الحكومة اليمنية تدعو «الأحزمة الأمنية» إلى الإذعان لشرعيتها

معارك كر وفر في أبين ووصول حشود لـ«الانتقالي» من عدن

TT

الحكومة اليمنية تدعو «الأحزمة الأمنية» إلى الإذعان لشرعيتها

على الرغم من إعلان الحكومة اليمنية وقوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» وقف إطلاق النار استجابة لدعوة قوات تحالف دعم الشرعية، فإن معارك كر وفر استمرت أمس شرق محافظة أبين بالتزامن مع وصول حشود ضخمة لـ«الانتقالي» من عدن والضالع.
جاء ذلك في وقت دعت فيه الحكومة الشرعية على لسان نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري قادة قوات «الأحزمة الأمنية» الموالية لـ«الانتقالي» في محافظة أبين، إلى الإذعان للشرعية والانضمام إليها حقنا للدماء وحفاظا على الاستقرار في المحافظة التي وصلت إليها طلائع القوات الحكومية من شبوة المجاورة.
وأفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش الوطني التي تقدمت من شبوة وصلت إلى مدينتي أحور وشقرة شرق محافظة أبين قبل أن تخوض معارك كر وفر مع قوات «الانتقالي» دفعتها للتراجع مع استمرار كل طرف في استقدام التعزيزات.
وذكرت المصادر أن قوات من اللواء 115 وأخرى من اللواء الخامس مشاة التابعين للشرعية تقدمت إلى شقرة وسيطرت على مواقع للحزام الأمني الموالي لـ«الانتقالي» قبل أن تصل تعزيزات الأخير وتندلع مواجهات كر وفر بين الطرفين.
في غضون ذلك، شهدت مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين وكبرى مدن المحافظة توترا غير مسبوق في ظل تأهب القوات الموالية لـ«الانتقالي» واستعدادها لمواجهة قوات الجيش التي يرجح أنها تستعد هي الأخرى لبسط نفوذها على المحافظة، بعد أن أخضعت جميع مناطق محافظة شبوة خلال الأيام الماضية وطردت منها عناصر «الانتقالي».
ومع توارد أنباء عن وجود وسطاء قبليين يسعون إلى تجنيب محافظة أبين المواجهة المرتقبة، دعا نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية أحمد الميسري قادة الأحزمة الأمنية في مقطع مصور إلى الانضواء تحت راية الحكومة.
وقال الميسري إن الحكومة تسعى لحقن دماء الجميع بمن فيهم الذين قاتلوها في شبوة من قادة الأحزمة الأمنية، داعيا القياديين عبد اللطيف السيد والشنيني إلى الالتحاق بالشرعية مقابل أدوار قادمة ستسند إليهما.
وخاطب الميسري عبد اللطيف السيد للتخلي عن قادة «الانتقالي» الذين اتهمهم بأنهم «يرتبون أمورهم وينقلون معداتهم ويهربون الغالي والنفيس إلى الضالع».
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم «المجلس الانتقالي الجنوبي» إن القوات الحكومية فشلت في التقدم إلى أبين بعد أن أجبرتها قوات المجلس على الانسحاب من شقرة.
في غضون ذلك، أفادت مصادر عسكرية حكومية ميدانية بأن القيادي في الحزام الأمني لأبين عبد اللطيف السيد قام بتحشيد المئات من خارج المحافظة، لاستعادة مدينة شقرة، وهو ما جعل القوات الحكومية تتراجع إلى منطقة العرقوب والتمركز فيها انتظارا لوصول التعزيزات من شبوة المجاورة.
وكانت قوات الشرعية استكملت الاثنين السيطرة على جميع مدن محافظة شبوة (شمال شرقي عدن) بعد أن أسقطت كل المعسكرات والمواقع التابعة لقوات «النخبة الشبوانية» الموالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، بما في ذلك استعادتها ميناء بلحاف النفطي.
وبينما أعلنت الحكومة الشرعية تلبية دعوة التحالف لوقف إطلاق النار، وجه رئيس الحكومة معين عبد الملك غداة وصوله رفقة عدد من أعضاء الحكومة إلى مدينة عتق عاصمة شبوة باستيعاب قوات «النخبة الشبوانية» التي ألقت سلاحها إلى قوام الجيش الوطني.
وأعلنت القوات الحكومية السبت السيطرة على مواقع «الانتقالي» في مدينة عتق بعد مواجهات بدأت الخميس قبل أن تواصل تحركاتها للسيطرة على جميع معسكراته المنتشرة في محيط مدينة عتق وفي مختلف مديريات شبوة.
كما أعلن محافظ شبوة محمد سالم بن عديو في بيان رسمي الأحد، القضاء على ما وصفه بـ«الانقلاب» من قبل قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» قبل أن يصل رئيس الحكومة رفقة وزرائه إلى مدينة.
وفي الوقت الذي تمكنت القوات الحكومية من إحكام السيطرة على شبوة، أصدر وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الفريق محمد علي المقدشي أوامر للجيش في شبوة وأبين وعدن بوقف إطلاق النار استجابة للبيان السعودي الإماراتي المشترك الذي لقي ترحيبا من الخارجية اليمنية ومن «المجلس الانتقالي الجنوبي».
وأعلن وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني في تغريدة على «تويتر» أن وقف إطلاق النار في عدن وأبين وشبوة جاء استجابة لدعوة من قيادة التحالف المشتركة، مشيراً إلى أن وزير الدفاع طلب من الوحدات العسكرية وقف النار في شبوة وعدن وأبين.
ورحبت وزارة الخارجية اليمنية بدعوة المملكة العربية السعودية للحوار في جدة لإنهاء ما وصفته بـ«التمرد المسلح من قبل التشكيلات العسكرية للمجلس الانتقالي وفقا لما ورد في بيان تحالف دعم الشرعية الصادر بتاريخ 10 أغسطس (آب) الحالي». وثمنت الخارجية اليمنية في بيان على حسابها في «تويتر» دور المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية وجددت مطالبتها «بإيقاف الدعم لأي تشكيلات عسكرية خارج إطار الدولة».
من جهته، رحب «المجلس الانتقالي الجنوبي» بمضامين البيان المشترك للخارجية السعودية والإماراتية الصادر أمس، إلا أنه وصف ما حدث في شبوة بأنه «عدوان غاشم تقوده قوى الحرب الشمالية»، على حد زعمه.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.