اقتحام مواقع فلسطينية واعتقالات وقمع مسيرات سلمية

في بداية {شهر التسامح} اليهودي

فلسطينيون يتظاهرون أمس ضد مصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل في قرية كفر قدوم (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتظاهرون أمس ضد مصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل في قرية كفر قدوم (أ.ف.ب)
TT

اقتحام مواقع فلسطينية واعتقالات وقمع مسيرات سلمية

فلسطينيون يتظاهرون أمس ضد مصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل في قرية كفر قدوم (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتظاهرون أمس ضد مصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل في قرية كفر قدوم (أ.ف.ب)

رغم أن اليهود بدأوا، أمس (الجمعة)، شهر ألول في التقويم العبري، المعروف في الديانة اليهودية شهر التسامح والرحمة، أقدمت جحافل المستوطنين المتدينين على عدة اقتحامات لمواقع فلسطينية مثل الحرم الإبراهيمي في الخليل، الذي تم منع المصلين المسلمين من الوصول إليه يوماً كاملاً، ونابلس، حيث اقتحم 600 مستوطن المكان لزيارة «قبر يوسف»، والمسجد الأقصى المبارك في القدس، حيث واصلت شرطة الاحتلال توزيع أوامر إبعاد للناشطات والنشطاء المسلمين.
وقد وفر جيش الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين حماية كبيرة أينما حلوا، وفي بعض الأحيان قامت قوات الاحتلال بالاعتداء على فلسطينيين اعترضوا أو احتجوا أو تذمروا. وبالمقابل، واصلت قوات الاحتلال قمع المظاهرات السلمية والمسيرات الفلسطينية. فقد أصيب 3 شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، خلال قمع مسيرة قرية كفر قدوم الأسبوعية السلمية المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 16 عاماً لصالح مستوطني «قدوميم» المقامة عنوة على أراضي القرية. وأغلقت قوات الاحتلال، أمس، مدخل بلدة بيت آمر شمال الخليل، وصعدت من إجراءاتها التعسفية بحق المواطنين. وقال الناشط الإعلامي محمد عوض، إن الحجة التي تذرعت بها قوات الاحتلال لإغلاق مدخل البلدة الرئيسي هي أن البرج العسكري المقام على مدخلها تعرض لإلقاء عبوة متفجرة. وقد أوقف جنود الاحتلال مركبات المواطنين ودققوا في هوياتهم، وعرقلوا حركة التنقل بالمكان.
كما اقتحم مئات المستوطنين، أمس (الجمعة)، عين بوبين في قرية دير بزيع غرب مدينة رام الله. وأفاد رئيس مجلس القرية، نعيم جعوان، بأنه منذ ساعات الصباح توافدت حافلات تقل مئات المستوطنين باتجاه عين بوبين، وتم إعلان المنطقة عسكرية مغلقة من قبل جيش الاحتلال.
وجاءت هذه الزيارة لإحياء ذكرى الجندية التي قتلت في المكان بعبوة ناسفة أطلقها شاب فلسطيني، الأسبوع الماضي.
وأوضح جعوان أن الاحتلال لا يزال يغلق الطريق الرئيسية في دير بزيع التي تسمى «منطقة العنب» التي يسلكها يومياً قرابة 60 ألف مواطن من قرى غرب رام الله، ما يضطرهم لسلوك طرق بديلة صعبة وغير مؤهلة.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال ما زالت تحاصر قرى غرب رام الله والمناطق المحيطة منذ 8 أيام، وتغلق طريق عين بوبين - دير بزيع وتمنع المواطنين من الوصول إليها.
وفي منطقة الخليل، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس (الجمعة)، 4 مواطنين من بلدتي يطا وحلحول. وأفادت مصادر محلية بأن مجموعة من الجنود نفذت عمليات دهم وتفتيش لمنازل المواطنين في يطا، واعتقلت الأسير المحرر أحمد يوسف الهريني، وثائر محمد النواجعة، وعمر الهريني من يطا وعنان يوسف الزماعرة من بلدة حلحول شمال الخليل.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس (الجمعة)، واد برقين غرب جنين، ما أدى لاندلاع مواجهات مع الشبان. وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت صوب الشبان خلال المواجهات.
وفي المسجد الأقصى المبارك، سمحت قوات الاحتلال، أمس أيضاً ليهود بأن يدخلوا الحرم، وفي الوقت نفسه سلمت مخابراتها فتاتين قراراً يقضي بإبعادهما عن المسجد الأقصى المبارك. والفتاتان هما: شفاء أبو غالية (شهرين) ومدلين عيسى (4 أشهر)، حيث اعتقلتا قبل أسبوع وأفرج عنهما بشرط الإبعاد لمدة أسبوع وتسلمتا أمس قراراً جديداً يقضي بإبعادهما عن المسجد.
من جهة ثانية، اعتقلت قوات الاحتلال فجر اليوم، مقدسيين وزوجتيهما بعد اقتحام منزليهما في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى. وأوضح مركز معلومات وادي حلوة - سلوان، أن قوات ومخابرات الاحتلال اقتحمت بلدة سلوان واعتقلت جواد أبو إسنينة وزوجته وأحمد ريان وزوجته وإحالتهما للتحقيق.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.