منسق «صفقة القرن» يستقيل بعد إعلانها

جيسون غرينبلات يغادر البيت الأبيض خلال أسابيع

غرينبلات والسفير الأميركي في القدس يونيو الماضي (رويترز)
غرينبلات والسفير الأميركي في القدس يونيو الماضي (رويترز)
TT

منسق «صفقة القرن» يستقيل بعد إعلانها

غرينبلات والسفير الأميركي في القدس يونيو الماضي (رويترز)
غرينبلات والسفير الأميركي في القدس يونيو الماضي (رويترز)

في توقيت مثير للتساؤلات، أعلن جيسون غرينبلات المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، استقالته من منصبه صباح أمس الخميس، موضحا أنه سيبقى في منصبه خلال الأسابيع القليلة المقبلة حتى يكشف الرئيس دونالد ترمب عن الشق السياسي المرتقب من خطة السلام الأميركية بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة باسم «صفقة القرن».
وتلقي استقالة غرينبلات المفاجئة كثيرا من الشكوك حول أسباب الرحيل، ومستقبل الشق السياسي من الخطة الأميركية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال غرينبلات في بيان له صباح الخميس نشره أيضا على حسابه عبر «تويتر» إنه «شرف لي مدى الحياة أنني عملت في البيت الأبيض لأكثر من عامين ونصف تحت قيادة الرئيس ترمب، وأنا ممتن بشكل كبير أنني كنت جزءا من فريق عمل وصياغة رؤية للسلام وتنطوي هذه الرؤية على إمكانية تحسين حياة ملايين الإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم في المنطقة بشكل كبير».
وقدم غرينبلات في بيانه الشكر لزوجته نعومي وأطفاله الستة على مساندتهم له، وأشار إلى أنه سيفتقد العمل مع أصدقائه جاريد كوشنر وديفيد فريدمان وافي بيركوفيتش وكثير من العاملين في الحكومة الأميركية.
ونشر الرئيس ترمب تغريدة أشار فيها إلى مغادرة غرينبلات منصبه بعد ما يقترب من ثلاث سنوات، موضحا أنه سيعود للعمل في القطاع الخاص. ووصف ترمب غرينبلات بأنه صديق عزيز ومحام رائع، وأن جهوده وإخلاصه لإسرائيل ولإيجاد سلام بين إسرائيل والفلسطينيين لن تنسى.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن غرينبلات سيبقى في منصبه حتى إعلان الرئيس ترمب الشق السياسي من صفقة القرن، في وقت ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر عقدها في السابع عشر من سبتمبر (أيلول) الحالي، ويغادر بعدها غرينبلات عائدا إلى عائلته المقيمة في ولاية نيوجيرسي. وسيقوم كل من آفي بيركوفيتش نائب مساعد الرئيس الأميركي وبريان هوك الممثل الخاص لإيران بالخارجية الأميركية، بتولي مسؤوليات غرينبلات.
وأشار مصدر مسؤول بالبيت الأبيض إلى أن غرينبلات كان قد خطط من البداية الانضمام إلى إدارة الرئيس ترمب لمدة عامين فقط للمساعدة في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، وصياغة رؤية واقعية وقابلة للتنفيذ لحل النزاع والمساعدة في تطوير العلاقات بين إسرائيل والدول في المنطقة.
وقال المصدر: «بناء على رغبة غرينبلات التي أبداها مع نهاية عام 2018 بدأنا مناقشة كيفية ترتيب المرحلة المقبلة بعد رحيل جيسون، واتخذنا عدة خطوات في هذا الصدد منها مشاركة آفي بيركوفيتش في الاجتماعات والمناقشات ودمج فريق غرينبلات مع فريق برايان هوك في وزارة الخارجية الأميركية، وبناء فريق مشترك يتولى المسؤولية من البيت الأبيض».
وأوضح المصدر أنه لا يوجد تغيير في الاستراتيجيات وسيعمل كل من جاريد كوشنر وديفيد فريدمان مع آفي بيركوفيتش وبرايان هوك دورا متزايدا خلال الأسابيع القادمة.
وقال جاريد كوشنر في بيان: «لقد قام جيسون بعمل هائل في قيادة الجهود المبذولة لتطوير رؤية اقتصادية وسياسية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وساعدت جهوده على تطوير العلاقات بين إسرائيل وجيرانها حيث يثق به ويحترمه جميع القادة في جميع أنحاء المنطقة». وأضاف كوشنر أنه «صديق وشريك مقرب وسوف يستمر في إحداث تأثير إيجابي على العالم. وقالت إيفانكا ترمب: «سنفتقد في البيت الأبيض لطف غرينبلات ومواهبة الفريدة».
كون غريبنلات علاقة وثيقة مع جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي منذ توليه منصبه في أوائل عام 2017 وعمل مع السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، بشكل وثيق خلال تلك الفترة كما قام بعدة رحلات إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية وعدد من الدول العربية. وكان الأقرب للحديث مع الصحافيين الذين يغطون الفعاليات في البيت الأبيض والكشف عن بعض الجوانب في خطة السلام وكانت تغريداته أيضا عبر «تويتر» مصدرا منتظما للأخبار.
وفي حواره مع جريدة «الشرق الأوسط» في يوليو (تموز) الماضي، أكد غرينبلات أن تفاصيل الشق السياسي لخطة السلام تتضمن رؤية جدية تمكن من إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي وتحقق حياة ومستقبلا أفضل لكلا الجانبين. ويتجنب الشق السياسي في خطة السلام التي ستخرج في حدود 60 صفحة - وفقا لغرينبلات - مصطلح «حل الدولتين»، موضحا أن الإدارة الأميركية تعتقد أن استخدام عبارة حل الدولتين يؤدي إلى لا شيء، وأنه لا يمكن حل صراع معقد بشعار مكون من كلمتين. وتتجنب الخطة أيضا استخدام مصطلح «المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية»، وهي القضية التي تعيق إقامة دولة فلسطينية وإعطاء الفلسطينيين حكما ذاتيا. وأوضح غرينبلات خلال الحوار أنه سيتم استخدام مصطلح «أحياء» أو «مدن»، رافضا استخدام مصطلح «مستوطنات».
كما بين أن الخطة تتضمن أفكارا لحل قضية اللاجئين، لكنه طرح أسئلة حول تعريف اللاجئين وعددهم والحل العادل والواقعي لمشكلة اللاجئين اليوم مقارنة بوقت ظهور هذه المشكلة. وأن الخطة ستعالج أيضا الوضع في غزة ومعاناة سكان غزة. كما تتناول الخطة كيفية التعامل مع جماعات مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وشدد الممثل الأميركي للمفاوضات على أنه لن تكون هناك أي حوافز أو ضمانات للفلسطينيين لإعادتهم لمائدة المفاوضات.
ويرتبط غرينبلات بعلاقات قديمة مع آل ترمب وهو محام أميركي من مواليد 1967 وشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي وكبير المسؤولين القانونيين في منظمة دونالد ترمب، منذ عام 1997. واختاره الرئيس ترمب في يناير (كانون الثاني) 2017، لتولي منصب مساعد الرئيس والممثل الخاص للمفاوضات الدولية.
ويعتبر غرينبلات قريبا جدا من إسرائيل، وأثار غضب الدبلوماسيين الأوروبيين في الأمم المتحدة في يوليو، حين اعتبر أن «السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط، لن يصنعه القانون الدولي أو قرارات مكتوبة غير واضحة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».