى.
يعتقد مسؤولو الاستخبارات الأميركية أن أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، أرسل هذا الكويتي - الذي يُعرف أحيانا باسم محسن الفضلي - من باكستان، ليتولى السيطرة على خلية يمكن أن تستخدم سوريا، في يوم من الأيام، كقاعدة لشن هجمات ضد أوروبا، وربما ضد الولايات المتحدة الأميركية.
وعلى النقيض من الجماعات الجهادية الأخرى التي برزت على الساحة في السنوات الأخيرة، توارت هذه الخلية الإرهابية «خراسان»، التي جاء السيد الفضلي ليقودها - بعيدا عن الأضواء؛ حيث لم تقم بنشر مجلات إلكترونية ولم تتباه بالخطط الموضوعة من جانبها عبر موقع «تويتر».
تطور هذه الجماعة من الغموض إلى الأعمال المشينة كان أمرا مفاجئا: في يوم الثلاثاء، تحدث الرئيس أوباما، للمرة الأولى، عن هذه الجماعة بشكل علني، عندما صرح بأنه أصدر أمرا بشن غارة جوية ضدها لعرقلة ما عدّه المسؤولون الأميركيون مؤامرة إرهابية تستهدف الغرب.
ولم تؤكد الحكومة الأميركية حتى الآن مقتل السيد الفضلي في الهجوم الذي شنته، وأدلى المسؤولون الأميركيون بروايات مختلفة تفيد فقط بأن الجماعة كانت على وشك شن هجوم، وحول فرص نجاح أي مؤامرة. ونعت مسؤول أميركي بارز، يوم الأربعاء الماضي، مؤامرة جماعة «خراسان» بـ«التطلعية»، موضحا أنه لا يبدو حتى الآن وجود خطة ملموسة يسيرون عليها.
التركيز على جماعة «خراسان» في الآونة الأخيرة - في الوقت الراهن على الأقل - أدى لتشتيت الانتباه عن «داعش»، التنظيم المسلح الذي كانت النجاحات الأخيرة التي حققها على أرض المعركة المبرر الأساسي لقيام أوباما بشن غارات جوية ضده. كما أكد أيضا على الصلة المستمرة مع قيادة تنظيم القاعدة في باكستان، وهو التنظيم الذي أوضح الرئيس أوباما - في الكلمة التي ألقاها أمام الأمم المتحدة يوم الأربعاء - جرى تدميره بشكل سيئ.
ومن جهته، قال بروس أوه ريدل، محلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وهو الآن محلل بمعهد بروكينغز «هناك نوع من التناقض»، وأضاف «لو كان جرى تدميرهم، فلماذا يناوبنا قلق شديد عندما نكتشف أدلة جديدة حول أنشطتهم؟».
ندرة المعلومات العامة حول جماعة «خراسان» تجعل من الصعب استخلاص استنتاجات قاطعة حول أهدافها النهائية. فيما يعتقد مسؤولون استخباراتيون وخبراء معنيون بشؤون الإرهاب أن هذه الجماعة رغم وجودها في سوريا فإنها تدين بالولاء، في نهاية المطاف، إلى الظواهري والقيادة الأساسية لتنظيم القاعدة في باكستان. وأشاروا إلى أنه كان يبدو أن حجم الجماعة يتأرجح، لكنها كانت تتكون من نحو عشرين عنصرا، جاء معظمهم من باكستان وأفغانستان إلى سوريا، في بداية عام 2012.
وبمجرد وصولهم إلى سوريا، تواصل أعضاء الجماعة مع مقاتلين من جبهة النصرة، المنظمة السورية المتمردة والفرع الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، وهي واحدة من الجماعات التي تضم عددا لا يحصى من العناصر وتشكلت في السنوات الأخيرة من أجل محاربة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد. وبينما قال محللون إن جبهة النصرة لا تزال ملتزمة في الأساس بمحاربة القوات التابعة للحكومة من أجل السيطرة على الأراضي في الحرب الأهلية المفزعة التي تشهدها سوريا، تركز جماعة خرسان على الهجمات الخارجية.
ومن جانبه، قال سيث جي جونز، الخبير في شؤون الإرهاب بمؤسسة «راند»: «كان تنظيم القاعدة يريد بالأساس نشر المزيد من العناصر التابعة له في سوريا، التي تعد ساحة قتال مهمة بالنسبة لهم، لأنها قريبة جدا من أوروبا». فيما أفاد عدد من مساعدي الرئيس أوباما يوم الثلاثاء بأن الغارات الجوية لعناصر جماعة خراسان جرى شنها لإحباط تهديد إرهابي «وشيك»، ربما يلجأ إلى استخدام متفجرات مخبأة لتفجير طائرات، بينما أوضح مسؤولون أميركيون آخرون أنه لم يكن هناك دليل يشير إلى أن «خراسان» اتفقت على توقيت أو مكان الهجوم.
* خدمة «نيويورك تايمز»
«خراسان».. خلية إرهابية توارت بعيدا عن الأضواء
ابتعدت عن دعايات «القاعدة» ولم تفاخر بالخطط الموضوعة من جانبها
«خراسان».. خلية إرهابية توارت بعيدا عن الأضواء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة