طلاب طرابلس ينهون امتحانات الثانوية العامة على وقع الحرب

جانب من أداء امتحانات طلاب الثانوية العامة في غرب ليبيا (وزارة تعليم الوفاق)
جانب من أداء امتحانات طلاب الثانوية العامة في غرب ليبيا (وزارة تعليم الوفاق)
TT

طلاب طرابلس ينهون امتحانات الثانوية العامة على وقع الحرب

جانب من أداء امتحانات طلاب الثانوية العامة في غرب ليبيا (وزارة تعليم الوفاق)
جانب من أداء امتحانات طلاب الثانوية العامة في غرب ليبيا (وزارة تعليم الوفاق)

رغم أجواء الحرب التي انعكست على كثير من مظاهر الحياة في العاصمة الليبية طرابلس، أنهى أكثر من 63 ألف طالب وطالبة امتحانات الدور الأول لشهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي، في 65 منطقة تابعة لحكومة «الوفاق».
وتسببت المعارك الدائرة في جنوب طرابلس منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي في إجبار سلطات العاصمة الليبية على إرجاء الموسم الدراسي؛ ما زاد من مخاوف ضياع مستقبل أكثر من 122 ألف طالب، في مختلف المراحل التعليمية، اضطرتهم الحرب إلى الفرار مع ذويهم إلى مناطق أكثر أماناً.
وقال الدكتور عثمان عبد الجليل، وزير التعليم بحكومة «الوفاق»، أمس، إنهم تمكنوا رغم التحديات التي شهدتها البلاد من توفير ظروف ملائمة كي يتمكن الطلاب من أداء امتحاناتهم. لكن هذه «الظروف الملائمة» التي تحدث عنها الوزير، لم تمنع تسريب أسئلة بعض الامتحانات، وبخاصة في القسم العلمي.
ولم تسلم العملية التعليمية في ليبيا من الانقسام السياسي الذي طال كل مناحي الحياة في البلاد، ففي ظل وجود حكومة ووزارة للتعليم في غرب البلاد، توجد نظيرتاهما في شرق ليبيا. لكن الأخيرة أعلنت مبكراً عن نتيجة الشهادة الثانوية للمدارس التابعة لها في أنحاء البلاد كافة، بنسبة نجاح اقتربت من 66 في المائة.
وأمام حالة من القلق انتابت أولياء الأمور في مناطق غرب ليبيا، بعد تسريب امتحان بعض المواد، قال عبد الجليل إنه استعرض مع اللجنة العليا للامتحانات ولجنة الإشراف والمتابعة آخر ما توصلت إليه الوزارة فيما يتعلق بتسريب أسئلة امتحانات شهادة التعليم الثانوي للقسم العلمي.
وقال الرافي عبد السلام، وهو مقيم في القاهرة للعلاج، إن نجله «أمضى أياماً عصيبة خلال امتحانات الثانوية بالقسم العلمي لأسباب تتعلق بالحرب، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي ساعات كثيرة كل يوم». وأضاف عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: «كادت هذه السنة أن تضيع على أبنائي بمختلف مراحلهم التعليمة، بسبب التوتر وانقطاعهم عن الذهاب إلى المدرسة غالبية الموسم الدراسي»، لافتاً إلى أنهم «لجأوا إلى تعليمهم في المنزل بعيداً عن المدرسة التي هجروها رغماً عنهم».
من جانبها، أوضحت وزارة التعليم في غرب ليبيا، في بيان أصدرته عقب اجتماع عقد في جامعة طرابلس، مساء أول من أمس، أنها علمت بتسريب الأسئلة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي فرصدت الأوراق المسربة وتبيّن لها أنها «أوراق احتياطي» من ضمن الصناديق التي تم تسليمها للجنة المركزية في مناطق الجوش والحرابة والرحيبات، وكانت في مواد الأحياء والرياضيات وتقنية المعلومات. وأضاف الوزير عبد الجليل أنه «بعدما علمت الوزارة بتسريب مادة الأحياء تواصلت مع اللجان بهذه المناطق، وطلبت منهم التأكد من سلامة بقية الصناديق للمواد الأخرى فأكدوا أنها مغلقة، وفي اليوم الثاني تكررت الواقعة في المناطق نفسها». وأشار إلى أن الوزارة «استدعت الأشخاص الذين تسلموا صناديق الأسئلة، وأحالتهم إلى مكتب البحث الجنائي بطرابلس»، مؤكداً أن المتورط في تسريب الأسئلة «اعترف» بما قام به.
ومع بداية المعركة التي شنها «الجيش الوطني» لـ«تطهير» العاصمة من «الإرهابيين»، تخوف مكتب «يونيسف» في ليبيا من عدم تمكن 122 ألف طالب من الالتحاق بمدارسهم في طرابلس بسبب القتال الدائر حولها. ونزحت آلاف الأسر من جنوب طرابلس؛ ما تسبب في توقف الطلاب عن الالتحاق بمدارسهم. وسبق لرئيس لجنة الأزمة بوزارة التعليم بحكومة «الوفاق» رشاد بشر أن قال إن هناك مناطق كثيرة توقفت فيها الدراسة نظراً لوقوعها في مناطق الاشتباكات، في حين تسير الدراسة بشكل طبيعي في مناطق أخرى بطرابلس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».