ماكرون متفائل بقرب قمة أميركية ـ إيرانية... وترمب يعتبر انعقادها «واقعياً»

الرئيس الأميركي حذّر طهران من زيادة نسبة التخصيب ولوّح بـ«القوة العنيفة»

ترمب وماكرون لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً في ختام قمة السبع في بياريتز أمس (أ.ف.ب)
ترمب وماكرون لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً في ختام قمة السبع في بياريتز أمس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون متفائل بقرب قمة أميركية ـ إيرانية... وترمب يعتبر انعقادها «واقعياً»

ترمب وماكرون لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً في ختام قمة السبع في بياريتز أمس (أ.ف.ب)
ترمب وماكرون لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً في ختام قمة السبع في بياريتز أمس (أ.ف.ب)

في تطور غير متوقع، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عصر أمس، أن «الظروف قد توافرت للقاء (بين الرئيسين الأميركي والإيراني)، وبالتالي التوصل إلى اتفاق» بشأن الملف النووي الإيراني. وأعرب إيمانويل ماكرون، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع دونالد ترمب، في نهاية قمة السبع في منتجع بياريتز عن أمله في أن يحصل اللقاء الذي وصفه بـ«الواقعي» في «الأسابيع المقبلة».
من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي عن استعداده لمثل هذا اللقاء «إذا توافرت الشروط لذلك». ورداً على سؤال، اعتبر ترمب أن احتمال حصول لقاء كهذا «واقعي». لكن ترمب عجّل في توجيه تحذير إلى روحاني بأنه «ينبغي على إيران أن تكون طرفاً جيداً، ولا يمكن أن يفعلوا ما كانوا يقولون إنهم سيفعلونه؛ لأنهم إذا فعلوا فسيقابلون بقوة عنيفة للغاية؛ ولذلك أعتقد أنهم سيكونون جيدين». ورغم أن ترمب لم يدخل في تفاصيل ما يعنيه، فالأرجح أنه كان يشير إلى عزم طهران على الخروج من التزامات إضافية منصوص عليها في الاتفاق النووي، وتحديداً زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، وهي قد بدأت بذلك قبل أسابيع عندما أكدت طهران تخطيها سقف الـ3.67 في المائة المتاح لها.
وسبق للجانب الإيراني أن منح البلدان الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) مهلة شهرين إضافيين تنتهي الأسبوع المقبل بالإقدام على هذه الخطوة، ما لم توفر لطهران إمكانية تصدير كميات من نفطها، وأن تمكنها من العودة إلى الدورة المالية الدولية.
رغم المناخ الإيجابي و«الاختراق» الذي ستمثله قمة أميركية - إيرانية في حال حصولها، فإن الواقع يدعو إلى الحذر. لذا؛ أعلن ماكرون أن «شيئاً لم يتحقق، والأمور بالغة الهشاشة إلا أننا حددنا طريقاً وحققنا تقدماً». وذهب ترمب في الاتجاه نفسه بقوله، إن مساراً كهذا - في إشارة إلى اجتماع قمة مع روحاني - «يمكن أن ينجح، كما يمكن ألا ينجح». وسبق للمستشارة الألمانية أن اعتبرت صباح أمس أن معالجة الملف النووي الإيراني «عملية هشة وطويلة وصعبة إلى حد كبير». ووعد ماكرون بأن يكون حاضراً «في مثل هذا الموعد المهم» في القمة الأميركية - الإيرانية التي تعمل باريس من أجل عقدها.
وثمة إجماع على أنه إذا حصل مثل هذا التطور، فإن ماكرون يكون قد ربح رهانه بالقيام بوساطة في ملف بالغ التعقيد. وحرصاً منه على تجنب التشويش، فقد امتنع عن الخوض في تفاصيل ما تم التوافق عليه. وبعد أن شكر ترمب مرات عدة، ورغبة منه في طي نهائي لصفحة سوء التفاهم، وما سماه «التوتر» الذي ساد في بداية القمة، أكد مجدداً أنه أطلع ضيفه الأميركي مسبقاً على كل خطواته بما فيها دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للمجيء إلى بياريتز الأحد الماضي، وهو ما أكده ترمب بدوره.
وأماط ماكرون اللثام عن جانب من الاتصالات التي أفضت إلى هذه النتيجة، مشيراً إلى أنه قال للرئيس الإيراني، خلال اتصال، إنه إذا قبل لقاء الرئيس ترمب، فإن التوصل إلى اتفاق «يصبح أمراً ممكناً». وكان الرئيس الروحاني قد أرسل وزير خارجيته إلى باريس يوم الجمعة الماضي لبحث آخر المقترحات. وعبّر ماكرون عن تشجعه مما صدر عن الأخير الذي كان قد أعلن صباحاً أنه «يتعين (على الإيرانيين) أن يستخدموا كافة الوسائل لخدمة المصالح الوطنية»، في إشارة ضمنية للعمل الدبلوماسي. الأمر الذي فهم في بياريتز على أنه استعداد للقاء ترمب الذي يطالب منذ أشهر بلقاء كهذا، لكن بشروط.
وأضاف روحاني «إذا كنت أعلم أن ذهابي إلى اجتماع يمكن أن يقود إلى الازدهار في بلدي وإلى تسوية مشاكل الناس، فلن أتردد في ذلك»، مكرراً تأكيده بأن الأساسي بالنسبة إليه هو «المصلحة الوطنية». ووصف ترمب محادثات ظريف في بياريتز مع الفرنسيين، لكن أيضاً مع مستشارين من بريطانيا وألمانيا بأنها كانت «ناجحة»، ما يتوافق مع الوصف الفرنسي ويفسر الكشف عن احتمال قمة ترمب - روحاني.
لم يكن ترمب بخيلاً في إطراء الرئيس الفرنسي الذي «يقوم بعمل جيد» بالنسبة للملف النووي «ما يتناقض مع تغريداته السابقة»، وأيضاً بخصوص الملفات الأخرى التي عالجها القادة السبعة، حيث سعى ماكرون، كما قال أمس، إلى خلق دينامية إيجابية. ومنذ البداية، حدد الرئيس الفرنسي هدفاً رئيسياً بشأن الملف المذكور، وهو التوصل إلى «نهج مشترك» لإدارته، أي إلى ردم الهوة الكبيرة التي كانت تفصل بين الاستراتيجية الأميركية والمقاربة الفرنسية - الأوروبية. وعزا ماكرون التوافق إلى غدائه المنفرد مع ترمب وإلى العشاء الجماعي مساء السبت.
رغم هذا التطور الرئيسي، فإن أوساطاً دبلوماسية أوروبية تنبه من «الإسراع في التفاؤل»، وتؤكد أن قمة أو قمم عدة «ليست بالضرورة ضمانة بالنجاح». وتستدل على ذلك بالقمم المتلاحقة بين ترمب وزعيم كوريا الشمالية التي لم تفض حتى الآن إلى أي نتيجة إيجابية. وتضيف هذه المصادر، أن المهم أن يكون الجانب الفرنسي قد حصل على «تصورات واضحة» من الطرفين الأميركي والإيراني حول ما هو مقبول أو غير مقبول منهما.
وتضيف هذه المصادر، أنه إذا كان الإعلان عن احتمال حصول قمة أميركية - إيرانية في الأسابيع المقبلة يشكل «ضربة دبلوماسية» ناجحة لماكرون، فإن التتمات ستكون «بالغة الصعوبة». وتذكر هذه المصادر بأن التوصل إلى اتفاق 2015 تطلب مفاوضات شاقة امتدت لأكثر من عشر سنوات.
وأمس، برزت إحدى الصعوبات؛ إذ استبق ترمب أي اتفاق بإعلانه، أنه ليس منفتحاً على منح إيران تعويضات عن العقوبات التي تفرضها واشنطن على اقتصادها منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية في 2015، لكنه كشف في المقابل عن أن دولاً قد تقدم خط ائتمان لإيران لتمكينها من تسيير أمورها، وأن شيئاً كهذا يمكن أن يكون بضمان النفط الذي وصفه بأنه ضمان كبير. وأضاف ترمب بلهجة حازمة: «لا لن ندفع، نحن لا ندفع». وكرّر اتهاماته لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما بأنها وفرت للسلطات الإيرانية 150 مليار دولار، وأن طهران استخدمتها للعبث بأمن المنطقة.
هكذا، في اليوم الثالث والأخير لقمة السبع، غلبت لهجة التفاؤل في موضوع هيمن عليه طيلة يومين التشويش والتسريبات المغلوطة التي رافقت الدعوة الفرنسية لوزير الخارجية الإيراني المفاجئة إلى بياريتز. والمدهش الذي لفت انتباه المراقبين أنه بعد النفي الأميركي الذي صدر عن البيت الأبيض لأن يكون الرئيس الأميركي على علم بدعوة ظريف، عمد دونالد ترمب، أمس، شخصياً لتصحيح الخبر، مؤكداً في أكثر من مناسبة أنه «كان على علم» بدعوة ظريف، وأنها تمت «بموافقته»، وأنه «يوافق تماماً على ما يقوم به (الرئيس) ماكرون». وأفادت مصادر فرنسية بأن هذه الدعوة لم تكن «بنت ساعتها»، بل اتفق عليها بمناسبة اجتماعات الوزير الإيراني يوم الجمعة الماضي مع ماكرون في قصر الإليزيه. وفهم أمس أن ماكرون اقترح عليه المجيء إلى بياريتز «في حال توافرت الشروط»، بمعنى إذا قبل الطرف الأميركي.
ولذا؛ فإن ما حصل هو أن ماكرون الذي تناول الملف النووي مطولاً أولاً مع ترمب في غدائهما المغلق ظهر السبت ثم في العشاء الموسع مع قادة السبع كافة، أعلم المجتمعين بنيته دعوة ظريف ولم يلق اعتراضاً أميركياً، بل إن ترمب قال له: «امضِ في ذلك». وقطعاً لكل التباس، عمدت المصادر الفرنسية إلى تكرار أن باريس «تعمل بكل شفافية» فيما خص الملف الإيراني مع شركائها كافة أوروبيين وأميركيين.
لكن الليونة الأميركية يوم الأحد لم تصل إلى حد قبول الاجتماع بالوزير الإيراني؛ إذ اعتبر أن أمراً كهذا «ما زال مبكراً ولم أشأ ذلك». ورغم غياب اللقاء المباشر مع ظريف، فإن ترمب اعتبر بمناسبة اجتماعه مع المستشارة الألمانية أن القمة كانت «ناجحة تماماً»، وأن «تقدماً كبيراً» قد تحقق في الملف الإيراني الذي توافرت حوله «وحدة (المشاركين) بدرجة كبيرة»، وإنهم توصلوا بشأنه إلى اتفاق «تقريباً».
حقيقة الأمر، أن هذه التطورات «الإيجابية» تعود بالدرجة الأولى للجهود التي بذلها ماكرون، رغم الصعوبات التي واجهها سابقاً في إقناع ترمب بالموافقة على وساطته وتتوافق من جهة أخرى، مع «الدور» الذي يريده لفرنسا أن تكون قوة وساطة واستقرار وتوازن في العالم، وقادرة على التحدث للجميع مع احتفاظها بحرية الإقرار والتحرك. وإذا صدقت تصريحات ترمب ولم يكذبها في تغريدات لاحقة، فإن ماكرون يكون قد نجح في إقناع ضيفه الأميركي بـ«فائدة» الوساطة التي يقوم بها. وثمة محللون يعتبرون أنه يساعد الرئيس الأميركي على الخروج من «الورطة» الإيرانية؛ لأن سياسة «الضغوط القصوى» لا تعطي أُكلها، وأنه لا يريد الحرب، بل يسعى إلى اتفاق جديد مع طهران يشمل بالطبع الملف النووي، لكن أيضاً البرنامج الصاروخي وسياسة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.


مقالات ذات صلة

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

بيئة قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم بحلول نهاية القرن لن يتبقى سوى 9 في المائة من الأنهار الجليدية (رويترز)

باحثون يتوقعون ذوبان آلاف الأنهر الجليدية سنوياً بحلول منتصف القرن

أظهرت دراسة حديثة أن آلاف الأنهر الجليدية ستختفي سنوياً خلال العقود المقبلة، ولن يتبقى منها سوى جزء ضئيل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية- رويترز)

2025 قد يكون ضمن أكثر 3 أعوام حرارة في التاريخ

أعلنت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ -وهي وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي- أن عام 2025 يسير في اتجاه أن يصبح واحداً من أكثر 3 أعوام حرارة منذ بدء تسجيل القياسات.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

«الشرق الأوسط» (مينيسوتا (الولايات المتحدة))
بيئة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمة خلال الجلسة العامة للقادة في إطار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 30» في بيليم بولاية بارا بالبرازيل 6 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

غوتيريش للدول في قمة المناخ: إما أن نقود أو نُساق إلى الدمار

رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، أن العالم فشل في الوفاء بالتزاماته للحد من ارتفاع حرارة الأرض عند مستوى 1.5 درجة.

«الشرق الأوسط» (بيليم (البرازيل))

«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

TT

«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي

إظهار إسرائيل للبناني عماد أمهز الذي قدمته بوصفه «الضابط في الذراع العسكرية لـ(حزب الله)»، وهو يعترف بصوته وصورته بأنه قاد قوات سلاح بحرية تابعة للحزب ولإيران وتنطلق من بيروت لتنفيذ عمليات إرهاب ضد أميركا وغيرها من دول الغرب المعادية، جاء ضمن الحملة التي تروج لها السلطات الإسرائيلية لتبرير التصعيد الحربي على لبنان، ومحاولة لإقناع واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بـ«ضرورة توجيه ضربة قاسية أخرى لـ(حزب الله) تضطره إلى نزع سلاحه».

ومع أن أمهز اعتقل قبل سنة، وتم في حينه التحقيق معه وتوثيق اعترافاته، فإن إسرائيل اختارت نشرها، قبيل اجتماع لجنة مراقبة وقف النار الدولية، التي التأمت بحضور مدنيين اثنين، لبناني وإسرائيلي في رأس الناقورة الحدودية، من جهة، وبعد الاجتماعات التي عُقدت في باريس الخميس في حضور مسؤولين لبنانيين وأميركيين وسعوديين وفرنسيين، وفيها اتفق على أن يقوم الجيش اللبناني بإجراء «توثيق جدي» للتقدم المحرز على صعيد نزع سلاح «حزب الله». فالإسرائيليون ليسوا راضين عن هذه التقييمات الإيجابية لأداء الجيش اللبناني. ويصرون على مواصلة تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان، بدعوى أنّ «حزب الله» يعيد بناء قدراته العسكرية بمساعدة إيران، ويشكّكون في فاعلية الجيش اللبناني في هذا المجال. وهم لا يخفون استعداداتهم للقيام بتصعيد أكبر ضد لبنان، علماً بأن غاراتهم اليومية تسببت بمقتل 340 لبنانياً منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار.

كان الجيش الإسرائيلي قد نشر، الجمعة، شريط فيديو يوثق اعترافات أمهز، ويكشف فيه مشروعاً بحرياً سرياً لـ«حزب الله»، واصفاً إياه بأنه أحد أكثر المشاريع حساسيةً وسريةً داخل التنظيم. ووفق المعطيات التي كُشف عنها، فإن هدف المشروع تُمثل في إنشاء بنية تحتية منظمة لتنفيذ عمليات إرهابية في البحر، تحت غطاء أنشطة مدنية، بما يتيح استهداف مصالح وأهداف إسرائيلية ودولية في المجال البحري، موجهة ضد «كل القوى المعادية وبينها الأميركية والغربية».

وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن المشروع أُدير بشكل مباشر من قبل الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله، إلى جانب فؤاد شكر، الذي شغل منصب رئيس أركان التنظيم، وكلاهما تم اغتيالهما في شهر سبتمبر (أيلول) 2024 خلال الحرب، ويقوده المسؤول المباشر عن «الملف البحري السري»، علي عبد الحسن نور الدين، الذي تولى تنسيق وتطوير القدرات العملانية المرتبطة بهذا المشروع. وقال أمهز في هذا الشريط إن العملية التي قادت إلى تفكيك خيوط المشروع تعود إلى نحو عام، حين نفذ مقاتلو وحدة الكوماندوز البحري التابعة للجيش الإسرائيلي عملية خاصة أُطلق عليها اسم «من وراء الخطوط»، في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد 140 كيلومتراً من الشواطئ الإسرائيلية، التي اعتقلت القوة الإسرائيلية خلالها عماد أمهز، «العنصر البارز في وحدة صواريخ الساحل التابعة لـ(حزب الله)، ويُعد إحدى الشخصيات المركزية في (الملف البحري السري)».

ووضع الجيش الإسرائيلي لائحةً لقادة «حزب الله»، الذين تم اغتيالهم وبينها صورة علي نور الدين، الذي قالوا «إنه لم يقتل بعد، لكنه تحت مرمى السهام». وقال الأسير أمهز إن الوحدة البحرية لـ«حزب الله» تمكنت من تنفيذ عشرات العمليات السرية، بينها استخدام النقل البحري المدني للجنود وتفعيل دوريات وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل وعمليات مراقبة وتجسس للبحرية الأميركية والغربية في البحر المتوسط.

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن أمهز نُقل إلى إسرائيل وخضع لتحقيق أمني معمّق، تبيّن خلاله أنه تلقى تدريبات عسكرية متقدمة في إيران ولبنان، واكتسب خبرة بحرية واسعة خُصصت لتنفيذ هجمات إرهابية في البحر. كما أقر خلال التحقيق بدوره المحوري في المشروع البحري السري، وقدم معلومات استخبارية وُصفت بالحساسة، أسهمت في كشف طبيعة المشروع، هيكليته، وأهدافه العملانية. وشدد على أن هذا الكشف يسلط الضوء على سعي «حزب الله» لتوسيع ساحات المواجهة، ونقلها إلى المجال البحري، عبر استغلال واجهات مدنية، بما يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والملاحة الدولية، ويبرر، وفق البيان، مواصلة الجهود الاستخبارية والعملانية لإحباط مثل هذه المخططات.

ويرمي النشر على هذا النحو، أيضاً، لإبراز مدى فداحة خسائر «حزب الله» في هذه الحرب وإزالة الانطباع بأن قادته مقاتلون صلبون، وإظهارهم ضعفاء في الأسر الإسرائيلي يكشفون أوراقهم الأمنية. وهذه طريقة معروفة تتبعها إسرائيل منذ قيامها، بشكل خاص مع الفلسطينيين، وكذلك مع جنود مصريين وسوريين تم أسرهم في العمليات الحربية.


تركيا: توقيف عشرات من المتورطين في الأنشطة المالية لـ«داعش»

أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
TT

تركيا: توقيف عشرات من المتورطين في الأنشطة المالية لـ«داعش»

أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)

أوقفت السلطات التركية عشرات من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي نشطوا ضمن هيكله المالي في عمليات نفذت في عدد من الولايات بأنحاء البلاد، بينهم عناصر نشطت في تحويل الأموال من مناطق النزاع في سوريا إلى نساء على علاقة بالتنظيم هاجرن إلى تركيا ويقمن فيها.

وكشف وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عن اعتقال 170 من عناصر من المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم في عمليات متزامنة في إطار مكافحة الإرهاب نفذت في 32 ولاية من ولايات تركيا الـ81.

وقال إن العمليات الأمنية، التي أجريت في وقت متزامن، نفذتها فروع مكافحة الإرهاب التابعة للمديرية العامة لاستخبارات الأمن، وإدارة مكافحة الإرهاب بمديرية الأمن العام، وجهاز المخابرات، بالتعاون مع فروع مكافحة الإرهاب التابعة لمديريات الأمن في الولايات، بالتنسيق مع النيابات العامة.

أنشطة مالية

وأضاف يرلي كايا، في بيان عبر حسابه بـ«إكس»، أن العناصر التي ألقي القبض عليها سبق لها العمل ضمن تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقديم الدعم المالي له.

وتابع أنه تم توقيف 10 عناصر ووضع 15 آخرين تحت المراقبة القضائية، فيما لا تزال التحقيقات والإجراءات القضائية بحق باقي العناصر مستمرة.

وأكد يرلي كايا أن أجهزة الأمن تواصل جهودها على مدار الساعة طوال أيام السنة، لضمان السلام والاستقرار في جميع أنحاء بلادنا.

في الوقت ذاته، ألقت قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول، الجمعة، القبض على اثنين من عناصر «داعش» في عملية نفذتها في 7 مناطق مختلفة بالمدينة.

وذكر بيان لمكتب المدعي العام في إسطنبول، أن عضوي التنظيم اللذين تم القبض عليهما من بين 3 مطلوبين في تحقيق بالأنشطة المالية لـ«داعش»، دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، وأن البحث لا يزال جارياً عن الثالث.

وأضاف البيان أنه في إطار هذا التحقيق، تم الحصول على معلومات تُشير إلى أن شخصاً يدعى «سايفيا آنا»، يُعتقد أنه من أوزبكستان، كان يجمع أموالاً من أفراد مرتبطين مع تنظيم «داعش» في مناطق النزاع بسوريا، لصالح نساء مهاجرات على علاقة بالتنظيم قدمن إلى تركيا ويقمن في إسطنبول حالياً.

وأشار إلى أنه تبين أن عناصر التنظيم الثلاثة أجروا عديد التحويلات المالية، وتم ضبط كثير من المواد الرقمية خلال عمليات التفتيش في أماكن إقامتهم.

حملات مكثفة

وصعّدت أجهزة الأمن التركية، خلال الأشهر الأخيرة، من وتيرة عملياتها التي تستهدف كوادر التمويل والدعاية والترويج في «داعش»، ضمن حملاتها المستمرة التي تستهدف عناصر وخلايا التنظيم، والتي أسفرت عن ضبط عدد من كوادره القيادية، ومسؤولي التسليح والتمويل والتجنيد.

قوات من الأمن التركي أثناء عملية استهدفت عناصر من «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)

وألقت قوات الأمن التركية، خلال هذه العمليات، القبض على مئات من عناصر تنظيم «داعش» ممن نشطوا سابقاً في صفوفه بالعراق وسوريا، وقاموا بأنشطة للتمويل، داخل تركيا، في حملات شملت عديد الولايات في أنحاء البلاد.

وأدرجت تركيا «داعش» على لائحتها للإرهاب عام 2013، وأعلن التنظيم مسؤوليته عن، أو نُسب إليه، تنفيذ هجمات إرهابية في الفترة من 2015 إلى مطلع 2017، أسفرت عن مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة العشرات.

كما رحلت السلطات التركية، أو منعت من الدخول، الآلاف من عناصر «داعش»، منذ الهجوم الإرهابي الذي نفذه الداعشي الأوزبكي، عبد القادر مشاريبوف، المكنى «أبو محمد الخراساني»، في نادي «رينا» الليلي بمنطقة أورتاكوي في إسطنبول خلال احتفالات رأس السنة الجديدة في 2017، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة 79 آخرين، غالبيتهم أجانب.


صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
TT

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

أظهرت صور أقمار صناعية أنشطة جارية في منشأة «نطنز» النووية وسط إيران، وذكر «معهد العلوم والأمن الدولي» أن السلطات قد تسعى إلى فحص أنقاض ضربة عسكرية في الموقع «بعيداً عن أعين المراقبين».

وخلال الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران) 2025، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن هجوماً عسكرياً على «نطنز» أصاب بشكل مباشر محطة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض، مشيرةً إلى أن أجهزة الطرد المركزي في المحطة تضررت بشدة على الأرجح.

واستند المعهد إلى صور الأقمار الاصطناعية، للزعم بأن السلطات الإيرانية قامت بتركيب ألواح فوق بقايا هيكل منظومة مضادة للطائرات المسيّرة في منشأة «نطنز» النووية؛ وهي خطوة قال المعهد إنها تهدف إلى توفير «غطاء للمنشآت المتضررة».

وكتب المعهد في حسابه على منصة «إكس»، مرفقاً بصورة التُقطت في 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري: «تُظهر منشأة تخصيب الوقود التجريبية (PFEP) في مجمّع نطنز النووي مؤشرات على وجود أنشطة جارية».

ومنشأة نطنز، التي تقع على بعد نحو 250 كيلومتراً جنوب العاصمة طهران، واحدة من أهم المنشآت النووية في إيران وأكثرها إثارة للجدل في الشرق الأوسط.

ووفق تقييم المعهد، فإن منشأة تخصيب الوقود التجريبية تحتفظ على الأرجح بعدة كيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب؛ وهي كمية محدودة مقارنة بإجمالي مخزون إيران، لكنها غير قابلة للتجاهل من الناحيتين التقنية والأمنية.

لكن المعهد شدد على عدم رصد أي مؤشرات على نشاط جديد في بقية أجزاء موقع نطنز أو في منشأة فوردو، وأن هذه المناطق لا تزال تخضع لمراقبة مستمرة.

عمليات تفتيش

وفي مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، في 15 ديسمبر 2025، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إن عمليات تفتيش الوكالة في إيران قد استؤنفت، إلا أن المفتشين لا يزالون محرومين من الوصول إلى المنشآت الرئيسة في «نطنز وفوردو».

مع ذلك، كان غروسي يرى أن إيران لا تبدو منشغلة بتخصيب اليورانيوم، إلا أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة رصدت حركة متجددة في مواقعها النووية، وفق تصريحات أدلى بها في أكتوبر 2025.

ورغم عدم تمكن المفتشين من الوصول الكامل إلى المواقع النووية الإيرانية، لم تُظهر صور الأقمار الاصطناعية أي نشاط يشير إلى أن طهران قد سرعت إنتاجها من اليورانيوم المخصب بما يتجاوز ما كانت تملكه قبل الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل في يونيو، وفق غروسي.

لكن مدير الوكالة قال إن المواد النووية المخصّبة بنسبة 60 في المائة لا تزال في إيران. وهذه إحدى النقاط التي تستدعي عودة المفتشين الدوليين للتأكد من أن المواد موجودة في أماكنها ولم يجر تحويلها إلى أي استخدام آخر. وهذا أمر مهم جداً جداً».

وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد صرّح في 8 ديسمبر الجاري بأن استئناف عمليات تفتيش الوكالة غير ممكن في الظروف الراهنة، مبرراً ذلك بعدم وجود «أي بروتوكول أو تعليمات» لتفتيش ما وصفه بالأنشطة «السلمية».

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حُفَراً في منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم عقب ضربات أميركية في يونيو 2025 (رويترز)

وكان معهد العلوم والأمن الدولي قد أفاد في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأن صوراً جديدة التُقطت بالأقمار الاصطناعية تُظهر أن إيران تواصل أنشطة إنشائية في منشآت تقع جنوب موقع تخصيب نطنز، في منطقة «كوه كلنك» (كلنك كزلا)، مع بقاء طبيعة الأنشطة النووية في تلك المنطقة غير واضحة.

وأكد التقرير أن تلك التحركات، التي لوحظت منذ سبتمبر (أيلول) 2025، تتركز عموماً في المراحل النهائية من البناء وتعزيز الإجراءات الأمنية، ولا تشكل مؤشراً على توسع البرنامج النووي أو تسارعه.

كما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في تقرير نشرته في 26 سبتمبر 2025، استناداً إلى صور أقمار صناعية وآراء محللين، أن إيران تواصل بناء منشأة عسكرية عميقة تحت الأرض في منطقة كوه كلنك جنوب موقع نطنز النووي.

وتصرّ إيران منذ فترة طويلة على أن برنامجها النووي سلمي، في حين تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول غربية إن طهران كانت تُدير برنامجاً منظّماً لإنتاج سلاح نووي حتى عام 2003.

وكانت إيران والوكالة قد وقعتا اتفاقاً، الشهر الماضي، في القاهرة، يمهد الطريق لاستئناف التعاون، بما في ذلك إعادة إطلاق عمليات التفتيش في المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن الاتفاق لم ينفذ حتى الآن. وجاء الاتفاق بعدما علقت طهران كل تعاون مع الوكالة في أعقاب الحرب مع إسرائيل، التي استهدفت خلالها الولايات المتحدة عدداً من المواقع النووية الإيرانية.

وفي 20 أكتوبر الحالي، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أن بلاده ألغت اتفاق القاهرة الذي وقعته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.