استعدادات لمعارك جديدة في طرابلس

سلامة يشدد على أنْ «لا حل عسكرياً» للأزمة الليبية

TT

استعدادات لمعارك جديدة في طرابلس

أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أن «ساعة اقتحام العاصمة طرابلس قد اقتربت»، فيما عززت الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج من مواقعها العسكرية، رغم إعلان السفير الأميركي لدى ليبيا التزام بلاده «الحل السياسي والسلمي» للصراع هناك.
وتحدثت مصادر مطلعة إلى «الشرق الأوسط» عما وصفته بـ«تحشيدات عسكرية متبادلة» بين ميليشيات السراج وقوات الجيش الوطني، وسط «توقعات باندلاع جولة جديدة من المعارك» بين الطرفين بعد هدوء دام نحو أسبوع في مختلف محاور القتال في طرابلس.
وقال مسؤول عسكري في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن قواته «تتأهب لخوض جولة جديدة من المعارك ضد الميليشيات الموالية لحكومة السراج»، لكنه رفض كشف مزيد من التفاصيل.
وعزز هذه المعلومات إعلان مسؤول بارز في الجيش الوطني، أمس، عن تجهيزات لاقتحام العاصمة، إذ قال اللواء علي القطعاني، آمر اللواء 73 مشاة التابع للجيش، إن «ساعة الصفر لاقتحام العاصمة قد حُددت بالفعل»، مؤكداً أن «قوات الجيش جاهزة للتنفيذ المباشر».
وأضاف في كلمة وزعها المكتب الإعلامي للواء: «نستنفر جميع أبنائنا من مقاتلي الجيش الليبي أن يكونوا على أهبة الاستعداد لساعة الصفر»، لافتاً إلى أن «المحاور دُعمت بالكامل وحُددت المهام وساعة الصفر لتحرير العاصمة، بعد أن وُضعت الخطة المحكمة من قِبل القائد العام المشير حفتر للحسم والتأمين».
ودعا «الأهالي المغرر بهم» إلى التراجع، كما طلب من «أهالي وسكان العاصمة التزام بيوتهم حفاظاً على أرواحهم وممتلكاتهم»، محذراً «أي جهة أو أشخاص يقدّمون الدعم اللوجيستي مادياً كان أو معنوياً للإرهابيين».
وأكد أن «التجهيزات لمعركة تطهير العاصمة هي حق لكل أهل طرابلس»، مضيفاً: «سنتحرك بقواتنا المسلحة يداً واحدة ضد المرتزقة والميليشيات الإرهابية والمجموعات المارقة وتنظيم (داعش) ودواعش المال العام».
وبثّت وكالة الأنباء الليبية الموالية للجيش الوطني لقطات لتجولها داخل منطقة سوق السبت بضواحي طرابلس، والتي قالت إنها تشهد استقراراً أمنياً بعد سيطرة قوات الجيش عليها وفرض الأمن.
في المقابل، كشف مسؤول عسكري موالٍ لحكومة لسراج عن «تحشيدات عسكرية متبادلة في منطقة العربان» (جنوب مدينة غريان) التي تسيطر عليها حالياً قوات السراج بعدما كانت قاعدة إمداد للجيش في حملته نحو طرابلس والتي دخلت، أمس، شهرها السادس على التوالي.
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن مصدر عسكري تابع لحكومة السراج أن قوات الجيش قد تقوم بمحاولة أخرى للسيطرة على المدينة، لافتاً إلى أن قوات السراج «عززت مواقعها» تحسباً لأي هجوم محتمل. وقال مصطفى المجعي، الناطق باسم عملية «بركان الغضب» التي تشنها ميليشيات السراج، إنها «استكملت كل التجهيزات للعملية العسكرية الكبرى»، مضيفاً أن «القوات تنتظر الأوامر من غرفة العمليات، والعملية العسكرية ستكون شاملة وستستهدف مناطق ومدناً خارج العاصمة».
وناقش السراج مع رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، والمنسق الجديد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يعقوب الحلو، الذي عُيّن مؤخراً في منصبه، تطورات الأوضاع في ليبيا، أمس، وما تضمنته الإحاطة الدورية التي قدمها المبعوث الأممي لمجلس الأمن الدولي، أول من أمس، إضافةً إلى ملف المتضررين والنازحين جراء القتال في طرابلس، والمهاجرين غير الشرعيين وآليات تنفيذ البرنامج الذي وضعته الأمم المتحدة للمساهمة في تقديم المساعدة الإنسانية لهم.
وطبقاً لبيان وزّعه مكتب السراج، جدد سلامة تأكيد أنْ «لا حل عسكرياً للأزمة الليبية»، في حين أكد السراج موقف حكومته «الملتزم دحر العدوان وضرورة وجود قواعد جديدة للعملية السياسية تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها هذا العدوان».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.