3 قواعد عسكرية لـ«الجبهة الشعبية» في لبنان... وأسئلة عن مبررات وجودها

طائرات إسرائيلية استهدفت أكبرها فجر الاثنين

دورية لقوات الطوارئ الدولية في قرية كفركلا جنوب لبنان على طول الحدود مع إسرائيل (أ.ب)
دورية لقوات الطوارئ الدولية في قرية كفركلا جنوب لبنان على طول الحدود مع إسرائيل (أ.ب)
TT

3 قواعد عسكرية لـ«الجبهة الشعبية» في لبنان... وأسئلة عن مبررات وجودها

دورية لقوات الطوارئ الدولية في قرية كفركلا جنوب لبنان على طول الحدود مع إسرائيل (أ.ب)
دورية لقوات الطوارئ الدولية في قرية كفركلا جنوب لبنان على طول الحدود مع إسرائيل (أ.ب)

أعادت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» في منطقة قوسايا بمنطقة البقاع اللبنانية، فجر أمس الاثنين، النقاش حول القواعد العسكرية التابعة لفصائل فلسطينية خارج المخيمات. وهي نقاط عسكرية ينقسم حولها اللبنانيون.
وكان السلاح خارج المخيمات الفلسطينية في لبنان محل انقسام بعد الحرب اللبنانية في مطلع التسعينات، وحصلت تسويات أدّت إلى إعادته إلى داخل المخيمات باستثناء ثلاث قواعد عسكرية تابعة لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» المقرّبة من دمشق وحزب الله، تقع الأولى في قوسايا الحدودية مع سوريا، والثانية في منطقة السلطان يعقوب بالبقاع الغربي، والثالثة في منطقة الناعمة جنوب بيروت.
وقد أُنشئت قاعدة قوسايا عام 1978، ووسّعت عملها عام 1982 وبنت أنفاقاً قبل تعرضها في العام نفسه لضربات إسرائيلية.
وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» إن عدد المقاتلين التابعين للجبهة في هذا الموقع انخفض بشكل كبير بعد تحرير الجرود في منطقة عرسال الحدودية من العناصر المتطرفة في أغسطس (آب) 2017. «واليوم يقتصر عدد عناصر الفصيل الفلسطيني الذين يظهرون إلى العلن في الموقع على 30 عنصراً. أما العناصر على الحاجز، بشكل دائم فعددهم لا يتعدى الثلاثة».
وألحقت الضربات الإسرائيلية في قوسايا أضراراً بغرفة خارجية في الموقع العسكري، وهي فارغة من الحراس والأسلحة، كما تضررت خزانات المياه وخطوط الكهرباء.
قاعدة السلطان يعقوب
ما أن تسمع بالسلطان يعقوب، حتى تتبادر إلى ذهنك تلك البلدة الواقعة على أعلى تلة (1300م) في البقاع الغربي والمطلة على معظم سهل البقاع الجنوبي.
وتحوّلت السلطان يعقوب، خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف 1982. إلى بلدة ذائعة الصيت، بسبب المعركة الضخمة التي شهدتها بين دبابات القوات الإسرائيلية والقوات السورية وفقدت خلالها إسرائيل جنوداً استعادت رفات أحدهم في أبريل (نيسان) الماضي.
وتقوم هناك منذ ذلك الوقت قاعدة تابعة للجبهة الشعبية، وهي عبارة عن أنفاق تحت الأرض، وفق المصدر الميداني الذي كشف أن للقاعدة ثلاث شبكات أنفاق.
أما القاعدة العسكرية الثالثة فتقع في منطقة الناعمة جنوب بيروت، وتعرّضت لقصف إسرائيلي متكرر منذ الثمانينات حتى تحرير جنوب لبنان عام 2000.
ويرفض عضو المكتب السياسي لـ«لجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» غازي دبور كشف عدد مقاتلي الجبهة في موقعيها بالسلطان يعقوب والناعمة باعتبار أنها معلومات عسكرية. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الجبهة الشعبية أُسست في لبنان ما قبل الثمانينات والهدف من وجودها في تلك المواقع العسكرية هو سياسي ووطني يتعلّق بحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم»، مشدداً على أن الهدف ليس داخلياً.
ورداً على سؤال عن القواعد العسكرية التابعة لفصائل فلسطينية خارج المخيمات، أجاب: «لا نناقش هذا الموضوع الآن».
وعن احتمال شن إسرائيل غارة أخرى على أحد هذه المواقع، قال: «كل شيء وارد وكل شيء في الحسبان»، مضيفاً: «معركتنا مفتوحة مع هذا العدو حتى تحرير فلسطين».
يذكر أن «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» فصيل فلسطيني موالٍ لدمشق وقريب من حزب الله، يتزعمه أحمد جبريل الذي يتخذ دمشق مقراً له.
المسؤولية السياسية
واعتبر عضو ​كتلة القوات اللبنانية​ النائب أنطوان حبشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مسؤولية بقاء هذه القواعد العسكرية الفلسطينية خارج المخيمات تقع على عاتق القوى السياسية اللبنانية التي أخذت حول طاولة الحوار قرار إغلاق هذه القواعد، ولم تنفّذ قرارها نتيجة التطورات السياسية التي حصلت وحرب 2006 والوضع في سوريا».
وأعرب حبشي عن تخوّف حزب القوات اللبنانية من «أي ذريعة للإسرائيليين لضرب لبنان أو أي أهداف فيه ما يؤثّر على اقتصاده وسياحته». وأكد أن «وزراء القوات يطرحون بشكل دائم إشكالية قرارات السلم والحرب الموجودة خارج مؤسسات الدولة».
من جهته، يسأل رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية» الدكتور هشام جابر عن سبب بقاء هذه القواعد على الأراضي اللبنانية على رغم انتهاء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أنه لم يسجَّل أي نشاط عسكري للجبهة أو أي حدث أمني يذكر متعلّق بها، فإن وجودها في لبنان ليس مبررّاً».
ويعزو جابر وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، سبب بقاء هؤلاء المقاتلين إلى أنهم يقومون بوظيفة مراقبة وحماية، وبمهمات جمع معلومات، مشيراً إلى أنهم «بالطبع على استعداد للقيام بعملية عسكرية إذا اقتضى الأمر بأمر من القيادة في دمشق».
ودعا جابر الدولة اللبنانية إلى طرح موضوع استمرار بقائهم في لبنان بجدية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».