كيف سيؤثر إلغاء العمل بالدولار الجمركي على الأسعار في مصر؟

بائع خضار في القاهرة (أرشيفية - رويترز)
بائع خضار في القاهرة (أرشيفية - رويترز)
TT

كيف سيؤثر إلغاء العمل بالدولار الجمركي على الأسعار في مصر؟

بائع خضار في القاهرة (أرشيفية - رويترز)
بائع خضار في القاهرة (أرشيفية - رويترز)

أعلنت وزارة المالية المصرية، مساء أمس (الأحد)، إلغاء العمل بسعر الدولار الجمركي الذي كان يتم تحديده شهرياً وبدأ تطبيقه في يناير (كانون الثاني) 2017 بعد تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، وأنها ستعود للعمل بسعر الصرف الذي يحدده البنك المركزي بصفة يومية.
وكانت مصر حددت سعر الدولار الجمركي عند 16 جنيهاً مصرياً مقابل الدولار للسلع الأساسية، وبسعر متحرك يعدَّل على أساس شهري للسلع غير الأساسية.
والدولار الجمركي هو ما يدفعه المستورد من رسوم بالعملة المحلية بما يوازي الرسوم الدولارية المفروضة عليه نظير الإفراج عن البضاعة المستوردة المحتجزة في الجمارك.
وتحدث محللون مصريون لوكالة «رويترز» للأنباء عن تخوفهم من تأثير إلغاء الدولار الجمركي على معدلات التضخم في البلاد خلال الفترة المقبلة في حالة تراجع الجنيه المصري مقابل الدولار بشكل كبير.
وقالت إسراء أحمد، محللة الاقتصاد المصري في «شعاع» لتداول الأوراق المالية، لـ«رويترز»، «إن تأثير إلغاء الدولار الجمركي لن يكون كبيراً في الفترة المقبلة طالما استقر سعر الدولار مقابل الجنيه عند المستويات الحالية. التخوف كله من حدوث أي ارتفاع كبير في العملة (الأجنبية). حينها سيزيد التضخم بشكل كبير... التخوف الثاني والأكبر عند حدوث أي ممارسات غير منضبطة في السوق نفسها، بمعنى استغلال كلمة تحرير الدولار الجمركي في زيادة غير مبررة للأسعار من جانب التجار».
وسجل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية أقل مستوياته في أربع سنوات عندما هبط إلى 8.7 في المائة في يوليو (تموز) الماضي من 9.4 في المائة في يونيو (حزيران).
وتوقع طارق الشواربي، رئيس قسم البحوث في بنك الاستثمار «بلتون»، تأثيراً محدوداً في الأسعار لأن الفرق بعد إلغاء الدولار الجمركي ليس بالكبير. ورأى أن التأثير الأكبر سيكون مع أي تذبذبات عالية في أسعار العملة. وقال: «نتوقع سعر الدولار في بلتون عند 16.7 جنيه بنهاية السنة المالية الحالية في يونيو المقبل».
وكانت مصر قد حررت سعر الدولار الجمركي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي باستثناء السلع الأساسية والاستراتيجية، وأبقت سعر الدولار عليها عند 16 جنيهاً، قبل أن تلغي ذلك الليلة الماضية، وتجعل سعر البنك المركزي هو المطبَّق على كل السلع المستوردة دون استثناءات.
وأفادت نشرة لمصلحة الجمارك مساء (الأحد)، بأنه تم تحديد سعر الدولار الجمركي عند 16.6230 جنيه مقابل الدولار لليوم (الاثنين).
وقالت سارة سعادة، محللة الاقتصاد المصري في بنك الاستثمار «اتش سي»: «الوقت كان مناسباً لإلغاء الدولار الجمركي دون تأثير كبير على الأسعار، لكن قد يحدث تذبذب في الأسعار مع أي تذبذب في سعر الصرف في المستقبل».
يشار إلى أن الجنيه المصري بدأ مساره الصاعد أمام الدولار في النصف الثاني من يناير وحتى أيام قليلة، وهو ما يعزوه «المركزي» إلى زيادة التدفقات النقدية الدولارية، بينما يعزوه بعض المصرفيين إلى تدخل مباشر من «المركزي» لتحديد الأسعار، الأمر الذي ينفيه البنك عادة.
وقالت منى مصطفى، من «عربية أون لاين» لتداول الأوراق المالية: «لدي تخوف من حدوث ارتفاع طفيف في الأسعار لأن التاجر الذي لديه مخزون سيرفع السعر من الآن وعلى مراحل. التخوف الآخر هو حدوث تراجع لسعر الجنيه مقابل الدولار، إذ يعني ذلك ارتفاع أسعار جميع السلع، مما سيكون له تأثير مباشر على التضخم».
واتفق معها محمد أبو باشا، من المجموعة المالية «هيرميس»، أكبر بنك استثمار في الشرق الأوسط، في أن «التأثير الأكبر لإلغاء الدولار الجمركي سيكون مع أي تذبذبات كبيرة في سعر الدولار مقابل الجنيه سواء كان نزولياً أو صعودياً... الإلغاء في حد ذاته قد يكون له تأثير طفيف على الأسعار والتضخم».
وزادت نسبة الفقر في مصر خلال 2017 - 2018 إلى 32.5 في المائة من 27.8 في المائة في 2015، ويبلغ خط الفقر 8827 جنيهاً للفرد في السنة وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار «فاروس»، لـ«رويترز»: «إلغاء الدولار الجمركي إشارة (من القائمين على إدارة الملف الاقتصادي في البلاد) إلى أنهم مطمئنون لعدم حدوث تذبذبات كبيرة في أسعار الصرف خلال الفترة المقبلة. جزء كبير من السلع المستوردة لا يدخل في سلة التضخم، لذا لا أتخوف من التأثير على مؤشرات التضخم. لكن ما قد يجعل الخوف ينتابني هو أن يضعف الجنيه لأنه لن تكون هناك حينها سيطرة على الأسعار، وقد تحدث موجة تضخم جديدة».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.