«حملات التشويش» ضد الحريري لن تعطل اتفاقه مع عون على «تفعيل عمل الحكومة»

مصدر وزاري بارز يتحدث عن عودة «الكيمياء السياسية» بينهما

سعد الحريري
سعد الحريري
TT

«حملات التشويش» ضد الحريري لن تعطل اتفاقه مع عون على «تفعيل عمل الحكومة»

سعد الحريري
سعد الحريري

قال مصدر وزاري لبناني بارز إن ما وصفها بـ«حملات التشويش والحرتقات» التي استهدفت المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة سعد الحريري مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومسؤولين أميركيين آخرين، لن تبدل من إصرار الأول على أن يكون الوضع الاقتصادي «في أول اهتماماته، لأن هناك ضرورة ملحة للالتفات إلى المشكلات التي يعاني منها لبنان، والتي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة، وتوفير الحلول لها».
ولفت المصدر الوزاري إلى أن الحريري «سيدير ظهره إلى حملات التشويش التي يتوخى منها أصحابها محاكمته على النيات»، وقال إن هذه الحملات حتى لو استمرت «لن تحول دون تفاهم الحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون على وضع آلية عمل جديدة تدفع في اتجاه تفعيل العمل الحكومي».
وأبدى المصدر ارتياحه إلى علاقة الحريري بعون، وقال إن الأخير ليس في وارد التشكيك بمفاعيل زيارة الأول لواشنطن، أو في توفير غطاء لحملات التشكيك به، خصوصاً في ضوء ما أسفر عنه لقاء المصالحة والمصارحة في بعبدا، الذي أعقبه وقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء.
وأكد المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» أن «الكيمياء السياسية بين عون والحريري بدأت تستعيد عافيتها، على خلفية أن هناك ضرورة لإخراج البلد من التأزّم الاقتصادي والسياسي، وإلا لا يمكن الاستمرار على هذه الحالة التي استنزفت (العهد القوي)، بدلاً من أن تتضافر الجهود للانطلاق في مسيرة الإنقاذ، بغية وضع حد لكل ما يعيق تنفيذ ما تعهد به رئيس الجمهورية».
وأشار إلى أن ما تحقق من «إنجازات» يبقى أقل مما هو مطلوب، في ضوء ما تعهد به رئيس الجمهورية، خصوصاً أن انطلاقة «العهد القوي» سرعان ما أخذت تراوح مكانها، وقال إن النصف الأول من ولاية عون «أُقحم في متاهات كان البلد في غنى عنها، وبالتالي لا بد من التعويض بتزخيم العمل الحكومي وتفعيله».
واعتبر أن قول الرئيس عون إنه سيشرف على تنفيذ الورقة الاقتصادية، بالتنسيق مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري، يندرج في خانة أن الرؤساء الثلاثة على توافق بأن لقاء المصالحة الذي حصل في بعبدا أخيراً «أدخل البلد في مرحلة جديدة غير فترات التعطيل التي أضرت بالحكومة».
وقال المصدر الوزاري إن كلام الرئيس عون عن الورقة الاقتصادية ينم عن رغبة رئاسية في توفير الحلول للأزمة الاقتصادية، باعتبار أنها تحظى بتوافق بين أركان الدولة يفتح الباب أمام الإسراع في إقرار ما تعهد به لبنان أمام مؤتمر «سيدر». وأضاف أن «حملات التشكيك التي قوبلت بها نتائج المحادثات التي أجراها الحريري في واشنطن تبقى آثارها في حدود ما تحدثه القنابل الصوتية أو الدخانية عندما تنفجر، خصوصاً في ظل التناغم القائم بين عون والحريري، وثالثهما بري».
وسأل المصدر عن الأسباب الكامنة وراء قرار رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل إطفاء محركاته السياسية والإعلامية، ووقف تشغيلها قبل أيام قليلة من رعاية رئيس الجمهورية للقاء المصالحة والمصارحة الذي أنهى السجال حول حادثة قبرشمون، وفتح الباب على مصراعيه أمام تفعيل جلسات مجلس الوزراء، بعد مضي أكثر من 5 أسابيع على تعطيلها. وفي تقدير المصدر الوزاري نفسه، فإن هناك جملة من الاعتبارات أملت على باسيل التقيّد بالصمت حتى إشعار آخر، ومن أبرزها:
- إن لقاء المصالحة أدى إلى ترحيل ما كان قد أُشيع عن وجود مخطط لاغتياله، وبالتالي التعامل معه وكأنه لم يكن، وهذا ما أزعج الفريق الوزاري المحسوب عليه شخصياً.
- عدم دعوة باسيل لحضور لقاء المصالحة، ما دفعه في اليوم التالي إلى مقاطعة جلسة مجلس الوزراء، رغم أنه كان موجوداً في بعبدا.
- وجود شعور لدى فريق من «أهل البيت» بأن باسيل بات يتسبب بإحراج رئيس الجمهورية، من خلال ما يشاع من أنه «رئيس الظل» الذي له اليد الطولى في اتخاذ القرارات، علماً بأن موافقة عون الفورية على اقتراح بري بأن يرعى هو شخصياً لقاء المصالحة حملت رسالة سياسية بأنه هو الذي يتخذ القرار، وأن لا صحة لما يقال من أن هناك من يتدخّل في اتخاذه.
- ارتفاع منسوب الكلام حول أن المواقف التي يتخذها باسيل باتت تلحق الأذى السياسي برئاسة الجمهورية، وتتسبب بتصاعد الخلاف في داخل «التيار الوطني».
- هناك من يتوجه باللوم إلى باسيل، على خلفية أنه كان يقف وراء تشدّد النائب طلال أرسلان في مطالبته بإحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي، ما سمح لقوى «14 آذار» بأن تلتف حول رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بعد أن كانت مشتتة، وهناك استحالة لإعادة تعويمها.
لذلك، فإن خطة التحرك التي رعاها باسيل لمحاصرة جنبلاط سرعان ما تبخرت، وهذا ما تسبب بإزعاجه، وأيضاً في إحراج أرسلان الذي لم يستطع مقاومة اقتراح بري بأن يرعى رئيس الجمهورية لقاء المصالحة.
وعليه، فإن باسيل لن يكون مرتاحاً لنتائج المحادثات التي أجراها الحريري في واشنطن، وهذا ما يخالف موقف عون، في ضوء ما يقال من أن البلد في حاجة إلى رافعة لإنقاذه، وأن هدر الفرص سيرتد سلباً على «العهد القوي»، ومنه على الحكومة، وبالتالي فإنهما على يقين بأن الأمور «ليست ماشية كما يرام»، وأن الحريري لا يستطيع أن يتحمل استمرار التأزّم، و«لا أظن أن عون يخالفه في الرأي»، بحسب تعبير المصدر الوزاري ذاته.
وبالنسبة إلى الاعتراضات التي حضرت بسرعة، واستهدفت محادثات الحريري في واشنطن، قال المصدر إن «حزب الله» لا يستطيع أن يقول غير الذي صرح به رئيس مجلسه التنفيذي هاشم صفي الدين، من أن ما تفعله أميركا لن يبدّل شيئاً من الواقع في لبنان.
ومع أن لـ«حزب الله» أسبابه ودوافعه، وأولها العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وارتباطه بالمحور الإيراني الذي هو الآن في مواجهة مع السياسة الأميركية في المنطقة، فإن لهجوم أرسلان على الزيارة، بذريعة انتقاده لـ«الرسائل التي تأتينا عبر البحار»، هو هجوم له مبرراته، وأولها أن ما صدر عن لقاء المصالحة جاء عكس ما كان يتوقّعه، كما قال المصدر. ولذلك يبقى موقف أرسلان في سياق تعبيره عن «فشّة خلقه»، بعد أن أصيب بانتكاسة لم يكن يتوقعها من لقاء المصالحة الذي اقترحه بري، وبدعم غير مشروط من الحريري، فيما فاجأ النائب في «تكتل لبنان القوي»، برئاسة باسيل، زياد أسود، الوسط السياسي بتوجيه انتقاد غير مباشر إلى الحريري، متوعداً بأن ما اتفق عليه في واشنطن لن ينفّذ في بيروت.
وسأل المصدر: «هل قرر أسود أن يفتح على حسابه»، أم أن ما قاله لا يلزم «تكتل لبنان القوي»، أم أنه «تلقى غمزة دفعته إلى توجيه تهديد غير مباشر للحريري بعدم تنفيذ ما اتفق عليه في واشنطن»؟ ولفت إلى أن أسود كان في السابق على خلاف مع باسيل «قبل أن يقرر أن يفتح صفحة جديدة على أنقاض الماضي».
ورأى المصدر الوزاري أن عون والحريري «قررا أن يلتقيا على خط واحد، يبدأ في انصرافهما، بالتوافق مع بري، إلى معالجة التأزّم الاقتصادي، باعتبار أنه الممر الإجباري لوضع البلد على سكة الإنقاذ».



العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».