العراق ينفي إعادة نازحين قسراً

«هيومن رايتس ووتش» اتهمت السلطات بطرد أكثر من ألفي عراقي مخيمات النازحين في نينوى

TT

العراق ينفي إعادة نازحين قسراً

نفت بغداد ما ورد في تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» اتهم السلطات العراقية بطرد أكثر من ألفي عراقي مصنفين على أنهم «دواعش» من مخيمات النازحين في محافظة نينوى، وإعادتهم قسراً إلى مناطقهم.
وقال مدير دائرة شؤون الفروع في وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس جهانكير في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة لم تقم بطرد أي نازحين أو إعادتهم قسراً إلى مناطقهم، كما أننا لا نقوم بتصنيف النازحين على أساس انتمائهم إلى (داعش) وغيره، إنما نتعامل وفق ضوابط إنسانية وقانونية، ومسألة التحقق من انتمائهم تتولاها الجهات الأمنية».
وكشف جهانكير عن «نجاح السلطات العراقية في إعادة نحو 50 في المائة من أعداد النازحين، لكن 89 ألف عائلة، فيها نحو 500 ألف مواطن ما زالت في المخيمات، ونحن مستمرون بإنهاء ملف النزوح، لكن من الصعب إنجازه خلال هذه السنة كما تريد الحكومة».
وذكر أن «هناك نحو 5 آلاف عائلة نازحة في نينوى من محافظات كركوك والأنبار وصلاح الدين، نريد إعادتها إلى مناطقها، لأن هذه العودة هي ما يعيد الحياة لتلك المناطق، لكن بعض تلك العوائل تصطدم أحياناً برفض محلي باعتبار ارتباط بعض أفرادها بـ(داعش)». واتهم جهانكير «جهات دولية وحقوقية بالاستفادة المالية من موضوع النازحين وترغب في بقائهم أطول مدة ممكنة».
وأصدرت «هيومن رايتس ووتش»، أمس، تقريراً قالت فيه إن نازحين «أُجبروا على العودة إلى مناطقهم الأصلية رغم المخاوف حيال سلامتهم، بما فيها التهديد من جيرانهم السابقين الذين يعتقدون أن لهم علاقة بـ(تنظيم داعش)». وذكرت أن «السلطات في نينوى أوقفت تحرك أُسر حاولت مغادرة المخيمات لتجنب الطرد».
وقال التقرير: «يحق للنازحين، كما جميع العراقيين، التنقل بحرية في بلادهم واختيار الأماكن التي يرونها آمنة للعيش. ولا يمكن للسلطات نقل أشخاص من دون استشارتهم أولاً، لا سيما إلى أماكن يتعرضون فيها وعائلاتهم للخطر».
وفي إشارة إلى الهجوم بالقنبلة اليدوية الذي طال معسكرا للنازحين في قضاء الشرقاط بمحافظة صلاح الدين، قبل ثلاثة أيام، ذكر أنه «خلال الأسبوعين الأخيرين، نقلت الحكومة فعلياً أشخاصاً إلى أماكن يُستهدفون فيها بقنابل يدوية ويُهددون بالقتل، قبل أن يستقل الناس الحافلات الحكومية لنقلهم خارج المخيمات».
وأشار إلى أن «مجلس الأمن الوطني الاتحادي الذي ينسق استراتيجية الأمن القومي والاستخبارات والسياسة الخارجية في العراق أصدر في يوليو (تموز) القرار 16 الذي يأمر بمغادرة من هم مِن خارج نينوى، وتعدادهم على الأقل 38 ألف شخص، المخيمات في نينوى».
واعتبرت المنظمة الحقوقية أن القرار «يفرض على قوات الأمن إنشاء قاعدة بيانات للسكان وعزل الأسر التي ينظر إليها على أنها مرتبطة بـ«داعش»، ويدعو القرار إلى زيادة الأمن لمنع الناس من دخول المخيمات أو مغادرتها من دون إذن». وذكرت أن السلطات المحلية وقوات الأمن في قيادة عمليات نينوى قامت في 23 أغسطس (آب) الماضي، بـ«طرد 36 عائلة من الأنبار، ومعظم معيلاتها نساء، بإجمالي 150 شخصاً، وإعادتها إلى مناطقها الأصلية في الأنبار ضد إرادتها ولم تسمح لها بإحضار ممتلكاتها».
وقالت عضو مجلس محافظة نينوى كلاوش محمد إن «السلطات المحلية في نينوى لا تجبر النازحين على العودة القسرية إلى مناطقهم، وقد أكد ذلك مجلس المحافظة أكثر من مرة ولم يتخذ أي قرار بهذا الشأن». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «موضوع المخيمات مرتبط بالحكومة الاتحادية، وهي المسؤولة عن ذلك. عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية تنعكس بشكل إيجابي على حالة الأمن والاستقرار في عموم البلاد، مثلما تنعكس على حالة العوائل النازحة أيضاً».
ورأت أن «البقاء في مخيمات النزوح القاسية ينعكس سلباً على الأطفال وعموم السكان، حيث يحرمون الكثير من حقوقهم المدنية ومنها على سبيل المثال، حق الانتخاب. أظن أن العودة أفضل لهم بكثير، شرط أن تقوم الدولة بتهيئة البنى التحتية لمناطقهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».