لماذا يخاف الفلاسفة من الحب؟

لماذا يخاف الفلاسفة من الحب؟
TT

لماذا يخاف الفلاسفة من الحب؟

لماذا يخاف الفلاسفة من الحب؟

يتعامل الفلاسفة مع الحب، هذا الشعور الإنساني الذي يبدو لنا طبيعياً وفطرياً، على أنه مشكلة وجودية وميتافيزيقية كبرى. هذا عمل الفلاسفة. إخضاع كل شيء للعقلنة، ثم التحليل، ثم الخروج بلا نتائج، على الأقل بالنسبة للحب. من سقراط إلى آخر فيلسوف، ما يزال الأمر كما هو تقريباً. ويبدو، كما نستنتج من كتاب «الفلاسفة والحب» للفرنسيتين ماري لومونييه وأود لانسولان – الصادر عن دار التنوير، بترجمة ممتازة لـ«دينا مندور» - أن الود مفقود بين الحب وهؤلاء الذين غيّروا البشرية، وغذّوا عقلها وروحها أيضاً، وأن «لا تآلف بين الفلاسفة والحب»... أو لا حب هناك أساساً!
كان آخر «فلاسفة الحب» البولوني زيغمونت باومان - الذي لم تتطرق لذكره مؤلفتا الكتاب، قد رثى الحب في كتابه «الحب السائل»، قائلاً لنا أن لا حب هناك، وأن «الحب المتحقق» صار أقرب إلى الموت «في ثقافة استهلاكية مثل ثقافتنا تفضل المنتجات الجاهزة للاستخدام الفوري، والاستخدام السريع، والإشباع اللحظي، والنتائج التي لا تحتاج إلى جهد طويل. صار الحب مخيفاً كالموت، لأن ذلك يتطلب أن تخرج من ذاتك من أجل أن تستكشف الذات الأخرى، أي تستكشف العالم، وتمنحها ما تملك بكرم، وتمد لها اليد حين تحتاج يداً، وتبسط لها الكتف حين تتعب». ما عاد الأمر كذلك. وقبله، كان الفيلسوف الألماني تيودور أدورنو، الراحل عام 1969، قد قال إن «الوجه التافه واليائس للحب يبدو كأنه المنتصر».
سقراط المولود عام 740 قبل الميلاد، الذي كان يصف نفسه بأنه «مولد أرواح» لم يقل شيئاً مختلفاً عن ذلك... «لقد أخطأ المدّاحون خطأ بالغاً حين زيّنوا الحب بكل أشكال الخير والجمال، أو أنهم، في أفضل الأحوال، لا يرون منه إلا جزءاً من حقيقته. والخطأ ينشأ من اعتبار وجود الحب متحققاً حين نُحَب وليس حين نُحِب». ولا نعتقد أن كلامه هذا جاء نتيجة كارثة زواجه بكسانتيب، تلك المرأة المريعة التي اعتادت أن تسكب على رأسه الماء القذر، وتوبخه أمام تلاميذه، ولم يكن يملك سوى أن يقول لها: «كم من مطر خفيف غلب رياحاً عاتية». كانت فكرته تلك تنسجم مع فلسفته. وانتهى به الأمر بأن حوّل الحب إلى شأن ميتافيزيقي، ينتمي للسماء، وليس إلى الأرض.
يقول لنا الكتاب إنه رغم أن الحب هو «الظرف القدري للسعادة عند البشر، والعنصر الدائم لكل أشكال الدراما الأدبية، فإن الفلاسفة قد أثاروه بتحفظ يشبه من يدخل إلى قفص الأسد، ويخشى أن يؤكل حياً». وتفسير هذا الخوف عائد إلى «العقل». فهم ينظرون لهذه العاطفة بكثير من التعقل، لأنهم «مشغولون بتحرير الإنسان من كل أشكال العبودية».
والهرب من عبودية الحب لا يمكن أن يتحقق، سوى بطريقتين، خيار الإيروتيكية، أي الاستغراق في الحب الجسدي من دون أي التزامات أخلاقية أو اجتماعية، أم خيار الأفلاطونية، والتسامي على طريقة جان جاك روسو، أو الشعراء العذريين عندنا.
وكلا الطريقتين وجهان لعملة واحدة. الأولى، هرب من الحب عن طريق الجسد، والثانية هروب من الحب عن طريق الروح. وكلاهما تحايل كبير على الذات من خلال رفعها الوهمي، وهما لا يؤديان غالباً سوى إلى الفناء المعنوي على شكل مرض أو جنون، كما حصل غالباً عبر التاريخ عند الشعراء بشكل خاص، أو الفناء المادي. لم يقل لنا الكتاب شيئاً عن الجانب الأول، لأنه معنيّ بالفلاسفة، لكنه يذكر أمثلة على أولئك الذين قتلتهم الإيروتيكية والعدمية في الحب، كما حصل مع ميشال دي مونتاني من القدماء، وتشيزاري بافيزي من المحدثين.
يبدو أن الطلاق بين الحب والجمال قد حصل للأبد!



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».